Ads 468x60px

الاثنين، 27 أغسطس 2012

دراسة جديدة تكشف اللبس الحاصل في زواج ابني آدم(ع)




قال تعالى {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أحدهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إليك لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ *إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ* فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ}( )
هناك الكثير من الأمور والمفاهيم التي نتداولها فيما بيننا ونعتبرها من البديهيات أو المسلمات التي لا تقبل النقاش أو حتى التفكر ، مع العلم إنها لا تمتلك الأساس الصحيح التي تقوم عليه ، ولا أدري هل إن ذلك التداول هو الذي يعطيها الصمود في أرض الواقع ، أو عدم وجود بديل لما هو مشهور بين الناس هو الذي يعزز رسوخها في الأذهان ، وفي كلتا الحالتين فإن النتيجة حصول الإلتباس وتفشي المفاهيم الفاسدة في المجتمع المسلم والتي تشكل ثغرات عديدة تؤدي إلى زعزعة يقين بعض الأفراده بدينهم الحنيف ، وإيجاد نقاط ضعف أمام المتصيدين في الماء العكر وأعطاء فرصة للطعن في الأسس التي يقوم عليها الدين الإسلامي واظهار ما يطرحونه على بقية الأديان بأنه من المتناقضات التي يعيشها المسلمون ، ولقد ناقش الكثير من المستشرقين بعض هذه الإلتباسات في كتبهم ومن ثم أظهارها من المتعارضات مع مقومات الدين الإسلامي التي تعلنها آيات القرآن .
ولشديد الأسف فإن بعض العلماء يقوم بطرح هذه الإشكالات أو الإلتباسات مع ذكر الآراء المتعارضة فيها من باب العرض دون تأكيد بطلان الرأي الفاسد أو تأكيد الرأي الصالح ، وإن حصل ذلك فيكون على شكل مقتضب أما البعض الآخر منهم فيتجنب الولوج في هكذا أمر خشية تعرض سمعته العالمية للخطر .
ومن هذه الإلتباسات التي اختلف فيها المسلمون هي زواج ابني آدم (عليه السلام) وتكوين النسل .
فمنهم من قال إن الله تعالى قد أمر آدم أن يُنكح قابيل أخت هابيل التوأم وأن ينكح هابيل أخت قابيل التوأم فرضي هابيل ورفض قابيل لأن أخته كانت أحسنهما ، فاعترض قابيل على آدم (عليه السلام) بقوله : ما أمر الله بهذا وهو من رأيك ، عندها أمرهما آدم (عليه السلام) أن يقربا قرباناً إلى الله تعالى ليكون ذلك حلاً للغيرة التي وقعت بينهما على أختيهما ، فتقبل الله قربان هابيل ولم يتقبل من قابيل قربانه ، فغضب قابيل على هابيل وقتله .
واستدلوا بذلك على روايات أخبار ضعيفة أسندوها للأئمة المعصومين(عليهم السلام) غير آخذين بنظر الإعتبار معارضتها لكتاب الله عز وجل ومخالفتها للسنة النبوية الشريفة بل ومعارضتها لروايات أئمة الهدى أنفسهم (عليهم السلام) وهي لا تتلائم مع قدرة الله سبحانه وتعالى القادر على خلق كل شيء وهو الذي يأمر بالحلال وينهى عن الحرام .
والرأي الثاني ذهب قائليه إلى الجزم بأن الله تبارك وتعالى قد زوج هابيل وقابيل من الأوادم الذين سبقوا خلق أبونا آدم(عليه السلام) ولا أدري من أين جاءوا بهذه الفكرة أم إن الكلام يطلق جزافاً من غير دليل ؟ بل إن كلامهم هذا متعارض أصلاً مع روايات أئمة الهدى (عليهم السلام) التي تذكر بوضوح إن المولى عز وجل خلق قبل آدم (عليه السلام) الجن والنسناس ولم يخلق غيرهم .
فقد ورد عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : ( إن الله تبارك وتعالى أراد أن يخلق خلقاً بيده وذلك بعد ما مضى من الجن والنسناس في الأرض سبعة آلاف سنة – وساق الحديث- إلى أن قال تعالى إني أريد أن أخلق خلقاً بيدي واجعل ذريته أنبياء ومرسلين وعباداً صالحين وأئمة مهتدين واجعلهم خلفاء على خلقي في أرضي وأبيد النسناس من أرضي وأطهرها منهم وأنقل مردة الجن العصاة من بريتي وخلقي وخيرتي وأسكنهم في الهواء وفي أقطار الأرض ... وساق الحديث إلى قوله فخلق الله آدم(عليه السلام) ...)( ).
أما الرأي الأول فهو كما ذكرنا معارض لكتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وروايات أهل البيت (عليهم السلام) ، وحاشا الله أن يأمر بهذا المنكر ، لأنه تعالى يقول في كتابه {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً }( ).
وقد يقول أصحاب مثل هكذا رأي بأن هناك أخبار وردت عن أهل البيت تذكر هذا القول وتؤيد هذا الرأي .
