Ads 468x60px

الأربعاء، 26 ديسمبر 2012

كشف القناع عن عورة الاجماع

كشف القناع عن عورة الاجماع






كتــــاب

كشف القناع عن عورة الاجماع


القناع عورة الاجماع




بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرّحيمِ

الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام علي نبينا محمد و آله المعصومين.

المقدمه
و بعد: فقر رأيت أن أقدم- هذا الكتاب- الصغير في حجمه، الكبير في نفعه إلي الذيه نزعوا رداء التعصب إلي طلاب الحق و أنصار الحقيقه، الي الذين نزعوا رداء التعصب إلا للحق، حيث أصبحت في عداد المهملات، و لم يبق منها إلا أسماؤها في- كتب التأريخ و التراجم-.
و في ذلك فائدتان: «الأولي» نشر التراث و ما يترتب عليه من تعظيم شعائر الله تعالي. «و الثانية» إلقاء الحجة علي- من يريد الاطلاع علي احقائق-‌، ليسلك نهج الحق و يخلع رداء العصبية «عصبية الجاهليه» فاحق أحق أن يتبع.
وقد آثرنا- إختصار المقدمة هنا، علي أن نوفي المترجم له حقه في مجال آخر-. و رتبنا البحث علي الصورة الآتي ذكرها:

أولاً: المؤلف
أبو أحمد جمال الدين المعروف بـ (الميرزا الأخباري) محمد بن عبد الني بن عبدالصانع.
علوي حسيني- من حيث النسب- نيشابوري خراساني من حيث- المولد-. (ولد: يوم الأثنين 21/ ذق 1178 هـ).
و أستشهد في بغداد و دفن بداره في مقابر قريش (الكاظمية). و كانت حادثة قتله حادثة نكراء علي يد غوغاء العوام عام 1232 الهجري، أيام تولي (داود باشا) العثماني مقاليد الأمور ببغداد، و كانت الفوضي قد عمت العراق حينذاك، و قد قتل المترجم له في تلك الفترة المضطربة التي خلت من كل نظام كافل لحياة الناس و أمنهم.
وقد ترك بعده ولدا واحداً له من العمر (12 سنة تقريباً) هو جدنا المرحوم العلامة الزاهد السيد (ميرزا علي) فقد شاء الله تعالى له النجاة، و كان السبب في سلامته من- القتل- بعض الأطياب من- جيرانهم-.
و بعد هدوء الحالة- نسبياً- خرج السيد الشباب من (الكاظمية) متجها الي البصرة، و هو يريد إيران- و قد سلك طريق السفن في نهر الفرات لسبب لاأعلمه-.
فلما وصل منطقة: (ناحية كرمة بني سعيد- التابعة لقضاء سوق الشيوخ- لواء ناصرية المنتفك) عرفه بعض أهل العلم- هناك- و كان من طلاب أبيه و محبيه، فأعترض سبيله و أشار عليه بالبقاء عنده حذراً من سوء المصير، فقد كان الطريق- كثير السلب و النهب- و قد شاء الله أن يكون- السيد الشباب- علماً للهداية في تلك الربوع.
و للمترجم له_ ره- حفيد واحد هود: (عبد النبي إبن السيد العالمة الشهيد الميرزا أحمد بن المترجم له) و قد أستشهد- أحمد اكبر الولدين- مع أبيه، و بقي عبد النبي و هو طفل صغير ذهبت به أمه الي إيرالن. و ذريته الآن في (سبزوار. و طهران. معروفون من اهل الثروة و الجاء منهم التاجر المعروف في سبزوار: السيد ميرزا حسن الأخباري إبن السيد أحمد بن السيد الشهيد الميرزا علي بن السيد عبد النبي إبن السيد أحد بن السيد الشهيد الميرزا الأخباري المترجم له).
و اخيراً أقول: حدثني المصلح الكبير السيد الأجل هبة الدين الحسيني الشهرستاني- ره_ في مكتبته العامة في صحن الامامين الكاظمين-ع- أنه زار بنفسه قبر- جدنا- في سرداب داره في محلة الشيوخ، إحدي محلات (الكاظمية).
و حدثني- ره- أيضاً: إنه سمع ممن يثق بتواه، أنه طالما سمعت أصوات من ذلك السرداب علي «شكل نحيب و ندبة خصوصاً ليالي الجمعات».
و لم يحدد لي تأريخ زيارته- ره- لقبر الجد. أنتهي، و الله تعالي علي ما قلته رقيب.

