Ads 468x60px

السبت، 17 نوفمبر 2012

الخصائص والاهداف المشتركة بين المهدي والمسيح ع

الخصائص والاهداف المشتركة بين المهدي والمسيح ع









مما هو مقطوع فيه أن المنقذ العالمي شخص واحد سماه الإسلام
المهدي وسماه السابقون: اليهود والنصارى بالمسيح، وسماه آخرون بأسماء أخرى. ومعه يثبت إن المسيح والمهدي شخصان مختلفان إلا انه توجد ثمة مشتركات تجمع الإمام المهدي عليه السلام مع النبي عيسى عليه السلام. لذا حاولنا في هذا المبحث الخوض في بيان تلك الخصائص وإيراد بعض منها في ثلاثة مطالب:
تناول الأول منها مرحلة الطلب قبل الولادة، أما الثاني فقد أشار إلى ملابسات الولادة في حين تطرق الثالث إلى الغيبة والاختلاف.





المطلب الأول: مرحلة الطلب قبل الولادة

ورد في الوصية الثانية من الإنجيل الأول بلفظ الأجيال وفيها <ذكر مولد عيسى المسيح وإقبال مجوس من المشرق إلى بيت المقدس يقولون أين هو ملك اليهود، لأننا رأينا نجمة في المشرق، فقدمنا لندخل في طاعته . فلما سمع الملك اضطرب وتشاءم وجمع رؤساء الكهنة والكتبة وسألهم أين يولد المسيح. فقالوا في بيت لحم من أرض يهوذا هو مكتوب نبي>.
ما ورد في هذه الوصية يؤكد لنا معرفة علماء المجوس المسبقة بولادة نبي الله عيسى عليه السلام من خلال إشارات موجودة في كتبهم، والتي تؤكد ولادته، وبيان تلك الحادثة وكيفية التنبؤ من خلال ظهور نجمة في السماء لذلك جدوا في طلبه للدخول في طاعته والأيمان برسالته. في مقابل هذا الموقف نجد المعسكر الأخر الذي يمثل ملك اليهود هيردوس الذي عزم على معرفته لا لشيء سوى القضاء عليه خوفاً على سلطانه, من هنا نجد أن نقطة الالتقاء الأولى بين عيسى المسيح عليه السلام والإمام المهدي عليه السلام هي عزم السلطات الحاكمة على اكتشاف أمر الوليد للتخلص منه. من هذا كله نرى أن دولة الظلم والقابضين على السلطة فيها كانت جادة في طلب الأمام على مر الأزمان لوجود علم مسبق إذ أن من يقيم دولة الحق والعدل الإلهي شخص يحمل مؤهلات ومواصفات معينة لا تتوافر في أحد منهم هذا الشخص مؤيد ومسدد بقدرة إلهية تجعله قادرا على إعادة العباد إلى حظيرة العبادة بعد الابتعاد عنها، هذا المنقذ يزيل دولة الشرك من على وجه الأرض ويفتح هذا العالم على عوالم أخرى قصرت عقولنا عن إدراكها.
إذن قضية المهدي المخلص قضية لا غبار عليها. فقد روى أحاديث المهدي بالذات جماعة من أهل السنة في صحاحهم كالترمذي، وأبي داو ود، وابن ماجة، وأسندوها إلى جماعة من خيار الصحابة كعلي بن أبي طالب عليه السلام، وابن عباس، وابن عمر، وابن مسعود، وطلحة، وأم سلمه وغيرهم.
كما أكد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في عشرات المناسبات على قضية المهدي, كما تواترت النصوص عليه من الأئمة عليهم السلام واحداً بعد أخر لا سيما الإمام الحادي عشر وخلال الشهور الأخيرة من شهادته تأكيداً منه على إمامته وبحضور ثقاة أصحابة وخواصهم, كما انه استخدم طريقة المشاهدة لتثبيت إمامة الإمام الحجة عليه السلام, والتأكيد على ولادته ووجوده ونفي كل ما قيل بعدم ولادة ولد للإمام العسكري عليه السلام. لذلك بات من اللازم أن تتخذ تدابير الغيبة, وإجراءاتها بما يضمن الإبقاء على هذا الإمام حياً بعيد عن السلطة العباسية التي تعاملت مع الأطروحة المهدوية تعاملاً حقيقياً. ومن المؤكد أن من يعيش هذه الهواجس, سيتعامل مع الأئمة عليهم السلام تعاملاً مشوبا بالحذر والخوف. فقد وضعت العيون, وفرضت الإقامة الجبرية على بعض الأئمة عليهم السلام ولاسيما الإمام العسكري عليه السلام. إذ تم اتخاذ إجراءات أمنية كفيلة بدرء الخطر أو تطويقه على اقل قدر قبل استكمال مرحلة الولادة.