أقول : إن الله سبحانه وتعالى يقول{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فإنتَهُوا} ( )ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) يقول : ( لو علمت إن آدم زوج ابنته من ابنه لزوجت زينب من القاسم وما كنت لأرغب عن دين آدم )( ).
وقد أكدت روايات عديدة بوجوب عرض الأحاديث والروايات على القرآن فعند موافقتها له يكون لزاماً علينا الأخذ بذلك الحديث أو الرواية ، ودون عملية العرض هذه لا يمكننا التمييز بين السليم والسقيم منها .
فقد ورد عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) : (إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نوراً ما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه ) ( ).
وهناك روايات كثيرة تفند هذا الرأي وتبطله تماماً ، سنوردها لاحقاً ، أما الرأي الصحيح فهو : إن الله سبحانه وتعالى أظهر عند بلوغ قابيل الجنية وأوصى إلى آدم أن يزوجها منه ففعل ذلك آدم ورضي وقنع قابيل بذلك ، ولما بلغ هابيل أظهر الله له حوراء وأوصى إلى آدم أن يزوجها من هابيل ، ففعل ذلك وكان النسل والذرية .
فقد جاء في تفسير العياشي عن سليمان بن خالد قال : ( قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) جعلت فداك إن الناس يزعمون إن آدم زوج ابنته من ابنه ، فقال أبو عبد الله (عليه السلام) قد قال الناس ذلك ولكن يا سليمان أما علمت إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قال لو علمت إن آدم زوج ابنته من ابنه لزوجت زينب من القاسم وما كنت لأرغب عن دين آدم .
فقلت جعلت فداك إنهم يزعمون إن قابيل إنما قتل هابيل لأنهما تغايرا على أختهما ، فقال يا سليمان تقول هذا أما تستحي أن تروي هذا على نبي الله آدم ؟ فقلت جعلت فداك ففيم قتل قابيل هابيل ؟ فقال في الوصية ، ثم قال لي يا سليمان إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى آدم أن يدفع الوصية واسم الله الأعظم إلى هابيل وكان قابيل أكبر منه فبلغ ذلك قابيل فغضب فقال أنا أولى بالكرامة والوصية فأمرهما أن يقربا قرباناً بوحي من الله إليه ففعلا ، فقبل الله قربان هابيل فحسده قابيل فقتله .
فقلت له جعلت فداك ، فممن تناسل ولد آدم هل كانت أنثى غير حواء ؟ وهل كان ذكر غير آدم ؟ فقال يا سليمان إن الله تبارك وتعالى رزق أدم من حواء قابيل وكان ذكر وولد له من بعده هابيل فلما أدرك قابيل ما أدرك الرجال أظهر الله له جنية وأوحى إلى آدم أن يزوجها قابيل ففعل ذلك آدم ورضي بها وقنع ، فلما بلغ هابيل ما يدرك الرجال أظهر الله له حوراء وأوحى الله إلى آدم أن يزوجها من هابيل ففعل ذلك ، فقتل هابيل والحوراء حامل ...)( ).
تذكر الروايات إن إبليس الملعون كان يأتي إلى آدم وحواء (عليهما السلام) في الجنة وجهاً لوجه ولا يستطيع أن يجري في دم الإنسان مجرى الدم في العروق ، لأنه ليس لديه موطئ قدم أو أساس في جسم الإنسان ، ولم يكن جريانه في جسم الإنسان إلا وفق الأسباب الطبيعية ، لأن الله تعالى أبى أن يجري الأمور إلا بأسبابها ، وحدث ذلك بعد المحاورة التي كانت بين المولى عز وجل وآدم من جهة وبينه سبحانه وإبليس من جهة أخرى والتي وقعت بعد أخراج آدم وحواء من الجنة ونزولهما إلى الأرض .
ومن المفيد هنا التذكير بقوله تعالى حكاية عن إبليس بعد رفضه السجود {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فإن جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُوراً وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأولادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراًً} ( ).
