Ads 468x60px

الأربعاء، 26 ديسمبر 2012

البرهان في التكليف والبيان للميرزا الأخباري

البرهان في التكليف والبيان للميرزا الأخباري






البرهان في التكليف والبيان للميرزا الأخباري



للفقيه الشهيد الميرزا محمد الاخباري النيشابورى (رض)

المقتول والمصلوب في الكاظمية المقدسة على يد الاصوليين اتباع الشيخ جعفر كاشف الغطاء

استشهد عصر يوم الأحد في اليوم الثامن والعشرين من شهر ربيع الأول سنة 1232 هـ بعد صلاة الظهر



البرهان التكليف والبيان للميرزا الأخباري



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين و سلام على عباده الذين اصطفى.
اما بعد فقد ثبت بالبراهين القاطعة ان العلم زائد على ذات الممكن كسائر صفاته غير لازم لها لزوم الاعراض الازمة محلها فلابد (ح) من سبب موجب له و طريق موصل اليه و السبب في الضروريات ايجاده تعالى اياها فى الهويات و لذا قالوا ان العلم الضرورى فعله تعالى لايتعلق
التكليف به ايجاد أو اعداماً لعدم دخوله تحت قدرة العبد و لايترتب عليه ثواب و لا عقاب استحقاقاً و لايجرى فيه الشبهة لان محلها افعال العبادة نعم الاقرار به و الاذعان بمعلومه فعل العبد عليه يثاب و يعاقب فعلا و تركاً (قال الله تعالى) (و جهدوا بها) و استيقنها انفسهم (و قال) (يعرفون نعمة الله ثم) (ينكرونها) و الطريق في المكتسبات المقدمات البرهانية و القضايا الاستدلالية المنتجة للعلم و اليقين و هو فعل العبد يتعلق به التكليف و يترتب عليه ما يترتب عليه و في مقدماته يتطرق الخطا لتقصير أو قصور و يتبين وجهه من وجوه و يعصم من وقعه فى المادة باتباع الصراط المستقيم ناموس الشرع القويم و في الصورة بالمنطق أو برهان الطبع السليم و السبب الموصل اليها هو الحواس الخمسة الظاهرة ثم الباطنة فما يدرك بها يسمى محسوساً أو العقل بغير توسطها أو به فيسمى معقولا و الاول يدرك الاعراض و الاوصاف و الثاني الحقايق فادراك العقل اذا بلغ الحقيقة و استقر سمي علماً و يقبل التشكيك فى الاطلاق على افراده و اذا لم يبلغ أو بلغ و لم يبلغ أو بلغ و لم يستقر يسمى لا علم و ان شئت فلا جزم و ان شئت فجهلا على بعض الاطلاقات اعم من أن يكون تلك الحقيقة مغفولا عنها فى حيز الجهل الساذج أو متصوراً على خلاف الواقع فى حيز الجهل المركب أو مظنوناً أو مشكوكًا أو موهومًا فالاشياء بالنسبة الى الانسان اما معلومة أم لا و المعلوم على انواع من العلم العادي و البرهاني و الكشفى على درجاته من علم اليقين و حق اليقين و عين اليقين و يرقى الى تسع و الاّ معلوم أما مظنون أو مشكوك أو موهوم أو مجهول بجهل سادج أو مركب و لا ينافي التقابل بين المعلوم و اللامعلوم في الانسان بالنسبة الى الاشياء اجتماعهما فى حيز اخر باعتبار آخر كدخول ساير المتناقضات و اجتماعها فى مفهوم الشئ و حيز الذهن لا باعتبار جهة التناقض في المتناقضين بشروط ثمانيه و الشبهة تزد في اللامعلوم و هو حيزها اذا عرفت هذا.
(فاعلم) ان الاشياء لها وجهان وجه ذاتى و وجه عارضى و منها الافعال و الحسن و القبح متضادان أو متناقضان باعتبار فلا يخلوا لافعال باعتبار وجهها أما أن تكون لها حسن ذاتى أو عرضى كالصدق النافع أو القبح ذاتاً أو عرضاً كالكذب الضار أو الحسن ذاتًا و القبح عرضًا كالصدق الضار و العكس كالكذب النافع و كل منها أما عقلي أو شرعي أو مركب يرقى الى و الحسن و القبح من الاعراض اللازمة و الاوصاف الذاتية للافعال الاختيارية التى تبعث يتجشمها الابدان و يحتاج الى تحريك ارادة الاعضاء اللاتيان و بيان الملازمة ان الاتعاب الذي يصدر من العبد لبدنه و روحه بارادته و اختياره ان كان متضمنًا لحسن عقلي أو شرعي فهو المطلوب و الاّ فيكون قبيحًا لعدم العوض فى المقابل كما حقق فى مسئلة الآلام و صرح به المحقق الدستور الاعظم فى التجريد و العلامة المعظم في الجوهر النضيد و خاتم المحدثين المولى المجلسى فى كتاب الايمان من كتاب بحارالأنوار فى آخر باب امتلاء المؤمن و المباح حسن كما صرح به الشيخ فى العدة فلا ينتقض به نعم الحسن مقول بالتشكيك كالقبح و هما يجريان جميعًا في أفعال العباد الاختيارية و أما فعل الله تعالى فلا يتصف عند العدلية الاّ بالحسن الذاتى و العرضى معًا و لا خلاف بينهم في عدم تعلق ارادته و تكليفه و اتصاف فعله و القبيح الذاتى و العرضى معًا و أما القبيح ذاتًا و الحسن عرضًا كالكذب النافع فانه يجوز للعباد من باب ارتكاب اقل القبحين اذا تخيروا بينه و بين الصدق الضار أو الكذب الضار و ذلك لعجزهم و أما الرب تعالى لا يتصف بالعجز و التحير و لايجوز له ارتكاب القبيح ولو من باب ارتكاب اقل القبحين اذا علته منفية فيه تعالى و الحسن الذاتي هو الذى لا يتقوم ذلك الفعل و لا يمكن تصوره منفكًا عنه بخلاف العرضى فانه يمكن تصور حقيقة المعروض بلا تصور العرض نعم لايمكن تحققه فى الخارج الاّ مع تحققه الاّ اذا كان العرض غير لازم و كذلك القبح ذاتًا و عرضًا.
ثم اعلم ان العلم المكتسب الذى هو من فعل العبد و قد تعلق به التكليف لا بدله من علل أربع كسائر المعلومات المبتنية فعلة الفاعلية هو المستدل الناظر المبرهن كالرب جل جلاله فى الضروريات و علته المادية هى القضايا التي تنتجه و علته الصورية هى الصور الحاصلة فى الهويات على قول و علته الغائية هى التصديق و الاذعان فى العلميات و العقائد و الاستعمال ايضاً فى العمليات و لهذه الغاية غايات مختلفة بأختلاف العلماء العاملين شوقًا و محبة و رغبة و رهبة كما ورد فى الاخبار أيضًا و الامام المعصوم قانون الهي و ميزان لاهوتى يعصم اتباعه في الاقوال و الافعال و الاحوال من الوقوع فى مهاوى الخطا و الزيغ و الضلال كما نص عليه صاحب الشرعة أيضًا فهو معصوم ذاتًا و من يتبعه عرضًا و يعبر عنه بالعادل و صاحب الملكه و المؤمن الكامل و الولي و الصالح و الصديق و المقتصد و الحكيم و العارف و السالك و الفقيه على اختلاف المصطلحات اذا يحقق هذا فلا يخفى ان العلم و اللاعلم نقيضان كالبصر و العمى و هما لا يجتمعان فى محلهما كما لا يرتفعان عنه و الظن بمعنى ما يحتمل النقيض احتمالا مرجوحًا ليس بعلم ضرورة و الالعاد البحث لفظيًا و هو خلف و لا شك ان العلم من حيث هو حسن ذاتًا و لا يقدح فيه قبح المعلوم و الاّ لما أتصف به الرب مطلقًا فيكون اللاعلم و منه الظن لاحسن ذاتًا فلا يتصف به افعاله تعالى عند العدلية و لا يتعلق ارادته بايجاده اذ شرطوا فيه نفى جهة القبح مطلقًا مع وجود جهة الحسن الراجح أو الارجح على خلاف و التكليف و الاحكام فعله تعالى فلا يتصف بلاعلم و منه الظن فيجب عليه عقلا ايقاء الوصف لبقاء الفعل الذى لا يحسنهما معه و حفظ جميع ما يتوقف عليه فعله و هو التكليف و لا ينتقض بافعال العباد التي هى الموضوعات لا نفس الاحكام لمكان الفرق بين فعل الرب و العبد و ما يجوز على كل واحد منهما و ما لا يجوز و صورة القياس ان كل الظن لا علم ذاتًا دائماً بالضرورة و كل لا علم نقيض العلم دائمًا بالضرورة فكل الظن نقيض العلم دائمًا بالضرورة ثم نقول ان كل الظن لا علم دائمًا بالضرورة و كل لا علم لا حسن بالضرورة دائمًا لان كل علم من حيث هو حسن بالضرورة دائمًا فكل ظن لا حسن دائمًا بالضرورة ثم نقول أن التكليف فعل الله بالضرورة دائمًا و كل فعل الله حسن لا قبيح بالضرورة دائمًا فالتكليف حسن بالضرورة دائمًا و بعبارة أخرى أن الاحكام فعل الله بالضرورة دائمًا و كل فعل الله حسن بالضرورة دائمًا فاحكام الله حسن بالضرورة دائمًا ثم نقول ان كل حسن نقيض كل لا حسن بالضرورة دائمًا و كل نقيضين لايجتمعان و لا يرتفعان بالضرورة دائمًا فكل حسن