المطلب الثاني: ملابسات الولادة المباركة
في هذا المطلب يجد الفرد العديد من نقاط الالتقاء بين المسيح والحجة عليه السلام



الفرع الأول: خفاء الولادة
لقد ذكرت الروايات الشريفة ولادة النبي عيسى عليه السلام والإمام المهدي المنتظر عليه السلام فقد كانت ولادتهما تحمل جانباً إعجازيا، إذ خفي أمر الحمل والولادة عن اقرب المقربين، ورد عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل،<ان مريمP ظهر عليها الحمل, وكانت في وادٍ فيه خمسمائة بكر يعبدون. وقال: حملته لسبع ساعات فلما ضربها الطلق خرجت من المحراب إلى بيت دير لهم>. لا شك أن الكل متفق على الخطوط العامة الرئيسية لولادة المسيح, إلا أن الاختلاف دب في بعض الجزئيات والتفاصيل أو كيفية إلقاء الروح أو مدة الحمل،إلا أن مما هو مقطوع فيه أن عيسى عليه السلام ولد من غير أب مثله كآدم عليه السلام خلق من غير أب أو أم، لذلك لا يمكن أن ينكر أحد ولادة المسيح بن مريم عليه السلام. وبالعودة إلى ولادة صاحب العصر عليه السلام نجد ذات الشيء إلا أننا متفقون على الأمور الكلية والجزئية المتعلقة بحادثة الولادة المباركة. فقد جاء في الروايات الواردة عن أهل السنة والشيعة الصحيحة التي تثبت أن السيدة نرجس لم تعلم بالحمل إلا قبل الولادة بلحظات، ويدل على ذلك قول السيدة حكيمة عمة الإمام العسكري عليه السلام التي نقلت حادثة الولادة وكل ما يتعلق بها. فقد روت في حديث طويل <أنه بعث إليها الأمام فقال يا عمة اجعلي إفطارك الليلة عندنا فإنها ليلة النصف من شعبان وان الله تبارك وتعالى سيظهر في هذه الليلة الحجة وهو حجته في أرضه فقالت من أمه؟ قال نرجس قالت له: والله جعلني فداك ما بها اثر فقال: هو ما أقول لك ... ثم قال لي أبو محمد عليه السلام إذا كان وقت الفجر يظهر لك بها الحمل فان مثلها مثل أم موسى لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها لان فرعون كان يشق بطون الحبالى في طلب موسى عليه السلام و هذا نظير موسى عليه السلام>. يظهر في هذه الرواية أن السيدة نرجس لم تظهر عليها علامات الحمل التي تظهر على النساء في الحالة الاعتيادية للحمل، مما يدلل على خفاء ولادة الأمام, وأن ولادته كانت تحمل جنبه اعجازية. الفرع الثاني: النطق لا نقصد بهذا العنوان القدرة على النطق الاعتيادية التي تكون حينما يبلغ الطفل المرحلة العمرية الني تؤهله لذلك, و إنما قصدنا الحالة الإعجازية، وهي التكلم في ظلمة الرحم، والتكلم بعد الولادة مباشرة, بحيث يستحيل على أقران الطفل التحدث في تلك السن المبكرة. لقد أشارت الروايات أن عيسى عليه السلام تكلم في بطن أمه وبعد وضعه مباشرة ليعلم أمه كيفية تجهيزه, ثم لينفي عنها ما اتهمها به بنو إسرائيل حينما جاءت به تحمله. فقد ورد في البحار أن مريم حينما وضعت عيسى عليه السلام نظرت إليه وقالت: ((يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا)) ماذا أقول لخالي؟ وماذا أقول لبني إسرائيل؟ فناداها عيسى عليه السلام من تحتها؟ ((أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا)) أي نهرا ((وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا)). هذا مورد تكلم فيه المسيح عليه السلام, ولعل المورد الأخر, حينما جاءت به تحمله إلى قومها فلما رأوها فزعوا واختلفوا في شأنه. فقال بعضهم هو الله وقال البعض هو عبد الله ونبيه. وقالت اليهود ابن الله، لعل المسيح عليه السلام تكلم رحمة لامه كي يبرئ ساحتها مما أصابها من بني إسرائيل بعدما قذفوها بال*** حينما قالوا ((يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا)). وعند مقارنة هذه الحالة مع ولادة المصلح العالمي، فيروى أنه لما ولد الخلف الصالح ولد ساجداً يتلقى الأرض بمساجده... فصاح أبو محمد عليه السلام هلم إلي ابني يا عمة،... ثم قال: تكلم يا بني؟ فقال: اشهد أن لا اله ألا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم صلى على علي أمير المؤمنين وعلى الأئمة إلى أن وقف على أبيه ثم أحجم. الفرع الثالث: النشأة مما يشترك به المسيح عليه السلام والأمام المنتظر عليه السلام, هو النشأة المخالفة لنشأة الأطفال. فقد ورد عن أبي الجار ود عن زياد بن المنذر عن الأمام الباقر عليه السلام لما ولد عيسى عليه السلام كان ابن يوم كأنه ابن شهرين أما الأمام الغائب عليه السلام. فقد دلت الروايات ومنها ما ذكرته السيدة حكيمة أن نشأته كانت بصورة تخالف نشأت الأولاد العادية. تذكر أنه بعد أربعين يوماً رد الغلام ووجه إلي أبن أخي عليه السلام فدعاني فدخلت عليه فإذا أنا بصبي يتحرك يمشي بين يديه فقلت: يا سيدي هذا ابن سنتين فبتسم عليه السلام ثم قال: أن أولاد لأنبياء والأوصياء إذا كانوا أئمة فإنهم ينشئون على خلاف ما ينشأ غيرهم وأن الصبي إذا أتى عليه شهر كان كمن يأتي عليه سنة من هذا كله نخرج بنتيجة هي أن هؤلاء أناس مختارون من قبل الباري لقيادة البشرية ولاستلام مهمة إلهية, وهي إقامة دولة عالمية على الأرض، لذلك اقتضت الحكمة الإلهية أن يوجد مثل هذا التشابه الواضح بين الطرفين.



المطلب الثالث: الغيبة والاختلاف مما يلتقي به المسيح عليه السلام والإمام المنتظر عليه السلام هو الغيبة, إذ كانت لكل منها غيبة مع اختلاف في تفاصيل كل غيبة. فضلاً عن هذا أختلف الناس بشأن هذين الشخصين، ولعلنا سنذكر في هذا المطلب ذلك.