مؤلفاته
كفي الرجل شرفاً و فخراً أن بقي له من الآثار العلمية ما يزيد علي (80) بين كتاب ضخم و رسالة صغيرة، في علوم شتي تدل علي سعة أطلاعه و تعمقه فيما كتب. و قد أعطي- ره- خلاصات مقيدة كافية لعدد- هائل- من العلوم العقلية و النقلية و الرياضية، و الطبية، في كتابه الجليل: (ذخيرة الألباب لكل علم فيه باب). لايزال مخطوطاً مع الاسف أقول: قد يتعذر علي خصومه في (زمانه) أن يعرفوا أسماء بعض تلك العلوم التي أوجزها- ره-. و قد شهد في علو مكانته العلمية ألد خصمه و شانئيه، كما يظهر ذلك لمان تتبع اخباره، فمن ذلك مثلاً قول- شانئه- صاحب روضات الجنات: (لاشبهة في غاية فضليه ووفور علمه و جامعيته لفنون المعقول و المنقول و رباعيته في الفروع و الأصول، و لا في عتاقة ذهنه الوقاد، ووقادة فهمه النقاد. كما إعترف بها كل ناقد ءستاذ) إنتهي.
و هذه شهادة- و كثير أمثالها في كتب أخري فارسية و عربية- و الجدير بالذكر أنها صادرة عن رجل يظهر من كلامه- بعد هذا الاعتراف- الحقد الدفين في صدره ... و الله اعلم بالسبب.
و العلو قدره و مكانته العلمية المرموقة- و صراحته و جرأته- خافه فلان و فلان علي دنياهم و خافهم علي دينه.
و لم يحتفظ لنا (الدهر) بآثاره العلمية كلها إلا بالكتب و الرسائل التالي ذكرها (علي ما يحضرني الآن):
1- تسلية القلوب الحزينة الجاري مجري الكشكول و السفينة- 10 ج - خ .
2- الكتاب المبين في إثبات إمامة الطاهرين- ع- خ.
3- منية المرتاد في ذكر نفاة الاجتهاد- خ.
4- ارجال الكبير- خ.
5- كليات الرجال- خ.
6- تقويم الرجال- خ.
7- مصادر الأنوار في الاجتهاد و الاخبار- طبع في النجف
8- فتح الباب الي الحق و الصواب- طبع في النجف.
9- الشهاب الثاقب- خ.
10- ميزان التمييز في العلم العزيز- خ.
11- دوائر العلوم و جداول الرسوم- خ.
12- ذخيرة الألباب الي كل علم فيه باب- خ.
13- فصل الخطاب في نقض مقالة ابن عبد الوهاب- خ.
14- و مضة النور من شاهق الطور- خ.
15- الصارم البتار لقطِّ الفجار قد الأشرار- 3ج- خ-.
16- أماليه، في الرد علي النصاري- خ.
17- التحفة في الفقه- خ.
18- رسالة مجالي الأنوار- خ.
19- رسالة مجالي الأنوار- خ.
20- نجمر الولايه- خ.
21- شمس الحقيقة- خ.
22- حقيقة الأعيان في معرفة الانسان- خ.
23- حقيقة الشهود في معرفة المعبود- خ.
24- البرهان في التكليف و البيان/ط.
25- الحجر الملقم- خ.
26- الصيحة بالحق علي من ألحد و تزندق- خ.
27- كشف
القناع عن عورة [حجية] الاجماع ... بين يدي القاريء.
28- حرز الحواس عن وسوسة الخناس- خ.
29- النور المقذوف في القلب المشغوف- خ.
30- الطهر الفاصل بين الحق و الباطل- خ.
31- الدر الفريد و معارج التوحيد- خ.
32- حسن الاتفاق في تحقيق الصداق- خ.
33- السُّعرة النارية في أجوبة المسائل اللارية- خ.
34- نشرة الاخوان في مسألة [القليان] في موضوع (التتن) خ.
35- رسالة القسورة- خ.
36- ديوان شعر بالفارسية- كبير- خ.
37- نفثة الصدور في الرد علي الصوفية- خ.
38- قبسة العجول- خ.
39- رسالة انموذج المرتاضين- خ.
40- الاعتذار- خ.
41- كتاب تحفة الأمين و الدر الثمين- خ.
42- كتاب إنسان العين- خ.
43- كتاب موارد الرشاد- خ.
44- كتاب نبراس العقول- خ.
45- كتاب قلع الاساس، في نقض كتاب أساس الأصول- خ.
46- رسالة النبأ العظيم- خ.
47- كتاب صحيفة الصفاء في ذكر أهل الاجتباء- ج2- خ.
48- كتاب إيقاظ النبيه في ذكر ما أجمع عليه و أختلف فيه. فثي الفقه حسب المذاهب الخمسة طبع قسم العبادات منه فقط.
49- كتاب السيف المسلول علي محرفي دين الرسول- خ.
50- إعصار في نار- خ.
51- الحجة البالغة- خ.
52- ديوان شعر بالعربية- خ.


هذا ما أردنا ذكره من الكتب و ارسائل- للجد الماجد- مراعين الاختصار.

أما (كشف القناع) الذي بين يديك أيها الأخ المؤمن فقد لا قينا في نشره شيئاً من الصعوبة، حيث إن النسختة التي- عندنا- كثيرة الغلط اللفظي فاضطررنا الي إصلاحه حسب سياق الكلام و وضع ما أصلحناه بين قوسين هكذا [...].
و في هذه الرسالة بحث مفيد لطالب الحقيقة عسي أن يرضي المؤمن، فيتعصب لايمانه و يثبت بكل صلابة متمسكاً بما مات عليه (الكيني و الصدوقان) من القدماء و (كمال الدين البحراني- المعروف بابن ميثم- و غارس الحدائق الناظرة فقيه أهل البيت- ع-. و الفيض الكاشاني. و المجلسيان و الحر العاملي، صاحب السفر الجليل: وسائل الشيعة. و الجد المجاهد، ضيحة المذهب و ناصر الدين بقلمه و لسانه) من المتأخرين ذكرنا اسماء‌هم الكريمة تثبيتاً لمن أراد المثال الصالح علي الطريقة المثلي لا لحصر علماء (الاخبارية) بهم- ره-.
فهم اكثر من أن تفي هذه- المقالة- باسمائهم الكريمة.
و الله تعالي هو الهادي.

