Ads 468x60px

الجمعة، 31 أغسطس 2012

فلسفة صلاح الكون

فلسفة صلاح الكون


لقد ثبت ان هناك ترابط بين افعال الانسان وما يقع ويحصل في المحيط الذي يعيش فيه فان في الكون نظاما عجيبا وتناسقا ليس له مثيل ولكن بين الحين والاخر هناك من يعبث بذلك النظام ويحصل ذلك من خلال اعمال الانسان وافعاله فقد قيل اذا صلحت العباد صلحت البلاد واذا فسدت العباد فسدت البلاد فما معنى ذلك وما علاقة صلاح الكون وفساده بصلاح وفساد العباد ، نرجع الى الوراء حيث بدأت الحياة على وجه الارض ووجد البشر حيث كان ادم ابو البشر وامنا حواء جنبا الى جنب يعبدون الله خالق كل شيء يصلحون ولا يفسدون لقد من الله عليهم بالاولاد وطول مدة عيشهم تجد ان هابيل وقابيل يعيشون وسط الحيوانات التي تسمى في وقتنا الان بالحيوانات المفترسة حيث كانوا يلعبون مع تلك الحيوانات فلا تاكلهم ويلعب الاطفال بالحية والعقرب فلا تؤذيهم وترعى الشاة مع الذئب فلا ياكلها والصلاح في كل مكان فالحيوانات تعيش بسلام والنباتات مثمرة ومباركة والارض عامرة خضراء صالحة ,كل شيء كان جميلا مادام بني ادم صالحين وفي ذات يوم عندما قتل الاخ اخاه(عندما قتل قابيل هابيل) فقد تحقق الفساد والظلم و فسدت نفس قابيل وظلم اخيه فما الذي جرى ياترى ؟ لقد نفرت الحيوانات من بعضها وراح يفترس بعضها البعض صار الاطفال يخافون الحية والعقرب لانها تؤذيهم, فسد الزرع في الارض فقد ورد عن ابي عبد الله(عليه السلام) قال:- (كانت الوحوش والطير والسباع وكل شيء خلق الله عزوجل مختلطا بعضه ببعض فلما قتل ابن ادم اخاه نفرت وفزعت فذهب كل شيء الى شكله).
وهنالك روايات كثيرة في هذا الصدد لا حاجة للاطالة في ذكرها ونكتفي فيما ذكر وهذه الرواية التي ذكرتها تؤكد وبوضوح الترابط بين افعال العباد وصلاح او فساد البلاد اما علة ذلك الترابط وتلك العلاقة فتعود الى التلاعب بالميزان الذي وضعه الله حينما خلق الخلق قال تعالى: {وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ *أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ }الرحمن8 فأن المولى تبارك وتعالى لم يخلق خلقه وتركهم من غير قانون او دستور او معادلة تكفل لهم الاصلاح والعيش بهناء فقد وضع المولى سبحانه وتعالى لهم ماهو كفيل بسعادتهم وصلاحهم من قوانين الهية ومبادئ سماوية سماها (الميزان) قد حذر سبحانه وتعالى من الطغيان بالميزان لان ذلك يتسبب في اختلال النظم وبالتالي فساد الكون والبلاد ولكن وللاسف الشديد ان الناس قاموا باستبدال الاوزان الالهيه بالاوزان الشيطانية واثروا الميزان الشيطاني على الميزان الالهي مما تسبب في افساد الكون وانحراف المجتمعات وقلة الخيرات وذهاب البركات لذا فان مقتضى رحمة الله بالعباد والبلاد دعا الله سبحانه وتعالى الى ارسال الرسل من اجل اصلاح تلك الموازين واعادتها الى وضعها الطبيعي الذي اراده الله فيحصل بذلك صلاح الكون قال تعالى : {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ} الحديد 25، وكل ذلك من اجل الصلاح الذي لايكون الا عن طريق هؤلاء الرسل والانبياء الذين يدعون الناس للهداية لان الصلاح المطلوب والمنشود لايكون الا بصلاح الناس عن طريق هدايتهم ورجوعهم الى الله واخذهم بتعاليمه ومبادئه السماوية التي هي كفيلة باصلاح الميزان واعتدال الكفة ولكن ولما كان المهتدين قليلين وجزء من المجتمع وليس الكل فان الاصلاح يكون جزئيا وقد استمر هذا الحال الى زمن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فقد عظم الاصلاح في الكون بعظم الاسلام ومبادئه وانتشاره وتطبيق تعاليمه لكن النتيجة والمحصلة الاخيرة ان الاصلاح بقي جزئيا واستمرا الحال الى يومنا هذا فان الاصلاح المنشود الكلي لايكون الا