Ads 468x60px

الاثنين، 27 أغسطس 2012

فقهاء الحوزة يعملون بالقياس الشيطاني


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد والعن اعداء آل محمد اجمعين



القول مني في جميع الأشياء قول آل محمد، فيما أسروا وما أعلنوا وفيما بلغني عنهم وفيما لم يبلغني



أجمع جمهور الأصوليين على حجية قياس الأولوية وقياس منصوص العلة وقياس تنقيح المناط ،وكذلك القياس المنطقي أو ما يعرف بالاستقراء وسوف ناتي الآن على بيان معنى كل من أنواع المقاييس التي اقروها وما قال فيها الأصوليين:



أولاً : قياس الاولوية:
نشأ هذا القياس وتربى في مدرسة إبليس ﴿عليه اللعنة﴾ كما استدل بذلك جملة من الفقهاء ومنهم السيد نعمة الله الجزائري حين استدل على بطلان قياس الاولوية وشبهه بقياس إبليس﴿عليه اللعنة﴾ قائلا: ﴿ مباحثة جرت بيني وبين بعض علماء العامة ، فكان من جملتها :أنه سألني عن مذهب الشيطان في الأصول والفروع ، لأنه من أهل العلم . فقلت له : مذهبه في الأصول مذهب الأشعري وفي الفروع مذهب الحنفية ، فأخذه الغضب . فقلت له : لا تعجل لأن كتاب الله الصادق أخبر به ، أما في الأصول : فقوله تعالى : ﴿فبماأغويتني لاقعدن لهم صراطك المستقيم﴾ فقد نسب الاغواء إلى الله تعالى . وأما فيالفروع : فإباؤه عن السجود لقوله : ﴿خلقتني من نار وخلقته من طين﴾ حيث إنه عملبالقياس ، نعم الفرق بين القياسين أن قياس الشيطان كان من باب قياس الأولوية وقياسأبي حنيفة من باب قياس المساواة ، وكم بينهما من التفاوت ، وإن اشتركا في عدم الحجية﴿[1]
نعم إن قياس إبليس ﴿عليه اللعنة﴾ هو قياس الاولويةبعينه فكان إبليس يرى ان السجود لادم ﴿عليه السلام﴾ منقصة له لأنه اولى بالسجودفقاس قياس اولوية بين ناريته وطينية ادم ﴿عليه السلام﴾ وهذا ما ذكره الكتاب الكريم حين قال إبليس ﴿عليه اللعنة﴾ : ﴿... أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾﴿[2] فقاس ناريته بطينية أدم ﴿عليهالسلام﴾ فلم يستطع النظر إلى الفرق الشاسع بين نورية النارونورية نبي الله أدم ﴿عليه السلام﴾ وكما ذكرنا .
إن إبليس نظر إلى النار والطين وقال ان الاولى ان يسجد أدم لي وليس العكس ومن هنا نفهم ان العلة في أحكام الله غير معلومةفلها ابعاد تفوق العقول البشرية التي اعتادت على فهم المسائل فهماً سطحياً فتبنيعلى فهمها العقلي أحكاماً كما بنى إبليس ﴿عليه اللعنة﴾ حكماً ظاهرياً في مسألة سجوده لادم ﴿عليهالسلام﴾ مستخدما عقله كما سيأتي الكلام في قياس منصوص العلة فتأمل.
إن أول من وضع لهذا القياس حجة في الدين هم فقهاء العامة على اختلاف مشاربهم فقد جعلوا للقياس أنواعاً واقساماً ومن أنواعه ما ذكره صاحب البحر المحيط في النوع السادس : ﴿مَا هُوَ أَوْلَى مِنْ الْمَنْصُوصِ﴿[3] .
إننا قد ناقشنا حجية القياس عند فقهاء العامة فيما تقدم من الكلام ولا يسعنا هنا إلا القول بأن هذا النوع من القياس قد نشأ وتربى بين شفتي إبليس ﴿عليه اللعنة﴾ ثم بعد ذلك دخل في مدارس المخالفين لآل محمد ﴿عليهم السلام﴾ وما ان كبر وأشتد عوده حتى دخل في مدارس الأصوليين من الإمامية بعد غيبة ولي الله ﴿عليه السلام﴾ وأصبح اليوم قاعدة يعتمد عليها ولا تجد فقيها إلا ويذكر ﴿الاولى﴾ في كلامة سواءً في منبر الدرس أو في أي مكان آخر حيث نجدهم يقولون دائماً ﴿ كان من باب الاولى﴾ و﴿كان الاولى بك﴾ وما إلى ذلك من البيان الذي يسحر السامعين .



مناقشة حجية قياس الاولوية :
إن حجية هذا النوع من القياس وضعت بدلالة قوله تعالى : ﴿لاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً﴾﴿[4]. فأستدل الفقهاء بالقياس على تحريم أنواع الأذى الزائدة على الـ﴿اف﴾ أي من قبيل الضرب والشتم وغيرها فوضعوا قاعدة أصولية سموها بـ﴿قياس الاولوية﴾ واخذوا يعتمدونها في المسائل الفقهية كافة.
كما انكر جملة من الفقهاء هذا النوع من القياس وقال به آخرونوالذي انكره قال فيه إنه منقول عن موضوعه اللغوي إلى المنع من أنواع الأذى لاستفادة ذلك المعنى من اللفظ من غير توقف على استحضار القياس حيث جاء عن أبي عبدالله ﴿عليه السلام﴾ أنه قال : ﴿ أدنى العقوق أف ، ولو علم الله عز وجل شيئاً أهون منهلنهى عنه﴿[5].
والذي يدل على عدم حجيته بل وبطلان الاعتماد عليه هو ما جاء فيالأخبار الشريفة منها ما رواه الصدوق في من لا يحضره الفقيه كتاب الديات وكذلك الكليني في الكافي والطوسي في تهذيب الأحكام عن أبأن أبن تغلب أنه قال : ﴿ قلت لأبي عبد الله ﴿عليهالسلام﴾ ما تقول في رجل قطع إصبعا من أصابع المرأة كم فيها ؟
قال عشرة من الإبل.
قلت : قطع اثنين ؟
قال : عشرون .
قلت : قطع ثلاثا ؟
قال : ثلاثون .
قلت : قطع أربعا ؟
قال : عشرون .
قلت : سبحان الله يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون ، ويقطع أربعا فيكون عليه عشرون ؟ إن هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنتبرأ ممن قاله ، ونقول : الذي قالهشيطان .
فقال : مهلا يا أبأن إن هذا حكم رسول الله ﴿ صلى الله عليه وآله ﴾ إنالمرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية ، فإذا بلغت الثلث رجعت المرأة إلى النصف ، ياأبأن إنك أخذتني بالقياس ، والسُنة إذا قيست محق الدين﴿[6] ورواه البرقي في كتاب المحاسن ،وزاد - بعد قوله : ﴿ إنك أخذتني بالقياس﴾ – ﴿ إن السُنة لا تقاس ، ألا ترى أنهاتؤمر بقضاء صومها ولا تؤمر بقضاء صلاتها ﴾﴿[7] .
ولا يخفى على القارئ الكريم ما في الخبر المذكور منالصراحة في حرمة هذا النوع من القياس وذلك واضح في دية الاصابع الاربعة فكان الاولى وفق قياس الاولوية ان تكون الدية على الاصابع الاربعة المقطوعة من المراة اربعون من الإبل وليس عشرون وهذا ما أشُكل حتى على ابأن أبن تغلب ونعت هو وأصحابه الذي يقول بأن الدية عشرون بالشيطان وتفاجاء عندما سمع الحكم من أبي عبد الله الصادق ﴿عليه السلام﴾ . وهذا وأمثاله خير دليل على بطلان قياس الاولوية .
ومن الأخبار الدالة على بطلان هذا القياس بالتحديد بل كل أنواع القياس التي تستخدم في نفس الأحكام الشرعية ما نقله الميرزا النوري في المستدرك عن القطب الراوندي في لب اللبابعن أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ في حديث أنه قال : ﴿ اما لو كان الدين بالقياس ، لكان باطن الرجلين أولى بالمسح من ظاهرهما ﴾﴿[8]وكذلك ما نقله العلامة المجلسي والمحقق البحراني عن تفسير العسكري ﴿عليه السلام﴾ عن أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ : ﴿ يا معشر شيعتنا والمنتحلين مودتنا ، إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السُنن ، تفلتت منهم الأحاديث أن يحفظوها ، وأعيتهم السُنة أن يعوها ، فاتخذوا عباد الله خولا ، وماله دولا ، فذلت لهم الرقاب ، وأطاعهم الخلق أشباه الكلاب ، ونازعوا الحق أهله ، وتمثلوا بالأئمة الصادقين وهم من الكفار الملاعين ، فسئلوا عما لا يعلمون فأنفوا أن يعترفوا بأنهم لا يعلمون ، فعارضوا الدين بآرائهم فضلوا وأضلوا . أما لو كان الدين بالقياس لكان باطن الرجلين أولى بالمسح من ظاهرهما﴿[9] .