و لا حسن لايجتمعان و لا يرتفعان بالضرورة دائمًا ثم نقول ان كل فعل الله حسن بالضرورة دائمًا و كل ظن لا حسن بالضرورة دائمًا لمامر و الحسن و اللاحسن نقيضان لايجتمعان بالضرورة دائمًا فكل فعل الله و الظن لايجتمعان بالضرورة دائمًا و لا ينتقض بالركعات و الجهات و أرش الجنايات و شبهها فانها ظنون وقعت أسبابًا بالتحقق الموضوعات المدخولة تحت الاحكام القطعية الضرورية بخلاف الاحكام الاجتهادية فانها تقع تحت الظنون الاجتهادية كما صرح به آية الله بقوله الاجتهاد استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل الظن بحكم شرعي و كذلك الميتة فان قبحها شرعى يقبل التحصيص و الزوال شرعًا و عقلا بخلاف القبح العقلي مع انها في الموضوعات و هى فعل العباد و حقيقة الافعال و الاعمال غير حقيقة الاحكام فان الاول فعل العبد و الثاني فعل الرب و يجوز في الاول ما لا يجوز فى الثاني اذ يتصف الاول بما لايتصف به الثاني من القبائح و القتل بشهادة الزور يرجع الى نفس الشاهدين و عليهما العوض كما حققه المحقق فى التجريد و العلامة في الجوهر النضيد و المجلسي في البحار و غيرهم في غيرها و تقرير اخر ان لا شئ من فعل الله بلاحسن بالضرورة دائمًا و كل ظن لاحسن بالضرورة دائمًا فلا شئ من فعل الله بظن بالضرورة دائمًا و تلخيص المرام انه اتفق المليون و محققو الفلاسفة على ان افعاله تعالى ارادية و منها التعبد و التكليف و لا شئ من ارادته يتعلق بايجاد القبيح لعلمه به و استغنائه عنه و تنزهه عن السفه و التعبد بالظن قبيح للزوم الاقدام على مالا أمن فيه من الخطأ فلا شئ من ارادته يتعلق التكليف الظني و التعبد به فلايكون التكليف به فعله تعالى فلايكون الحكم و العمل به موافقًا لتكليفه فلايكون مبرئاً للذمة فتأمل و ان قلت قد يقال ابسط المقال ليتضح جلية الحال فنقول ان الناس بالتقسيم العقلى اما منكرون للمحسوسات و المعقولات جميعًا و هما شطرا العلم و هم السوفسطائية و اما مقرون بالاولى فقط و هم الطبيعية و طائفة من الزنادقة و اما بهما جميعًا و هم الافلاسفه فمنهم من انكر المبدأ و هم الدهرية و منهم من اقربه و هم الالهيون فمنهم من اصل الوجود و هم الاشراقيون و منهم من اصل الماهية و هم المشاؤن اتباع ارسطو و اما زادوا على الاقرار بهما القول بالحدود و الاحكام ايضاً و هم الصابئية على قول و اما زادوا على الجميع القول بالنبوات ايضاً و هم المليون اليهود و النصارى و المجوس و المسلمون و المسلمون منهم من نفى الحسن و القبيح العقلين من الاشياء و الافعال ذاتاً و منهم من اثبت و المثبتون منهم من قال يدرك بالعقل فقط و منهم من قال بالشرع فقط و منهم من قال بهما جميعًا و منهم من قال ان العقل شرع من داخل كما ان الشرع عقل من خارج يؤيد احدهما الآخر و يبينه فمن قال بالحسن و القبح الشرعيين لا يتصف افعاله تعالى عنده بهما و هم المجبرة و الاشاعرة لان مجرى الاحكام الشرعية هو افعال المكلفين و هو تعالى شأنه ليس منهم و القائلون بالحسن العقلى يصفون افعاله تعالى به و هم العدليه و منهم المعتزله المعروفة بالمفوضة على اطلاق و الامامية المثبتون للامر بين الامرين و قد اطلق العدلية على نفى جهة البح الذاتى عن افعاله تعالى دائماً على الاطلاق و ان ارادته لايتعلق بايجاده و كذا العرضى مادام عروضه باقيًا و فى الثانى يجرى البدأ فى التكوين و النسخ فى التشريع و اثبات وجه الحسن الراحج أو الارحج على خلاف وجهة الحسن و القبح اذا عرفت بالضرورة عقلا أو شرعًا سمي الاول الضروى العقلى و الثانى المجمع عليه و قد يكون مطلوب الشارع ايجاد الجزئى من حيث هو أو الاجتناب عنه فهو من الامور المضيقة التي قال به رد خلافها و لايقبل و لايتوب غيرها منابها و قد يكون المطلوب الحقيقه من حيث هى فيحصل في الافراد المختلفة و تؤتى بابها من باب التخيير و هو من التكاليف الموسعة فعلا و تركًا و غالب الاختلاف الواقع فيه في الكتاب و السنة و قد يكون المطلوب نفس الامتثال كقوله تعالى للعقل اقبل فاقبل ثم ادبر فادبر فيرد الامر و النهي فيؤخذ بابها من باب التسليم ان لم يكن الاتيان بهما و هو باب واسع يشمل الترجيح و الارجاء و التوقف و الاحتياط و التخير في مواضعها و قد يختلف الحكم باختلاف الامكنة كحكم دار الايمان و دار الهدنة و دار الحرب و يقبح التكلف قبل التوقيف فلا تكليف الاّ و التوقيف و التعريف قبله أو معه و لما كان التكلف من فعله تعالى و هو من النسب الوصطانيه و الاوصاف الاضافية التى لايتحقق الاّ بعد تحقق الطرفين وجب عليه تعالى حفظ ماله مدخل في شروطه أو شطوره مصونًا من جهة القبح مطلقًا محفوفًا بجهة الحسن كذلك و يقبح عليه الاخلال بواجبه تعالى عن ذلك فكل ماهو واجب عليه محفوظ لامحالة و منه ابقاء السبيل الموصل و الدليل القاطع على ما اراد فعلا و تركًا حيث احب ان يعبد حيث اراد لاحيث يراد و التكليف لنا برماده بلا نصب الدليل امؤدي اليه قبيح من باب التكليف بما لايطاق و لايتفاوت كون الحق عند (الله) و فى القرآن أو عند الامام اذا لم يكن عليه دليل قاطع حيث يوصل اليه بل لايتفاوت حينئذ فى بيانه و حفظه المعصوم و غيره اذ حصول الظن لايتوقف على العصمة اذا كان كافيًا في التعبد و ذلك خلاف دليل العصمة و خروج عن مقتضاه اذا تمهد هذا.
فاعلم ان بقاء التكليف الى آخر الامد ضرورى عند المليين و قد قام على ذلك من اداء العقل و البراهين و لابد فى تحققه من امور .
(الاول) المكلف على الفاعل و هو (الله) تعالى عند المليين و العقل عند آخرين و يتوقف عليه التكليف توقف الشئ على علته الفاعليه
(و الثانى) صفاته المؤثرة فى صدور التكليف و هى العلم و القدرة و الكمال و الارادة و الحكمة عند المليين اذ لا يصح ان يكون المكلف تعالى شأنه جاهلا عاجزاً موجبًا سفيهًا عابثًا و هذا يتبع الاول
(و الثالث) اسباب التكليف و موجباته و هى المصالح الكلية و الجزئية الموجبة للنظام الحملي و الحكم المقتضية الالهية العايدة الى المكلفين المقصودة ذاتًا أو تبعًا على اختلاف عند العدلية و الاشاعرة و يقبح الاول بدون الثانى دون العكس لقبح اتعاب المكلف بما لايرجع اليه عاجلا أو اجلا
(و الرابع) نفس التكليف و هو فعله تعالى عند المليين و فعل العقل عند غيرهم و فعل (الله) فى الشرعيات و فعل العقل في العقليات عند المحققين
(و الخامس) سبيله و هو الوحى أو ما ينتهي اليه في الشرعيات و العقل و ما ينتهي اليه فى العقليات
(و السادس) صفة السبيل و هى العلم بافراده عند اصحاب البرهان و الكشف و الوجدان موافقة لما أرادو مجانبة عن الاقدام على ما لا امن فيه من الخطا و الفساد و ارتكاب ما لا علم فيه من المراد أو الظن الخاص عند العامة اصالة و عند بعض متأخرى الخاصة بدلا
(و السابع) المكلف على المفعول و هم الملئكة و الانس و الجان عند المليين و الاولان عند غيرهم كاليونانيين و العالم باسره عند العارفين و كل كلف بما يناسبه و يناسب عالمه كما قال تعالى (و ان من شئ الاّ يسبح بحمده)
(و الثامن) صفاته المعتبرة في توجه الخطاب اليه و تعلق التكليف به و هى الحيات و العلم و القدرة على الفعل و الارادة و الاختيار
(و التاسع) المكلف به و هو افاعيله الاختيارية المأمور بها ايجاد أو اجتنابًا مع تجويز العكس أم لا
(و العاشر) صفته و هى الحسن ذاتًا و عرضًا أو واحد منهما مع الرجحان خاصة في الانسان
(و الحادى عشر) سبيله و هو الارادة الباقية لتحريك الاركان أو الاسكان المنبعثة من الجنان
(و الثانى عشر) اسبابه و شروطه و هى الايمان بالمكلف تعالى و بصفاته و صدور التكليف منه ثم امتثال ما امر و نهى فذا عرفت هذا.