ثانيا-: (البحث عن الحقيقة)
و فيه إختصار مراحل الخلاف بين «الفريقين» و تطوره، و بيان «الحادث» منهما فنقول:
العقل. و العلم. و الدين:
هل عرف الحق و أدرك أسرار الحقيقة أكابر الفلاسفة و عظماء المفكرين؟
و الجواب عن هذا السؤآل صعب يتطلب تفصيله- كتاباً ضخماً- قد يكون عنوانه:
الفلاسفة و الحق، أو أغلاط الفلاسفة، أو ضياع الفلاسفة في طرق ماوراء الطبيعة.
و ما هو أحد كبارهم يقول لرسول عيسي بن مريم «ع» إليه: قل لعيسي يقول إفلاطون: إنك إنما بعثت لضعفاء العقول أما أنا فلا حاجة لي أليك.
و هذا الكلام إن الكلام إن دل علي شيء فانما يدل علي الطيش و الغرور من جهة، و علي عدم صلاحية العلوم العقلية لاوصول الي الحقيقة و سلوك سبيل الرشاد من جهة ثانيه. و ملا حدة الفلاسفة معروفون و شذوذهم في المعتقد الروحي جلي لكل ذي بصيرة.
و هذا ينادي بصراحة: إن العقل (المكتسب) عاجز عن الوصول إلي إدراك الحقائق، و إن الدين فوق العقل. لانه من صنع خالق العقول جلت قدرته.
هل عرف العلماء الحق؟
و الجواب عن هذا السؤآل صعب و طويل أيضاً، إلا أننا نوجزه بالاسطر التالي ذكرها:
ينقسم العلماء بانقسام العلوم فمنهم:
أ‌- علماء ماوراء الطبيعة و هم، الحكماء و الفلاسفة و المتكلمون. و قد أشرنا فيما تقدم أنهم- جميعاً- بمحض عقولهم- المكتسبة- أي بدون توفيق و هداية من الله تعالي لم يصوا إلي حقيقة و ام يعرفوا حقا.
ب- و منهم العلماء اصناعيون: و هم المشتغلون بأنواع الصناعات المادية التي توصلت الي (القنبلة الذرية، و الصورايخ و اصعود في متاهات الفضاء الكوني الرهبيه) و هؤالاء علي سعة عثولهم الجبارة، لم يعرفوا شيئاً مما هو مستور عن عقول إخوانهم ملاحدة الفلاسفه- و هؤلاء قد يعتذرون؛ بأن تخصصهم- في العلوم المادية الصناعية- و لا علاقة لعلومهم بعلم ماوراء الطبيعة. و أما من كان من هؤلاء يؤمن بالله تعالي، فذلك بسبب آخر غير علمه: فعلوم الصناعات شيء و علم ماوراء الطبيعة شيء آخر، و هذا غني عن البرهان و البيان.
ج‍ - و منهم العالماء الروحانيون: و هم الذين يبحثون عن متطبات الروح و سعادتها في «الدارين» و هم المسؤولون عن إنارة الطريق ليسلكه كل من أراد الحق، ولكنهم هل عرفوا الحق- جميعاً- و أبانوا الحقيقة فيما كتبوه أو قالوه؟
و الجواب عن هذا التساؤل معقد أيضاً، فالروحيون الوثنيون، و البوذيون، و المجوس، وو .. كثيرون، معروف حاليم، و المنحرفون من المسلمين، كالصوفية، و المجسمة، و الناصبة، أيضاً معروفون و معروف حاليم.
إذن فلعالماء الروحيون أيضاً لم يعروفوا الحق و الم يصلوا إلي الحقيقة؟!!
فمن هم ياتري الذين عرفوا الحق- فاتبعوه- و أدركوا الحقيقة فبدت جلية في سلوكهم و معتقداتهم؟.
يجيب القرآن الكريم عن هذا التساؤل.. بقوله تعالي: (و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نباكم عنه فانتوا).
و بقوله تعالي: (و ما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي).
و علي هذا فالذين عرفوا الحق و وصلوا إلي الحقيقة، هم الذين إرتبطوا بالقرآن الكريم و الرسول العظيم إرتباطاً حقيقياً، لا يتجاوزون ما حدداه في (الاصول و الفروع) و لا يخالفون الرسول في- قوله و عمله- و لا يتقوّلون عليهما و هذا لايعني (تجميد العقل) و الاستغناء عنه، كلا: فهو حجة الله تعالي الباطنية علي كل بشر عاقل (و به يثيب و به يعاقب).
و هو قسمان- فطري- و- مكتسب- والاول هو المخاطب في القرآن الكريم ب‍ (يا أولي الابصار. الالباب لعلكم تعقلون.. الخ)
و الثاني هو المتمم للأول و المُحَسَّن له و الكاشف عن نوره، إن لم يتعثر في سيره و تغله الشكوك و الاوهام و الامراض النفسية الاخري، فيكون مذموماً عند العقلاء- الحقيقيين- مهلكاً لصاحبه في الدارين.
و هو المقصود بالنقد في- بحثنا هذا- و كل بحث يعترض فيه علي حجية العقل.
الدين
