Ads 468x60px

الأربعاء، 14 نوفمبر 2012

الحكم العقليّ للمعصوم ع - تفسير جديد للعصمة

الحكم العقليّ للمعصوم ع - تفسير جديد للعصمة








النظرية القرآنية للإدراك العقليّ





الحكم العقليّ للمعصوم ( عليه السلام )







المرحوم
عالم سبيط النيلي

الحكم العقليّ للمعصوم تفسير جديد للعصمة





قالوا : أن النبي(صلى الله عليه واله وسلم ) لا يسمّى فقيهاً على الاصطلاح (1) .
أقول : من الظلم أن يسمّى فقيهاً على الاصطلاح ولكن لو كان الاصطلاح مأخوذاً من الخطاب الشرعي وغير متناقض معه لأنعكس الأمر إذ هو سيد الفقهاء بلا منازع . وذلك لأنّه يفقه الأحكام على التفصيل فهو لشدّة تفانيه في طاعة الله تخلّى عن مركزه الذاتي في الحكم العقليّ وسلم بحكم الله فأصبح الخطاب يدخل مباشرة إلى أوّليات العقل عنده ويأخذ كلّ خطاب عنوانه هناك وبالتأكيد فإن كم المعارف والمعلومات سيكون غير متناه لأن الخطاب هو تفصيل لكلّ شيء ولا يقف شيء حائلاً دون تعقّله فذاته ( صلى الله عليه واله ) فانية لا وجود لها مع الخطاب . وهذا هو السبب الوحيد لعصمته إذ من أين يأتيه الخطأ ومن أين يدخل إليه الباطل مع هذا التخلي التام عن الحكم الذاتي والتسليم التام للحكم الشرعي ؟
نعم . إن أساطين التنظير العقليّ المستقل للميتافيزيقيا أدركوا أن الإقرار بالعصمة هو المبطل لتنظيرهم ، ولذلك حاولوا أن يدسّوا فكرة خطأه في الأحكام ولو بالزراعة من خلال أمره بعدم تأبير( تلقيح ) النخل فظهرت نتائج عكسية ، أو من خلال القصة المفتعلة في نسيانه الوحي وثناءه على ( اللات والعزى ) ، غرانيقهم العُلى ! .
أما تلك القصة فأكذوبة لم يحكموا ترتيبها بحيث تصدّقها الناس ، وأما ذلك الأمر الزراعي فإنه أمر به رجلاً محدّداً لا كلّ الناس بشرط معين لا نعلمه ولو فعل الشرط لحمل النخل ولكنه لم يفعل ذلك الشرط المتعلِّق بنوع من اليقين والإيمان وهو مثل الذي مشى خلف المسيح ( عليه السلام ) على الماء خطوات فلما قال في نفسه : ها أنذا مثل المسيح غرق ، لظهور أنانيته وتبجّحه الفارغ كما اقرّ هو بعد إنقاذه من قبل المسيح ( عليه السلام ) . أراد المشككون أن يزعموا للناس أن الحكم الشرعي لا يفي بالتفاصيل وأنه يختلف عن الحكم الواقعي فلم يجدوا سوى تلفيق قصة وتزوير أخرى .
والغريب أن هذه القصة وهذا التزوير يتردّد كلّ حين في المجلات والدوريات ، وكلّ يوم يطلع لنا عبقري جديد يفسّر أخطاء النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) فلا أجد أحداً من علماء الدِّين قد تصدّى لشيء منها أو ردّ عليها مع ادعائهم عصمة النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) ! وما ذلك الاّ لأن مفهوم العصمة قد التبس عليهم بل تناقص مع الأصول. فتلك المقالات تخاطب ذواتهم وتناغم مشاعرهم ولذلك يصمتون إزاءها – لأنها متـّفقة مع المستقلات العقليّة ومبادئ القياس والاستحسان . ومن هنا أيضاً حاولوا نفي عصمته (صلى الله عليه واله وسلم ) ! في جهات دون جهات وخصّوها بالتبليغ فقط – في وقت لامحيص لهم فيه من الإذعان إلى أن كلّ أفعاله وأقواله وتقريراته هي من جملة الخطاب لأنها بمجموعها تسمى ( السنة ) ! الأمر الذي يتناقض مع تصديق القصص المزورة والملفقة عن خطأه .
ليس للنبي (صلى الله عليه واله وسلم )حكم عقليٌّ مستقل عن الحكم الشرعي ولابد أن يقرّ بذلك الأصوليون من حيث أنّه ليس بفقيه على الاصطلاح . وإذن فعليهم تفسير عصمته بما يضمن صحة المستقلات العقليّة وهو محال .