(فاعلم) ان موضوعات الاحكام التي هى افعال العباد و احوالهم لاتحصى انواعاً فكيف افراد الكونها من اسباب اختيارية من الرب أو العبد نفسه أو غيره أو قسريه اضطراريه من العبد نفسه أو غيره أو طبيعيه كذلك في الانفس أو الآفاق أو فيهما معًا و ذلك لان الحوادث التى تحدث فتصير اسبابًا لتحقق الموضوعات تحتاج الى محدث يحدثها بالحركة و هى أما اختيارية أو طبيعية أو قسرية صادرة من المكلف نفسه أو غيره ربّاً أو عبداً و الصادرة من العبد اما فعل الجنان و اللسان أو الاركان و لنمثل لكل واحد منها مثالا للتبيان فالاول و هو الوارد الالهى الاختيارى و كل افعاله تعالى كذلك كالاماتة و قبض نفس المورث و هى حادثة تكون سببًا لتحقق موضوع الميراث و التركة و يتعلق بها الحكام الفرايض و المواريث و كذلك الامراض الواردة بقضائه تعالى شأنه الموجبة لاسقاط كثير ما كان واجبًا في الصحة كالصوم و الجهاد و الحج و الصلوة قيامًا و غير ذلك المقتضية لوجوب كثير ما كان ساقطًا في الصحة كالحمية و المداواة و ماشابههما
(و الثانى) و هو الصادرة من المكلف باختياره من قبله كالعلم بنجاسة شي الموجب لوجوب ازالتها عن الثوب و البدن عند الصلوة مثلا و الظن بكون الركعة رابعة المقتضى للبناء عليها و الشك الباعث للبناء على الاكثر أو الاقل في الركعات على الاشهر و النادر و الجهل على القول بكونه صفة وجودية في سقوط الاثم و الكفارة في محل و صحة الموضوع في محل آخر كالاجهار في موضع الاخفات و بالعكس و الاستقصاء يطول أو من لسانه كالاقرار بحق زيد في الماليات و القذف في وجوب الحد و الردة في وجوب القتل و التعزير و الحبس باختلاف الاشخاص أو الشهادتين في جوب الحكم بطهارته و حقن دمه و ماله أو من جوارحه و أركانه كالاشارة الى الصيد محرمًا فى وجوب الكفارة و كالايلاج في وجوب الحد في الزنا و كما استحقار الاجور في سائر الاعمال الكسبية و كل فعل صادر من الجنان و اللسان و الاركان اذا اضرب فى الحسن ذاتًا أو عرضًا أو الحسن ذاتًا و القبيح عرضًا أو القبيح ذاتًا و عرضًا أو القبيح ذاتًا و الحسن عرضًا أو بالعكس ترقى الثى اثنى عشر نوعًا الحاصل من ضرب الثلثة فى الاربعة ثم كل من الحسن و القبح اما يدرك بالعقل فقط أو بالشرع فقط أو بهما فيسمى بالحسن و القبيح العقليين و الشرعيين و عقليين شرعيين معًا فيحصل من ضرب الاثني عشر في هذه الثلثة ست وثلثون نوعًا ثم ان لو حظ كل من هذه الانواع باعتبار تخالف جهة الحسن و القبح ذاتًا و عرضًا عقلا و شرعًا بان يكون القبيح ذاتًا و عرضًا بحسب العقل أو يكون ذاتًا بحسب العقل و عرضًا بحسب الشرع أو بالعكس أو بهما معاً في الاول و باحدهما في الثانى أو بالعكس أو يكون القبيح ذاتًا على تلك الاعتبارات و الحسن عرضًا على مثل ذلك أو العكس أو يكون عكس الاول و هو الحسن ذاتًا و عرضًا بجميع تلك الاعتبارات و هذه يرقى الى ما يعسر ضبطه و يحتاج الى كتاب مبسوط اخراج مثال واحد لكل فرض و فرد فتأمل تنل ان شاءالله تعالى
(و الثالث) و هو الصادر من المكلف بطبعه و يجرى فيه كشرط ما جرى في الثاني و ذلك مثل النوم المستوعب لوقت الصلوة الموجب لسقوط الاثم و كذلك فى صحة الصوم مع البقاء على الجنابة الى الفجر فى بعض الصور و كالسهو و النسيان و الخطأ ضد العمد كفلتات الكلام و سبق اللسان و سبق الاصابع في الكتابة فلو تكلم متكلم في الصلوة ساهيًا لم تبطل صلوته ولو سبق لسانه بكلمة كفر لم يأثم و لم يحكم بكفره ولو زاد كلمة فى القرآن غفلة من باب سبق الاصابع لم يأثم و لم يسم محرف القرآن و كالبول و الغايط و الريح و الاحتلام الموجب لوجوب الطهارة المائية أو الترائية عندما اشترط فيه الطهارة أو مطلقًا فى البعض
(و الربع) و هو الصادر من المكلف قسراً كسقوطه من الجدار و في المهاوى و الابار عند دفع الغير اياه و يصير سببًا لاسقاط الاثم عنه و لزوم الدية و القصاص على الدافع و لايتصف الافعال الطبيعية و القسرية بالحسن و القبح عقلا و لا شرعًا و انما محلهما الافعال الاختيارية فقط
و (الخامس) و هو الصادر من غير نفس المكلف و ربه كالضرب الواقع من زيد على عمرو الموجب لقطع يده المقتضى لاسقاط كثير من فوائض اليد و الواجب بها عليه و ذلك الغير اما مكلف فيجرى في افعاله ماجرى في افعال المكلف نفسه بحسب الارادة و الطبيعة و القسر و أما غير مكلف مميز كالصبي المميز و يجرى فى افعاله عمل الارادة و الطبيعة و القسر أيضًا أو غير مميز و هو اما ذو روح كالاسد و الذئب و الثور فى صدور الاهلاك و الافراس أو جهاد كسقوط الجدار أو هبوط الجندل على رأس زيد مثلا الباعث على هلاكه و في العوض حينئذ خلاف ولو استقصينا الضروب و الامثلة لطال المقال و ضاق المجال و من اراد استيفاء الانواع و الضروب و الامثلة فليرجع الى كتابنا الكبير الحجة البالغة
(و السادس) الحوادث الا فاقية كالكسوف و الزلازل و المخاوف في وجوب صلوة الآيات و كالزيادة في الماء اذا بلغ كرافى عدم الانفعال بمجرد ملاقات النجاسة أو النقصان كذهاب ثلثى العصير بالغلى في نجاسته أو طهارته على قول و الانتقال أو الانقلاب أو الاستحالة أو الفقد كفقد الماء فى الاكتفاء بالتراب و ليست هذه الاشياء و الافعال و الحوادث داخلة فى نفس الاحكام الالهية و لا فى الموضوع و انما هى حوادث اختيارية و غير اختيارية تكون سببًا لتحقق موضوعات الاحكام و على الاختيارى منها يترتب المدح أو الذم و الثواب أو العقاب و يتوجه الخطاب و لابد من العلم بتحققها لتوقف حصول العلم بتحقق الموضوعات عليها ثم توقف تعليق الاحكام بها عليها فلابد من العلم بحصول البينة على الزاني للحاكم و لابد من العلم بوقوع الزنا للشهود و لابد من العلم بحصول الظن في البناء على الرابعة مثلا و كذلك لابد من العلم بحصول الشك في الركعات بين الثلث و الاربع للبناء و لابد للعلم بجهله في كونه معذور فيما عذر فيه كالجهر و الاخفات و بعض مسائل الحج و مناسكه الشك و الجهل و سائر الفواحش من الزنا و اللواط و القذف في تحقق موضوعها اعتباره في سبيل احكام الله و نفس احكامه لان القبح الواقع فى بعض الاسباب يرجع الى فاعله الذى لا يمتنع عليه القبح عقلا و شرعًا و احكام الله افعاله فلايوصف الاّ بالحسن الذى لا قبح فيه مطلقًا و قد بينا ان العلم من حيث هو حسن لاتصافه تعالى به و اللاعلم نقيضه مطلقًا و هو لا حسن و الظن فرد من افراد اللاعلم و لايتحقق الفرد بغير تحقق الكلي الذى هو مقدمة و لان الظن لو اعتبر في احكامه تعالى لزم منه اختلاف احكامه باختلاف الظنون (قل لو اتبع الحق اهوائهم لفسدت السموات و الارض) و التعبد بالاختلاف المستلزم للفساد (لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا) بخلاف اعتباره في اسباب الموضوع فانه يستلزم اختلاف الموضوعات و هى فعل العبد و لكل موضوع حكم فالموضوع اذا تغير دخل تحت حكم آخر لكلي آخر و اختلاف افراد الموضوعات الكلية لايستلزم اختلاف احكام الكليات و ذلك لان اختلاف الموضوعات المعللة باختلاف الحوادث و احكام كليات مستوعبة لها كلما خرج فرد من حكم دخل تحت حكم آخر و الواجب على الله تعالى حفظ الاحكام و الطرق الموصلة اليها بحيث تنال و تكليف العباد بسلوكها المستلزم للوصول اليها و على العباد سلوكها لاغير ثم العمل بمقتضاها فعلا و تركًا (و بيان ذلك) ان الامر لا يخلو من وجهين اما تكليف و اما اهمال و لا شك ان التكليف و هو الامر بالمصالح و النهي عن المفاسد اصلح للنظام و الانام بالضرورة دائمًا و كل اصلح واجب فعله على الله عقلا بالضرورة دائمًا عند العدلية فالتكليف واجب على الله بالضرورة دائمًا و كل ترك الاصلح حرام على الله بالضرورة دائمًا فالاهمال لا يجوز على الله بالضرورة دائمًا اذا تقرر هذا فلا يخلو التكليف اما ان يكون على ما اراد الرب أو العبد و الثاني خلف لنقصانهم في درك المصالح و المضار مع دواعي الشهوة و الغضب و الحب و البغض و وسوسة النفس و الشيطان و للزوم ذلك اشتراك كل ملل الباطلة مع الملة الحقة في مقام التكاليف و نجات المنكرين للنبوات و المقرين بها و العاصين للانبياء و المطيعين لهم لايتأن كل منهم مايريدون و للزوم الاختلاط و فقد الفرقان بين المحق و المبطل و السعيد و الشقى و للزوم تعدد الحق أو التكليف بالباطل قال تعالى شأنه (ماذا بعد الحق الا الضلال) و كل ذلك قبيح يرجع قبحه اليه تعالى اذ هو المكلف و التكلف فعله و لايجوز له التكليف الا بما هو الاصلح فتعين الاول و ذلك لان تكليف الله عباده بما أراد اصلح للعباد بالضرورة دائمًا و كل أصلح واجب على الله فعله بالضرورة دائمًا