الفرع الأول: الغيبة يذكر القرطبي في تفسيره كيفية رفع المسيح عليه السلام <أنه حينما أراد اليهود قتل عيسى عليه السلام هنا قال المسيح عليه السلام للحواريين أيكم يخرج ويقتل ويكون معي في الجنة؟ فقال: رجل أنا يا نبي الله, أما المسيح فكساه الله الريش والبسه النور وقطع عنه لذة المطعم والمشرب, فطار مع الملائكة إلى السماء>. بلا أدنى شك إذا كنا نتحدث عن الغيبة فمولانا المنتظر كانت له غيبة إلا أنها ليست واحدة و إنما غيبتان إحداهن أطول من الأخرى، ففي الأولى كان له فيها سفراء أربعة يشكلون حلقة الاتصال بينه وبين الناس. أما في الغيبة الكبرى فقد انقطعت السفارة , ولا خروج للإمام ألا بأذن الله في الوقت المحدد لتفجير الثورة التي تعمل على استئصال كل جذور الفساد والانحطاط من المجتمع ومن المفيد ان نذكر آلية بدء غيبة الإمام الصغرى, تذكر السيدة حكيمة ثم قال لي أبو محمد عليه السلام يا عمة اذهبي به إلى أمه ليسلم عليها واتيني به، فذهبت به فسلم عليها وردته ثم قال عليه السلام يا عمة إذا كان اليوم السابع فأتينا قالت حكيمة: فلما أصبحت جئت لا سلم على أبى محمد عليه السلام, وفتحت الستر لا تفقد السيد عليه السلام فلم أره: فقلت جعلت فداك ما فعل بسيدي؟ فقال: يا عمة استودعناه الذي استودعته أم موسى,أما الغيبة الكبرى, فقد بدأت بعد وفاة السفير الرابع للإمام.

الفرع الثاني: الاختلاف
اختلف بنو إسرائيل بشأن المسيح عليه السلام سواء في ولادته- فبعضهم قال: أنه ابن الله أو هو الله أو هو نبي الله مبعوث إليهم - أو في قتله. فقد قيل أنه قتل أو لا لم يقتل وهكذا تفرق اليهود بشأنه. ففي رواية بإسناد عن سدير الصيرفي عن أبى عبد الله عليه السلام قال: أما غيبة عيسى عليه السلام فان اليهود والنصارى اتفقت على أنه قتل فكذبهم الباري عز وجل بقوله ((وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ)). وبإسناد إلى محمد بن مسلم عن أبى جعفر قال: أن في القائم من أهل البيت عليهم السلام شبهاً من خمسة من الرسل. وأما شبهه من عيسى عليه السلام فاختلاف من اختلف فيه. قالت طائفة منهم ما ولد، وقالت طائفة مات، واخرى قالت قتل وصلب.


ذات الشيء نراه في قضية مولانا الغائب عليه السلام, فقد دب الاختلاف في أصل الوجود المقدس للإمام, ذهبت جماعة من أهل العامة إلى أنه لم يولد للأمام العسكري عليه السلام ولد. فقد ورد عن الرضا عليه السلام يقول: صاحب هذا الأمر من يقول الناس: لم يولد. كما خرج عن أبى محمد عليه السلام حين قتل ال**يري: هذا جزاء من افترى على الله تبارك وتعالى في أوليائه زعم أنه يقتلني وليس لي عقب فكيف رأى قدرة الله وولده ولد سماه م ح م د.
كما روي انه قال أبو محمد عليه السلام حين ولد الحجة عليه السلام زعم الظلمة إنهم يقتلوني ليقطعوا هذا النسل فكيف رأوا قدرة الله وسماه المؤمل. وذهب آخرون إلى القول أن القائم هو الحسن بن علي عليه السلام وأنه يعيش بعد موته مستندين إلى ما روي عن الصادق عليه السلام إنما سمي القائم قائما لأنه يقوم بعدما يموت. و إنما قصد الموت هنا هو موت ذكره وارتداد أكثر القائلين بإمامته. ومما لا ريب فيه أن القول بإمامة العسكري عليه السلام. قول مردود لان الأمام العسكري عليه السلام هو حادي عشر أئمة الهدى, والمصلح العالمي ثاني عشر أئمة الهدى. فضلاً عن هذا ما روي عن أبي حمزة الثمالي أنه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام تبقى الأرض بغير أمام؟ فقال: لو بقيت بغير أمام ساعة لساخت. كما ذهب جماعة إلى القول بإمامة جعفر وهذا بالتأكيد ادعاء مرفوض لان جعفر لم يكن معصوماً وما يشترط في الأمام العصمة فضلاً عن كونه اعلم أهل زمانه بالأحكام.
بالإضافة إلى كل هذه الآراء المطروحة, نجد أن اللا مهديين جنحوا بدعاوى المهدوية السابقة إلى إنكار عقيدة الأمام المهدي عليه السلام في أخر الزمان، من خلال الادعاء بمهدوية عمر بن عبد العزيز، أو مهدوية محمد بن عبد الله، والمهدي العباسي. ونحو ذلك من الادعاءات التي لا تجد لها أساساً من الصحة.