بصلاح كل البشر وانتشار العدل في كل مكان وازالة الظلم والفساد فمتى ماتحقق ذلك صلح الكون كله واخرجت الارض كنوزها وعادت البركة الى محالها ومن المعلوم ان ذلك لايكون الا في زمن الامام المهدي (عليه السلام) الذي سوف ياتي لكي يصلح الميزان الالهي الذي انقلب وللاسف بسبب الطغيان الكبير فيه فقد ورد هذا المعنى في احاديث اهل البيت (عليه السلام) التي تصف اهل ذلك الزمان وكيف انهم لم يتركوا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم يكتفوا يامروا بالمنكر وينهون عن المعروف بل تعدى ذلك فصاروا يرون بان المعروف منكرا والمنكر معروفا ، فقد ورد عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال النبي (صلى الله عليه واله وسلم) : ( كيف بكم اذا فسدت نسائكم وفسق شبابكم ولم تامروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر ، فقيل له آويكون ذلك يارسول الله ؟ فقال : نعم وشر من ذلك كيف بكم اذا امرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف ، فقيل له : يارسول الله آويكون ذلك ؟ قال : نعم وشر من ذلك كيف بكم اذا رايتم المعروف منكرا والمنكر معروفا ).
كما انهم اصبحوا يصدقون الكاذب ويكذبون الصادق ويعملون بالقوانين الوضعية الارضية ويتركوا القوانين الالهيه السماوية فقد جاء عن الاصبغ بن نباته قال : ( سمعت عليا (عليه السلام) يقول : ان بين يدي القائم سنين خداعه ، يكذب فيها الصادق ، ويصدق فيها الكاذب ، ويقرب فيها الماحل وفي حديث “ وينطق فيها الرويبضة “ فقلت : وما الرويبضة ؟ وما الماحل ؟ قال : اوما تقروؤن القران قوله :{ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ }الرعد13 ، قال : يريد المكر ، فقلت: وما الماحل ؟ قال: يريد المكار ) وبعد ذكر هذه الامثلة اقول بربكم اليس هذا قلبا للموازين الالهيه واليس هذا يعني انكفاء الميزان الالهي نتيجة للطغيان الحاصل في المجتمعات الاسلامية اليس هذا معناه انتشار الظلم والفساد ولم يعد هناك مجال للعمل الصالح الا يعني هذا اننا وللاسف تركنا العمل بالقوانين الالهية والتعاليم السماوية والمبادئ السامية وفي خضم هذا الصراع نرفع ايدينا الى سيدنا والهنا ومولانا وخالقنا داعين منيبين راجين الصلاح الذي لا يكون الا على يد الامام المهدي (عليه السلام) المصلح الكوني ونمد ايدينا الى مولانا صاحب العصر والزمان ونقول هلم الينا ياابن فاطمة فان دين جدك حرف وكتاب ربك هجر والمؤمنين مستضعفين منتظرين لاخائفين ولا وجلين هلم الينا لتصلح نفوسنا واهلينا وما حولنا فان الاصلاح منوط بك وحدك لانك وحدك من يستطيع ان يعيد الميزان الى وضعه ويعيد للكون توازنه بما تاتي به من تعاليم الهية تتكفل بهداية المهتدين وقمع الكافرين والمنافقين فيسود الارض العدل ويعم القسط ارجاء الارض ويزال الظلم والجور وبذلك يصلح الكون حتى يعود الصبيان يلعبون بالحية والعقرب فلا تؤذيهم وترعى الشاه مع الذئب فلا ياكلها وتامن الناس من السباع فقد ورد عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى { وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ } التوبة 36 ، لا يبقى صاحب مله الا صار الى الاسلام حتى تامن الشاة من الذئب والبقر والغنم والانسان من الحية حتى لاتقرض الفارة جرابا وذلك عند قيام القائم (عليه السلام) .
وعن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في حديث طويل (... حتى يدخل الوليد يده في جحر الحية فلا تضره وتنضر الوليده الاسد فلا يضرها ويكون الذئب في الغنم كانه كلبها...). ولا يكون ذلك الا بسبب صلاح الناس وهدايتهم وسيرتهم واتباعهم للحق فيعتدل بذلك الميزان الالهي فيصلح الكون كله من جديد كما كان عليه في زمن ادم (عليه السلام) .