قوانين سماوية (فوق العقل، لأنها من صنع خالق الآخرة- إن عملوا بها-. و هذه القوانين مصونة بالقرآن الكريم: (إنا نحن نزَّلنا الذكر و إنا له لحافظون)، محروسة بعناية الرسول (ص) يرقبها آله و عترته )ع). و من شذ عنهم زلت به قدمه، إذا أننا عرفنا أن العقل لاسيطرة له علي أحكام الدين، و لو كان للعقل تدخل في مسائل الدين صحة و بطلناً، لمازل عظماء الفلاسفة و كبار (المشكتشفين) عن الحق. هذا من جهة، و من جهتة ثانية: امرنا القرآن الكريم قفوله: (قل إنما و ليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكوة و هم راكعون). و بقوله: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون). و أمرنا الرسول (ص) بقوله: (إني مخلف تمسكتم بهما.. الخ). فمعني التولي في الآية الثانية- كما هو معروف في كتب التفاسير للشيعة-، و معني التمسك بهما في الحديث الجمع علي صحنه لين طوائف المسلمين، هو: العمل بهما أي بالكتاب، و باقوال الرسول و عترته (ع)، و إتباع ماورد عنهما نفياً و إثباتاً- أصولاً و فروعاً- و هو المعني بقوله تعالي: (ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فغانتهوا).
الاخبارية و الاصولية
لو رجعنا الي اللغة و الدين و العرف، لوجدنا الجميع متفقين علي أن معني التشيع هو المتابعة، و منه قيل المشي خلف الجنازة- تشييع- . و سمي الشيعة بهذا الاسم، لأنهم تابعوا علياً و بنيه (ع) قولاً و عملا، حيث و جدواذ الدليلين النقلي و العقلي يوجبان ذلك. فاستمروا علي العمل بما صح عنهم (ع) منذ «السقيفة» الي انقضاء فترة السفارة عن الامام المنتظر (ع). فهم يعملون بالأخذ عنهم (ع) مباشرة أو ب‍ (حديثم) عن عدول الرواة لايتجاوزون هذا. و المعصوم نفسه (ع) يعمل ب‍ (حدثني أبي عن جدي عن رسول الله «ص»).
إذ لادخل للرأي و الاجتهاد في فقه أهل البيت (ع).
و عمل الشيعة في الاصول الاربعمائه المدونه عن عدول الرواة التي جمعت في (الكافي، و من لايحضره الفقيه، و التهذيب، و الاستبصار) المحمدين الثلاثة أعلا الله مقامهم. و بغيرها و من المؤلفات في (علم الحديث).
فكانت تلك (الكتب الموثوق باصحابها «ره») محط أنظار الشيعة و مرجعهم، و يمكن حصر تلك الفترة بما يقرب من (قرن) موزع بين_ أواخر الغيبة الصغري و أولائل الغيبة الكبري- (تخمينا).
و بهذه (الكتب الاربعة) و غيرها حفظ تراث الثقل الثاني عديل القرآن. و قد إهتم علماءنا بتلك الكتب- شرحاً و تفصيلا- و درساً و تدريساً، (خصوصاً الاربعة منها). و لم تظهر قلة الاهتمام (بعلم الحديث). إلا في أوائل القرن الثامن الهجري، حيث ظهرت (فكرة تقسيم الاخبار الي: صحيح، موثَّق، و حسن، و ضعيف) علي يد شيخنا الاعلامة الحلي، أو شيخه إبن طاووس- قدس سرهما-. و كانت الشيعة قبل ذلك التأريخ تري- الحديث- حجة قطعية كالقرآن، إلا ما نبَّه علي رفضه المحدثون، فالاخبار عندهم قسمان فقط: (صحيح. و متروك).
و لبيان الحقيقة التأريخية نتساءل: فنقول، منذ أنتهاء قترة السفارة عنه (ع) حتي أوائل القرن الثامن، أي ما يقرب من (500 سنة) علي أية طريقة كان عمل الشيعة؟
نقول: ظهرت بوادر حزئية علي لسان بعض علماء الامامية- الذين غلبت العلوم العقلية عليهم_ تسمح للعقل بالتدخل في مسائل الدين الفرعية، غير أن تلك الظواهر الجديدة في الفقه، لم تكن من القوة بحيث يمكن أن يقال إنها إستطاعت قلب المفهوم العام للفقه الشيعي، و تأسيس طريقة (علمية) جديدة الاستنباط الاحكام، لاسباب:
أولها: إن هؤلاء الاعلام- المشار اليهم- قلة قليلة جداً بالنسبة لجمهرة علماء عصرهم- الذين إستنكروا تلك المقالات المنقولة عن الآراء الحنفية بعد تعديلها نسبياً- .
ثانيها: لم يتفق المشار إليهم علي صحة العمل ب‍ (البراءة و الاستصحاب، و الاجماع، و الاجتهاد... الخ، مما هو معروف عند المتأخرين). بل إن قال أحدهم بشيء من ذلك، قال الآخر بنفيه.
ثالثها: لم يكن تقسيم الأخبار (الي الاقسام الاربعة المذكورة آنفاً) معروفاً عند أولئك الاعلام.
رابعا: لم يبالغوا في بحث (مسائل التقليد) بالأسلوب الذي تجاوز حد المبالغة في- الرسائل العملية اليوم- (خصوصاً مسألة تقليد الميت) فلا يكاد يوجد لها ذكر في كتبهم- ره- فهم أخباريون- متجددون- وليسوا ب‍ (أصوليين بالمعني المصطلح عليه في زماننا).
و بعبارة أوضح: (هم- ره- أخباريون)، لعملهم بالاخبار و إهتمامهم بعلم الحديث، و إعترافم بقطعية حجية الخبر، و نفيهم (الاجتهاد المعروف عند علمنا ئنا الأصوليين المتأخيرين) و قولهم بأن الخبر قسمان فقط صحصح و متروك كما قدمنا- و كل هذه الامور من مقالة أساتذتهم و شيوخهم الاخباريين السلفيين.