والملاحظ من قول أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ الصراحة في تحريم العمل بقياس الاولوية فقد ذكر بأن الدين لو عمل بالقياس كان ﴿الاولى﴾ مسح باطن القدمين ومسح الباطن ﴿أولى﴾ من مسح الظاهر لما يتعرض باطن القدم للنجاسة أكثر من ظاهره . وهذا الحديث فيه دلالة صريحة على النهي عن العمل بقياس الاولوية .
ومن الروايات التي جاءت بهذا الخصوص ما ورد من قول الصادق ﴿عليهالسلام﴾ لأبي حنيفة : ﴿ اتق الله ولا تقس الدين برأيك ، فإن أول من قاس إبليس ، إلى أن قال : ويحك أيهما أعظم ، قتل النفس أو الزنا ؟ قال : قتل النفس . قال : فإن الله عز وجل قد قبل في قتل النفس شاهدين ولم يقبل في الزنا إلا أربعة . ثم قال:أيهما أعظم ، الصلاة أو الصوم ؟ قال : الصلاة . قال : فما بال الحائض تقضي الصومولا تقضي الصلاة ، فكيف يقوم لك قياس ؟ فاتق الله ولا تقس﴿[10]
والملاحظ أيضاً من قول الصادق ﴿عليه السلام﴾ وأحتجاجه مع النعمان بأن الاولى ان يكون في قتل النفس اربعة شهود بدلا من اثنين ولكن الشرع أمر باثنين فسقط هذا القياس وكذلك في الصوم والصلاة فإن الاولى ان تقضي المرأة صلاتها لأنها اوجب من الصوم ولكن الشرع أمر بالعكس فأنكسر قياس الاولوية وضرب به عرض الجدار .
إلى غير ذلكمن الأخبار التي يقف عليها المتتبع وقد دلت على كون ذلك قياسا ممنوعا في الشرع الإتيان به ، مع أنه قد استفاضت الأخبار عنهم ﴿عليهم السلام﴾ بالمنع عن العمل بالمقاييسبقول مطلق من غير تخصيص بفرد بل صار ذلك من ضروريات مذهب أهل البيت ﴿عليهم السلام﴾ وكما بينا فيما تقدم قول أبا عبد الله ﴿عليه السلام﴾ والذي فيه: ﴿وإن دين الله لا يصاب بالمقاييس ﴿[11]وكذلك جاء عنه ﴿عليه السلام﴾ انه قال : ﴿إن أمر اللهتعالى ذكره لا يحمل على المقاييس ، ومن حمل أمر الله على المقاييس هلك وأهلك ، إنأول معصية ظهرت من إبليس اللعين حين أمر الله ملائكته بالسجود لآدم فسجدوا وأبىإبليس أن يسجد فقال : أنا خير منه فكان أو كفره قوله : أنا خير منه ثم قياسه بقوله:خلقتني من نار وخلقته من طين ، فطرده الله عن جواره ولعنه وسماه رجيما وأقسمبعزته لا يقيس أحد في دينه إلا قرنه مع عدوه إبليس في أسفل درك من النار﴿[12].
إن هاتين الروايتين وفي أمثالهماالمتكاثرة دلالة على بطلان كل أنواع المقاييس . فما يظهر من بعض فقهاء الإمامية منكون قياس الاولوية ليس من باب القياس فإن الأخبار كافلة بردهم وابطال ما اعتقدوا صحته كيف لا ؟ وان قياس الاولوية هو قياس نفس قياس إبليس الذي اخرجه من رحمة الله وادخله في غضبه وسخطه .
إن القول بحجية هذا النوع من القياس إنما هو إجتهاد في مقابل النصوصأو غفلة عن ملاحظة ما هو في الأخبار ثابت ومنصوص على أنه يمكن الجواب عماذكروه من الأخذ بهذا القياس بأن الحكم إنما ثبت أولا وبالذات بمنطوق الكلام للتأفيف، لمنافاته لوجوب البر للوالدين حيث جاء عن أبي عبد الله ﴿عليه السلام﴾ أنه قال : ﴿أدنى العقوق أف ، ولو علم الله عز وجل شيئاً أهون منه لنهى عنه﴿[13]
إذا علمنا بأن الله قد نهى عن ماهو أكثر من الاففلماذا القياس إذن ؟ ولماذا هذه القاعدة الشيطانية تكرم ويدافع عنها وتدخلفي جملة أدوات الفقيه وقد يتساءل البعض بأن هذه القاعدة ليس بها شيء على حسب المثال ؟
نقول : إن هذا المثال اخذه الفقهاء لاثبات حجية هذا النوع من القياس وقد ادخلوه في عملية استنباط الأحكام الشرعية فاثبتوا العديد من المسائل الفقهيهمستعينين به فلا يغرك المثال ولا يستدرجك الشيطان بحباله فمنها ما يُرى ومنها ما لا يراه إلا من انعم الله عليه وجعل له نوراً يستضيء به .

ومن جملة من انكر هذا القياس هوالحر العاملي في كتابه وسائل الشيعة حيث ذكر قول الإمام الصادق ﴿عليه السلام﴾ حينقال : ﴿إن السُنة لا تقاس ، ألا ترى أن المرأة تقضي صومها ، ولا تقضي صلاتها ، ياأبأن ان السُنة إذا قيست محق الدينفعقب على هذه الروايه قائلاً : ﴿أقول:فيه وفي أمثاله - وهي كثيرة جداً - دلالة على بطلان قياس الأولوية﴿[14]. كماانكر الحر العاملي قياس الاولوية في كتابه الفصول المهمة في أصول الأئمة أيضاً وعقد له باب سماه ﴿عدم جواز العمل بشيء من أنواع القياس فينفس الأحكام الشرعية حتى قياس الأولوية ﴾ فذكر فيه عدة روايات استدل بها على بطلانجميع أنواع القياس منها ما جاء عن سماعة بن مهران ، عن أبي الحسن موسى ﴿عليه السلام﴾ في حديثأنه قال له : ﴿ يرد علينا الشيء الصغير ليس عندنا فيه شيء ، فينظر بعضنا إلى بعض وعندناما يشبهه فنقيس على أحسنه ؟ فقال : ما لكم وللقياس ، إنما هلك من هلك من قبلكمبالقياس ، ثم قال : إذا جاءكم ما تعلمون فقولوا ، وإذا جاءكم ما لا تعلمون فهاوأومى بيده إلى فيه﴿[15] .

إن كلام الإمام الكاظم ﴿عليه السلام﴾ إنما هو ترسيخ لقانون التسليم لآل محمد ﴿عليهم السلام﴾ والقياس وغيره من الأصول العقلية لاتتناسب مع هذا القانون الإلهي بل هي تقدم واضح على المعصوم وتجاز لحدود الله .
الى هنا نكتفي بهذا البيان لكي نتعرف فيما يلى على أقوال القائلين بحجية قياس الاولوية من الفقهاء الإمامية .



القائلون بحجية قياس الاولوية :
لقد حاول العديد منالفقهاء الأصوليين ايهام الناس بأن قياس الاولوية ليس فيه خلاف ولا نزاع بل انه أمرمتفق عليه ومن جملة القائلين بهذا الكلام هو الشيخ ناصر مكارم الشيرازي حيث قال : ﴿إن منيقول ببطلان القياس يستثني قياس الأولوية ، فمثلاً يقول تعالى : ولا تقل لهما اف ولاتنهرهما ونفهم بطريق أولى ألا نؤذيهما من الناحية البدنية . والآية مورد البحث منقبيل قياس الأولوية وليس لها ربط بالقياس الظني مورد الخلاف والنزاع﴿[16]
وأكد الشيخ محمد رضا المظفر في أصول الفقه على هذا النوع من القياس وقال بحجيته في مواضع عدة منها قوله : ﴿ منصوص العلة وقياس الأولوية ذهب بعض علمائنا - كالعلامة الحلي - إلى أنه يستثنى من القياس الباطل ما كان " منصوص العلة " و " قياس الأولوية " فإن القياس فيهما حجة . وبعض قال : لا إن الدليل الدال على حرمة الأخذ بالقياس شامل للقسمين ، وليس هناك ما يوجب إستثناءهما .
والصحيح أن يقال : إن " منصوص العلة " و " قياس الأولوية " هما حجة ، ولكن لا إستثناءا من القياس ، لأ نهما في الحقيقة ليسا من نوع القياس ، بل هما من نوع الظواهر﴿[17] .
إنالعجيب انه يقرويسميه ﴿قياس الاولوية﴾ ثم يحاول التمويه بقولهأنه ليس من نوع القياس فهذا تناقض عجيب وقع فيه الشيخ فأنت الذي تقول قياس كيف ترجع وتقول بانه ليس بقياس .
وقال أيضاً : ﴿أما قياس الأولوية : فهو نفسه الذي يسمى " مفهوم الموافقة " – إلى ان قال- فهو حجة من أجل كونه ظاهرا من اللفظ ، لا من أجل كونه قياسا حتى يكون إستثناء من عموم النهي عن القياس ، وإن أشبه القياس ، ولذلك سمي ب‍ " قياس الأولوية " و " القياس الجلي﴾﴿[18]
وذكر السيد محمد تقي الحكيم هذا القياس قائلاً : ﴿مفهوم الموافقة أو قياس الأولوية : وهو ما كان اقتضاء الجامع فيه للحكم بالفرع أقوى وأوكد منه في الأصل ، ومثاله ما ورد في الكتاب من النهي عن التأفف من الوالدين ﴿ولا تقل لهما أف﴾ القاضي بتحريم ضربهما ، وتوجيه الإهانة إليهما﴿[19] .
نقول : إن الذي يريد أن يبين شيئاً شرعياً يتوجب عليه إقامة الدليل الشرعي على صحته أو بطلانه . ونقصد بالدليل الشرعي هو قول المعصوم الصريح وقد بينا بأن أي إنسان يستطيع أن يجلب ما يسمى بالأدلة ولكن هل هذه الأدلة ناهضة عند الله ورسوله وأولي الأمر أم لا ؟ فيجب علينا أولا - إذا كان لهذا القياس حجية كما يقولون – أن يجلبوا لنا قول المعصوم الدال على حجيته فإذا فقد القول المعصومي بطل هذا الدليل المزعوم .
إن العجيب عند الفقهاء انهم يرمون بالقواعد والقوانين على حسب عقلهم وآرائهم فإذا كان هذا القياس مستثنى من أنواع المقاييس التي لعنها الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ بالجملة لكان على الإمام ان يبين بأن هذا القياس ليس من أنواع القياس المحرم بل ان فيه مرضاة الله وهذا مما لم يحصل البتة بل حصل العكس كما تقدم ذكره أما انكم تستدلون بآية من كتاب الله وتقولون بأن الضرب والشتم جاء بأولوية التأفيف فإن هذا المعنى مستفاض من معناه اللغوي وقد بين آل محمد وجدهم المصطفى ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ ماهو واجبنا تجاه الوالدين ولا حاجة لنا بهذا القياس فمع وجود قول المعصوم ﴿عليه السلام﴾ تسقط كل الأقوال اضافة إلى ذلك ان أستدلالكم بهذه الآية جاء من تلقاء عقولكم القاصرة عن إدراك علل الأحكام وما هو أولى من غيره فإن تفسير القرآن بالرأي والعقل منهي بل محضور إستعماله في مدرسة آل محمد ﴿عليهم السلام﴾ فكيف جاز لكم وضع القواعد بما ترى عقولكم القاصرة أما قرأتم ماجاء عن الريان أبن الصلت ، عن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين ﴿عليهم السلام﴾ قال : قال رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ : قال الله جل جلاله : ﴿ ما آمن بي من فسر برأيه كلامي ، وما عرفني من شبهني بخلقي ، وما على ديني من استعمل القياس في ديني ﴾﴿[20]وبهذا الخبر الشريفنختم البيان ببطلان هذا النوع من القياس اللعين .