فالتكليف بما أراد واجب على الله فعله بالضرورة دائمًا ثم لا يخلو الامر من وجهين ايضاً اما تكليف بما نصب عليه الدليل القاطع الموصل أم لا و الاول مما لا كلام فيه و الثاني اما نصب دليلا ما يوصل و يتخلف أم لا و الثاني باطل بالضرورة عند العدلية ان لا يجوز للحكيم القادر المتعال ان يكلف العباد بما لم ينصب عليه دليلا اصلا و لم يبين كيفية سلوك سبيله اصلا و الاول و هو الدليل الذى يصيب و يخطئ يستلزم الخروج عن مراده تعالى لولا و هو ينافي غرض التكليف من اصابة مراده تعالى و ترك الاصلح ثانيًا و هو القبيح عليه تعالى اذا التكليف بما لا يحتمل الخطأ اصلح للعباد من التكليف بما يحتمل الخطأ بالضرورة دائمًا و كل اصلح واجب على الله فعله بالضرورة دائمًا فالتكليف بما لا يحتمل الخطأ واجب على الله بالضرورة دائمًا و التكليف بما يحتمل الخطأ و لا يأمن المكلف فيه من الخطأ خلاف الاصلح بالضرورة دائمًا و كل خلاف الاصلح لايجوز على الله فعله بالضرورة دائمًا فالتكليف بما لا يأمن المكلف فيه من الخطأ لا يجوز على الله بالضرورة دائمًا فتعين الاول من الثاني و هو التكليف بما أراد بنصب الدليل القاطع عليه و لا يخلو ذلك من وجهين اما بوحي منه تعالى أو ارادة العقل و العقل لا يستقل بادراك مراد الله تعالى فى اكثر الحوادث بالضرورة دائمًا فتعين الاول و هو الوحى و لا يخلو من وجهين اما بوحى الى نفس المكلف و هو خاصة الانبياء المعصومين سلام الله عليهم اجمعين أو بما ينتهي الى الوحى من بيان امناء الله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين و هو وضيفة الرعية و لايخلو من وجهين اما ان يكون حافظ الوحي و مبينه معصومًا أم لا و الاول لا كلام فيه و الثاني يستلزم الخروج عن الغرض تارة و الاقدام على مالا امن فيه من الضرر اخرى و ترك الاصلح من الله ثالثًا الى غير ذلك من المفاسد و كل ذلك خلف و الاول لا يخلو من وجهين اما ان يكون البيان منه مقطوعًا معلومًا أم لا و الاول لا كلام فيه و الثاني يستلزم التعبد بما لا يأمن المكلف فيه من الخطأ في نفس الحكم الذي هو فعله تعالى و ليس الخطأ في الموضوع مثل الخطأ في الحكم اذ الاول فعل العبد و الثاني فعله تعالى و قبح الفعل يرجع الى الفاعل و العبد لا مانع فى من وقوع الخطأ في افعاله دون الرب تعالى و يستلزم تخلف مراده تعالى الذي هو غرض التكليف و يستلزم الاستغناء عن المعصوم ايضاً لانه اذا جاز التعبد بالمظنون ولو فى الجملة جاز مطلقًا اذ لا فرق عقلا و اذا جاز مطلقًا لزم الاستغناء عن العصمة و السند طريق العقل في حصر الامامة الحقة في ائمتنا عليهم السلام لاجل عصمتهم و هذا خلف و لا فرق بين ان يكون الحكم الحق محفوظًا عند الله بحيث لاينال أو عند امام معصوم بحيث لاينال لوجود الاشتراك فى عدم النيل و بحصول المظنة بالنسبة اليه فى كل الصورتين فيستلزم الاستغناء عن المعصوم ايضًا و الاول لايخلو من وجهين اما بالضرورة و الاشاعة و الاذاعة و لا كلام فيه و اما بالاخبار المتواترة من المخبرين الذين ورادهم المعصوم أو بالمحفوفة بقرائن قطعية خارجية من نفس الخبر كموافقة البرهان العقلى أو الضرورة مطلقًا أو السنة المقطوعة المتواترة أو داخلة فيها كرشاقة الالفاظ و تأثير تركيبها و غلو المعاني و اسلوبها كما يوجد فى ادعية الائمة و خطبهم و مناجاتهم و ندبهم و يجب حفظ الطرق على الله تعالى لحفظ غرض التكليف و يجب علينا طلبه من بابه فلاتكليف بما لايطاق و لا بالظنون المستلزمة للخلاف و الشقاق و لا رتفاعه المستلزم لفساد الانفس و الآفاق (اطلبوا العلم ولو كان بالصين) ، (و طلب العلم فريضة على كل مسلم و مسلمة) و التورية و التقية و الاصلاح ليست من الكذب في شي بعد الاتضاح لان الصدق و هو الاخبار بما هو الواقع و الكذب و هو الاخبار بخلاف الواقع و صفان متضادان من اوصاف الاخبار لايجتمعان فيها و الكلام الخارج مخرج الاصلاح و التقية و التورية ليس اخبار امن المتكلم للسامع و ان خرج بصيغ الاخبار كالدعا بصيغة الماضى المستعملة في الاخبار و انما هو كلام خرج لجلب منفعة أو دفع ضرر يقصدهما المتكلم لا بقصد الاخبار فلايكون متصفًا بالصدق و لا الكذب لا لجواز ارتفاع النقيضين بل لتغير موضوع النص و اليه يشير ماروى عنه (ع) الكلام ثلاثة اقسام صدق كذب و اصلاح فلايكون التكليف بالتقية و الاصلاح تكليفًا بالقبيح مع كونهما في الموضوع لانفس الاحكام لتيقن حقيقته وجوب التقية و حسنها فى محلها فيكون نفس الحكم الذى هو فعل الله تعالى يقيني الصدور و الحسن و الموضوع داخل تحته و الميته قبحها شرعى لان العقل لا يفرق بين ذبيحة المسلم و المشرك و صيدهما فيجوز تخصيصه و ارتفاعه عقلا و شرعًا بخلاف القبيح العقلى اذ لا يخصص مطلقًا فالقول بان كل ما ادى اليه ظنى فهو حكم الله فى حقي قول بان حكم الله الذى هو فعله تعالى تابع لظنه و مدخوله و الظن ذات مركبة من الاحتمال محتملة للزيغ و الضلال و حكم الله لايتصف بالاختلاف و الاختلال فيلزمهم اما سلب الاحتمال من الظن و هو تفكيك بين الذاتيات و هو محال بالضرورة و اما تعدد الحق في الواقع و كونه متصف بالاختلاف و هو خلاف ضرورة الامامية و اما القول بالتكليف الخارج عن الحق و قد قال الله تعالى (و ماذا بعد الحق الا الضلال ) و القول بان حكم الله الواقعى غير الحكم الذى تعبدنا به قول حشو و ملغطة صرف لان الذى تعبدنا به و اخبرنا به النبى و اوصياؤه عن كتابه انكان حكم الله و مطلوبه منا فثبت المطلوب و ان كان حلاف مراد الله منا فقد اوقفنا الانبياء الامناء معاذ الله في خلاف مراده تعالى و ارادوا منا ما لم يرده الله تعالى و التقية حكم الله الواقعى في موضوعه و هو دار الهدنة فليس التعبد به تعبد بغير حكم الله الواقعى في موضوعه و لنردف المرام ببسط من الكلام زيادة في الاحكام قد سالنى بعض الفضلاء المعاصرين ان ابين له مسئله تخلف البينة في الواقع و ترتب المفاسد عليها انهما من فعل الرب و العبد و الى من يرجع فبحها واهى في نفس الاحكام كالظنون الاجتهادية
أو فى موضوعها و أسبابها فبينت هذه المفصلة بتوفيق الملك المنان و تأييد صاحب الزمان عجل الله فرجه و سهل مخرجه و ذلك ان الله قد حكم بانه متى قامت البينة المرضية شرعًا على صدور الزنا من زيد محصن فليقتله حاكم الشرع فنفس التكليف الذى هو فعل الله و حكمه المطاع قطعى عند الحاكم بالضرورة أو الدليل القاطع و كذا توقف امضائه و اجرائه على البينة المرضية قطعي عنده بالضرورة و كذا تحقق تلك البينة قطعى عنده أى هذه هى البينة التى اوقف الله عليها امضاء هذا الحكم و كذا كون الرجل المشهود عليه قطعى عنده أى ان هذا زيد الذي قام على زنائه البينة لاغير فليس شئ من نفس حكمه تعالى و هو وجوب قتل من قامت على زنائه البينة العادلة و لاسببه المتوقف عليه الحكم و هو اقامة الشهادة و لا موضوع حكمه و لا من يجرى عليه الحكم ظنياً عند الحاكم فى الحقيقة ليكون التعبد به هو التعبد بالظن نعم انما المظنون صدور الزنا من زيد الشهود عليه عند الحاكم و هذا الزنا ليس نفس حكمه تعالى و لا فعله تعالى و لا سبب الحكم لان الحكم منوط بالبينة لا بنفس الزنا الاترى كثير ما يزنى الزانى و لا يقام عليه الحد لعدم قيام البينة التامة و ربما لم يزنى فى الواقع و يقام عليه الحد بالبينة التامة فلما كان حكم الله متوقفاً على البينة على زنائه و قيام البينة اعم من صدور الزنا لعدم التلازم عقلا فيختلف فى بعض المواضع و يقتل المشهود عليه البرئ من الجناية و قتل البرئ ظلم و قبيح بالضرورة عقلا و انما ترتب هذا الظلم و القبح على فساد سبب الحكم المعبر عنه بالبينة و هو فعل العباد باختيارهم الذى يترتب عليه الثواب و العقاب على حسب ايجاد منهم و قد دلسوا فيه و كانوا مكلفين بخلافه فترتب عليه قتل البرئ فرجع قبح قتل البرئ الذى هو ثمرة شهادتهم الزور الى انفسهم لا الى نفس الحكم الذى يرجع اليه تعالى و يؤخذ لهذا المقتول من هولاء الشهداء بالعوض و صدور هذ التخلف لاناطة السبب بافعال العباد الاختيارية و لو اجبر الشاهدين لكان منافيًا لغرض التكليف و خرقًا لعادة الشرايع و أما فى محل اناطة اسباب الاحكام بالافعال القصرية فلا تخلف عن الواقع مطلقًا لرجوعه اليه تعالى كوجوب صلوت الكسوف عند الانكساف و استحباب صلوة الاستسقأ عند الجدب و حبس الامطار و ذلك التخلف ليس فى نفس الحكم اذا لحكم منوط بالبينة و لا تخلف فيه و انما التخلف في الشهادة بالنسبة الى المشهود عليه و الشهادة سبب تحقق موضوع الحكم و هو فعل العباد بخلاف الحكم الذى هو فعل الرب تعالى فتدبر.