لقد أحلّت ذاته المقدسة حكم الله وطاعته بدلاً من طاعة نفسه ولذلك فلا حكم عنده يخرج عن الحكم الشرعي .
لكن حكمه ليس سابقاً على الحكم الإلهي كما يُتوهم فهو يحكم بعده دوماً لا قبله وهذا هو أمر رسل الله ( عليه السلام ) :
] ولقد أوحي إليك والى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين [ الزمر / 65
ولمّا كان ذلك حالهم جميعاً فإن تعدّدهم لا يؤدي إلى اختلافهم أو تناقض أقوالهم لأن حكمهم سيكون واحداً صادراً من الواحد . وإذا ظهر اختلاف أو بدا شيء من ذلك فإنه بسبب جهل المتلقي .. المتلقي الذي جعل كلام الله متناقضاً مع أنّه كتاب واحد ( من عند واحد ) ، فما بالك بكلام غيره ؟ .
ومثلما لا يسبق المعصوم حكم الله بحكم ذاتي فإنه لا يعقِّب عليه بحكم آخر وهذه قضية بالغة الأهمية . ولا نعني به عدم جوازه بحقّ المعصوم ( عليه السلام ) فقط بل نعني عدم إمكانه أصلاً لكلّ مخلوق . فالسبق غير ممكن أصلاً قال تعالى :
] أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون [
العنكبوت / 4
ومعنى ذلك أن حسابهم هذا هو حكم وهو من الأحكام السيئة إذ هو باطل فهو إذن ممتـنع في ذاته .
فإذا زعم الزاعم أنّه يحكم بحكم ويأتي الحكم الشرعي بمقتضاه فإنه قد حكم بإمكانية سبق الحكم الشرعي وحكمه هذا باطل . فالحكم الشرعي لن يأتي وفقه ، وإن رآه وفقه فهو وهم منه لا غير . وسبب ذلك هو ( المولوية ) ذاتها فالحكم هذا فاقد للنية ولا عمل بلا نية فهو باطل وإن اتّفق الحكمان ظاهرياً في الخارج .
والتعقيب أيضاً محال قال تعالى :
] والله يحكم لا معقب لحكمه [
الرعد / 41
فنفى وجود المعقِّب فضلاً عن وجود التعقيب .
فالتعقيب موجود ظاهرياً فالخلق يحكمون معقبين على حكم الله بيد أنّه حكم بلا واقع موضوعي . وقال تعالى :
] ولا يشرك في حكمه أحدا [
الكـهـف / 26
فالعقول لا تشاركه في الحكم ولا يسمح بحصول مثل هذه الشركة في تصميم الوجود إذ هو ممتنع ذاتياً . إنما يقع حكمه على المبادئ التي وضعها في العقول فيكون الحكم حكمه من الجهتين وهو له وحده بصفة مطلقة .
فالتعقيب ممتنع ذاتياً إذ لو حكم الله فقال الإنسان : ( نعم هذا حكم صحيح ) فقد كفر . لأن الإقرار بالصحة حكم جديد يعقب فيه على حكمه فلا يقول صحيح بل يقول : ( سلّمت وآمنت وأطعت ) . إذ لو أمكن أن يقول : هذا حكم صحيح أقبله اليوم فإنه سيقول عن حكم آخر أو نفس الحكم في وقت آخر : غير صحيح ولا اقبله ! فكفره عند إصدار حكم بالصحة والخطأ مقترن بوقت الصدور وسابق على العصيان الفعلي ، ولذلك قال الصادق ( عليه السلام ) ] الكفر أقدم من الشرك [ وهو أروع شيء وجدته لتفسير الفعل الماضي ( كان ) في قوله تعالى عن إبليس :
] فأبى واستكبر و كان من الكافرين [
البــقرة / 34 وذلك عند تطبيق هذا القول على حكم إبليس الذي عقب فيه على أمر السجود ، ذلك أنّه كفر قبل الاستكبار بمحاولة سبقه تعالى بالحكم .
فالله تعالى وحسب الآية الآنفة لا يشرك في حكمه أحداً كائناً من يكون ، إذ أن مثل هذا الحكم ممتنع في ذاته ومحال حصوله في الواقع وإن ادّعى المخلوق ذلك . فليس للعبد الا الطاعة وليس له أن يقول لله ( صدقت ) بل يقول ( أطعت ) فإن لم يقل أطعت فشأنه أن يكون من أصحاب النار ، فإذا قال : ( صدقت فإني أطيع ) عُذِّب مرتين أو ضعفين ، ضعف للكفر الأصلي وضعف للتعقيب والجرأة وتحويل حكمه الذاتي إلى حكم شرعي .
وهذا هو مطلب المكلّفين الذين لم يعصوا الله مباشرةً بل عصوه من خلال حكم عقليّ أضفيت عليه صبغة الحكم الشرعي فاعتذروا بأن ( هؤلاء ) أضلوهم وطلبوا مضاعفة العذاب عليهم حيث قالوا :
] ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذاباً ضعفاً من النار [
الأعراف / 38
ولكن قبولهم بهذا الحكم وعلمهم بأنه ليس الحكم الشرعي ذاته جعلهم من درجتهم حيث انكشف كذبهم بهذا الاعتذار فقال مجيباً :
] قال لكلّ ضعف ولكن لا تعلمون [
الأعراف / 38
وهؤلاء أصحاب الضِعف ، بينما يبوء المؤسّسون بضعفين لا بضعف واحد من حيث أنّهم لم يقولوا أطعنا بل جعلوا عقولهم مسرحاً لتقييم الحكم الشرعي فكأنّهم أرادوا مشاركته تعالى في حكمه فقالوا وهم يدعون على سادتهم وكبراءهم بضعفين من العذاب :
]يا ليتنا اطعنا الله واطعنا الرسولا. وقالوا ربنا انا اطعنا سادتنا و كبراءنا فأضلونا السبيلا . ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعناً كبيراً [
الأحزاب / 66 – 68
وعلى ذلك فيمكن التوسع بالبحث اللفظي في النص القرآني خصوصاً لإتمام الخطوط الرئيسية لهذه الفكرة التي ذكرتها هنا بصورتها المختصرة جداً وسيأتي المزيد من الإيضاح من خلال المسائل اللاحقة .
تظهر إذن الضرورة الشرعية لاستمّرار وجود ( الحجّة ) وهو المخلوق المذعن كلّياً لله تعالى والمتخلي عن حكمه الذاتي بصورة مطلقة . ولذلك فإن التباسات قد تحدث لهذا الكائن ليس منشأها القلب بل العقل ، وليس مرجعها الحكم العقليّ المستقل بل العكس مرجعها الحكم الشرعي نفسه بيد أن المعطيات والمعلومات كانت ناقصة فأراد تنفيذ الحكم الشرعي فوقع ( خطأً ) على غير حكمه الواقعي . بيد أن هذا العمل وأن كان خاطئاً واقعياً لكنه كان مطابقاً للحكم الشرعي على ظاهره الذي بدا له . فلم يكن ذلك عند الله تعالى شيئاً يستحق العقاب بل يحتاج إلى تراجع وتثبـّت فقط ومن أمثلته الرجل الذي وكزه موسى ( عليه السلام ) فأرداه قتيلاً . ذلك أننا لو تفحّصنا القصة وعائدية الضمائر ومواقع الإشارات ( هذا من عدوه ) ، و ( هذا من شيعته ) ، أدركنا أن النص يريد منا أن نفهم حصول تبادل في المواقع بحيث أن موسى ( عليه السلام ) كان يحسب أنّه قتل عدوه لأنّه فرعوني وانتصر لشيعته الذي هو إسرائيلي . لكن حقيقة الرجلين كانت بخلاف الظاهر فالإسرائيلي كان هو العدو والفرعوني كان سليم القلب وهو الذي يصحّ أن يكون من شيعته في الواقع وخلافاً للانتماء الظاهري . هذا النوع من المعرفة كان موسى ( عليه السلام ) بالذات يفتقر إليه وهي ضرورة هامة جداً لقيادة جماعة مثل بني إسرائيل فيهم من المنافقين العدد الكبير كما أثبتته الأحداث فيما بعد وقد ظهر افتقاره إلى هذه المعرفة في رحلته مع العبد الصالح الذي آتاه الله من لدنه علماً في سورة الكهف وهي من المشهورات التي أصبح فيها موسى الكليم ( ع ) تابعاً للعبد الصالح الذي يتفوق عليه بهذا العلم الخاص .
فلو أعطي موسى ( عليه السلام ) علماً كهذا لعجز عن قيادة بني إسرائيل إذ تنكشف له حقيقة كلّ فرد منهم . وكان موسى ( عليه السلام ) حاد المزاج والطبع شديداً في الحقّ إلى أبعد حد . ولا تتفق هذه الصفة مع علمٍ لدنيٍّ عما في النفوس لقيادة جماعات مستمرة في التشكيك والنفاق والتردد.
وحينما انكشف له أن القتيل هو من شيعته لا من عدوه قال موسى ( عليه السلام ) :
] أن هذا من عمل الشيطان أنّه لغوي مضل مبين [