أما المحاورة التي حصلت بين المولى سبحانه وكل من آدم وإبليس فهي كالتالي : فقد ورد عن جابر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قال : ( كان إبليس أول من ناح وأول من تغنى وأول من حدا قال : لما أكل آدم من الشجرة تغنى فلما اهبط حدا به فلما استقر على الأرض ناح فأذكره ما في الجنة ، فقال آدم : رب هذا الذي جعلت بيني وبينه العداوة لم أقوى عليه وأنا في الجنة وإن لم تعني عليه لم أقوى عليه ، فقال الله : السيئة بالسيئة والحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة قال : رب زدني قال : لا يولد لك ولد إلا جعلت معه ملكاً أو ملكين يحفظانه قال ربي زدني قال : التوبة مفروضة على الجسم ما دام فيها روح قال ربي زدني قال أغفر الذنوب ولا أبالي قال حسبي . قال فقال إبليس : ربي هذا الذي كرمت عليّ وفضلته وإن لم تفضل عليّ لم أقوى عليه . قال : لا يولد له ولد إلا ولد لك ولدان قال ربي زدني قال تجري منه مجرى الدم في العروق قال ربي زدني تتخذ أنت وذريتك في صدورهم مساكن ، قال ربي زدني ، قال : تعدهم وتمنيهم {وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً }) ( ).
فكانت حكمة الله عز وجل باظهار الجنية وتزويجها بقابيل ، فالجنية من الجن وإبليس أيضاً من الجن . قال تعالى : {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إبليس كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ }( ).
وبالتالي يكون ذلك تأسيس لجانب الشيطان الذي يمثل الشر في جسم الإنسان ، وأما اظهار الحورية وتزويجها لهابيل فهو تأسيس لجانب الرحمن في جسم الإنسان ، لأن هذه الحورية من الملائكة وهي تمثل الخير ، وبالتالي عند اختلاط النسل تكون الذرية عبر التزاوج بين ذريتي ابني آدم فيكون الإنسان حاملاً لجانبي الخير والشر ، الرحمن والشيطان ، وبالتحديد يكون ذلك في القلب ، وهذان الجانبان ينتقلن عن طريق الوراثة في ذرية آدم ، وقد اختلط النسل ، وهذا الأختلاط هو الذي سبب الإلهام في قوله تعالى {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}( ).
وقد رد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ما يوافق ذلك فقد ورد عن أبي عمير عن حماد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ( ما من قلب إلا وله اذنان على أحدهما ملك مرشد وعلى الآخر شيطان مفتن هذا يأمره وهذا يزجره ، الشيطان يأمر بالمعاصي ، والملك يزجره عنها وهو قول الله عز وجل {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ })( ).
وقد يقول قائل كيف يظهر أو ينزل الله الجنية والحورية فيزوجهما لكل من هابيل وقابيل وهذا خلاف العادة .
أقول : إن الله قادر على كل شيء فقد أنزل الحجر الأسود وهو ملك من الملائكة ، وكذلك قصة الملكين هاروت وماروت الذين أنزلهما الله عز وجل معروفة ، فما المانع من نزول أو اظهار الجنية والحورية ومن ثم تزويجهما لأبني آدم (عليه السلام) .
وأخيراً أقول لأصحاب الرأي الأول ولمن يؤيدهم ويردد كلامهم من دون معرفة ، أقول لهم ما قاله الصادق (عليه السلام) : بأن بعض الحيوانات لا ترتضي نكاح أخواتها أو امهاتها وعندما نكروا لها ذلك ونزلت عليها وعلمت بذلك قتلت نفسها ، فكيف بالإنسان الذي فضله الله تعالى على سائر المخلوقات ، وقد وصف الإمام الصادق (عليه السلام) من يروجون هذا الكلام الباطل بأنهم رغبوا عن علم أهل البيت وأخذوا من حيث لم يؤمروا فصاروا إلى ما قد ترون من الضلالة والجهل .
فقد ورد في علل الشرائع عن زرارة إنه سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن بدأ النسل من آدم (عليه السلام) كيف كان وعن بدأ النسل من ذرية آدم فإن أناساً عندنا يقولون إن الله تعالى أوحى إلى آدم أن يزوج بناته بنيه وإن هذا الخلق كله أصله من الأخوة والأخوات فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : ( تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، يقول من قال هذا بأن الله عز وجل خلق صفوة خلقه وأحباءه وأنبياءه ورسله والمؤمنين والمؤمنان والمسلمين والمسلمات من حرام ولم يكن له من القدرة ما يخلقهم من حلال وقد أخذ ميثاقهم على الحلال والطهر الطاهر الطيب ، فوالله لقد تبينت إن بعض البهائم تنكرت له أخته فلما نزا عليها ونزل كشف له عنها فلما علم إنها أخته أخرج غرموله ثم قبض عليه بأسنانه حتى قطعه فخر ميتاً وآخر تنكرت له أمه ففعل هذا بعينه فكيف الإنسان في انسيته وفضله وعلمه ، غير إن جيلاً من هذا الخلق الذين ترون رغبوا عن علم أهل بيوتات انبيائهم وأخذوا من حيث لم يؤمروا بأخذه فصاروا إلى ما ترون من الضلال والجهل بالعلم ...) ( ).

نقلا عن الموسوعة القرآنية للسيد القحطاني


0 التعليقات:

إرسال تعليق