(قال) المحقق القدوسى نصيرالدين الطوسي طاب ثراه فى التجريد و العوض نفع مستحق خال عن تعظيم و اجلال و يستحق عليه تعالى بانزال الآلام و تفويت المنافع لمصلحة الغير و انزال الغموم سواء استند الى علم ضرورى أو مكتسب أو ظن لا ما يستند الى فعل العبد و أمر عباده بالمضار و اباحته أو تمكين غير العاقل بخلاف الاحراق عند الالقاء فى النار و القتل عند شهادة الزور و الانتصاف عليه تعالى يجب تزائده الى حد الرضا عند كل عاقل و علينا تجب مساواته و قال العلامة الحلى نور (الله) ضريحه في شرحه و اذا طرحما صبيًا فى النار فاحترق فان الفاعل للالم هو (الله) تعالى و العوض علينا دونه تعالى و كذلك اذا شهد عند الامام شاهداً زور بالقتل فان العوض على الشهود و اذا كان (الله) تعالى قد اوجب القتل و الامام تولاه و ليس عليهما عوض لانهما اوجبًا بشهادتهما على الامام ايصال الالم اليه من جهة الشرع فصاراً كانهما فعلاه لان قبول الشاهدين عادة شرعية تجب اجراؤها على قانونها كالعادات الحسية ثم قال العوض الواجب عليه تعالى يجب ان يكون زائداً على الالم الحاصل بفعله أو بامره أو بابًا حته أو بتمكينه لغير العاقل زيادة ينتهى الى حد الرضا من كل عاقل بذلك العوض فى مقابلة ذلك الالم لو فعل به لانه لولا ذلك لزم الظلم اما مع مثل هذا العوض فانه يصير كانه لم يفعل و اما العوض علينا فانه يجب مساواته لما فعل من الالم أو فوته من المنفعة لان الزايد على ما يستحق عليه من الضمان يكون ظلمًا و لا يخرج ما فعلناه بالضمان عن كونه ظلمًا قبيحًا فلايلزم ان يبلغ الحد الذى شرطناه في الآلام الصادرة عنه تعالى انتهى كلامه اعلى (الله) مقامه و كذلك اذا تاملت ها وجدت موضع تخلف عن الواقع في اسباب تحقق الموضوعات الا في الافعال الاختياريه من العباد التي يرجع اثمها و قبحها اليهم و ليس كذلك استنباط الاحكام و تحصيلها بالادلة الظنية و تحصيل الظن بحكم شرعى لانه نفس الاحكام هناك تقع تحت الظن أى نفس الاحكام عنده حينئذ يكون ظنية و انما يقع التعبد بالظن بحكم شرعى و الظن بحكم شرعى اعم من الحكم الشرعي فيستلزم التعبد بغير الحكم الشرعي في بعض المواضع و ليس كذلك في البينات و قيم المتلفات و ارش الجنايات و تعيين الجهات و عدد الركعات مثلا لعدم الاستلزام هناك الخروج عن الحكم الشرعي لقطعيته و لا يقال كما ان الحكم هناك منوط بالبينة الاعم من المطابقة و التخلف فكذلك ههنا التكليف متعلق بالظن الاعم من الحكم الشرعي لانا نقول هذا هو المغالطة و التعبد بالظن في نفس الحكم الذي هو فعله تعالى و نحن بصدد المنع عنه لبطلان التعبد به لما مر بخلاف ما في البينة و أمثالها فهناك قطع بنفس الحكم الشرعي الذي هو فعله تعالى و تعبد بالقطع و ان لم يكن علم بنفس الزنا التى ليست بنفس الحكم و لا يقال ان الظنون الاجتهادية منتهيه الى القطع ايضاً لانا نقول هذا القطع المنتهي اليه اما ضروري و هو خلف لمكان الاختلاف فى هذه المسألة بين الامة و المذهب و القول بحجية الظن اصالة و تبعًا و عدمها و كذلك القول بقبحها عقلا أو شرعًا و اما نظري و هو اما مكتسب من الاجماع فلا يجدى نفعًا في محل النزاع اذ دون اثبات الكشف عن قول المعصوم فيه خرط القتاد بعد تسليم المناقشات في حجيته و امكان تحققه و وقت تحققه عند الارتياد و اما من القاطع العقلي و ليس في العقل دلالة بوجوب التعبدية على الله بل الامر بالعكس على ما برهن عليه أبوجعفر ابن قبة الرازي في كتبه الكلامية و استدللنا عليه ايضاً و اما من الدليل الظني العقلي فالظن لا يثبت بالظن و اما من الكتاب فنصوصه و ضواهره على خلاف ذلك كما بيناء في المطولات و ليس نص على ذلك مع ان دلالة الكتاب عندكم ظنية ايضاً و اما من السنة المقطوعة و لا يوجد فيها نص على هذا بل الامر بالعكس و اما من السنة الغير المقطوعة فغاية ما يفيده الظن و لا يثبت به الظن للزور البين و لا يخفى ان الاجتهاد اما بمعنى مجرد الاستنباط المطلق و التفريغ و الترجيح فلا نزاع فيه و انما النزاع في المعنى المصطلح الذي وقع الظن مقومه قال العلامة رضي الله عنه في التهذيب الاجتهاد لغة استفراغ الوسع في سبيل شاق و اصطلاحًا استفراغ الوسع من الفقيه لتحصيل الظن بحكم شرعي
(و قال) السيد العالم الرباني السيد صدرالدين الهمداني في شرح الوفية قال الفاضل المحقق المدقق رضي الدين و الدنيا في كتابه لسان الخواص بعد ماذكر جملة من تعريفات الخاصه و العامة و المراد من ذكر هذه الحدود تبيين ان المعتبر فى اصله أى الاجتهاد المنزل منزلة فصله هو الظن حتى ان من لم يأخذ لفظ الظن فى تعريفه اخذ ما يجرى مجراه من الاستنباط أو الترجيح أو نحوهما (قول) فعى هذا لابد ان يقولوا بانه لايتألف في الفقه قياس الا و هو مشتمل على ظني انتهى كلام السيد طاب ثراه فصار الحكم في المسائل الاجتهادية داخلا تحت الظن عكس الظن الداخل تحت الحكم المقطوع فتأمل و قال السيد المتقدم ذكره
(قال) رضى الله عنه يعنى المولى رضى الدين بعد ماذكر ان اتباع الظن مذموم (فان قلت) لعل الظن المنهي عن اتباعه لا يشمل هذا الراجح المعتبر في الاجتهاد و لاطلاق الظن على المرجوح و على ماحصل من غير امارة كالاعتقاد المبتدأ و كذا العلم المأمور بطلبه لايختص بالجزم بل يشمل الظن الراجح خصوصًا المتاخم للجزم لا سيما الحاصل من تتبع المدارك الحجية و يمكن ان يرجع الخلاف في هذا المقام حقيقة الى ما اختلف فيه طوائف الخاصة مع العامة من اتباع الظنون الحاصلة من امثال القياس و الاستحسان و المصالح المرسلة فيتحد مأل طريق اهل الاجتهاد من الخاصة مع طريق امثالهم من اهل العلم (قلنا) هذا التوجيه ظاهر الفساد فان من تتبع الحقائق اللغوية و الشرعية المضبوطة عند محققي علماء العربية و الاصول و تأمل في وجوه المحاورات و المخاطبات العلمية ثم انصف من نفسه علم ان العلماء العقلاء لايمكن ان يتشاجروا من قديم الايام فيما كان نزاعهم فيه لفظيًا لاطائل تحته.
(فان قلت) جواز اتباع الظن و الاجتهاد فى بعض المواضع من ضروريات الدين كما في جهة القبلة و قيم المتلفات و اروش الجنايات
(قلنا) ان اهل العلم يفرقون بين نفس الحكم و محله و يقولون ان الاجتهاد فى محل الاحكام مرخص فيه اتفاقًا و انما الممنوع المتنازع فيه بيننا و بين اهل الاجتهاد هو الاجتهاد في نفس الاحكام و اصل مسائلها و ايضًا حصول الظن فى تلك المحال مناط لحصول العلم بجواز العمل بمقتضاه بلا خلاف فيقع العمل على طبق العلم ايضًا و ان توسط الظن و ما توهم من اجراء نظير ذلك فى الظن الحاصل بالاجتهاد و اشتهر ان ظنية الطريق لاتنافى عامية الحكم و بنى عليها العلامة الحلي في التهذيب عدا الفقه من العلم مع كون مسائله اجتهادية مبني على دعوى ان الظنون بعد بذل الجهد فى الطلب معلوم جواز العمل به بامثال الدلائل التي عرفت حالها فتدبر انتهى ما أردنا نقله من كلامه.