ثانياً : قياس منصوص العلة :

قبل أن نبدأ بيان هذا النوع من القياس لا بد من القول بأن هذا القياس قد عمل به العامة وصنفوه بالمقام الأول من أنواع القياس وكما مر ذكره فقد ذكر صاحب البحر المحيط أنواع القياس وذكر قياس منصوص العلة في قوله : ﴿النوع الأول قياس العلة﴿[21]ثم لخص عمل هذا القياس بانه يحمل الفرع على الأصل بالعلة التي علق الحكم عليها في الشرعوينقسم هذا النوع إلى قسمين الأول وهو القياس الجلي وهو ما علمت علته من غير معاناة ولا اعمال فكر ونظر أي عندما تكون العلة بينة في الظاهر بين المقيس والمقيس عليه واما القسم الثاني فهو القياس الخفي وهو ما احتاج إلى نظر وأعمال فكر حتى تتبين علته ليتمكن الفقيه من استعمال القياس على حسب العلة التي استنبطها عقله وقبلها رأيه . انتهى

وسمي هذا النوع أيضاً بالقياس الخفي وكما تقدم ذكره حيث أستدل فقهاء العامة وقالوا بأنه يحتاج إلى مقدمتين : المقدمة الأولى : إن السكر مثلاً علة التحريم في الخمر ، فهذه المقدمة إنما تثبت بأدلة الشرع ، والمقدمة الثانية : إن السكر موجود في النبيذ ، فهذه المقدمة يجوز أن تثبت بالحس والعقل والعرف وأدلة الشرع . وهذا النوع متفق على تسميته قياسًا .﴿[22]
إن القياس الخفي هو بعينه ما يسمى عند الأصوليين من الإمامية بقياس منصوص العلة حيث سنجد في أصول الإمامية ما يشبه هذا القياس حتى في مثال الشراب المسكر .
إن هذا النوع من القياس وهو﴿ قياس منصوص العلة ﴾ قد اقره جملة من فقهاء الإمامية وانكره آخروناحتج القائلون به على ان العلة في تحريم الخمر هي الاسكار فإذا عرفنا تحديد العلةيكون الحال هو تحريم كل مسكر وأول من قال به هو السيد المرتضى الذي تبنى القياسواطلق عليه تسمية القياس الشرعي وقبل أن يتبناه تبرأ منه شرعاً وقبله عقلاً قائلاً: ﴿أن القياس محظور في الشريعة استعماله ، لأن العبادة لم ترد به ، وإن كان العقل مجوزا ورود العبادة باستعماله ﴾﴿[23] ثمبعد ذلك تبناه وجعله طريقا إلى معرفة الأحكام الشرعية قائلاً : ﴿ إعلم أنا إذابينا أن القياس الشرعي يمكن أن يكون طريقا إلى معرفة الأحكام الشرعية ، فقد جرىالقياس مجرى الأدلة الشرعية كلها من نص وغيره ، فمن منع - مع ثبوت ذلك - من أن يدلالله تعالى به ، كما يدل بالنص على الأحكام ، فهو مقترح لا يلتفت إلى خلافه﴿[24]
وضرب المرتضى مثالاً على حجيةالقياس قائلاً : ﴿ والذي يدل على صحة معرفةالأحكام به أنه لا فرق في صحة معرفتنا بتحريم النبيذ المسكر بين أن ينص الله تعالىعلى تحريم كل مسكر ، وبين أن ينص على تحريم الخمر بعينها ، ثم ينص على أن العلة فيتحريمها شدتها ، ولا فرق بين أن ينص على العلة ، وبين أن يدلنا بدليل غير النص علىأنه حرم الخمر لشدتها ، أو ينصب لنا أمارة يغلب عندها في ظنوننا أن تحريم الخمرلهذه العلة ، مع إيجابه القياس علينا في هذه الوجوه كلها﴿[25].
والملاحظ في أقوال الأصوليين أنهم قد أستنسخوا من كتب المخالفين هذا النوع من القياس كما هو بل حتى المثال قد نقلوه كما هو ولم يزيدوا منهم شيء فما هو اختلافنا عنهم يا ترى هل بقي بيننا وبين المخالفين لآل محمد ﴿عليهم السلام﴾ خلاف أم انها مسميات مذهبية والحقيقة هي ان أدوات الإجتهاد واحدة بين مذهب وآخر حتى الاستدلال أصبح عينه فبعد أن كان القياس مذموم ومحرم في الشريعة استعماله أصبح اليوم يسمى بالقياس الشرعي !! وهذا فيه بيان إذ ان الفقهاء لم يقولوا بالقياس فقط بل نسبوا القياس إلى الشرع !!
نقول : لماذا نحتاج إلى العمل بهذا القياس المذكور بالمثال والروايات صريحةبتحريم كل مسكر فقد جاء عن رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ مايفيد المقام قائلا ً : ﴿الخمر حرامبعينه ، والمسكر من كل شراب ، فما أسكر كثيره فقليله حرام﴿[26]. لماذا نحتاج لمثل مثال السيد المرتضى وغيره من الفقهاء والمأخوذ من العامة لاعطاءشرعية للقياس والروايات صريحة بما يجب علينا العمل به كما تقدم في كلام رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ ولكن المصيبة ليست في قبول المثال أو رده بل انه قد اعطى الضوء الاخضر لقياس العلة لدخوله فيجملة أدوات الإجتهاد والذي سماه بالقياس الشرعي .

