Ads 468x60px

الخميس، 15 نوفمبر 2012

الثقلين يبينان بطلان مصطلح اتفاق العقلاء عند الاصوليين

الثقلين يبينان بطلان مصطلح اتفاق العقلاء عند الاصوليين








الثقلين يبينان بطلان مصطلح اتفاق العقلاء عند الاصوليين





المرحوم
عالم سبيط النيلي

الثقلين يبينان بطلان مصطلح اتفاق العقلاء الاصوليين






المسألة (25) : في نقض اصطلاحهم المسمى ( اتفاق العقلاء ) عن طريق النصوص من القرآن والسنة :


إن هذا الاصطلاح ساقط عن الاعتبار من كلّ الوجوه إذ المعلوم أنّه من تنظير الذين لا يؤمنون بالوحي فقد تبنّاه الفلاسفة حيث لا يوجد أمامهم للحكم على الاشياء الا العقل فاجتهدوا في إثبات حجّيته في نظرية المعرفة ، ونقد الأسس التي تقوم عليها عملية الإدراك للتوصل إلى حكم يقيني بالأشياء فلم يفلحوا ولن يفلحوا إذ لا مخرج من حكم الله:
(( و له اسلم من في السماوات والأرض طوعاً و كرها ))

وقد دافع عنه الماديون وهو من تنظيرات الماركسية المعروفة . وقد أشار المحقـِّق ( الصدر ) إلى أن عملية الاستقراء ولو كانت كاملة الاّ أنّها لن تصل إلى درجة اليقين . وعلى ذلك ولأن الحكم العقليّ المستقل لا طريق له الاّ الاستقراء ، فإن اليقين والذي هو ذاته (القطع)متعذر بهذه العملية .
لكن الغريب أن المحقـّق لم يقم بإلغاء المستقلات العقليّة ولم ينتبه إلى أنّها أصلاً غير قطعية فكيف يقطع العقل بحجّيتها بقطع آخر مستقلاً ؟ . نعم يفهم من بعض عباراته أنّه أراد إنكارها بطريقة غير مباشرة وذلك بنفي وجود ثمرة من البحث فيها على ما سيأتي في موضعه إنشاء الله .

ومع ذلك فإن اصطلاح ( اتفاق العقلاء ) مخالف للنص القرآني و للسنّة فقد قال تعالى على ما ذكره من كلام الذين كفروا :

((وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا من أصحاب السعير ))

وإذن فهؤلاء يقرّون بأنّهم غير عقلاء مع أنّهم من جملة النوع المقصود به في الاصطلاح .
بل تدخل أمم منهم النار :

((كلّما دخلت أمة لعنت أختها))


فهؤلاء أمم من العقلاء لم ينفعهم اتفاقهم في الحكم الا في دخول النار .

وقال تعالى :

((أتحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون أن هم الا كالأنعام بل هم أضل سبيل))


وإذا كان الأكثرية غير عقلاء فمن أين يأتي اتفاقهم على الحسن والقبح ؟ بل يبدو منه العكس وهو اتفاقهم على قلب المعادلة حيث جعلوا القبيح حسناً والحسن قبيحاً .

بل إن أهل الإيمان أنفسهم غير مكتملي العقول ولذلك جاء التعليل بعد ذكر بعض الأحكام والتنبيهات إلى الآيات بقوله تعالى :

((لعلكم تعقلون ))


فإن التعليل يفيد العكس ، يفيد أن الحكم إذ جاء فلأجل أن نتعقل وليس ما ذكروه وهو أننا عقلاء جداً . والمفروض على المشّرع أن ينزل الحكم الشرعي على مقتضى حكمنا العقليّ أو يتوجب ذلك على زعمهم .

وليس هذا الادعاء بجديد فإن ناتجه الوحيد أننا نعلِّم الله ـ سبحانه وتعالى عمّا يصفون ـ بالدِّين وليس هوا لذي يعلِّمنا !! بل هو ادعاء قديم ردّ عليه القرآن . قال تعالى :

((قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكلِّ شيء عليم))

الحجرات 16 / 49


فالتعليل في قوله تعالى (( لعلكم تعقلون )) - خطاب موجّه للمؤمنين وهم مجموعة اقل بكثير من مجموعة العقلاء على الاصطلاح ويلزم منه أن المؤمن ناقص العقل ويكتمل بالخطاب ويعقل عن طريق الحكم الإلهي لا العكس .

بينما المصطلح المذكور قد جعل العقلاء مجموعة اكبر تضمّ الكافرين وجعل عقلها يحكم على الاشياء . وتسائل: هل يحكم هذا العقل بالحسن والقبح مستقلاً عن الشرع ؟ . فأجاب : نعم يحكم . ثم تسائل : هل يلزم من ذلك أن يكون الحكم الشرعي بمقتضى حكم هؤلاء العقلاء ؟ فأجاب : نعم يلزم . ثم تسائل ثالثاً : هل يلزم من هذه الملازمة أن يكون حكم العقل حجّة في ذاته بغض النظر عن حكم الشرع ؟ . فأجاب نعم يلزم ؟ فهو حجّة !! .

فانظر إلى هذا الترتيب الذي لخّصه المظفر لوضع الترتيب المنطقي لحجّية العقل جمعاً بين المقصد الثاني في الملازمات العقليّة و حجّية العقل .(1)

وهذا الترتيب غير منطقي وهو باطل من أول خطوة كما رأيت . وأما في الخطوة الثانية فإن الإله اصبح مألوها والمألوه اصبح إلها وتخلف الشرع وراء العقل .

وفي الخطوة الثالثة تمّ الانفصال تماماً عن الشرع ومؤداه الوحيد أن الشرع في الخطوة الثانية كان تابعاً ففصله حتى عن المتبوعية واصبح العقل إلها مستقلاً بذاته لذاته في غنى عن الإله الحقّ فهو حجّة بذاته لذاته .

وبالطبع لا ينفع بعد ذلك القسم المتبقي والمسمى ( غير المستقلات العقليّة ) لأنها أصبحت بعد القطع بحجّية العقل من توابع هذه الحجّة فهي تحمل إسماً ينفي استقلال العقل بها ولكن لا يمنع من مشاركة المشّرع في التشريع .



هذا البحث القيم مقتبس من كتاب البحث الاصولي

للمرحوم عالم سبيط النيلي



(1) اصول الفقه للمظفر / ج2 – 213 – 214-215 و / ج3 – حجّية العقل












الكاتب: خادم المهدي 

0 التعليقات:

إرسال تعليق