Ads 468x60px

الجمعة، 23 نوفمبر 2012

الرد على القول بقلة عدد الاخباريين وعمل بعضهم بالطرق الاجتهادية

الرد على القول بقلة عدد الاخباريين وعمل بعضهم بالطرق الاجتهادية








الرد على القول بقلة عدد الاخباريين وعمل بعضهم بالطرق الاجتهادية






المسألة (48) :بطلان احتجاجهم بقلة عدد الاخباريين :
يذكر ذلك في بعض السطور وهو من أعجب الأمور فعلاوة على مدح القلة وذم الكثرة والذي هو قانون قرآني صارم ، فإنه يشبه احتجاج النصارى على الإسلام واحتجاج السنة على الشيعة فعجباً لإمامي يحتج بالكثرة والقلة وهو يدعي موالاة علي (عليه السلام) الذي كان معه أربعة فقط تخلفوا عن سقيفة بني ساعدة من بين عشرة آلاف أو ما يزيد !
بل هذه حسنة لم يذكرها الإخباريون لصالحهم ! فطالما نوّه الإمام الصادق (عليه السلام) عن قلة المؤمنين جرياً مع القرآن وكثيراً ما كان يفخر بتلاميذه القلة ويشير إليهم قائلاً :
] أن هؤلاء لشرذمة قليلون [
فكأنّه (عليه السلام) يشير إلى أن هذا القول من ( الفراعنة ) يوجب المدح لا الذم .