و لنظرب امثلة لبيان ان متعلق العلم في الاسباب التى اعتبر فيها الظن و الشك و الجهل ايضًا غير متعلق نفس الظن و الشك و الجهل مثلا و ان قبيح الاسباب التى تتوقف عليها الموضوعات لايرجع الى الله تعالى بخلاف نفس الحكم و التكليف و ذلك انه اذا اعترض السالك طريق يظن فيه السبع أو يظن السلامة و لايأمن فيه من السبع فالعقل يحكم بلزوم الامساك عنه و قبح الاقدام عليه فالتكليف الذى هو فعل المكلف على الفاعل وجوب الامساك عنه و حرمة الاقدام عليه و المكلف به الذى هو فعل المكلف على المفعول هو نفس الامساك و ظن كون السبع في الطريق و عدم الامن فيه من الهلاك سبب لتحقق الموضوع أي الطريق المتصف بكونه مظنون السبع غير مأمون من الهلاك فمتعلق الظن هو نفس السبع الذي ليس نفس الحكم و لا موضوعه و متعلق العلم هو سلوك ذلك الطريق الذي هو موضوع الحكم و وجوب الامساك عن الاقدام الذى هو نفس الحكم فعلم ان متعلق العلم غير متعلق الظن و لا يستلزم وجود الظن في السبب وجوده في الموضوع و لا في نفس الحكم و سبيله فلوكان الظن في نفس الحكم و ما يتوقف عليه لرجع القبح اليه تعالى شانه و هذا هو الفارق البين لمن تأمل و تبين و المثال الآخر، ان قبح الزناء الذي هو فعل العبد و سبب لتحقق الموضوع و هو كون زيد زانيًا لايستلزم قبح نفس الحكم الذى هو فعل الرب و تكليفه فقولنا الزنا حرام جملة موضوعها قبح فعل العبد و محمولها حسن فعل الرب و كذلك قولنا الزاني واجب القتل جملة موضوعها متصف بالقبيح و محمولها حسن و كذلك ايجاد ولد الزنا الذى هو فعل الرب حسن من حيث انه افاضة الوجود من المبدأ الفياض على المحل القابل للوجود بل تركه قبيح لمنع الفيض عن المحل القابل و هو متوقف على ايجاد الزناء الذى هو فعل العبد و قبيح بالضرورة و كذلك افعال ولد الزناء الصادرة بسو اختياره قبيحة يرجع قبحها اليه مع كونها متوقفه على وجوده و ايجاده و هو فعل الرب فلايستلزم نفى القبح عن الايجاد الذى هو فعله تعالى نفى القبح عن متوقفه الذى هو الزنا و لا اثبات القبح لولد الزنا اثباته لموجوده تعالى و ربما يظهر للمتأمل فيا ههنا سر القدر و سر الطينة و سر الاختيار اذا تبين هذا فلا يخفى عليك انه لا يوجد نم اول ابواب الفقة الى اخرها مسئلة اعتبر في دليلها الظن من الشارع من آية أو سنة أو اجماع محقق أو برهان مصدق بل اينما اعتبر فهو في اسباب تحقق الموضوعات كاعتبار الشك و الجهل فيها سواء و لا يصح من الحكيم العليم ايجاب سلوك سبيل لا نأمن فيه من الخطا و الخروج عن الحق ع انه بعث النبى المعصوم و انزل عليه الوحي المحتوم و حفظ شريعته بامام بعد امام برئ من الخطا و الجهل و الانام فحافظ الشريعة معصوم بلطف الله اصالة و من يتبعه يعصم باتباعه تبعًا و لا غير من اطاع الرسول فقد اطاع الله و اتقوا الله و يعلمكم الله و العلم نور و ضياء يقذفه الله في قلوب الاولياء و لايقال ان الانظار غير معصومة فكيف يحصل العلم بافاداتها لان المسائل الاصولية و الفرعية منها ضرورية لا تحتاج الى النظر و منها نظرية يعرض الانظار فيها على المصحح الحقيقي و الميز ان الالهى قول الله المحكم و النص المبرم أو العقل السليم و الفهم المستقيم العقل نور يفرق به بين الحق و الباطل ولولا المصحح فى النظريات بل محسوسات قبح الخطاب بتحصيل الحق في الاعتقادات لكونه حينئذ من المحالات و لايقال ان الكتاب و السنة و هما معظمًا الطرق الى المسائل النظرية لرجوع غيرهما بالآخرة عند مجوزية اليهما محتملان الوجوه الكثيرة بحيث لايكاد ينسد ابواب الاحتمالات فيهما فلايفيدان الاّ ظنًا لان وجوه القرائن السادة لتلك الاحتمالات و انواع الامارت القائمة على تعيين المراد و الدلالات المحكمة على فتحه المفاد اكثر منها و لاتسع هذه الوجيزة تفصيلها فمن ارادها فليرجع الى مصنفاتنا الكبيرة فان فيها ذكر وجوه الاحتمالات اللفظية و المعنوية و الاجوبة التفصيلية عنها مستوفى و كذلك كتب اصحابنا المحدثين رضى الله عنهم كمقدمات تحرير الوسائل و خاتمة وسائل الشيعة و الفوائد الطوسية لشيخنا محمد الحر العاملي و مقدمة شرح التهذيب و الاستبصار للسيد نعمة الله الجزائرى و كذا مقدمات شرح التهذيبين و حجة الاسلام للمولى محمد طاهر القمى و مقدمات شرح الفقيه بالعربية و الفارسية للمولى محمد تقى المجلسي و مقدمات البحار و تحقيق في الاربعين للمولى محمد باقر المجلسي و مقدمات شرح الكافي بالعربية و شرح العدة للمولى محمد خليل القزوينى و مقدمات شرح الكافى و الفوائد المدنية و الفوائد المكية للمولى محمد امين الاسترابادى و مقدمات الوافي و اصول الاصلية و سفينة النجات للمولى محمد حسن الكاشاني و هداية الابرار للشيخ حسين ابن شهاب الدين العاملي و لسان الخواص للمولى رضي الدين القزويني و مقدمات شرح المفاتيح للسيد عبدالله التسترى الجزائري و كذا بعض اجوبته في تصحيح الاخبار في الذخيرة الباقية و الذخير الابدية و غيرهما و مقدمات جواهر البحرين للشيخ عبدالله ابن صالح البحراني رضوان الله عليهم اجمعين مشحونة بذكر قرائن الدالة على صحة هذه الاخبار الموجودة في اصولنا الامامية و وجوب العمل بمقتضاها و تفصيل الشكوك و الشبهات و الاجوبة البرهانية عنها بابسط بيانات و عبارات و كذلك شهادة ثقة الاسلام و الشيخ الصدوق فى اول الكافي و الفقيه و شهادة ابن قبة الرازى و قد نقلها الصدوق في الا كمال و شهادة المرتضى فى بعض رسائله و الشيخ في اول التهذيبين و مبحث الاخبار من العدة و السيد جمال الدين ابن طاوس و المحقق الحلي و الشهيدين فى اول الذكرى و الدراية و الشيخ بهاءالدين و غيرهم من محققي المحدثين و الاصوليين نور الله مراقدهم اجمعين و نحن اخرجنا شهاداتهم و عباراتهم في الحجة البالغة و الكتاب المبين و انما غرضنا فيما ههنا الاشارة لا الاطالة و احسن الادوية لداء الجهالات و امراض الشكوك و الشبه و الاحتمالات اخلاص النية من ثبوت الطبيعة ثم التتبع في انحاء كلام الهدات و فنون الاخبار الواردة في الاصول و الفروع و السماء و العالم و الادعية و الخطب و الندب و المناجات فان لها تأثيراً عجيبًا و اسلوبًا غريبًا و نوراً ساطعًا و بهاءاً لامعًا تعرف بها من سائر الكلمات (كلامكم نوراً و مركم رشد) ان لكلامنا نوراً و حقيقة فما لا حقيقة له و لا نور فهو كلام الشيطان) و هذا طريق تصحيح البالغين الواصلين العارفين و الاول طريق الظاهرين القشريين فالعارفون يصححون المباني بالمعاني و الظاهريون يحكمون على المعاني بالمباني فسفرهم من الحقيقة الى المجاز و سعى هؤلاء من المجازاً الى الحقيقة لوقادهم دليل التوفيق و صحبهم اخلاص النية فى الطريق :
يك چند چراغ از رو هر يوسف كن***قطع نظر از جمال هر يوسف كن
زين شهدى است كه بكامت چو رسيد***از لذت اگر مست نكردى تف كن
دل منور كن به انوار جلى***چند باشى كاسه ليس بوعلى
چند حكمت از حكمت يونانيان را هم بدان :
(نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُو لَحَـفِظُونَ )،(وَ الَّذِينَ جَـهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ )،(إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ )،(وَاللَّهُ رَءُوفُم بِالْعِبَادِ ) و لنبين صورة ما حققناه فى الدائرة الموضحة
(و الصاد) فيها علامة الصحيح
(و الباء) الموحدة علامة الباطل
(و العين) علامة العقل
(و الشين) علامة الشرع
(و القاف) علامة الانفاق
(و الفاء) علامة الخلاف
(و الميم) علامة المطلق
(صعشق) معناه صحيح عقلا و شرعاً بالاتفاق و
(بعشق) معناه باطل عقلا و شرعاً بالاتفاق
و (بعشفم) معناه باطل عقلا و شرعاً على خلاف مطلقًا يعني الخلاف أو لا في البطلان فذهب المتكلمون و قدماء الامامية و شواذ من العامة اليه و جمهور العامة الى صحته اصالة و مشهور جمع من المتأخرين من مجتهدى الامامية الى صحته تبعًا و بدلا و ثانيًا فى وجه البطلان فذهب المحققون من المتكلمين الى بطلانه عقلا كابى جعفر بن قبة الرازى و المحقق الطوسي قدس سرهما و يوافقهما فيه العارفون و المكاشفون و جمهور المبطلين له الى بطلانه شرعًا كالمفيد و المرتضى و ابن زهره و ابن البراج و ابن ادريس و ابن سنان رضى الله عنهم بل صرح صاحب الوافية بانه ماوجد مصرحًا بجواز العمل على الاحاد بهذا المعنى المتنازع فيه ممن تقدم على العلامة طاب ثراه و ذلك لعدم تجويزهم العمل على الظن و الاحاد التي عمل بها شيخ الطائفة ترجع الى المتواترات و القطعيات بانضمام القرائن كما فهم المحقق الحلي طاب ثراه من عبارته و صرح به فى المعتبر فاعتبر محلة صحة العلم باقسامه في جميع الصور معلومة لانه غاية يدرك بها الغايات و يعرف الهويات و يؤمن من الخطا في التعبدات و كذلك وجه بطلان اللاعلم بانواعه المذكورة فيما يتعلق بالمكلف تعلى شأنه أو يرجع اليه معلوم مقابلة مامضى و عامدات و وجه صحة انواعه فى اسباب التكليف تفصيلا ولو سبب بطلانها اجمالا هو أننا اذا علمنا المكلف تعالى و حكمته و قدرته فلا يضرنا الجهل