و (متجدودن): أي أنهم- ره- أجازوا لأنفسهم إدخال بعض مسائل (الأصول الحنفية بعد تعديلها نسبياً) في أستنباط الحكم الشرعي.
و الخلاصة : المشار إليهم من القدماء ، يختلفون كل الاختلاف مع المتأخرين من علمائنا (الأصوليين) في أهم المسائل- الاصولية- وفي مقدمتها مسألة تقسيم الاخبار. يضاف الي ذلك، معارضة مقالة الاقدمين- الموما إليهم- لما عليه أساتذتهم و جمهزة علماء عصرهم.
فالشيعة أذن- أخباريون سلفيون و هم جمهرة علماء الامامية. و أخباريون متجدون و هم القلتة المشار اليهم. أما الاصولية المعروفة في- زماننا- فلم تكن معروفة عندهم. بل تطورت و تبلورت تدريجياً منذ زمن شيخنا العلامة الحلي قدس سره الي أن تمت كمدرسة فقية مستقلة زمن (الوحيد البهبهاني).
و لبيان الحقيقة نقول ايضاً: لو لا العلماء المحدثون الاخباريون، قديماً و حديثاً، خصوصاً بعد ظهور فترة الاعراض عن (الحديث) لضاع فقه الايمة (ع)، حيث اشتغل (غيرهم) بتحقيق: - المفاهيم، و الاصلات، و أنواع القياس، وو ... الخ). و هذه المسائل بالاضافه الي مخالفتها لما عليه الغالبية العظمي من علماء الشيعة منذ زمن (السفارة عنه «ع») إلي أوائل القرن الثامن ، فقد أدت –كما هو معلوم اليوم- إلي إهمال «علم الحديث و مقدماته»، و ضياع تراث الايمة «ع».
فلولا: المجلسي، و الحر العاملي، و الفيض الكاشاني، أصحاب: البحار، و وسائل الشيعة، و الوافي، - علي سبيل المثال لاالحصر-، و هؤلاء من متأخري العلماء المحدثين الاخباريين أقول، لولا هؤلاء و من سار سيرهم: لما كنا نري- للحديث- أثراً.
خاتمة المطاف:
أثبت التاريخ: أن «الاخبارية» أصل التشيع، و «أن الاصولية» فرع جديد، و من قال بالعكس فعليه إقامة الدليل التاريخي المؤيد بآثار السلف.
فمن البديهي إذن حصول المعارضة للوافد الجديد، كما أن من البديهي أيضاً أن ينتصر صاحب الرأي الجديد لرأيه و يتحمس له، لتثبيت أركانه، و قد يشنع علي من يعارضه، و هذه سنة الحياة، فانظر مثلاً الي مفقيد الطائفة كيف عامل شيخة و استاذه صدوق الشيعة- أعلا الله مقامهما- في (شرحه لكتاب إعتقاد الصدوق المطبوع في إيران) فقد تهجم عليه و نسبه إلي قلة الفطنة (أي قلة الذكاء) هذا مثل قديم. و الامثلاة من المتأخرين أكثر من أن تحصر، فقد إتفقوا علي عدم صحة عمل عوام المحدثين، صراحة أو تلويحاً، فانظر إلي أية رسالة عملية- للمعاصرين- تجد ذلك واضحاً. و ذلك لحصرهم التقليد في (الحي، و عدم جواز تقليد الميت إبتداءاً مطلقاً).
و هذا الرأي- الجديد في الفقه- مردود من وجوده:
الأول: لم نعصر علي فتوي لعالم شيعي معروف، منذ أوائل القرن الثامن الي زمن السفراء، تعرَّض فيها- للفرق- بين تقليد الحي و الميت، أو ترجيح احدهما علي الآخر.
فهذه لافتوي حادثه و من ادعي العكس فعليه البرهان.
الثاني: إن في (التفريق بين تقليد الميت و الحي بهذا الشكل المكبر اليوم) طعناً مباشراً او غير مباشر- علي فقها ئنا الابرار «ره»- منذ القرن الثامن فصاعداً- و إتهامهم بعدم الفطنة او التقصير، حيث لم يبحثوا هذه المسألة- بحثاً علمياً كافياً-.
الثالث: لو كان لتقليد الحي اهمية، او أنه هو المتعين شرعاً لاغير، و أنَّ في تقليد الميت (إبتداءاً او مطلقاً) خطراً علي الدين، لاستلزامه بطلان العمل- كما هو رأي علمائنا المعاصرين و بعض التأخرين- ، لألَّف فيه العلماء القدماء الرسائل و ملأوا فيه كتبهم الفقية شرحاً بياناً.
إذ إن مثل هذا- الخطر- لايخفي علي ألوف العلماء (قبل زمن تكامل المدرسة الفقية الاصولية) و هم القريبون من مصادر التشريع «ع» زمناً، و الادلة اكثر عندهم وضوحاً.
فلما لم يذكروا (هذا الفرق في التقليد) علمنا عدم أهميته او عدم ثبوته عندهم- ره‌- .
و في الختام:
أودع أخي المؤمن: عسي أن نلتقي علي صفحات كتاب آخر من تراث علمائنا الابرار، و أرجو منه- بعد أن عرف الباديء بالتهجم قديماً و حديثاً صراحة او تلويحاً، من المدافع عن عقيدته او المضحي من اجلها- أن يترحم علي الجميع و أن يكون داعياً لنا و لاهم بالمغفرة (و لولدنا الشهيد السيد محمد بالرحمة منه تعالي). و الحمد لله رب العالمين.
رَؤف جَمَال الْدين
النجف الأشرف
(حي المعلمين)
_العراق_