واستمر هذا الحال إلى يومنا هذا فكل من جاء من الفقهاءجاءت معه أدوات إجتهادية جديدة وقد كانت من أدوات السيد المرتضى قياسمنصوص العلة الذي اعطاه مقام الحجية في استنباط الأحكام التي لم يرد بها نص صريح .
وعلى العموم فإن كثير من الفقهاء ممن اقتفى أثر السيد المرتضى ان لم نقل بإجماع الأصوليين فقد ذكر المحقق الحلي في معراج الأصول قياس العلة وجعله دليلاً وحجة قائلاً : ﴿عبارة عن الحكم على معلوم بمثل الحكم الثابت لمعلوم آخر ، لتساويهما في علة الحكم . فموضع الحكم المتفق عليه يسمى : أصلاً . وموضع الحكم المختلف فيه يسمى : فرعا . والعلة : هي الجامع الموجب لاثبات مثل حكم الأصل في الفرع ، فإن كانت العلة معلومة ، ولزوم الحكم لها معلوما من حيث هي ، كانت النتيجة علمية ، ولا نزاع في كون مثل ذلك دليلاً﴿[27]
وقد ذكر الشيخ المظفر في أصوله هذا النوع من القياس قائلاً : ﴿أما منصوص العلة : فإن فهم من النص على العلة أن العلة عامة على وجه لا اختصاص لها بالمعلل - الذي هو كالأصل في القياس - فلا شك في أن الحكم يكون عاما شاملا للفرع ، مثل ما لو قال : " حرم الخمر لأنه مسكر " فيفهم منه حرمة النبيذ لأنه مسكر أيضاً﴾﴿[28]
وقال أيضاً : ﴿وفي الحقيقة : أن منصوص العلة ليس من نوع القياس﴿[29]
إن الشيخ المظفر قد سبق وذكر قياس الاولوية وقال عنه إنه ليس بقياس وذكر الآن منصوص العلة وقال أيضاً بنفس المقالة ونفى ان يكون من القياس وهذا قول منافي لما عليه جمهور الفقهاء من القدماء والمتأخرين حيث أجمع الأصوليون ومن مختلف المذاهب على تسمية كلاً من العلة والاولوية بالقياس فأزاحة هذين النوعين من ساحة القياس أمر غاية في الشذوذ والغرابة فكأننا نريد ان نحجب الشمس بمنديل أو أن نتهرب من الحقيقة بأي وسيلة لكي نثبت بأن هذين النوعين ليسا من القياس المحرم على لسان العترة الطاهرة ﴿عليهم السلام﴾ فمثل هذا القول كمثل الذي يكذب الكذبة ثم يصدقها !!
وهنا يتبادر إلى الاذهان سؤال يقوللماذا لم ينص الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ على هذا القياس واستثنائه من المقاييس التي حرمها أهل البيت ﴿عليهم السلام﴾ بالجملة ان كان لهذا القياس حجية في الدين ؟
يكون الجواب كالاتيان المعصومين ﴿عليهم السلام﴾ اخبروا شيعتهم بتحريم كل أنواع القياس وكما تقدم في الخبر الذي قال ﴿عليه السلام﴾ فيه : ﴿إن أصحاب المقاييس طلبوا العلم بالمقاييس فلم تزدهم المقاييس من الحق إلا بعدا ، وإن دينالله لا يصاب بالمقاييس﴿[30]. فمن هذهالرواية نفهم ان كل أنواع القياس باطلة وإذا كان هنالك إستثناء من أنواع القياس وجب على آل محمد ﴿عليهم السلام﴾ أن يبينوا هذا الإستثناء كيف لا ؟ وشأنهم هداية الانام وإذا لم يفعلوا ذلك فإنهم مقصرون في بيان قوانين الشريعة للمسليمن وهذه المقالة لا يمكن لأحد ان يقول بها وعليه لا يمكن القول بأن هنالك إستثناء من القياس المحرم أبداً لأن النهي عنه جاء بالإطلاق فلا يمكننا إستثناء ما نريد إستثنائة تغزلا بالمخالفين لآل محمد ﴿عليهم السلام﴾ علماً بأن الله تعالى قد قرن من يستخدم القياس بإبليس وأن المستخدم لاي نوع من القياس في نفس الأحكام فإنه يزداد بعداًعن الحق وتقربه من إمام القياس إبليس ﴿عليه اللعنة﴾ كما أشارت الرواياتالشريفة بذلك فقد جاء عن الإمام الصادق ﴿عليه السلام﴾ انه قال : ﴿ إنأمر الله تعالى ذكره لا يحمل على المقاييس ، ... وأقسم بعزته لا يقيس أحد في دينهإلا قرنه مع عدوه إبليس في أسفل درك من النار ﴿[31]
إن هذا النوع من القياس استخدمه الفقهاء زعماً منهم بإنهميقيسون على علة حكم بحكم آخر لواقعة أخرى وان معرفة العلة من التحريم أو التحليليقودنا لقياس وقائع مشابهه لنفس العلة طبعاً على حد قولهم بذلك وهذا بحد ذاته تجاوز لحدود الله فكيف لنا أن نعلم العلة بعقولنا القاصرة . فإنه ما من واقعة إلا ولها حكم معين بحد ذاته ونص كلام المعصوم بأن لا تبلغه عقول الرجال وزيادة على ذلك أن الروايات الشريفة قد اشارت على عدم السؤال عن علة الأحكام منالحلال والحرام وان الله لا يُسئل كيف احل وكيف حرم ولا يمكننا بعد ذلك القياس علىعلة الأحكام فقد جاء عن عثمان بن عيسى قال : سألت أبا الحسن موسى ﴿عليه السلام﴾ عنالقياس فقال : ﴿ مالكم والقياس إن الله لا يسأل كيف أحل وكيف حرم﴿[32]
إن هذه الرواية تجيبنا بصراحة على بطلان القياس الذييستخدم العلة في إثبات مثل حكم المقيس عليه للمقيس . فكيف لنا أن نعلم وبعقولناالقاصرة علة الأحكام ؟ وكيف لنا ان نسأل عنها ؟ والإمام ﴿عليه السلام﴾ يخبرنا بأن اللهلا يسأل كيف أحل وكيف حرم حتى انهم فوجئوا بأن بعض الأحكام تكون علتها معلومة لدى العقل ولكن الشرع يفاجئ العقل بالحكم المخالف للعلة ومثال ذلك ان العلة من عدة المرأة المطلقة أو الارملة هو عدم اختلاط الماء حيث قام الشرع ببيان العلة ولكن الشرع يفاجئ العقل بقوله ان المرأة ملزمة بالعدة حتى لو غاب عنها زوجها عشرين سنة أو كانت عقيمة !!
وبذلك يتبين لنا أنتفاء العلم المطلق للعقل بعلل الأحكام الحقيقية حتى لو يتبادر إلى الاذهان من خلال بعض النصوص بأن العلة معلومة فقد يتفاجأ العقل بحكم في الشريعة يخالف تلك العلة .
كما أن المحقق الحلي قد نقل في معارج الأصول أحتجاج الشيخ المفيد على بطلان القياس في قوله :﴿ واحتج شيخنا المفيد ره لذلك أيضاً بأنه لا سبيل إلى علة الحكم في الأصل ، فلا سبيل إلى القياس ﴾﴿[33]
على اننا قد بينا فيما سبق محاربة الشيخ المفيد لمن قال بالقياس وعمل به ولا يستبعد أن يكون العماني وأبن جنيد قد عملا بهذين النوعين من القياس فنسب الشيخ المفيد عملهم إلى مذاهب المخالفين كما بينا في مبحث الإجتهاد .

إن الملاحظ من سيرة الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ بأنهم لا يصلون بعقولهم للأحكام وإنما بطرق أخرى انعم الله عليهم بها فقد جاء عن الحرث النصري قال : قلتلأبي عبد الله ﴿عليه السلام﴾ : ﴿ الذي يسأل عنه الإمام وليس عنده فيه شيء من أين يعلمه ؟قال : ينكت في القلب نكتا ، أو ينقر في الأذن نقرا ، وقيل لأبي عبد الله عليهالسلام : إذا سُئل كيف يجيب ؟ قال : إلهام وسماع وربما كانا جمعا﴿[34] .
ومنها ما جاء عن يونس ، عن أبي عبد الله﴿عليه السلام﴾ ، قال : ﴿ ما من ليلة جمعة إلا ولأولياء الله فيها سرور قلت : كيف ذلك؟ جعلت فداك قال : إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول الله صلى الله عليه وآله العرش ووافى الأئمة عليهم السلام ووافيت معهم فما أرجع إلا بعلم مستفاد ولولا ذلك لنفد ماعندي﴾﴿[35] .
ومنها ما جاء عن أبي يحيىالصنعاني ، عن أبي عبد الله ﴿عليه السلام﴾ قال : ﴿ قال لي : يا أبا يحيى إن لنا فيليالي الجمعة لشأناً من الشأن ، قال قلت جعلت فداك وما ذاك الشأن قال : يؤذن لأرواحالأنبياء الموتى عليهم السلام وأرواح الأوصياء الموتى وروح الوصي الذي بين ظهرانيكم، يعرج بها إلى السماء حتى توافي عرش ربها ، فتطوف به أسبوعا وتصلي عند كل قائمة منقوائم العرش ركعتين ، ثم ترد إلى الأبدان التي كانت فيها فتصبح الأنبياء والأوصياءقد ملؤا سرورا ويصبح الوصي الذي بين ظهرانيكم وقد زيد في علمه مثل جم الغفير﴿[36].

وهنا نجد سؤال يطرق الاذهانلماذا لم يستخدم الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ عقولهم لمعرفة الأحكام ؟ أو أن يستخدموا قياس العلة مثلاً أو غيره من الأصول العملية فهل خفي عليهم علمها ؟
طبعاًوبنص الرواية فقد اثبت الإمام الصادق ﴿عليه السلام﴾ بأن الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ علىاتصال دائم بالعليم الجبار ليخبرهم بما يحتاجونه فلا يوجد من هو كاملٌ غيره جلجلاله وهم أعلى درجة من بني البشر قاطبة فَهُم أبواب الله والادلاء على الله سبحانهوتعالى عما يشركون واما كمال الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ فناشئ عن اتصالهم بالكمال المطلق فلذلك نفهمبأن اللازم لهم لاحق والعامل بقياس اعدائهم مارق قد خرج من دين الخاتم ﴿صلى اللهعليه وآله وسلم تسليما﴾ ودخل في دين الشيطان أصولا وفروعا اعاذنا الله واياكم منالشيطان وقياسه اللعين والحمد لله رب العالمين .






ثالثاً : تنقيح المناط :

ذُكر تنقيح المناط في المصنفات الفقهية عند الأصوليين معتمدين عليه ومعولين عليه في معرفة ما يسمونه بالأحكام الشرعية وفي حقيقة هذا الشيء ما هو إلا نوع من أنواع القياس ولو عرض هذا النوع على العقل لقال العقل بأنه أردأ من قياس العلة والاولوية لتعلقه بالظن والتخمين في معرفة العلة من النصوص فكان قياس العلة كما مر مبنيا على تعين العلة من قبل النص على سبيل الظاهر أما تنقيح المناط فإن العلة إنما تحصل بالفحص والقرائن أو بمعنى آخر استنباط العلة بين الفرع والأصل بإلغاء الفارق بين الواقعتين وهذا في الواقع قياس مبنياً على ظن المجتهد والحدس وأستحسانه للعلل المشتركة بين الوقائع حسب ما يفهمه ذهنه والاذهان مختلفة في الفهم وبالنتيجة نراهم يحتجون بما يدركهُ عقلهم مع اختلافهم بالفهم والإدراك هذا ان قلنا بأنهم يدركون معنى العلة الإلهية في الأحكام وهذا مما ثبت فيما تقدم من الكلام عدمه وقبل أن نبدأ بمناقشة هذا النوع من القياس لا بد أن نفهم معنى المناط في اللغة قبل أن نفهمه اصطلاحا فقد ذكر اللغويون المناط في كتبهم منها ما ذكر في المعجم الوسيط حيث قالوا فيه : ﴿ ﴿المناط﴾ موضع التعليق ويقال هو مني مناط الثريا شديد البعد وفلان مناط الثريا شريف عالي المنزلة و ﴿مناط الحكم﴾ ﴿عند الأصوليين والأخلاقيين﴾ علته يقال مناط الحكم بتحريم الخمر هو الإسكار ومناط الحكم على العمل بأنه خير عند النفعيين هو ما يجلبه من نفع﴾﴿[37]

ومن قول أهل اللغة نفهم بأن مناط الشيء أي علة الشيء فإذا قال الفقيه مناط المسألة أراد بذلك علة المسألة وقد يستخدم الفقيه الأصولي لفظاً آخر يريد به العلة أيضاً وهو ما يعبرون عنه بالملاك فالملاك يعد مرادفا لكلمة المناط في الفقه حيث أن مصطلح الملاك ، بالكسر والفتح : قوام الشيء ونظامه وما يعتمد عليه فيه﴿[38] .
ولذلك فقد ذكر الدكتور أحمد فتح الله في معجم ألفاظ الفقه الجعفري تنقيح المناط وفسره بانه يفتش عن ملاك الحكم أي علة الحكم وذلك في قوله : ﴿﴿تنقيح المناط﴾ أن يفتش عن ملاك الحكم ، فيعمم الحكم لما توفر فيه الملاك والمناط وإن كان قطعيا جاز التعميم ، وإلا فلا .﴾﴿[39].
ويطلق الملاك على المعيار والقاعدة والقانون والضابط وفي الاصطلاح فهو عبارة عن العلة الثبوتية للحكم .
وقد أستخدم مصطلح ﴿المناط﴾ في الفقه بمعنى ﴿الملاك﴾ إلا أن الملاك أعم وهو مستخدم في الفقه وفي القانون الحديث أيضاً ووحدة الملاك في القانون الحديث تعني تنقيح المناط في الفقه والذي هو نوع من أنواع القياس .
وقد ذكر فقهاء العامة هذا النوع من القياس فقالوا فيه : ﴿وتنقيح المناط عند الأصوليّين : هو النّظر والإجتهاد في تعيين ما دلّ النّصّ على كونه علّة من غير تعيين ، بحذف ما لا مدخل له في الاعتبار ممّا اقترن به من الأوصاف﴿[40] وقالوا أيضاً : ﴿تنقيح المناط مسلك من مسالك العلّة ، ولكنّه دون تحقيق المناط في المرتبة ، وقد أقرّ به أكثر منكري القياس﴿[41] .