المبحث الثاني: الهدف المشترك
يحمل هذا العنوان العديد من المواضيع التي لها من الأهمية الشيء الكثير بحيث تستوقف الفرد أمامها، ليزيل الستار عما قد يحيط بها من غموض لاسيما أنها تتعلق بشخصين احدهما, من يطبق الأطروحة العادلة على الأرض, والآخر نبي لله ذخر لمهمة إلهية الا وهي مشاركة الإمام في إقامة تلك الدولة.


المطلب الأول: استلام المهمة الإلهية
لعل ما يلتقي به الأمام المهدي عليه السلام مع المسيح عليه السلام هو استلامهم للمهمة الإلهية في وقت مبكر, بمعنى إتيانهما الحكمة, واعتلائهما لهذا المنصب الجليل في وقت الصغر, فالإمام المهدي عليه السلام استلم ولاية العهد وهو ابن خمس سنوات صبي لم يبلغ الحلم . هذه النقطة تعد من الشبهات التي قد يطرحها المقابل على معتقدات الشيعة في إمامة الغائب المبكرة. ألا أنه يمكن الرد عليها وبكل سهولة، لا سيما إذا أكدنا أن هذه المسألة الكلامية يمكن أن تفسر في أن أمر الرسالة والإمامة والنبوة والخلافة بيد الباري جل وعلا . وليس لأحد من الناس أي دخل أو اختيار فيها، إذ يجوز أن يكون النبي صغيرا لم يبلغ الحلم, ولا مانع عقلي يحول دون ذلك لان الباري جل شأنه قادر على أن يجمع في الصبي شرائط الرسالة والإمامة. إذ العقل لا يستبعد من الباري أن يتخذ أحداً ولياً ويجعله رسولاً أو نبياً. فقد ورد عن يزيد الكناسى قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام كان عيسى عليه السلام حين تكلم في المهد حجة الله جلت عظمته على أهل زمانه؟ قال: كان يومئذ حين تكلم وعبر عنها نبياً وحجة على من سمع كلامه في تلك الحال ، ثم صمت، ثم تكلم حتى مضت له سنة، وكان زكريا عليه السلام الحجة على الناس بعد صمت عيسى عليه السلام بسنتين مات زكريا فورثه عيسى عليه السلام الكتاب والحكمة وهو صبي صغير فلما بلغ عيسى عليه السلام سبع سنين تكلم بالنبوة حين أوحى الله إليه وكان عيسى عليه السلام الحجة على يحيى وعلى الناس أجمعين. لعل هذا اصدق دليل وابلغ شاهد على قدرته جل وعلا في اتخاذه الأولياء والرسل صغاراً فقد يجوز أن يعطى الحكمة وهو صبي كما ذكر ابن حجر في صواعقه المحرقة بعد ذكر وفاة الأمام العسكري عليه السلام قال: ولم يخلف غير ولده أبي القاسم محمد الحجة عليه السلام كان له عند وفاة أبيه خمس سنين لكن أتاه الله فيها الحكمة.
ولذا فان مولانا الغائب عليه السلام خلف أباه في إمامة المسلمين، وهذا يعني انه كان أمام بكل ما تعنيه هذه الكلمة، وبكل ما تحويه من محتوى فكري وروحي في وقت مبكر. فالإمامة المبكرة ظاهرة سبقه إليها عدد من آبائه، فالإمام الجواد عليه السلام تولى الإمامة وهو في الثامنة من العمر، والإمام الهادي عليه السلام تولاها وهو في التاسعة من عمره. يلاحظ من هذا أن الإمامة المبكرة بلغت ذروتها في أمامنا المهدي عليه السلام والإمام الجواد عليه السلام, ونحن نسميها ظاهره لأنها كانت بالنسبة إلى عدد من آبائه تشكل مدلولاً حسياً جلياً عاشه المسلمون ورعوه في تجربتهم مع الأمام بشكل آخر.