المسألة (49): بطلان احتجاجهم بعمل بعض الإخباريين :
قيل كأنّهم خالفوا في عملهم ما اعتقدوه ، أو أعلنوا عدم وجود فرق جوهري كما فعل يوسف البحراني في الحدائق (1)، أو قسّموا الحديث كما يفعل الأصوليون أو رجع بعضهم فدرس أو درّس الأصول كما حدث في هذا الزمان .
وأنا أزيدهم على ذلك أنّهم اتفقوا معهم أيضاً في شيء من مباحث الألفاظ وحجّية الإجماع أحيانا في مواضع بشروط وبغيرها .
لكن هذا بعيد عن موضوع البحث فلو تحوّل كلّ الإخباريين الى أصوليين ولم يبق الا واحد فهو حجّة على الباقين إن كان على الحقّ وهم على باطل .
فقد ورد في الحديث القدسي قوله تعالى :
] ولولم يكن في الدنيا الا واحداً من عبيدي مؤمن لإستغنيت به عن جميع خلقي ولجعلت له من إيمانه أنسا لا يستوحش إلى أحد [ (2)
وورد في نص آخر من الحديث القدسي :
] .. ولو لم يكن من خلقي في الأرض فيما بين المشرق والمغرب الا مؤمن واحد مع إمام عادل لاستغنيت بعبادتهما عن جميع ما خلقت في ارضي ولقامت سبع سموات وارضين بهما [ (3).
وهذا متفق مع كلام الله في القرآن حيث قامت الحجّة على القرى بعددٍ قليلٍ من المؤمنين وبواحد في القرية التي جاءها المرسلون هو مؤمن آل ياسين وأهلك الله الآخرين(4).
فهذا الاحتجاج يشبه الاحتجاج بالكثرة وهو فرع عليه . ومع ذلك فإن مثل هذا قد حدث في الجهة المقابلة فهو إذن مردود بنفسه حيث منع بعض الأصوليين من الملازمة كصاحب الفصول وأنكر بعضهم الثمرة كالصدر فشأن هذا الأمر في الفرقتين واحدٌ ، فلا يصلح للاحتجاج به سواء وقع أو لم يقع.
لكني أتسائل لماذا هذا الإنكار للمسلمات والتشبث بالشبهات العقيمة ؟ ! . فمن ذا لا يدرك أن العقل حجّة بيد أنّه على العبد وليس له ولله وليس عليه ذلك لأنه يقر بالنقص وعدم الاكتمال وهذا هو حكمه الذي اعترف به علماء الطبيعة والفلاسفة الماديون رغم إنكارهم الوحي واعتمادهم الكلّي على العقل وحاولوا طوال ستة آلاف سنة إعادة تقييم معطيات العقل وأحكامه لهذا السبب لا لسواه .
ها هم يستشهدون بالنص و يخفون جزء منه في موضوع العقل كما فعل أسلافهم حيث قال تعالى :
] وتخفون كثيراً [
فاستشهدوا بحديث قدسي في العقل وأزالوا عبارة منه هي الأساس في فهم الحديث لمن لا يفهم – وهو حديث الإمام الباقر (عليه السلام) :
] لما خلق الله العقل قال له اقبل فاقبل ثم قال له أدبر فأدبر ثم قال له و عزتي و جلالي ما خلقت خلقاً هو أحب إلي منك ولا اكملتك الا فيمن أحب إليه ،.أما إني إياك آمر وإياك أنهى وإياك أعاقب وإياك أثيب [(5)
لم ينتبهوا إلى أن العقل يقبل ويدبر في النص ومع ذلك فإنهم أخذوا النص المروي بطرق أخرى عامية والذي اختفت فيه عبارة ] ولا أكملتك الا فيمن احب [ - مخالفين بذلك طرائقهم .
معلوم من الخطوط العرضية التي ذكرناها لنظرية الإدراك العقليّ في القرآن أن العقل غير كامل الا عند المعصوم (عليه السلام) وهو مصدر الخطاب فيرجع البحث إليه ويسقط موضوع حجّية العقل بالنسبة للمكلّفين وذلك هو من احبه الله.
ها هو النص يصرّح إذن أن العقل حجّة لله على العبد وبه يعاقب و يثيب وإيّاه يخاطب !
بالطبع وهل ينكر ذلك الا مكابر ؟ ولكن بماذا تحكم هذه الحجّة وفيمن ولمن ؟ هذا هو الموضوع فالأصولي يزعم قائلاً : أنّها تحكم لي على الشرع بالقطع وعدمه من خلال حكمها لي على الاشياء بالحسن والقبح . ونحن نقول له : لا والله ولا كرامة فإنّها تحكم عليك للشرع .
ولا مخرج له من هذا النص الا أن يدعي أن الله قد أحبه فاكمل عقله !
ومن ذا على وجه الأرض بلغه بكلِّ يقين أن الله احبه فاكمل عقله سوى علي بن أبي طالب (عليه السلام) حينما قال النبي (صلى الله عليه واله و سلم ) يوم خيبر :
] سأعطي الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّانه[
ألا تلاحظ التعريض بكلِّ الخلق في هذا النص بحيث أن هذا الرجل هو واحد اكتفى بوصفه أنّه يحب الله ورسوله وأنهما يحبانه وجعله سبباً في كونه ( كرّار غير فرّار لا يعود حتى يفتح الله عليه ) فهو واحد لا ثاني له .
فمن هذا الذي يدّعي أنّه محبوب الله أو حبيب الله ثالثاً بعد النبي وعلي (عليه السلام) حتى يزعم أنّه يأتينا بفتوحات عقليّة هي حجّة قاطعة بغض النظر عن الشرع ؟ من هذا الذي يرفع رأسه ويدّعي ذلك بعد أن انهزم المهاجرون والأنصار مع قائدهم وهم على حد تعبير المؤرخ ( يجبّنهم ويجبنونه ! ) ؟ .
إذا كان حكم العقل على هذه القيمة التي يدعيها الأصوليون فإني اسألهم إذن عن الفرق بين عقل المعصوم (عليه السلام) وعقل العقلاء وهو أحدهم حسب تعبيرهم أو رئيسهم حسب ما قال المظفر وغيره . فلنا أن نسأل عن سبب رئاسته عليهم ما دام حكمه العقليّ وحكمهم واحدٌ في القيمة ؟
وعلى خلاف ما يتوهم البعض فإن المستقلات العقليّة تبرّر الحكم العقليّ للذين كفروا وللضالين ! إذ لا يستطيع الأصولي أن يميز لنا أحكام هؤلاء من بين أحكام العقلاء كمجموع ! .
بل لا ادري كيف يتسنّى للأصولي نفسه الرد على الملاحدة والمشركين والكفار لأنهم سيحكمون عليه بما حكم به على نفسه فيقولون هذا حكمنا العقليّ ونحن أكثر عدداً منكم ! وهو حجّة عليكم لأننا عقلاء ! .
أيحسب هؤلاء أنّهم إذ يحكمون بحجّيةالظن بحكم عقليّ مستقل سينقذون الخلق من الضلالة ؟
أيحسب هؤلاء أن مشكلة الخلق هي عدم معرفة الأحكام ؟ أم يظن هؤلاء أن الدِّين هو الأحكام ؟ إذن فهؤلاء لم يدركوا بعد الأبجدية الأوّلى للدين .
فما الذي يدفعني لإلغاء المستقلات العقليّة وهي تناغم الهوى الذي في نفسي وتعلي من قدري ؟ هل تراني أذمّ ذاتي وأمقت عقلي فاقلـّل من شأنه أمام نفسي ؟ وهل رأيت شخصاً مولعاً بذم ذاته وفي عين الوقت يخطِّأ الآخرين ويزعم أنّه يقول الحقّ خلافاً لهم ؟
نعم . يوجد أناس من هذا النوع وأدعوا الله تعالى أن أكون أحدهم وأن يقبل توبتي وإسرافي فيما مضى من الزمان . لأن العلاقة مع الله هي هكذا متناقضة فلا عزّ في كنفه إلا بعد الذلّ له ولا حياة أبدية منه إلا بعد الموت في حبّه ولا علم يأتي منه إلا بعد الإقرار التام بالجهل ، ولا حسنة تكتب له وفي نفسه شيء من عبادة الذات أو الهوى ولا حكم شرعي يصيبه بعقله الا بعد التسليم بعدم قدرته على إصابته وإذا فعل عكس ذلك كلّه جنى عكس ذلك كلّه :
العاملي بسنده عن الحسن بن الجهم قال : سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول :] إن رجلاً في بني إسرائيل عبد الله أربعين سنة ثم قرب قرباناً فلم يقبل منه . فقال لنفسه : ما أوتيتُ الا من قبلك وما الذنب الا لك . قال : فأوحى الله إليه : ذمك لنفسك ( هذا ) افضل من عبادتك أربعين سنة [(6)!
فيا معشر الأصوليين : ذمّوا أنفسكم لحظة . قولوا مرة : ربنا لا علم لنا الا ما علمتنا كما قالت الملائكة ولا تدّعوا أنكم افضل من الملائكة لعل حسنة تكتب لكم هي خير من عبادتكم وفق الملازمة العقليّة .




هذا البحث القيم مقتبس من كتاب البحث الاصولي
للمرحوم عالم سبيط النيلي


الهوامش
(1) الفتوى والاجتهاد /97

(2) الجواهر السنية في الأحاديث القدسية /118 لمحمد بن الحسن العاملي .

(3)نفس المصدر /332 .

(4) انظر القصة في سورة يس .

(5) الجواهر السنية /323

(6) لجواهر السنية في الأحاديث القدسية للعاملي /355







  الكاتب: خادم المهدي 

0 التعليقات:

إرسال تعليق