ونلاحظ قولهم ﴿وقد أقرّ به أكثر منكري القياس﴾ لما فيه دلالة على اقرار فقهاء الإمامية بهذا النوع على ما سيأتي بيانه .
وذكر صاحب شرح جمع الجوامع تنقيح المناط فقال فيه : ﴿إِبْدَاءُ الْخُصُوصِيَّةِ أو الْفَرْقِ . وَهُوَ مِنْ قَوَادِحِ الْعِلَّةِ . وَيُسَمَّى الْقِيَاسُ الْمُعْتَمِدُ عَلَى إِلْغَاءِ الْفَارِقِ " الْقِيَاسَ فِي مَعْنَى الأْصَل " أَوِ " قِيَاسَ الْمَعْنَى "﴿[42] .

وذكر تنقيح المناط أيضاً في البحر المحيط فقال : ﴿ وحاصله : إلحاق الفرع بالأصل بإلغاء الفرق ، بأن يقال : لا فرق بين الأصل والفرع إلا كذا وكذا ، وذلك لا مدخل له في الحكم ألبتة فيلزم اشتراكهما في الحكم لاشتراكهما في الموجب له ، كقياس الأمة على العبد في السراية ، فإنه لا فارق بينهما إلا الذكورة ، وهو ملغى بالإجماع ، إذ لا مدخل له في العلية﴾﴿[43]وقالو أيضاً : ﴿التاسع من مسالك العلة تنقيح المناط ، وهو أن يدل نص ظاهر على التعليل بوصف فيحذف خصوصه عن الاعتبار بالإجتهاد ويناط الحكم بالأعم أو تكون أوصاف في محل الحكم فيحذف بعضها عن الاعتبار بالإجتهاد ويناط الحكم بالباقي وحاصله أنه الإجتهاد في الحذف والتعيين﴾﴿[44] .
والحاصل من أقوال العامة بأن تنقيح المناط نوعاً من أنواع القياس والذي يتم من خلال إلحاق الفرع بالأصل بإلغاء الفرق بين كلا من الأصل والفرع ولا يكون ذلك الا بالنظر والإجتهاد في تعيين العلة من النص علما بأن النص لم يعين العلة أي لم ينص على العلة وإنما يفهم المجتهد بالحدس والظن بأن العلة في الحكم هي كذا ويحذف ما لا مدخل له في الاعتبار بين الأصل والفرع وذلك بحسب العقل والظن أي ظناً منه بأن الفرق بين الأصل والفرع لا يؤثر في معنى العلة الجامعة وحاصله كما قالوا بانه الإجتهاد في الحذف والتعيين وهذا من دواعي الاختلاف فقد يختلف الفقهاء بعضهم عن بعض في تعيين العلة وهذا ما دعى إلى اختلافهم في الأحكام .





تنقيح المناط عند الإمامية :
ذكر المحقق الحلي تنقيح المناط في معارج الأصول فقال : ﴿الجمع بين الأصل والفرع قد يكون بعدم الفارق ، ويسمى : تنقيح المناط .
فإن علمت المساواة من كل وجه ، جاز تعدية الحكم إلى المساوي ... فإن نص الشارع على العلة ، وكان هناك شاهد حال يدل على سقوط اعتبار ما عدا تلك العلة في ثبوت الحكم ، جاز تعدية الحكم ، وكان ذلك برهانا﴾﴿[45]

والملاحظ في قول المحقق بأن تنقيح المناط يكون حجة عنده إذا علمت المساواة من كل الاوجه بين الأصل والفرع وكما انه قال إذا علمت العلة في الحكم وكان هنالك شاهد على ألغاء الفارق بين الأصل والفرع جاز تعدي الحكم من الأصل إلى الفرع فيكون ذلك كما هو واضح قياسا ادنى من قياس منصوص العلة إلا أن في تنقيح المناط الأصل والفرع بينهما خلاف وهذا كما قال العامة يعتمد على الإجتهاد الظني فما دام هنالك اختلاف بين الواقعتين وأن كان تافهاً وان كان ممتنعا في العقل تأثيرة في حكم الفرع ولكن لا يمكن الجزم بانه عند الله كذلك فهذا السبيل مما حذرنا آل محمد ﴿عليهم السلام﴾ إتيانه في الأحكام .
وقال السيد محمد باقر الصدر في كتابه دروس في علم الأصول تحت عنوان ﴿الاستقراء والقياس﴾ ما هذا نصه : ﴿فإذا حرم الشارع شيئاً ، كالخمر مثلاً ، ولم ينص على الملاك والمناط في تحريمه ، فقد يستنتجه العقل ويحدس به ، وفي حالة الحدس به يحدس حينئذ بثبوت الحكم في كل الحالات التي يشملها ذلك الملاك ، لأن الملاك بمثابة العلة لحكم الشارع وإدراك العلة يستوجب إدراك المعلول﴿[46]ثم قال بعد ذلك في حجية الدليل العقلي حيث قال : ﴿الدليل العقلي تارة يكون قطعياً وأخرى يكون ظنياً﴿[47]
ثم قال : ﴿ فإذا كان الدليل العقلي قطعيا ومؤديا إلى العلم بالحكم الشرعي فهو حجة من اجل حجية القطع وهي حجية ثابتة للقطع الطريقي مهما كان دليله ومستنده ... وأما إذا كان الدليل العقلي ظنياً كما في الاستقراء الناقص والقياس ... فهذا الدليل يحتاج إلى دليل على حجيته وجواز التعويل عليه ولا دليل على ذلك ﴾﴿[48] .
ومن ذلك نفهم بأن تنقيح المناط القطعي عند السيد الصدر يعتبر في مقام الحجية لأن ما قطع به العقل كان مؤديا إلى العلم بالحكم الشرعي ولذلك فهو حجة من أجل حجية القطع أما إذا كان تنقيح المناط ظنيا فلا دليل على حجيته وهذا ما ذهب إليه جملة من فقهاء الإمامية وعلى العموم فإن تنقيح المناط كما بينا سابقا نوعا من القياس الذي يقيس الحكم بين الفرع والأصل بألغاء الفارق بين الاثنين فإذا حكم العقل بالقطع بوجود العلة الجامعة بين الواقعتين جاز تعديه إلى الفرع لاشتراكهما في علة واحدة بقطع الإدراك العقلي وهل هذا الا قياس ! فقد ورد عن سماعة أبن مهران أنه أستأذن الإمام بأن يقيس الشيء الصغير على احسنه فنهاه الإمام الكاظم ﴿عليه السلام﴾ فقد جاء عن سماعة بن مهران ، عن أبي الحسن موسى ﴿عليه السلام﴾ في حديث أنه قال له : ﴿ يرد علينا الشيء الصغير ليس عندنا فيه شيء ، فينظر بعضنا إلى بعض وعندنا ما يشبهه فنقيس على أحسنه ؟ فقال : ما لكم وللقياس ، إنما هلك من هلك من قبلكم بالقياس ، ثم قال : إذا جاءكم ما تعلمون فقولوا ، وإذا جاءكم ما لا تعلمون فها وأومى بيده إلى فيه ﴿[49]وقد جاء عن الإمام علي بن الحسين ﴿عليهما السلامأنه قال : ﴿إن دين الله عز وجل لا يصاب بالعقول الناقصة والآراء الباطلة والمقائيس الفاسدة ، ولا يصاب إلا بالتسليم ، فمن سلم لنا سلم ...﴾﴿[50]

فإذا كان الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ قد نهوا عن أستعمال العقل والمقاييس في معرفة شريعة الله وأحكامه وقالوا بأن دين الله لا يصاب بالعقول فكيف جاز لنا القول بأن الدليل العقلي القطعي يكون مؤديا إلى العلم بالحكم الشرعي وجعل هذا الدليل حجة مهما كان مستنده كما يقول السيد الصدر ؟
ومن الذين قالوا بحجية تنقيح المناط هو السيد محمد بحر العلوم صاحب الفوائد الرجالية فقد ذكر حال الشيخ أبن جنيد وأراد بقوله أزاحة التهمة التي أجمع المحققون والمعاصرون للجنيدي عليها ألا وهي عمله بقياس المخالفين وإتخاذه من المنهج الظني سبيلا لمعرفة الشريعة كما ذكر ذلك تلميذه الشيخ المفيد في مصنفاته فقد حاول السيد بحر العلوم حمل الجنيدي على احسن محامل القياس وذلك في قوله : ﴿لكان الأمثل يحال هذا الشيخ الجليل حمل القياس الذي ذهب إليه على أحسن محامله ، كقياس الأولوية ، ومنصوص العلة ، والتعدية عن مورد النص بدليل قطعي وهو المعروف عند المتأخرين بتنقيح المناط ، فإن هذه كلها تشبه القياس ، وليست من القياس الممنوع ﴾﴿[51].
إن العجيب عند الفقهاء وكما مر بنا في أنواع القياس الأخرى بأنهم يستثنون هذه الأنواع دون دليل يُذكر فإذا كانت هذه الأنواع مستثناه بالفعل كما قالوا لكان لزاماً على أئمة الهدى ﴿عليهم السلام﴾ ان يبينوا ما كان حجة علينا من هذه الأنواع ولكنهم لم يذكروا نوعا واحدا من القياس الشرعي كما يسميه الفقهاء بل على العكس من ذلك فقد ذكروا ان المقاييس لا تصيب دين الله فكيف جاز لنا هذا الإستثناء ؟ وإذا كان الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ قد حرموا علينا أستخدام كل أنواع القياس مع وجود ما هو حلال منها فهذا يؤدي بنا إلى القول بأن الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ قد حرموا حلال الله وهذا القول منافي لعصمتهم ولا يسعنا الا التمسك بأقوالهم وترك من سواهم مهما كانت منزلتهم بين الناس فإن آل محمد ﴿عليهم السلام﴾ أحق بالإتباع والإنقياد لهم .