و عدم العلم بعلة فعله بالخصوص و التفصيل مع العلم الاجمالي بانه لايفعل الا الاصلح و وجه بطلانها فى صفة التكليف واضح اذ لابد للمكلف العالم بحكمة المكلف تعالى و قدرته ان يعلم تكليفه لئلا يخطو الى غيره (و من يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ماتولى و نصله جهنم و من يتبع غير الاسلام دينا فلن يقبل منه و ان الدين عند الله الاسلام ثم (قال تع) و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله اللذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبيلنا و من يتق الله يجعل له مخرجًا و الخلاف فيه من نفاة الحكم العقل من المجبرة و الاشاعرة انه يجوزون التكليف بما لا سبيل اليه ايضاً و فساده بين لرجوع القبح اليه تعالى فسبب الخلاف فى (بعشقم) أى بطلان فردى الاعلم فى سبيل التكليف عقلا و شرعًا على الاطلاق في البطلان وجهه ظاهر لان المحققين الذين نفذة بصائرهم الى ان التكليف فعل الله و يجب عليه حفظ مقدماته و لايجوز فيه و فيها القبيح لرجوعه حينئذ اليه تعالى و ان اللاعلم لاحسن و اللاحسن خلاف الاصلح و خلافه قبيح منعوا عنه فيه و فيها عقلا و الشرع لاينفك عن العقل الصحيح عند المحققين و من المانعين من لم يقدر على اثبات البرهان العقلى و رأى الظنون قد تعتبر فى اسباب تحقق الموضوعات فقال بالمنع عنها شرعاً روماً لجواز التخصيص فيه و كون الظن من افراد اللاعلم ضرورى و كذا كون اللاعلم نقيض العلم و كذا كون العلم حسن لا قبيح لاتصافه تعالى به مطلقًا و قبح المعلوم فى بعض الصور لايستلزم قبح العلم و لا يسرى اليه مايعرض الافراد فلزم لا محالة كون الظن من افراد اللاعلم و كون اللاعلم لاحسن لعدم اتصافه تعالى به مطلقًا
(و لايقال) ان الكلي قد يخصص
(لانا نقول) ان الاحكام العقلية لا تخصص اتفاقًا و القبح الذاتى لاينفك و الفرد بغير الكلي لا يتحقق و افعاله تعالى و منها التكليف لا يوصف بالاحسن و اللااصلح عند العدلية و اما الاسباب فهي الحوادث المنسوبة الى الواجب و الممكن باختياره و بالعكس فيقع فيها الجهل و الوهم و الشك و الظن و سائر افراد اللاعلم فيتحقق بها الموضوعات و يتعلق بها الاحكام و تلخيص المرام ان العلم بافراده فى الصور جميعًا
(صعشق)
و الجهل بافراده (بعشق) الا فى اسباب المكلف به ففيها (صعشق)
و فى سبيل التكليف (بعشقم)
و فى المكلف به و صفته (بعشف) في صورة التقليد و الظن
و (بعشق) فى البافى فتأمل و كل ماانقطع عنا من المعلوم و خفى من الاحكام فالتكليف بالنسبة اليه ساقط لايكلف (الله) نفسًا الاّ ما اتاها و الثواب على النية مترتب و العقاب على المانعين و حالنا فى الغيبة حال الضعفاء الممنوعين عن النبى (ص) بمكة و نسبة الامام الينا نسبة النبى (ص) اليهم اذ لا فرق بين الجزيرة و الحيرة و مكة و المدينة مع عدم التمكن و ما كان لهم ان يتكلفوا بتأسيس القواعد الظنية و الاستنباط منها بغير الادلة العلمية بل كانوا بما في ايديهم مكلفين و عما سواه معرضين و نجن كذلك و الحمدلله رب العالمين
و لايلزم الاهمال لمكان الضروريات و العقليات و المتواترات و الاحتياطات و الله يهذى من يشاء الى صراط مستقيم
سبحانك اللهم ما اضيق الطريق على من لم تكن دليله و مااوضح الحق عند من هديته سبيله فاسلك بنا سبيل الوصول اليك و سيرنا في اقرب الطرق للوفود عليك و قرب الينا البعيد و سهل علينا العسير الشديد
(خاتمة قال) جمال المحققين فى حاشية شرح المختصر على دليل انسداد باب العلم مالفظه و يرد عليه ان انسداد باب العلم بالاحكام الشرعية غالبًا لايوجب جواز العمل بالظن فيها حتى يتجه ماذكره لجواز ان لايجوز العمل بالظن فكل حكم حصل العلم به عن ضرورة أو اجماع يحكم به و ما لم يحصل العلم به يحكم فيه باصالة البرائة لا لكونها مفيدة للظن و لا للاجماع على وجوب التمسك بها بل لان العقل يحكم بانه لا يثبت تكليف علينا الا بالعلم به أو ظن يقوم على اعتباره دليل يفيد العلم ففيما انتفى الامر ان فيه يحكم العقل ببراءة المة عنه و عدم جواز العقاب على تركه لا لان الاصل المذكور يفيد ظنا بمقتضاها حتى يعارض بالظن الحاصل من اخبار الآحاد بخلافها بل لماذكرنا من حكم العقل بعدم لزوم شي علينا ما لم يحصل به العلم على احد الوجهين و كان لنا مندوحة عنه كعسل الجمعة مثلا فالخطب سهل اذ نحكم بجواز تركه بمقتضى الاصل المذكور و اما فيما لا مندوحة عنه كالجهر بالتسمية و الاخفات بها في الصلوات الاخفاتية قال بوجوب كل منهما قوم و لا يمكن ترك التسمية فلا محيد لنا عن الاتيان باحدهما فنحكم بالتخيير فيهما لثبوت وجوب اصل التسمية و عدم ثبوت خصوص الجهر أو الاخفات فلا حرج لنا في شي منهما و على هذا فلا يتم الدليل المذكور لانا لانعمل بالظن اصلا
(و قال) السيد صدر الملة و الدين طاب ثراه في شرحه في ذكر ادلة القوم و منها ما استنبط من احتجاج ابن سريح فانه اورد حجته لوجوب العمل بخبر الواحد فاستفيد منها ما يجري في وجوب العمل بالظن و هو ان مخالفة ما ظنه المجتهد حكم الله مظنة الضرر و دفع الضرر المظنون واجب و الجواب على ما يستفاد من كلام المحقق فى اصوله في مبحث العمل بالاخبار و هو منع ان مخالفة الظن مظنة للضرر و هذا لان علمنا بوجوب نصب الدلالة من الشارع على ما يتوجه التكليف به يؤمننا الضرر عند صدق الخبر ثم ما ذكره منقوض برواية الفاسق بل برواية الكافر فان الظن يحصل عند خبره لا يقال لولا الاجماع لقلنا به لانا نقول حيث منع الاجماع من اطراد هذه الحجة دل على بطلانها لان الدليل العقلى لايختلف بحسب مظانه و على مانقل من شارع المختصر و وحيد عصره جمال الملة و الدين رحمة الله في حاشيته على هذه الشرح هو منع الوجوب بل هو اولى الاختياط و على تقدير التسليم فالمسلم في العقليات الصرفة المتعلقة بامر المعاش دون المسائل المتعلقه بالمعاد فان العقل مستقل بمعرفة حكم العقليات دون الشرعيات اقول انظر الى منع هذين التحريرين للوجوب مع الظن ثم انظر الى من يدعي الوجوب مع الاحتمال انتهى و قال المحقق الخونساري قدس سره في شرح الدروس حيث نقل رواية مرسلة عن على بن جعفر عن التهذيب ما لفظه الظاهر ان الشيخ ما حذف اول سنده من الروايات فى الكتابين انما اخذه من الاصول المشهورة أو المتواترة انتسابها الى اصحابها كتواتر انتساب الكتابين اليه الان و كذا سائر الكتب المتواترة الانتساب الى مؤلفيها ثم في آخر الكتابين انما ذكر طريقه اليها للتبرك و التيمن و لمجرد اتصال السند والا فلا حاجة اليه كما اشار اليه نفسه ايضاً في آخر الكتابين و حينئذ اذا كان في الطريق من لم يوثقه الاصحاب فلا ضير انتهى و قال خاتم المحدثين المولى المجلسى طاب مثواه فى بيان الحديث الخامس و الثلثين من كتاب الاربعين الذي رواه الكليني عن محمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان عن بن ابي عمير بعد ان حقق و بين ان محمد بن اسماعيل هذا هو البندقي النيسابورى ما لفظه ان جهالته لا يقدح في صحة الحديث بوجوه الاول ان رواية الكليني عنه في اكثر الاخبار التى اوردها فى الكافي و اعتماده عليه تدل على ثقته و عدالته و فضله الثاني ان الفضل لقرب عهده الكليني و اشتهاره بين المحدثين لم يكن الكلينى محتاج الى واسطة قوية بينه و بينه و لذا اكتفى به في كثير من الاخبار الثالث ان الظاهر ان هذا الخبر مأخوذ عن كتاب ابن ابى عمير كما لا يخفى على من له ادنى تتبع و كتب ابن ابي عمير كانت اشهر عند المحدثين من اصولنا الاربعة عندنا بل كانت الاصول المعتبرة الاربعمائة عندهم اظهر من الشمس في رابعة النهار فكما لنا لانحتاج الى سند لهذه الاصول الاربعة و اذا اوردنا سنداً فليس الاّ للتيمن و التبرك و الاقتداء بسنة السلف و ربما لم نبال بذكر سند فيه ضعف و جهالة لذلك فكذا هؤلاء الاكابر من الموثقين لذلك كانوا يكتفون بذكر سند واحد الى الكتب المشهورة و انكان فيه ضعيفًا و مجهول فهذا باب واسع شاف نافع أن أتيتها يظهر لك صحة كثير من الاخبار التى وصفها القوم بالضعف و لنا على ذلك شواهد كثيرة لا يظهر على غيرنا الا بممارسة الاخبار و تتبع سيرة قد مائنا الاخيار و لنذكر هنا بعض تلك الشواهد ينتفع بها من لم يسلك مسلك المتعسف المعاند الاول انك ترى الكلينى رحمة الله يذكر سنداً متصلا الى ابن محبوب أو الى ابن ابي عمير أو الى غيره من اصحاب الكتب المشهورة ثم يبتدي بابن محبوب مثلا و يترك ماتقدمه من السند و ليس ذلك الا لانه اخذ الخبر من كتابه فيكتفى بايراد السند مرة واحدة فيظن من لا درية له في الحديث ان الخبر مرسل الثاني انك ترى الكليني و الشيخ و غيرهما يروون خبر أو احداً في موضعين و يذكرون سند الى صاحب الكتاب ثم يوردون هذا الخبر بعينه في موضع اخر بسند اخر الى صاحب الكتاب أو بضم سند أو اسانيد غيره اليه و تراهم لهم اسانيد صحاح فى خبر يذكرونها فى موضع ثم يكتفون بذكر سند ضعيف في موضع اخر و لم يكن ذلك الاّ لعدم اعتنائهم بايراد تلك الاسانيد لاشتهار هذا الكتاب عندهم