المطلب الثاني: صلاة النبي عيسى عليه السلام خلف الأمام المهدي عليه السلام
دلت الروايات أن المسيح عليه السلام يصلي خلف الأمام المهدي عليه السلام وأن الأمام هو من يتقدم في الصلاة. وله رتبة التقدم في الجهاد, ولعل هذه الأخبار مما ثبتت طرقها وصحتها عند الشيعة، وكذلك يرويها أهل السنة على حد سواء، فقد ورد في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: سمعت النبي ص يقول: فينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم: صل بنا، فيقول: لا ان بعضكم على بعض أمراء، تكرمه الله لهذه الأمة فهذا الإجماع من أهل الإسلام كافة وما عدا هذا الإجماع فقوله مردود، فقد ورد عن الحسن بن علي عليه السلام ما من أحد ألا ويقع في عنقه بيعه لطاغية زمانه ألا القائم الذي يصلي روح الله عيسى عليه السلام خلفه.


المطلب الثالث: دور عيسى عليه السلام في دولة الأمام عليه السلام
لا ريب أن للمسيح عليه السلام دوراً في أكثر من مجال في دولة الأمام الموعودة في القرآن ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ)).
ويمكن أن نلمس هذا الدور في أكثر من مجال.


الفرع الأول: تخفيف حالة الاحتقان السياسي بين الأمام عليه السلام وحكومات الغرب
نحن نشهد بل نعيش اليوم حالة التخبط والتهتك التي تعيشها دول العالم الغربي . وبالتأكيد فان هذا الخط يمثل الخط المخالف لمعالم الدين الإسلامي الحنيف, وخط أهل البيت الذي ينتهجه الأمام المهدي عليه السلام عند ظهوره الشريف, ومن المؤكد أن الأمام سيعمل على نشر الدين الإسلامي في ربوع العالم, هذا الدين الذي تصفه الروايات بأنه إسلام جديد, بمعنى انه سيظهر ويدعو إلى الدين الإسلامي الذي جاء به الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم لا الذي تم التلاعب به لخدمة مصلحة دنيوية. لذا سيقضي على حالة الاحتقان الطائفي والتعصب المذهبي, اذ سيجعل دول العالم الغربي وبعض الدول العربية التي تعيش اليوم عظمتها على الأرض تدين بالمذهب ألاثني عشري. لهذا فان دول العالم الغربي ستعمل جاهدة على القضاء على الثورة وإخمادها والحيلولة من دون وصول نور الإسلام إلى تلك البلدان القابعة تحت الكفر والإلحاد والزندقة, لهذا نجدها ستقف بوجه الإمام وتحاول جاهدة إشعال فتيل الحرب بينها وبينه, لذا فان توقيت نزول المسيح عليه السلام من السماء وصلاته خلف الإمام سيكون وسيلة لامتصاص هذه النقمة وتخفيف حدة العداء الحاصل, وعندها سيشارك المسيح عليه السلام في عقد هدنة بين الأمام والروم تستمر حسب الروايات الى سبع سنين، إلا أن الغرب وبالتعاون مع اليهود وتحريضهم سيغدرون بالإمام بعد ثلاث سنين أو سنتين. وبعض الروايات تذكر أن الهدنة تنقض في حمل امرأة، على أية حال بعد نقض الهدنة ستقع المعركة العظيمة التي ستكون أعظم من معركة تحرير القدس, إذ سيحاول اليهود الذين هربوا من القدس تأليب حكومات الغرب ضد الإمام ألا انه وفي هذه المعركة سيتم القضاء على اليهود برمتهم.