ومن الذين ذكروا أنواع القياس هو المحقق الشيخ جعفر السبحاني في كتابه ادوار الفقه الإمامي حيث ذكر ثلاثة أنواع من القياس الجائز أو ما يسمونه بالقياس الشرعي فذكر هذه الأنواع وضرب لكل واحد منها مثالاً يدل عليه قائلاً : ﴿ 1- العمل به إذا كانت العلة منصوصة كما يقال : لا تشرب الخمر لأنه مسكر .
2- قياس الأولوية وهو قياس الأقوى غير المنصوص على الأضعف المنصوص كما إذا قال : لاتأكل ذبيحة أهل الكتاب فيعلم منه حرمة أكل ذبيحة المشرك بوجه أولى .
3- المناط القطعي فيما إذا وقف المجتهد على وجه القطع واليقين ان مناط الحكم هو هذا كما إذا قال : لاتأكل ذبيحة اليهودي ووقـف على ان المناط كونه كافراً فيقيس عليه ذبيحة النصراني . فالعمل بالقياس في هذه الصور الثلاثة جائـز . وإن كـان الخوض فـي تحصيل مناطات الأحكام أمراً محضوراً﴿[52] .
إن اغرب ما يجذب الانتباه من قول المحقق بجواز العمل بهذه القياسات الشيطانية هو قوله بأن الخوض في مناطات الأحكام -أي علل الأحكام- أمراً محضوراً فإذا كان الحضر قد جاءت به الشريعة – وهو كذلك- كيف جاز لك مخالفتها وأنت تعلم وتقول برادعية الشريعة عن الخوض في علل الأحكام ؟ وقد جاء ما يؤكد رادعية الشريعة بعدم السؤال عن علل الأحكام وهو ما نقله عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى قال : سألت أبا الحسن موسى ﴿عليه السلام﴾ عنالقياس فقال : ﴿ مالكم والقياس إن الله لا يسأل كيف أحل وكيف حرم﴿[53] .
فكيف جاز لنا السؤال وقد ورد النهي ؟ علماً بأن المجتهدين قد أختلفوا في تعيين مناطات الأحكام وقد أدى هذا الاختلاف في الفهم إلى اختلاف في الفتوى من فقيه لآخر فكلاً يفتي محتجاً بأن العلة كذا والآخر يفتي محتجاً بعلة أخرى وهكذا فهل يرضى الشارع المقدس بهذا الاختلاف ؟!

إننا حين نطالع ما كتبه الفقهاء وما علقوا عليه نجدهم يذكرون بأن تنقيح المناط نوعا من القياس بل هو أردأ أنواعه وأضعفها كما قال ذلك الميرزا أبو الحسن الشعراني في تعليقه على شرح أصول الكافي للمازندرانيحيث قال : ﴿تنقيح المناط ، وهو أردأ أنواع القياس وأضعفها ، ومعناه استنباط العلة بإلغاء فارق بأن ينظر في الفرع والأصل وتتبع الصفات المشتركة والمميزة ، ويبين أن المميزة لا يمكن أن تكون علة للحكم فيثبت أنها المشتركة﴿[54] . وذكر الميرزا الشعراني تنقيح المناط في موضع آخر قائلاً: ﴿وقد يطلق في عصرنا على مثل ذلك تنقيح المناط ويزعمون أنه غير القياس مع أنه من أردى أنواعه الذي لم يقل به بعض القائلين بالقياس كما مر ولم يحققوا مرادهم بالجملة إذا لم يكن التصريح بالعلة حجة في باب القياس كما قلنا كيف يكون استنباط العلة بالقرائن والتخمينات حجة وليس تنقيح المناط إلا ذلك ؟﴾﴿[55] .
هل وصل بنا الحال أن نتبع أردأ أنواع القياس ؟! بل نتبع ما أنكره أكثر فقهاء العامة القائلين بحجية القياس حيث قالوا بأن هذا النوع عاجز عن معرفة الحكم الصحيح !! وبالحقيقة إن هذه المسألة تدلنا على عظمة التيه الذي حل بالإمامية بعد غيبة ولي الله ﴿عليه السلام﴾ حيث أصبحنا لسنا بتابعين لأصول العامة فقط بل أخذنا منهم ما أستقبحوه فحللناه على أنفسنا وهل بعد هذا التيه تيه.
وبهذا الكلام ننهي بحثنا في هذا النوع سائلين المولى ان يرشدنا لما فيه الخير والصواب وأن يوفقنا لخدمة الدين وأزالة الشبهات التي حلت به مُذ غيب القوم أمامهم ﴿عليه السلام﴾ وعلقوا في الظن والتخمين أوهامهم فأصبح مائهم غورا فمن يأتيهم بماء معين .




رابعاً : القياس المنطقي :
أدخل جمهور الفقهاء الأصوليين القياس المنطقي كقاعدة أصولية ضمن قواعدهم التي اتخذوها كمشرع بديل عن المعصوم ﴿عليه السلام﴾ وأعطوا للقياس المنطقي مرتبة العصمة وقالوا بانه العاصم عن خطأ الاذهان من الشذوذ بالتفكير وهو البرهان القاطع على معرفة النتائج الصحيحة من النتائج الخاطئة وكتبوا فيه مقالات وراحوا ينعتونه بنعوت شتى تعظيماً له وتقديساً لمقامه !!
ومن الذين تناولوا الاقيسة المنطقية هو السيد محمد باقر الصدر حيث ذكر تحت عنوان اليقين الموضوعي المستنتج حيث ذهب إلى ان اليقين الموضوعي المستنتج سببه الأول قائما على أساس قياس من الاقيسة المنطقية وذلك في قوله : ﴿اليقين الموضوعي المستنتج بقضية ما له سببأن : أحدهما : اليقين الموضوعي بقضية أخرى تتضمن أو تستلزم تلك القضية ويكون الاستنتاج حينئذ قائما على أساس قياس من الأقيسة المنطقية ﴾﴿[56] .
والملاحظ أن اليقين عند الفقهاء أصبح يستحصل بالقياس بعد أن كان القياس وعلى لسان الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ لا يزيد من الحق إلا بعداً وإن دين الله لا يصاب بالمقاييس فإن قالوا ان القياس المنطقي ليس من أنواع القياس الباطل قلنا بأن الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ لم يحددوا نوعا دون آخر بل قالوا بأن دين الله لا يصاب بالمقاييس ولا يخفى على أهل اللغة بأن المقاييس قد جاءت بجمع مطلق دون تحديد أو إستثناء وهذا ما تعرفونه في حجية الظهور أي ما دل عليه المدلول اللغوي لقول المعصوم ﴿عليه السلام﴾ وأن تنزلنا جدلا وقلنا بأن القياس المنطقي ليس من أنواع القياس الباطل كما تقولون لزم إقامة الدليل على صدقه وهذا ما لا يمكنكم البتة فلن تجدوا ما يثبت القياس المنطقي في رواية أو حديث يخص الأحكام الشرعية خصوصاً وان مثل هذه القواعد والعلوم لا بد أن نأتي باثبات لها من آل محمد ﴿عليهم السلام﴾ خصوصاً ونحن ندعي باننا شيعة لهم ومؤتمرين بأمرهم فكان لزاماً علينا ونحن ندعي مودتهم أن نأتمر بما قالوا فإن قال الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ بحجية هذا النوع من القياس قلنا به وأن ثبت عدمه – وهو كذلك- وجب التبرؤ منه فقد جاء عن أبي مريم قال : قال أبو جعفر ﴿عليه السلام﴾ لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة : ﴿شرقا وغربا ، فلا تجدان علما صحيحاً إلا شيئاً خرج من عندنا أهل البيت ﴾﴿[57].
نعم قد يقال بأن الاستدلال على الخالق أو النبي أو الإمام يكون بهذا القياس فنقول : بلى ولكن الاستدلال في أصول الدين لا يمكن أن يتعداه إلى الفروع فكلا له حكمه وأدواته ومن هنا نفهم بأن السُنة لا تقاس وإذا قيست محق الدين فقد جاء عن أبي عبد الله الصادق ﴿عليه السلام﴾ انه قال لابأن : ﴿ إن السُنة لا تقاس ، ألا ترى أن المرأة تقضى صومها ولا تقضى صلاتها ، يا أبأن ان السُنة إذا قيست محق الدين﴾﴿[58]

إن الكثير من الفقهاء قد تناولوا في بحوثهم هذا النوع من القياس منهم السيد مصطفى الخميني وصنفه في مقام الحجية في قوله : ﴿ إن المراد من " الحجية " حيث تكون ، هي القابلية للاحتجاج بالفعل ، وأن الحجة هي الأقيسة المنطقية ، أو العقلائية الراجعة إلى تلك الأقيسة في الحقيقة ، فلا يكون الشك فيها إلا راجعا إلى العلم بعدم صحة الاحتجاج به في الجملة﴾﴿[59]وقال أيضاً بأن جميع الاحتجاجات العقلائية راجعة إلى الاقيسة المنطقية وذلك في قوله : ﴿وجميع الاحتجاجات العقلائية ، لا بد وأن ترجع إلى تلك الأقيسة المنطقية﴿[60]