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، و سلام علي عباده الذين إصطفي أما بعد: فيقول العبد الجاني أبو أحمد محمد بن عبد النبي بن عبد الصانع [المعروف بالميرزا الأخباري]، تجاوز الله عن سيئآته، و حشره مع أيمته و ساداته.
إنه إتفق [لي] في بعض السنين كلام في الاجماع، فجمعته في هذه الرسالة، و سميتها ب‍ (كشف القناع عن عوره الاجماع (1)). و أرجو ممن إستفاد منها،؛ ألا ينساني من صالح ادعاء في حياتي و بعد مماتي، و الله المستعان و عليه التكلان.
قال العلامة الحلي- ره- في الفصل السادس من (منهاج الكرامة (2))- مالفظه-: في نسخ حججهم علي إمامة [أبي بكر] إحتجوا بوجوه:
(1) [حجية]. (2) مطبوع علي الحجر في ايران.
«الأول»- الاجماع- والجواب: منع الاجماع، فان جماعة من بني هاشم لم يوافقو علي ذلك، و جماعة من أكابر الصاحبة كسلمان و أبي ذر و المقداد و عمار و حذيفة و سعد بن العاص و [إبن عباس] حتي أن أباه أنكر ذلك،‌ و قال : «من إستخلف انساس»؟ فقالوا: إبنك، فقال: «و ما فعل للستضعفان»؟ إشارة إلي علي و العباس عليهما الاسلام-، فقالوا: اشتغلوا بتجيز رسول الله (ص). ورأوا أن إبنك أكبر الصحابة سناً، فقال: أنا أكبر منه! و بنو [حنيفة] كافة لم يحملوا الزكاة إليه حتي سماهم أهل الردَّه، و قتلهم و سباهم، و أنكر عمر [عليه] ورد السبايا في أيام خلافته.
و أيضاً الاجماع ليس أصلا في الدلالة، بل لابد أن يستند المجمعون إلي دليل [علي] الحكم، حتي يجمعوا عليه و إلا كان خطأ.
و ذلك الدليل إما عقلي، و ليس في العقل علي أمامته دليل. و أما نقلي [و] عندهم أن النبي «ص» مات [من] غير و صية، ولانص علي أمامته.
و القرآن خال منه فلو كان الاجماع متحققاً كان خطأ [فتنفي] دلالته.
و ايضاً الاجماع إما أن يعتبر فيه قول كل الامة، و معلوم أنه لم يحصل، بل و لا إجماع اهل المدينة، او بعضهم. و قد إجتمع اكثر الناس علي قتل عثمان.
و ايضاً كل واحد من الأمة يجوز عليه اخطأ، فأي عاصم [لهم من] الكذب عند الاجماع. و ايضاً فقد بينا ثبوت النص الدال علي خلافه، فكان خطأ، لأن الاجماع علي خلاف النص، يكون عندهم خطأ) أ. ه‍ .
يقول المؤلف- ره- : [لله] دره أفاد و أجاد و هدي إلي سبيل الرشاد.
فان قال قائل من نفاة [الاجماعات] المدعاة في الخلافيات- مطلقاً- أصلاً و فرعاً!
أن كان الاجماع ليس بحجة بنفسه، و ما ثبتت [حجيته] عندكم، بل أبطلتم حجيته، فما بالكم تعدُّونه دليلاً من الأدلة الأربعة في الأحكام الدينية؟ [و تعتبرونه] كالكتاب و السنتة و تعملون بالاجماع، فتقولون! خبر صحيح لكن الاجماع علي خلافه، و أجمعوا علي تركه!
كالأخبار الواردة في وجود غسل الجمعة و ما شابهه، [و تعترضون] علي من يخالف إجماعكم و يعمل بالسنة و الخبر المنقول عن الرسول و آل الرسول أيمة العترة (ع)، و لقد صدق عليه قوله تعالي: (أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم ). فما كان جوابكم؟.
فان قلتم. ليس الجماع عندنا حجة برأسه عندكم، بل كاشف عن الحجة، و هو قول المعصوم (ع): و لذلك صار حجة. قلنا: فليس إذن الاجماع حجة برأسه عندكم، فَلمَ جعلتموه حجة برأسه، و أفردتموه [عن] الكتاب و السنة وزدتموه عليهما؟!!
فان قلتم: هذا معني مصطلح، و لم يُرَد به إلا السنة. قلنا: فَلمَ تتركون السنتة المروية- نصاً-، و تمنعون العمل بها، لمعارضتها السنتة المستنبطة من الاجماعل، إذا كانت السنة من حيث هي هي حجة [و لم لا تعاملونها] معاملة المتعارضين، من إستعمال التراجيح المروية عندكم عند التعارض فيما بينهما؟.
فان قلتم [إن] السنة المستنبطة من الاجماع احري عملا السنة المستفادة من الأخبار.
قلنا: لأي علة هذا الترجيح؟ إنما هو إما من نفس الاجماع من حيث هو هو.
فقد أقررتم: أنه بنفسه ليس بحجة و إما من نفس الامر المستفاد من الاجماع، و هو السنة. و السنة المستفادة من الاخبار كذلك. فأي رجحان لهذا، علي تلك؟! لأن هنا الاجماع و المعني المستفاد منه، معارضان الخبر و المعني المستفاد منه معاً.
و لا شك أن الحجية في المعني المستفاد، لا في الاجماع بنفسه، و لا في الخبر كذلك.
[فان كان] فساد فيما فرضناه، فما الحجة في اختياركم الأول دون الثاني، و الشماتة علي العامل به.
فان قلتم: إن الاجماع يفيد القطع، و الاخبار تفيد الظن، و مع إمكان العمل بالقطع لايجوز العمل بالظن، لعدم جواز ترجيح المرجوح علي الراجح.
قلنا: كيف السبيل إلي العلم؟ بينوا النا، فان الاجماع علي ما قررتم في- اصولكم-! إتفاق يؤدي إلي قول المعصوم (ع) [فالاجماع] هو الدليل و الطريق، و قول المعصوم هو المطلوب، و المدلول عليه. و الاجتماع علي ما قررتم ليس بحجة عندكم، و قول المعصوم غير موجود- عيناً-، ليقع الاتفاق عليه، فلمانع أن يقول: هذا الاتفاق لاحجة فيه اصلا، و المعصوم ليس بداخل فيه عيناً. و كذا قوله تعالي.