الفرع الثاني: هداية البشرية
لا شك أن فكرة ظهور المنقذ هذه فكرة آمن بها أهل الأديان ـ كما أسلفنا في فقرات سابقة ـ واعتنقتها معظم الشعوب. وبناءً على هذا سيكون لظهور المسيح في العالم الغربي الوقع الأكبر، لاسيما انه سيظهر في مرحلة حاسمة في العالم. إذ إن وجوده يؤثر في تلك ألدوله وفي مرحلة التخطيط اللاحق للظهور إذ سيؤدي إلى إيمان اليهود والنصارى، وهم يمثلون قسما كبيرا من البشرية إذ يثبت لهم بالحجة الواضحة انه المسيح يسوع الناصري وان الإنجيل والتوراة إنما هي هكذا وليست على شكلها الذي كان معهودا وان الدولة التي بشر لها في الكتب المقدسة إنما هي دولة المهدي، لذا فان المسيح عليه السلام سيلعب دورا مهما, وحيث ستقع على عاتقه مهمة التبليغ، وإيصال الدين الإسلامي إلى تلك الدول. ومن الطبيعي أن لظهور منقذ البشرية الموعود في الديانة المسيحية ما يؤدي إلى انتشار الفرح والسرور في شعوب تلك المنطقة لأنه المخلص لهم من الظلم والاضطهاد, وسيدخل العالم المسيحي في الدين الإسلامي اذ سيتيسر الفتح العالمي من دون قتال, بل نتيجة إيمان بالحق وإذعان له سيما أن الجانب الفكري في الفتح العالمي سيكون أوسع بكثير من الجانب العسكري.


الفرع الثالث: قتل الدجال
لاشك ان للمسيح دور في القضاء على حركة الدجال، فقد ورد عن جعفر بن محمد الفزاري رفعه إلى أبى جعفر عليه السلام قال: يا خثيمه سيأتي على الناس زمان لا يعرفون الله ما هو والتوحيد حتى يكون خروج الدجال وحتى ينزل عيسى بن مريم من السماء ويقتل الله الدجال على يديه.

يظهر من هذه الرواية وغيرها التي تبشر بحركة الدجال أن ظهوره إنما يكون بعد مدة غير قصيرة من قيام دولة الأمام, وعموم الرفاهية لدول العالم وظهور العلم والتقنية الحديثة لذلك فحركته تعد حركة إباحية ناتجة من الترف والبطر.
صفوة القول حركة الدجال تعد حركة متطورة وذات أبعاد عقائدية وسياسية، إذ يستخدم الدجال أحدث الوسائل في ادعاءاته وسيكون أكثر متبعيه من اليهود والنساء والمراهقين والمراهقات وعندها ستحدث فتنة عند المسلمين. سنرى من هذه الرواية أن الضربة التي تقضي على الدجال إنما تكون بأحدث الأسلحة العسكرية التي يستخدمها المسيح عليه السلام وليست بأسلحة تقليدية كما يدعي البعض.