نقول : إننا لم نجد أحداً من الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ قد احتج بهذا النوع من القياس في نفس الأحكام الشرعية كما اننا لم نجد أحداً من الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ يعلم أصحابه هذا القياس الذي تسمونه بالمنطقي ويحثه على استعماله في معرفة الأحكام الشرعية أما قولك بأن جميع الاحتجاجات العقلائية ترجع إلى الاقيسة المنطقية فيرد عليه بأن المعصومون ﴿عليهم السلام﴾ هم أهل العقل والعلم كما جاء عن الحسين أنه سأل جعفر بن محمد ﴿عليه السلام﴾ عن قوله تعالى : ﴿أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ﴾ قال ﴿عليه السلام﴾ : ﴿أولي العقل والعلم ، قلنا : أخاص ؟ أو عام ؟ قال : خاص لنا﴾﴿[61] .
فإذا كان أسياد العقلاء وأولي العقل والعلم لم يحتجوا بهذا القياس على اثبات حكم شرعي بل أنهم لم يستثنوا هذا القياس من أنواع المقاييس التي حذروا منها شيعتهم فكيف جاز لنا إستثناء هذا القياس وما سبقه من المقاييس الباطلة ؟!
ولم يتوقف الفقهاء لهذا الحد فحسب بل زادوا في ذلك كثير خصوصاً حين نسمعهم ينسبون العصمة لهذا القياس فقد ذكر الدكتور الشيخ عدنان فرحان آل قاسم حال الإجتهاد العقلي وما يتوقف عليه من الخبرة بالقواعد الفلسفية والمنطقية حيث ذكر بأن أصول الاقيسة المنطقية فيها العصمة عن الخطأ في الفكر وذلك في قوله : ﴿يتوقف الإجتهاد العقلي على خبرة بالقواعد الفلسفية والمنطقية وخاصة تلك التي تركز عليها أصول الاقيسة بمختلف أشكالها لأن فيها وفي بقية قواعد المنطق – كما يقال- العصمة عن الخطأ في الفكر شريطة ان يتعرف عليها من منابعها السليمة في أمثال معاهد النجف الاشرف﴿[62] .
وهذا الكلام مما لا دليل عليه فلو كان هذا القياس يجلب العصمة لصاحبه في معرفة الأحكام الشرعية وجب على آل النبوة ﴿عليهم السلام﴾ بيانه والا قد تركوا الأمة دون بيان ما ينجيهم وهذا قول شنيع ورسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ قد قال بإكمال الدين واتمام النعمة .
إن الفقهاء يقرون بأن هذا القياس من الامور الدخيلة على الفقه الإمامي وهذا بحد ذاته اعتراف منهم بانه لم يكن في الصدر الأول أي في عصور الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ وكذلك عصر النبي الخاتم ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ فقد ذكر الشيخ محمد علي الأنصاري في الموسوعة الفقهية هذا القياس قائلاً : ﴿وهناك مصطلحان دخيلان في الفقه ، وهما ... 2 - القياس الاقتراني وهو من مصطلحات علم المنطق يطلق على نوع من أنواع الأقيسة ... مثل : ﴿كل ج ب ﴾ و ﴿ كل ب د ﴾ ، إذن كل ج د . فالنتيجة ﴿ كل ج د ﴾ ﴾﴿[63]وهذا خير اعتراف بأن هذا القياس من الامور الدخيلة على الفقه الإمامي فكيف جاز لنا ان ندخل إلى الدين ما لم نسمعه من آل محمد ﴿عليهم السلام﴾ وما هو المبرر من ذلك ؟
إن العمل بالقياس وغيره من أصول المخالفين حقيقة مرة في مدارس الفقه الإمامي ولذلك عبر الشيخ علي حب الله عن غياب الدراسات المقارنة للفقه وأصوله بين المذاهب من جهة والمذهب الإمامي من جهة أخرى إلى عاملين قال في الأول بانه عامل سياسي تمثل في الصراع الطائفي الدائر بين المسلمين وأما الثاني فقال فيه : ﴿ عامل فكري تمثل في لزوم إخفاء حقيقة أن الفقه الشيعي وأصوله حاشية على الفقه السني وأصوله وأن أكثر الإضافات التي أعتبرت تطوراً في أصول الفقه الشيعي نحو مفهوم الورود والحكومة وغير ذلك مما يقبح التصريح به كانت تسبقها عملية تسلل إلى الحضيرة المحرمة وأظهار الغنائم على أنها الجديد الذي يحاكي القول بانفتاح باب الإجتهاد﴿[64]
وهذا القول في غاية الصراحة حيث ان أغلب أصول الإمامية هي في الحقيقة مأخوذة من أصول العامة بل هي أستنساخ لهم وكما بينا ذلك في أكثر من مقام .
إلى هنا نكون قد إنتهينا من بياننا لأنواع القياس التي عمل بها الفقهاء الأصوليون بعد غيبة صاحب العقل والعلم ﴿عليه السلام﴾ إلا أن ما يؤلم صراحةً هو إتباع الناس والإنقياد الاعمى للفقهاء فإن أغلب الناس راضين ومتغافلين وغير مبالين لدينهم عمن يأخذونه سواءً من مخالف ام موالي فكل من جلس يفتى الناس حسبه الناس إمام لهم ولقبوه بألقاب شتى ونعوت ما انزل الله بها من سلطان وراحوا يتبركون حتى ببصاقه ومناديله الورقية وهذا قطعاً مما لا يرضي الله تعالى على أننا سنبين بطلان التقليد في المباحث التالية إن شاء الله تعالى فأنتظر .
وقبل أن ننهي هذا البحث لا بد من ذكر بعض الأمثلة على استعمال القياس من قبل الفقهاء ولا نقول هذا من عند انفسنا بل سننقل ما قاله الشيخ علي حب الله في كتابه دراسات في فلسفة أصول الفقه حيث قال : ﴿ ثمة موارد عمل فيها الإمامية بالقياس الفقهي وإليك بعض الأمثلة :
أ- إذا قصد الإنسان الإقامة في غير وطنه ثم تراجع عن قصده بعد أداء صلاة رباعية فإن صلاته ستبقى تماماً ما دام موجوداً في ذلك المكان . أما إذا رجع عن قصد الإقامة قبل أن يؤدي صلاة رباعية فإن صلاته ستكون قصراً . إن لدينا نصاً حيال هذا المطلب . لكن ما هو حكم الشخص المذكور بأزاء الصوم على ضوء الفرض الذي يفيد أنه لم يصل رباعية فهل حكمه حكم المسافر بحيث يستطيع أن يفطر ﴿إذا ما كان قد غير قصده قبل الزوال﴾ أم عليه أن يواصل صومه حتى الغروب ؟ لقد أفتى الفقهاء بأن على مثل هذا الإنسان أن يتابع صيامه إلى الغروب مع أنه لا وجود لنص في هذه الحالة مطلقاً ولا دليل عليها . إلا تسرية حكم الصلاة وتطبيقه على حكم الصوم . أليس هذا قياساً ؟! لقد مورس هنا وعلى نحو لاشعوري ضرب من القياس والأكثر على انه استعمال للقياس في حقل العبادات . وإلا ما هي صلة الصوم بالصلاة ؟ لقد أفتى صاحب العروة [ محمد كاظم اليزدي] بذلك وعلى هذا النحو وافقه جميع المحشين على كتاب العروة .
ب- إذا ما أفطر الصائم عمداً في شهر رمضان فإنه يعزر بخمس وعشرين سوطاً . وهذا حكم لا دليل عليه . إلا إنه قد استمد من حكم مسألة أخرى تفيد أن من جامع زوجته في نهار شهر رمضان يعزر خمساً وعشرين سوطاً حيث هناك نص على هذه المسألة . هذه الحالة تعتبر هي الأخرى عن ضرب من القياس أو الاعتماد على الملاك .
ج - مايذكره في باب اللواط أنه يحتاج إلى أربعة شهود عدول لاثباته وليس من دليل هنا غير القياس على الزنا الذي يحتاج إثباته إلى شهادة أربعة عدول ﴿[65] .
نكتفي بهذا القدر من أمثلة القياس الفقهي التي عمل بها الفقهاء الأصوليون معتقدين بصحة كل منها معرضين بذلك عن الكم الهائل من النصوص الرادعة للقياس في شريعة الله بقول مطلق دون تقيد أو إستثناء فكيف جاز لنا العمل بما نهى عنه آل محمد ﴿عليهم السلام﴾ ونحن ندعي مشايعتهم ومتابعتهم إن فعلنا هذا يدل على التقدم على أولي الأمر ﴿عليهم السلام﴾ بل وتجاوز قولهم إلى خلافه كيف لا ؟ وقد جوزنا العمل بالقياس المحضور في الشريعة على لسان الصادقين ﴿عليهم السلام﴾ . اعاذنا الله واياكم من القول دون الرجوع لمن اختارهم الله قدوة لنا وجعلهم نورا يستضاء به في هذه الدنيا الدنيه .