الحكم إذن لم يكن واقعياً ولكنه في النوايا كان حكماً شرعياً . إن هذه القصة القرآنية تقلب معادلة الأصوليين رأساً على عقب . فالعمل مرتبط بالنية وحينما أحكم حكماً عقليّاً مستقلاً فإني أخطو نحو الكفر ولو كان الحكم واقعاً على الحكم الشرعي ، لأن الحكم المستقل أصلاً هو حكمي لا حكم الله . بينما تبرأ ذمّتي حينما أحكم بحكم الله ولا أدخل حكمي العقليّ الخاص حتى لو خالف الواقع ! .
لم يحتج موسى ( عليه السلام ) بعد قتله الرجل الاّ إلى الاستغفار فغفر الله له ذلك بل له ثواب آخر لابتلائه بالندم والحزن العميق على الفرعوني السليم الطوية . هذا الخطأ العقليّ المحض مغفورٌ مع سلامة النوايا. وقد عوقب عليه ذاتياً من خلال خسارة أخرى فقد خاف منهم أن يقتلوه بالقتيل إذ أن آل فرعون لا يعلمون من جهتهم أنّه من شيعة موسى فهم يطالبون بدمه ، وبالطبع لو كان الرجل كافراً بالفعل فلن يكون قتله من عمل الشيطان المضلّ الغوي ولا يلزم منه الندم والاستغفار ، بل يلزم منه فقط خوف موسى من عقابهم فيطلب من الله الحفظ ودفع الكيد فقط . بينما كان موسى ( عليه السلام ) يؤكد أن العمل كلّه عمل شيطاني فلاحظ دقة تعبيره حينما نسب العمل إلى الشيطان بينما هو الذي وكز الرجل وقتله . فهو يرى أن هذا الفعل من عمل الشيطان لا من عمله إذ ليس من نيته قتل شيعته بل قتل عدوه . إذن فمصدر الفقاهة والقرب من الله تعالى هو سلامة القلب ، ولذلك عزى الإمام الصادق ( عليه السلام ) علم الأئمة ( عليه السلام ) إلى حبهم لله وليس إلى التقصّي والنظر أو البحث العلمي خلافاً لغيرهم ، فالخالق تعالى يحتجّ بهم من هذه الجهة لأنّه ابتلى النوايا والسرائر . فوجود المطيع لله طاعة مطلقة والمسلم أمره إلى الله هو وجود ضروري للاحتجاج على الخلق من جهة ولتعليمهم من جهة أخرى وتمحيصهم من جهة ثالثة .
فإذا قال العبد : التبس عليّ الأمر واختلفت الآراء ولم تتفق أحكام العقلاء قيل له : كذبت ! لو احببت الله لأحبك وهدى قلبك وهؤلاء العباد هم حجّة عليك ودليل على كذبك ويشار إليهم فإنهم لم يختلفوا وهم أعلم الخلق . وإذا قال العبد : لم أجد من يعلّمني ولم اقدر على ذلك قيل له : كذبت ! وهؤلاء حجّة عليك إذ لم يعلّمهم أحد وهم أعلم الخلق لأن الله ألهمهم علم الكتاب بلا تعليم من أحد فكان كما وصف بيـِّنا مبيناً في صدور الذين أوتوا العلم فلم تنهج نهجهم في حب الله والإذعان لحكمه بل عملت عكس ما عملوا إذ زعمت أنك تصل إلى حكم الله بعقلك ومن حكم سابق وغضضت الطرف عن القلب وما فيه والحب وما يترتّب عليه وإنما الأمر كلّه في هذا وه أساس الدِّين فهؤلاء حجّة عليك لأنه أقررت باختلاف طريقتك عن طريقتهم وأعلنت في ذات الوقت أنّهم الأعلم وأنهم بلا معلّم . ولو أردت أن تتعلم منهم لتعلمت بل أردت أن تكون بدلاً عنهم ، ولمّا كان قلبك قد ران عليه لم تجد سوى العقل فزعمت أنك تصل إلى درجتهم بعقلك فضللت .
وإذا قال العبد : أني أخذت بقولهم واتبعتهم ومع ذلك فإني لم أصل إلى شيء وهاأنذا مع عدوهم ؟ فيقال له : كذبت فلست منهم وليسوا منك لأن الأصل أن تطيع ولا تحقِّق وأن تسمع ولا تشكِّك ، وان تسلم ولا تحكم فظاهرك منهم وباطنك عدوّ لهم .
وعلى أساس هذا القهم يمكننا معرفة ما تنطوي عليه النصوص الآتية من أبعاد فكرية تتعلق بالإيمان والكفر وكيفية التمّييز بينهما فإن موضع التمييز هو الحكم العقليّ المستقل لا سواه فإن وجد هذا الحكم فهو عدوٌّ لهم وأن اختفى هذا الحكم كان الفاعل من شيعتهم .


هذا البحث القيم مقتبس من كتاب البحث الاصولي
للمرحوم عالم سبيط النيلي




الهوامش
(1) مفتاح الوصول / ج1 / 23 – د .







الكاتب: خادم المهدي 

0 التعليقات:

إرسال تعليق