الفرع الرابع: المسيح عليه السلام ضمن التشكيلة الحكومية للأمام عليه السلام
يعد عيسى المسيح عليه السلام أحد أقطاب دولة الأمام المهدي عليه السلام إذ سيكون وزير في تلك الدولة, ومن الطبيعي أن يكون للشخصيات العاملة في الدولة الموعودة الوزن والثقل الأكبر سيما أنهم سيكونون من بين الأنبياء وخلفائهم والأتقياء من صالحي العصر والأمم السابقة. بمعنى أنها تركيبة حكومية خاصة تتألف ـ فضلاً عما ذكر ـ من عدد من أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. تذكر الروايات أن لعيسى عليه السلام دوراً في دولة الأمام، إذ سيكون أما وزيراً ويقصد بالوزير في تعبير الهيكلية القديمة للدول رئيس الوزراء بلغة اليوم، أو نائباً للوزير أو عاملاً على بيت المال. يعني أنه سيكون بتعبير اليوم وزيراً للمالية في دولة الأمام المرتقبة والله العالم.
عن كعب أن عيسى عليه السلام يقول للقائم فإنما بعثت وزيراً ولم ابعث أميرا وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: وهو أي عيسى عليه السلام الوزير الأيمن للقائم وحاجبه ونائبه من جملة ما ذكر في المطلب السابق نجد أن للنبي عيسى عليه السلام دور لا يمكن التنصل عنه أو إغفاله ولو للحظة لأنه مشارك وعنصر فعال في دولة الأمام, وعامل مساعد في إقامة دولة تعد آخر الدول وخاتمتها على الأرض تلك الدولة التي وعد الله بها المتقون.
الخاتمة
تم استعراض جملة من المشتركات بين الإمام المنتظر عليه السلام والنبي عيسى عليه السلام. وقد تجاو*** عن بعض نقاط الشبهة التي تركناها خوفاً من الوقوع في بعض الروايات غير الدقيقة. لهذا توقفنا على ما وجدناه فقط، وبعد إكمال فقرات هذا البحث الموجز نجد من المفيد الخروج بعدة نتائج منها:


1 ـ أن ظهور المسيح عليه السلام, وصلاته خلف الأمام المهدي عليه السلام إنما يكون في زمن يكون الأمام عليه السلام بأمس الحاجة إلى مساعد إلا وهو المسيح عليه السلام, بمعنى أن لتوقيت نزول المسيح من الفائدة الشيء الكثير, فضلاً عما يحمله من الجنبة الإلهية. ولاسيما أن البعض يسأل لماذا لم يكن نزول المسيح عليه السلام قبل ظهور الإمام أو في وقت يقترب من ظهور الإمام، لماذا لم يكن ضمن المبايعين في مكة؟


2 ـ أن التصدي لمسألة غيبة المسيح عليه السلام والتعرف عليها والأيمان بها تفتح ذهنية الفرد المسلم، وتبعد عن ذهنه أي شبهه قد تطرح في موضوع غيبة مولانا المنتظر عليه السلام أو طول عمره الشريف، لا سيما أن المسيح عليه السلام غاب غيبة واحدة وهو مرفوع إلى السماء. وهذا ما اعترف به الفكر الإسلامي التقليدي وإذا كان هو حيا لم يمت وانه يعيش في السماء إذن فان بقاء من هو اصغر منه سنا أولى بالبقاء, سيما وان الأمام الغائب معنا في الأرض وله غيبتان: في الأولى كان يلتقي بالناس عن طريق أساليب معينة, وكان له سفراء معينون. أما في الغيبة الكبرى فالمشاهدة متعذرة.

لهذا فان التصديق بغيبة عيسى عليه السلام وطول عمره, سيما أن عمره أطول من عمر مولانا الغائب عليه السلام سيجعل من غيبة مولانا المهدي عليه السلام أو طول عمره شيء بديهي, إذ إن الحكمة من غيبة عيسى هي ذات الحكمة من بقاء الخضر حيا، إذ إن عمره يزيد على عمر المسيح والإمام المهدي.

3ـ يمكن القول وبشكل مختصر جداً أن الأمام المهدي عليه السلام والمسيح عليه السلام شخصان ادخرهما الباري لمهمة إلهية، جليلة الأهداف متعددة الجوانب، تلك هي عملية تغيير شاملة للحياة الإنسانية على وجه الأرض، وإقامة مرحلة جديدة بكل ما تعنيه وتحمله هذه الكلمة من معاني، هي مرحلة الانفتاح على العوالم الأخرى.


سحر جبار يعقوب




الهوامش:
(1) من البحوث المشاركة في المؤتمر العلمي الأول في الإمام المهدي الذي عقده مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عليه السلام في مدينة النجف الاشرف في 22/ تموز/ 2007م.






الكاتب: احمد الكاشاني 

0 التعليقات:

إرسال تعليق