ولا سيما مع معارضته الخير في كثير من [المواضع]. او تعارض اجماعه مع مثله، و الفرض لانسلمه في محل المنع و كيف يجوز فرض إتفاق الجمع [غير] المتناهي عندكم؟ المتشتة الآراء و الافهام و الالسنة و البلدان و الاعصار، مع تقية بعضهم [من] بعض، [و غيبة] بعضهم عن بعض بحيث لا يمكن إستخبار منه اصلا!!.
فان قلتم: نحن لا نعتبر اتفاق كل الامة، من حيث الكل، بل نعتبر اتفاق جمع ولو أثنين، بحيث يعلم كون واحد منهما معصوماً.
قلنا: كيف يعقل هذا؟. و إنما الامام (ع) مستتر عن الابصار و الأعيان.
و قد رويتم عنه (ع): من ادعي الرؤية قبل الصيحة و السفياني فهو كذاب مفتر.
فكيف يعقل حصول العلم من إتفاق جمع، لم يعرف فيهم الامام عيناً و لا برهاناً؟ لأن العيان قررتم منعه، مع أن عدم المنع ايضاً، لابد من إثباته، فان كل غير ممتنع لايلزم و قوعه، و امكان الشيء لايستلزم وجوده، و البرهان غير موجود. علي ان اتفاق الجمع لايستلزم كون المعصوم فيه. و اتفاق الجميع يستحيل ثبوته في غير ضروريات الاسلام التي لايحتاج لها الي دليل اصلا، علي أنه ما من ضروري الا و عليه دليل من الكتاب و السنتة معاً.
فان قلتم: نحن نفرض كون مجهول النسب في المتفقين فنقول إنه هو الامام.
قلنا: لايستلزم عقلا و لا نقلا، ان يكون مجهول النسب هو الامام. و اذا كان العلماء المتفقون الذين استنبطتم من اتفاقهم قول المعصوم، و سميتموه اجماعا معلومي الاعيان و الاقوال و التصانيف، فاين أمامكم المجهول النسب؟!!
فان قلتم: كذا نفرض معصوماً مجهولاً، او مجهولاً معصوماً.
قلنا: فللذي يخالفكم- و انتم تقولون: إنه مخالف للاجماع- أن يدعي مثل ما ادعيتم، من أنه لايضر خروجكم عن قوله و اتفاقكم علي خلافه، و أن الامام المجهول داخل فيما قال به هو و اصحابه. مع أن- المجهول- ليس حجة في قوله اصلا، و إن كان حجة الله في نفسه، لان حجية الكلام المنقول فرع معرفة المتكلم، و أنه معصوم.
فان قلتم: هو و اصحابه معلومو النسب. قال: انتم و اصحابكم كذلك.
فان قلتم: لايستلزم حصول العلم لنا من اجتماع جمع [بقول] الامام (ع) حصول العلم به من اتفاق هؤلاء بقوله (ع)، لان تحقق العلم و استقراره في الذهن، لابد له من قوة الفاعل، و استعداد القابل، فلعله مسبوق بشبهة او تشكيك.
قلنا: فله أن يقول كما قلتم، او يرد عليكم جوابكم و يدعي العلم علي ما هو عليه، و يقول انتم مسبوقون بالشبهة غير قابلين الستفادة العلم، فما كان جوابكم إذن؟.
فان قلتم: لايضر علمنا بشيء، علم- الغير- علي خلافه في ذلك الشيء بعينه.
قلنا: فله أن يقول، إن العلم في الموضوع، لا يختلف حقيقة و برهاناً- كما قرر في محله-، فلا يثبت لكم هذا فان قلتم: إن قول المعصوم المعلوم، المستنبط من اتفاق الجمع، من المعلومات الثانوية و الاختلاف سائغ الاحتمال أن يكون احد المعلومين المختلفين، غير معلوم حقيقة ولا مطابقا للواقع، بل معلوماً عند صاحبه بالجهل المركب.
قلنا: فله أن يقول ليس برهان من النقل و العقل، علي أن صاحب الجهل المركب- انا- فيحتمل أن تكحون انت هو، وئيس لك سبيل الي منع الاحتمال [عن] نفسك، فلا يسوغ لك ادعاء العلم، مع جواز تجويز كونه جهلا مركباً، فينتقض عليك مطلوبك.
فان قلت: إن الاحتمال بعد حصول العلم لا يضر بالمعلوم، بالدليل الذي حصل له منه العلم- اي دليل كان-.
قلنا: قله أن يقول مثل ذلك، و يقول إن العلم الحاصل الذي حصل من الاخبار بخلاف- اجماعكم- لا تضره الاحتمالات التي تقولون [بها]، فانها شبهة في مقابل- اليقين-.
فان تلقتم: يمتنع استقرار صورة العلم في الذهن مع اضطرابه بالاحتمال، فلا يحصل مع الاحتمال علم، و طريق سد الاحتمال في الاخبار ممتنع، فلا يحصل- علم الاخبار-.
قلت: فله أن يقول كما قلتم، بأن طريق سد الشبهات الواردة علي الامر الحاصل من الاجماع منسد فلا يحصل من الاجماع علم، مع ما اختلف في حده و تحققه مطلقاً، او في هذه الازمنة، و في حجيته بدون مستند يقع الاجماع عليه. و في صورة مخالفة الاخبار لو تعارضت باجماع آخر.
فان قلتم: ان الفرق ثابت في حدوث الشبهة بعد العلم الو قبله، و انما تضر اذا كانت قبل حصول العلم، فلعلم من الاجماع حصل لنا قبل تلك الشبهات لابعدها.
قلنا: فله ان يقول كما قلتم، إن شبهاتكم واقعة علي [ما] بعد حصول العلم من الخبر، و لا يضر بمعلومي و لا يضطرب به [قلبي].
فان قلتم: فأوجدنا معلومك، حتي يصير معلوماً لنا، والا فانك [مُدَّع] بما تقول. [و مثل ذلك يقول] او جدنا علمك الذي حصل لك في هذا الاتفاق المختلف فيه، و لا فانك مبطل فيما ادعيت.