الى هنا نكون قد إنتهينا من بيان المحاور الثلاث التي وعدنا القارئ الكريم ببيانها وهي الاستحسان والتحسين والتقبيح والقياس وهذه الثلاثة هي الأكثر شهرة فيما يسمى بالدليل العقلي كما أن هنالك من اشباهها كثير خصوصاً في الأصول العملية التي دأب الفقهاء على الاعتناء بها فإن أغلبها نابعة من منابع العقول القاصرة والتي أخترعها فقهاء العامة وأستنسخها فيما بعد فقهاء الإمامية وعولوا عليها في ممارسة عملية الاستنباط .
وقد تبين لنا في هذا البحث أن العقل الإنساني لم يكن حجة عند الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ في معرفة الأحكام ولم يكن مصدرا من مصادر التشريع بل أن الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ كانوا يحثون أتباعهم على التسليم لهم والإنقياد للشريعة دون الابتداع والتقدم عليها بل حتى الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ كانوا تابعين لأوامر الله تعالى غير متقدمين عليه كيف لا ؟ وهم العباد المكرمون الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون وكل هذه المسائل تتعارض مع ما يسمى بالدليل العقلي حيث ان هذا الدليل يعد تقدماً على أوامر الشرع لأنه يُتبع حين فقدان النص الصريح وقد أمرنا الله بالتوقف فيما لا نعلمه قال تعالى : ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴿[66]
إلا أن أغلب الفقهاء لم يتوقفوا أبداً وقالوا بأن الأصل الإباحة في كل شيء لم يرد فيه نص صريح وأعتمدوا في ذلك على بعض الأخبار التي تسقط في ادنى تحقيق حيث أنها تتعارض مع الكتاب الكريم والسُنة الشريفة .
إن الكتاب الكريم والأئمة ﴿عليهم السلام﴾ أمرونا بأن نتوقف فيما لا علم لنا به وقالوا ﴿عليهم السلام﴾ أما انه شر عليكم ان تقولوا في شيء ما لم تسمعوه منا وأمرونا بالتسليم والإنقياد لهم في أحاديث كثيرة جداً قد ذكرنا بعضها فيما تقدم من الكلام إلا أن الفقهاء مع شديد الاسف لم يتوقفوا في أي مسألة خلافا لما أمرنا به الكتاب والأئمة ﴿عليهم السلام﴾ وقالوا أن الأصل في أي مسألة لا علم لنا بها هو الإباحة وقد أثار هذه المسألة فقهاء العامة في أكثر من مصنف منها ما ذكره الغزالي في قوله : ﴿المفتي إذا فقد الأدلة القاطعة يرجع إلى البراءة الأصلية...﴿[67]
والبراءة الأصلية بتعريف مبسط هي الحكم بإباحة الكثير من الامور المستحدثة والتي لم تكن في عصر النصوص ووجدت بعد ذلك فإن الأصل عند الفقهاء هو الإباحة وقد ذكر الإمامية هذه المسألة في أكثر الكتب الأصولية وقالوا بما ذهب إليه العامة .
إن بين عصرنا وعصر الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ أكثر من ألف عام والتطور البشري مستمر فإن الكثير من القضايا والمسائل الإنسانية لم تكن في الصدر الأول والأصل عند الفقهاء في كل هذه المسائل هو الإباحة !! فأين التوقف الذي ورد ذكره في الكتاب والسُنة وإذا كانت هذه المسألة صحيحة لما قسم النبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ الامور إلى حلال وحرام وشبهة كما قال الصادق ﴿عليه السلام﴾ : ﴿... وإنما الأمور ثلاثة : أمر بين رشده فيتبع ، وأمر بين غيه فيجتنب ، وأمر مشكل يرد علمه إلى الله وإلى رسوله ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك ، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم﴿[68]
ولا يتصور الإنسان أن بيان رشد الامور أو غيها يرجع إلى ما يتصوره العقل دون علم بل ان معرفة ذلك لا بد وأن تتم من قبل النبي آله ﴿عليهم السلام﴾ فَهُم المسؤولون عن تعريفنا برشد الامور وغيها وإذا جهلنا معرفة أي أمر من الامور كان ذلك الأمر شبهة يجب أن نتوقف عندها وأن لا نتعدى حدود الله .
إن الغريب عند الفقهاء إنهم دائماً يستغلون بعض الأمثلة التي يتقبلها العقل الإنساني دون نظر لكي يثبتوا قواعدهم ويخفون العديد من المسائل التي لم تكن في الصدر الأول كمسألة التلقيح الاصطناعي فقد استند الفقهاء إلى الإباحة حتى وأن كانت النطفة التي تلقح بها المرأة من رجل أجنبي﴿[69] !! فهل هذا يرضي الله تعالى ؟؟

في نهاية هذا الفصل بل في نهاية هذا الباب نقول : ان الله قد جعل العقل هو الفيصل في معرفة الصادق على الله فيصدقة والكاذب على الله فيكذبه وقد بينا ما قاله الفقهاء وما قاله الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ فليس لنا رأي في الدين لأننا مأمورون بالتسليم لآل محمد ﴿عليهم السلام﴾ وللقارئ عقل فله ان يحكمه في معرفة الصواب مما تقدم في هذا الباب لأن العقل هو الحجة ما بين الرب والعبد والله حث الناس ان يعقلوا وخير الناس عقل خيرهم طاعة لربه والله أمرنا أن نطيعه ورسوله وأولي الأمر ﴿عليهم السلام﴾ ولا يسعنا إلا الإمتثال لأمر الله أنه نعم المولى ونعم النصير والحمد لله رب العالمين .





((هذا الموضوع ومواضيع أخرى تجدونها في كتابنا سقيفة الغيبة))


[1]
-زهر الربيع – السيد نعمة الله الجزائري - ص 30
[2]
-سورة الاعراف آية 12
[3]
-البحر المحيط - ج6- ص239
[4]
-سورة الإسراء آية 23
[5]
-الكافي - الشيخ الكليني - ج 2 - ص 348
[6]
-من لا يحضره الفقيه - الشيخ الصدوق - ج 4 - ص 118 – 119\ الكافي - الشيخ الكليني - ج 7 - ص 299 – 300 \ تهذيب الأحكام - الشيخ الطوسي - ج 10 - ص 184
[7]
-المحاسن - أحمد بن محمد بن خالد البرقي - ج 1 - ص 214
[8]
-مستدرك الوسائل - الميرزا النوري - ج 17 - ص 264 - 265
[9]
-بحار الأنوار - العلامة المجلسي-ج 2 - ص84\ الحدائق الناضرة - المحقق البحراني- ج 1 - ص 62
[10]
-علل الشرائع - الشيخ الصدوق - ج 1 - ص 87
[11]
-وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص45
[12]
-المصدر السابق - ص 45 – 46
[13]
-الكافي - الشيخ الكليني - ج 2 - ص 348
[14]
-وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 41
[15]
-الفصول المهمة في أصول الأئمة - الحر العاملي - ج 1 - ص 454
[16]
-الأمثل فيتفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج 17 - ص 480
[17]
-أصول الفقه - الشيخ محمد رضا المظفر - ج 3 - ص 202
[18]
-أصول الفقه - الشيخ محمد رضا المظفر - ج 3 - ص 204 - 206
[19]
-الأصول العامة للفقه المقارن - السيد محمد تقي الحكيم - ص 317
[20]
-وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 45
[21]
-البحر المحيط -ج6 - ص239
[22]
-معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة -ج1 - ص174
[23]
-الذريعة - السيد المرتضى - ج 2 - ص 675
[24]
-نفس المصدر السابق - ص 677
[25]
-الذريعة - السيد المرتضى - ج 2 صفحة 677
[26]
-فقه الرضا - علي بنبابويه - ص 280
[27]
-معارج الأصول - المحقق الحلي - ص 183
[28]
-أصول الفقه - الشيخ محمد رضا المظفر - ج 3 - ص 202 - 204
[29]
-نفس المصدر السابق - ص 190
[30]
-وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 43
[31]
-وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 45 – 46
[32]
-الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 57
[33]
-معارج الأصول - المحقق الحلي - ص 183
[34]
-الغدير - الشيخ الأميني - ج 5 - ص 48
[35]
-الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 254
[36]
-المصدر السابق - ص 253 - 254
[37]
-المعجم الوسيط - تأليف/ إبراهيم مصطفى ـ أحمد الزيات ـ حامد عبد القادر ـ محمد النجار/ج2 -ص849
[38]
-لسان العرب - أبن منظور - ج 10 - ص 494
[39]
-معجم ألفاظ الفقه الجعفري - الدكتور أحمد فتح الله - ص 127
[40]
-الموسوعة الفقهية الكويتية - المؤلف : وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية بالكويت ج2
[41]
-نفس المصدر السابق
[42]
-شرح جمع الجوامع - ج 2 - ص 319 ، 341 / تسهيل الفصول- ص 224
[43]
-البحر المحيط – ج7 - ص 105
[44]
-حاشية العطار على شرح الجلال المحلى على جمع الجوامع - الْكِتَابُ الرَّابِعُ فِي الْقِيَاسِ مِنْ الْأدلة الشَّرْعِيَّةِ
[45]
-معارج الأصول - المحقق الحلي - ص 185
[46]
-دروس في علم الأصول - السيد محمد باقر الصدر – ج1 - ص 195
[47]
-نفس المصدر السابق - ص 197
[48]
-نفس المصدر السابق - ص -197 - 198
[49]
-الفصول المهمة في أصول الأئمة - الحر العاملي - ج 1 - ص 533
[50]
-كمال الدين وتمام النعمة - الشيخ الصدوق - ص 324 \ بحار الأنوار-العلامة المجلسي-ج2-ص303
[51]
-الفوائد الرجالية - السيد بحر العلوم - ج 3 - ص 214
[52]
-أدوار الفقه الإمامي – المحقق العلامة الشيخ جعفر السبحاني – ص100
[53]
-الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 57
[54]
-شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج 2 - هامش ص 257
[55]
-نفس المصدر السابق - هامش ص 271
[56]
-دروس في علم الأصول - السيد محمد باقر الصدر - ج 2 - ص 120
[57]
-وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 43
[58]
-المصدر السابق - ج 18 - ص 25
[59]
-تحريرات في الأصول - السيد مصطفى الخميني - ج 6 - ص 264
[60]
-المصدر السابق - ص 264 - 265
[61]
-وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 136
[62]
-الاجتهاد عند الشيعة الإمامية – الدكتور الشيخ عدنان فرحان آل قاسم - ص53
[63]
-الموسوعة الفقهية الميسرة - الشيخ محمد علي الأنصاري - ج 4 - ص 332 - 333
[64]
- دراسات في فلسفة اصول الفقه والشريعة ونظرية المقاصد – الشيخ علي حب الله – ص11
[65]
-دراسات في فلسفة اصول الفقه والشريعة ونظرية المقاصد – الشيخ علي حب الله - ص270
[66]
-سورة الاسراء آية 36
[67]
-المستصفى - الغزالي - ص 117
[68]
-الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 68
[69]
-راجع فتوى السيد الخامنئي وغيره والتي قد ذكرناها في نهاية بحث الاجتهاد عند الإمامية





0 التعليقات:

إرسال تعليق