الثالث انك ترى الصدوق رحمة الله مع كونه متأخراً عن الكليني اخذ الاخبار في الفقيه عن الاصول المعتمدة و اكتفى بذكر الاسانيد في الفهرست و ذكر لكل كتاب اسانيد صحيحة معتبرة ولو كان ذكر الخبر مع سنده لاكتفى بسند واحد اختصاراً و لذا صار الفقيه متضمنًا لصحاح الاخبار اكثر من سائر الكتب و العجب ممن تأخره كيف لم بقتفي اثره لتكثير الفائدة و قلة حجم الكتاب فظهر انهم كانوا يأخذون الاخبار من الكتب و كانت الكتب عندهم معروفة مشهورة متواترة الرابع انك ترى الشيخ رحمة الله اذا اضطر في الجمع بين الاخبار الى القدح في سند لا يقدح فيمن هو قبل صاحب الكتاب من مشائخ الاجازة بل يقدح اما في الكتاب أو فى من بعده من الروات كعلى بن حديد و اضرابه مع انه في الرجال ضعف جماعة ممن يقعون في اوائل الاسانيد الخامس انك ترى جماعة من القدماء و المتوسطين يصفون خبراً بالصحة مع اشتماله على جماعة لم يوثقوا فغفل المتأخرون عن ذلك و اعترضوا عليهم كاحمد بن محمد بن الوليد و احمد بن محمد بن يحيى العطار و الحسين بن الحسين بن ابان و اضرابهم و ليس ذلك الا لماذكرنا السادس ان الشيخ قدس الله روحه فعل مثل مافعل الصدوق رحمه الله لكن لم يترك الاسانيد طراً في كتبه فاشتبه الامر على المتأخرين لان الشيخ عمل لذلك كتاب الفهرست و ذكر فيه اسماء المحدثين و الروات من الامامية و كتبهم و طرقه اليهم و ذكر قليلا من ذلك فى مختم كتابي التهذيب و الاستبصار فاذا اورد رواية ظهر على المتتبع الممارس انه اخذه من شي من تلك الاصول المعتبرة و كان للشيخ فى الفهرست اليه سند صحيح مع صحة سند الكتاب الى الامام عليه السلام و ان اكتفى الشيخ عند ايراد الخير بسند فيه ضعف السابع ان الشيخ رحمه الله ذكر في الفهرسة عند ترجمة محمد بن بابويه القمي ماهذا لفظه نحو من ثلثمائة مصنف اخبرنى بجميع كتبه و روايته جماعة من اصحابنا منهم الشيخ ابو عبدالله محمد بن محمد بن النعمن و ابو عبدالله الحسين بن عبدالله الغضائرى و ابوالحسن بن جعفر بن الحسن بن حكة القمي و ابو زكريا محمد بن سليمن الحمرانى كلهم انه انتهى فظهر ان الشيخ روى جميع مرويات الصدوق نور الله ضريحهما بتلك الاسانيد الصحيحة فكلما روى الشيخ خبراً عن بعض الاصول التي ذكرها الصدوق في فهرسته بسند صحيح فسنده الى هذا الاصل صحيح و ان لم يذكر في الفهرسة سنداً صحيحًا اليه و هذا ايضاً باب غامض دقيق ينفع في الاخبار التي لم تصل الينا من مؤلفات الصدوق رحمه الله فاذا احطت خبراً بماذكرنا لك من غوامض اسرار الاخبار و انكان ماتركنا اكثر مما اوردنا و اصغيت اليه بسمع اليقين و نسيت تعسيفات المتعصبين و تأويلات المتكلفين لا اظنك ترتاب فى حقيقة هذا الباب و لاتحتاج بعد ذلك الى تكليفات الاخباريين فى تصحيح الاخبار و الله الموفق للخير و للصواب
و لنا في تصحيح الاخبار طرق اخرى لايسع هذا الكتاب لايرادها و عسى ان يقرع سمعك فى تضاعيف بعضها و قال افضل المحدثين المولى محمدتقي المجلسي رضى الله عنه فى المقدمه الحادية عشر من شرح من لا يحضره الفقيه بالفارسية ما لفظه وليكن اكثر متقدمين ماحكم بصحت جميع كرده اند چنانكه از ديباچه كافى و اين كتاب ظاهر مى شود كه حديث غير صحيح را در كتاب هاى خود نقل نموده است و ظاهر صحت نزد قدماء است كه معلوم بوده باشد كه حضرات ائمه من صلوات الله عليهم فرموده اند و اين علم ايشان را ميسر بوده است بواسطه كتب بسيار كه از اصحاب ائمه به ايشان رسيده بود لهذا بر مقيد بسند نشده اند و تجربه كرده ام كه بسيارى از اخبار كه كلينى رحمه الله مرسل روايت كرده است صدوق رحمه الله و غير او آن را سند بطرق صحيحه روايت كرده و از كتاب تهذيب و استبصار شيخ طوسى رحمه الله نيز ظاهر است كه او نيز اخبار را از كتب معتمده نموده است و اين معنى ظاهر است كه مداد قدماى ما بر كتاب هايى بوده است كه ثقات اصحاب ائمه معصومين صلوات الله عليهم از حضرات روايت كرده بوده اند وليكن چون هر روز هر چه مى شنيدند در كتاب خود مى نوشتند و آن كتب نزد علماء محفوظ بود وليكن اخبار آن ها منتشر بود جمعى ديگر از فضلاى اصحاب ائمه عليهم السلام مثل محمد بن ابى عمير و صفوان بن يحيى و حماد بن عيسى بزنطى آن كتب را مرتب ساخته كتاب ها تصنيف نمودند به ترتيب كتب فقهى و روايات مثل زراره و محمد بن مسلم و بريد و فضيل و ليث و امثال ايشان در كتب خود نقل مى نمودند معاصران ايشان ملاحظه اصول با فروع مى نمودند هر كتابى كه اصلا غلط در آن نبود و روات آن ها در نهايت عدالت و فضيلت بودند بلكه مدائح ايشان و كتاب هاى ايشان را از حضرات شنيده بودند از ميان چندين هزار كتب چهارصد كتاب اعتبار نمودند و اجماع بر عمل به اين كتب واقع شد و فضلاى ثلث رضا الله عنهم اكثر بلكه همه آنچه نقل نمودند در اين كتب اربعه از آن چهارصد اصل نقل نموده اند الى ان قال ليس بنابراين ممكن است وجود اخبار متواتره در آن كتب اربعه با اينكه الحمدلله رب العالمين كشبي دمل از علماى اخبار هست كه مؤتيد اين اخبار مى تواند شد مثل كتاب محاسن برقى و قرب الاخبار سناد حميرى و بصائر الدرجات صغار و غير اين ها اذ كتث و در روضه اشاره به همه شده است در ضمن تأييد اخبار الى ان قال و همچنين احاديث مرسل محمد بن يعقوب كلينى و محمد بن بابويه قمي بلكه جميع احاديث ايشان كه در كافى و من لا يحضر است همه را صحيح مى توان گفت چون شهادت اين دو شخص بزرگوار كمتر از شهادت اصحاب رجال نيست يقيناً بلكه بهتر است از جهت آن كه ايشان كه صحيح مى گويند معنى آن است كه تعين حضرات معصومين صلوات الله عليهم فرموده اند بوجهى كه ايشان را يقين حاصل شده است الى ان قال و غرض بنده از اين ضبط باصطلاح متأخرين اين است كه چون اكثر مرم به آن مأنوس شده اند مخالفت ايشان سبب عدم اعتماد ايشان مى شود انتهى
(و قال) اورع المحدثين المولى محمدطاهر القمي قدس سره فى اول كتاب بهجة الدارين فى الامر بين الامرين ما لفظه موعظة بليغة اعلموا يا اخواني رحم الله ان الله خلقكم فسوايكم و عدلكم فى أى صورة ما شاء ركبكم ثم السبيل يسركم و فهمكم ما به كلفكم و على فهم ما اراد منكم فطركم ثم بالرسول ايدكم و بالاخذ بما اتاكم امركم و بوجوب اتباعه اخبركم ثم بآل الرسول شرفكم و بمشكاوة علمهم نوركم و بوجوب اتباعهم الزمكم و عن اطاعة غيرهم حذركم فاياكم اياكم بن اتباع من عداهم و تقليد من سواهم من الحكماء و المتكلمين و لا يتعاظم عندكم اراؤهم و ان عظم فى اسماعكم اسماؤهم فلا تستبعدوا اتفاقهم على الخطا فان المعصوم من عصمة الله و المحفوظ من حفظه الله فعليكم بكتاب الله و سنن رسول الله (ص) و احاديث حجج الله المعصومين من الخطا المحفوظين من اتباع الهوى صلوات الله عليهم مادامت السموات العلى و الارضون السفلى (فان قلت) كيف يمكن التمسك فى المسائل العلمية و المطالب القطعية بالاخبار المرويه بسند احاد
(قلنا) ليس الامر كما توهمت بل المعاني المتواترة فى آثار الائمة (ع) كثيرة جداً و ما لايكون من الاخبار متواتر لانقولنها بنفسها حجة من الاصول بل ربما يكون مشتملة على الادلة القاطعة و البراهين الساطعة فمن هذه الحيثية تفيدك العلم و اليقين و توصلك الى اوضح مناهج الدين و تخرجك من ظلمات شبه الشياطين و تنجيك من وساوس شكوك المجادلين و بهذه الشبهة التى اجبنا عنها ترك من ترك آثار الائمة المعصومين و هلك من هلك بمخالفة الدين المبين فان اردت استخراج دينك من اثارهم و استنباط مطالبك من اخبارهم فعليك بعلاج نفسك المريضه من ورود الشبه المشككه و الشكوك الموسوعة بمداومة ذكر الموت فانه جلاب للقلوب و مطهر للنفس عن العيوب ثم عليك بتقويتها بذكر فلماصح قلبك و طابت نفسك استعمل مادللناك عليه ترى العجب ان شاء الله انتهى كلامه رفع مقامه .
نصحتك علما بالهدى و الذى أرى***موافقتى فاختر لنفسك مايحلو
و انما اقتصرنا على شهادة المحققين المقدسين من المتأخرين لكونهم مقبولي الشهادة عند الطائفة اجمعين من الاخباريين و المجتهدين و المتوسطين و لان القوم يعتذرون عند شهادة علم الهدى و اشباهه بان ذلك لقرب زمانهم بنواميس الشرعية اذ لا خلاف بين العقلاء في الاعتماد على ثقات الفن في فنونهم و سيما اذا كانوا من عيونهم و من اراد الاستغناء فعليه بما سمحت به اقلامنا فى حرز الحواس و كتاب الحجة البالغة و الحكمة البالغة و الكتاب المبين و الشهاب الثاقب و سيف الله المسلول و كتاب اعصار فيه نار و رسالة كشف القناع عن عور الاجماع و كوثر الاسرار في شرح معظلات البحار و غير ذلك من الكتب و الرسائل الصغار و الكبار و ما اردت الا الاصلاح ما استطعت و ما توفيقى الا بالله عليه توكلت و اليه انيب كتبه مؤلفه ابو احمد محمد ابن عبد النبي ابن عبد الصانع النيسابورى الخراساني في آخر صفر من اول السنة التاسعة من العشر الاول من المائة الثالثة من الالف الثاني من سنى الهجرة المصطفوية حامداً مصليًا مسلمًا في مشهد الطف بكربلا .





0 التعليقات:

إرسال تعليق