ان هناك نظرية تقول ان الموجودات تتاثر بافعال البشر اي ان جميع المخلوقات من حيوانات ونباتات وجمادات كلها تتاثر سلبا او ايجابا بافعال واقوال البشر فان عمل صالحا او قال قولا طيبا انعكس ذلك على الموجودات وتاثرت به ايجابا كما كان يحصل في زمن ادم(ع) قبل ان يقتل قابيل هابيل حيث كان الاصلاح والعمل الصالح هو السائد والعدل هو القائم ولا وجود للظلم فكانت الحيوانات تعيش فيما بينها بسلام لا يعتدي بعضها على بعض والاطفال يلعبون مع الحيوانات فلا تؤذيهم فان عمل الانسان عملا باطلا او قال قولا خبيثا انعكس ذلك على الموجودات فنفرت الحيوانات بعضها من بعض وراحت تفترس الحيوانات بعضها البعض وصارت تؤذي الانسان وقلت بركة الارض وقد اثبتت الدراسات الحديثة ان اقوال الانسان وافعاله لها كم . وان الكلام اذا خرج من الفم يبقى محفوظ تحت طبقات الاوزون حتى ولو مرت عليه الاف السنين واذا ما استطاع الانسان من ايجاد اجهزة متطورة تستطيع تحليل الشحنات الصوتية الموجودة في الجو الى كلام بصورته الاصلية حينما صدر من قائله . فانه بذلك يستطيع اكتشاف الكثير من الحقائق ومعرفة الكثير من الامور الخافية علينا . ثم ان فعل الانسان ينقسم الى قول وعمل وكم القول اخف واقل من كم العمل لذا فهو يصعد بسرعة في الهواء اذا كان القول والكلام طيبا بينما العمل يرتفع في الهواء باقل سرعة من القول فقد قال تعالى { اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} فانه كما بينا ان الكلام الطيب ينطلق بسرعة في الجو بينما عبر عن العمل الصالح بالرفع وهم الملائكة حيث هم من يقوم بتسجيل الاعمال ورفعها ولكن ذلك منوط بالنية فكما ورد { انما الاعمال بالنيات} فالاصل في الرفع هي النية الخالصة لوجهه تعالى والافلا قبول ولارفع كما ان للاقوال والافعال حالة نورانية واخرى ظلمانية بحسب القول والعمل وصلاحهما او فسادهما فالاقوال الطيبة والاعمال الصالحة تكون حالتها نورانية اما اذا كانت الاقوال خبيثة والعمال فاسده وغير صالحة كانت بحالة ظلمانية ونتيجة لهذه النورانية والظلمانية وبقاء شحنات تلك الاقوال والاعمال في الارض حيث يكون منها المرتفع وهي الاقوال والاعمال الصالحة ومنها ما تقل وكثرت ظلمانية فلا يرتفع بل يبقى في الارض وهي الاقوال والاعمال الغير صالحة فيكون تاثر الموجودات بنتيجتها سلبا وبناء على ذلك فانه نتيجة الاقوال الخبيثة الغير طيبة والاعمال الغير صالحة تتاثر الموجودات بها فان ظلم الانسان وفساده يتناسب تناسبا طرديا مع فساد الكون والموجودات فكلما زاد ظلم الانسان وانتشر وكثر فساده في البر والبحر زاد فساد الكون والموجودات وهذا ما اثبته علماء الباراسيكولوجي حيث توصلوا الى ان النباتات تتاثر سلبا او ايجابا باقوال واعمال العباد وقد ورد في كلام لمولانا امير المؤمنين(ع) في نهج البلاغةقال فيه :(تخففوا تلحقوا فانما ماينتظر باولكم اخركم اتقوا الله في عباده وبلاده فانتم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم واطيعوا الله ولا تعصوه) كما ان ما يؤيد ماذهبنا اليه من صعود الكلم الطيب في الجو وارتفاع العمل الصالح اضافة الى مانص عليه القران الكريم هو قول الامام زين العابدين (ع) في الصحيفة السجادية حينما قال :(اللهم صل على محمد وال محمد صلاة تشحن بها الهواء وتملئ بها الارض والسماء) وبعد ان تبين هنا اقول ان النتيجة التي حصلنا عليها انه اذا صلح العباد صلحت البلاد لذا فان الامام المهدي(ع) حينما يقوم ويعلن ثورته وينشر العدل والانصاف ويقضي على الجور والظلم فيعم الصلاح في بني البشر كافة بعد ان يقضي على الظلمة والظالمين ولايبقى الا المؤمنين الصالحين الذين يعملون الصالحات من الاعمال ولا يقولون الا الحق تصلح الموجودات سواء اكانت حيوانات او نباتات او جمادات ويعم الاصلاح وينتشر في كل مكان وما ذلك الانتيجة لصلاح العباد وسيرهم في طريق الحق والهداية وفق الميزان الالهي الذي اعاد له التوازن الامام المهدي(ع) بعد ان اعاد العمل بالتعاليم والمبادئ الاسلامية الصحيحة التي هجرها الناس وتركوا العمل بها واتبعوا اهوائهم وملذاتهم وماتوحي به انفسهم الامارة بالسوء.






الموضوع من فكر السيد أبي عبد الله الحسين القحطاني












0 التعليقات:

إرسال تعليق