فان قلت: العلم حالة نفسانية، و صورة روحانية، لايوجد بالحواس، و إنما السبيل اليه بالبرهان، و البرهان يختلف تأثيره قوة وضعفاً، بسبب اختلاف جواهر الاذهان، فالاذهان كالمريا، تختلف ماهياتها.
قلنا: فله أن يرد عليك- هذا بعينه- و يقول: إن الصورة العلمية الحاصلة لي من هؤالاء الاخبار غير محسوسة لك أيضاً، و الدليل الموصل لي لايكون موصلا لك، لاختلاف مراد الاذهان.
فان قلت: لعلك علي الجهل المركب في النتائج، للخل الواقع في مقدمات النتائج الحاصلة لك، فان حققت المقدمات بان لك قبح ما أنت عليه وجهله.
قلنا: فله أن يقول مثل ذلك بعينه، فيقول إنك علي جهل، للخل الثابت في مقدمات النتائج.
فان قلت: أثبت- أنا- علي ماثبت عندي، فاني لست مكلفاً بتكليفك، و أنت أثبت علي ما أنت عليه.
فله أن يقول: إذا [بطلت] دعواك في حقيقة مذهبك و بطلان ما خالفه لفقدك الدليل علي ذلك. مع أنه يقول: هل كلانا علي الحق؟ أو علي الباطل؟ أو أحدنا علي الحق، و الآخر علي الباطل في هذه المسألة المترددة بين النفي و الاثبات؟
فان قلت: كلانا علي الحق، أحلت، لاستحالة الجمع بين النقيضين.
و إن قلت: كلانا علي الباطل، أحلت من وجه، و نقفضت من وجه، أحلت من حيث إدعيت إرتفاع النقيضين، و نقضت من حيث أقررت ببطلانك بعد ما إدعيت حقيقتك، نثبت المطلوب.
و إن قلت- أنا- علي الحق، و أنت علي الباطل، احتجت إلي دليل لاثبات حقك، و قد فقدته، أو إبطال حقه، و قد عدمته الهم الا أن تتشبث بذيل الكشف و الشهود فله أن يدعي مثل ما ادعيت، و يجحد ما جحدت، فان أقررت بحقه فقد [بطلت] دعواك، وباد جدواك. و إن أنكرت حقه بعد ماثبت، فقد جحدت الحق، و استحققت العقاب والذم.
فان قلت: متي ثبتت دعواك أيها الخصم؟ حق ءمر لها، و عدم ثبوت دعواي ليس ثبوتاً لدعواك.
قلنا: له أن يقول إن الحق منحصر في الفردين دائر بين النفي و الاثبات في مفام التضاد، كاستحالة ارتفاع النقيضين و اجتماعهما، فعدم ثبوت دعواك، ثبوت لدعواي و بالعكس. فان قلت: لا يستلزم عدم جدان الدليل علي الدعوي، عدم وجوده حقيقة، فليس عدم الدليل دليل العدم.
قلنا: فله أن يجيب أولاً بأن هذا سائغ لي بعينه بل [لكل] معاند للحق أو مخاصم للباطل، فاذن لا يثبت حق حقاً، و لا يبطل باطل و يرتفع التمييز بينهما. فما كان جوالك فهو جوالنا، مع أنَّا و أنتم إما مكلفون بموافاة رضاء الرب تعالي و مجانبة سخطه، أم لا.
فان قلت «الثاني»: نقضت عليك: لان التكليف ثابت الي- اليوم الموعود- بالاجماع الذي أنت تدين به و ترديد تقويمه، فمن أقمت كسرت، و أنقضت عليك حجتك ورددت الكتاب و السنتة معاً.
و إن قلت بثبوته و أقررت بأن التكليف ثابت بموافاة [رضاء] الله ومجانبة سخطه.
قلنا: فله أن يقول: هل يرضي الله بغير حق، أو يسخط علي غير باطل؟ أم لا؟.
فان اخترت «الاوا» و قلت إنه [تعالي] يرضي بغير الحق و [هو] الباطل، و يسخط علي الحق، فقد نقضت مذهبك، و خرجت من سلطان العقل و عزلته، لانك جوزت القبيح العقلي علي إلهك [تعالي] فمن حيث جئت يثبت الاجماع نقضت حجية العقل الذي لايقوم الدين الا به [و ثبوت] الاجماع فرع ثبوته، و كذلك الكتاب والسنة. و إن إخترات مالثاني» و قلت: إن الله لايرضي الا بالحق و لا يخسط الا بالباطل.
قلنا: فله أن يقول إدا أقررت بأن التكليف باق، و هو موافاة الرضاء و مجانبة السخط الالهي و هما لا يتعديان موافاة الحق و مجانبة الباطل، فلأن الحق أولاً ليعمل به لتحصيل الرضاء و أن يعرف الباطل ليتجنب عنه مجانبة السخط.
فان أنكرت، لا سبيل لك إلي إنكاره، و إن أقررت. قلنا: فله أن يقول هل جعل الله لي معرفة الحق و الباطل سبيلاً من ذاتهما؟ أو من خارجهما؟ عقلا أو نقلا، من حيث كلف الله الناس بالعلم يواجد و الاجتناب عن الآخر.
فان قلت- لا-، نقصت مذهبك، حيث جوزت عليه سبحانه و تعالي التكليف بما لا يطاق، حيث قلت إنه كلف بما لم يجعل السبيل اليه.
و إن قلت- نعم- جعل الله سبيلا إلي تشخيص الحق من الباطل.
قلنا: فله أن يقول هل السبيل إلي ذلك عقلي فقط أو مركب منها، أو بعض- هذا- أو في بعض ذاك؟
فان قلت: بالاول نقضت مذهبك، و أثبت مذهب- الفلاسفة الملحدين- في الاستغنا عن الانبياء و وحي السماء و إن قلت بالثاني فقط، أو بانضمامه معل الاول، أثبت بأن [العقل] ليس بكاف في معرفة الحق و الباطل إستقلالاً ذاتياً بلا معغاونة من النقل. و إذا قلت إنه لا يتم إلا بالنقل. قلنا: فله أن يقول، هل يجب أن يكون الدليل المحتاج الي النقل المركب منه موصلا الي المطلوب الذي هو معرفة الحق و الباطل و التمييز بينهما، ليحصل الفرض أم لا؟.
فان قلت: - لا- نقضت عليك كلما أقررت به، و خرجت عن مذهبك.
و إن قلت: نعم لابد من دليل يؤدي إلي المطلوب.
قلنا: فله أن يقول، هل يجوز أن الدليل التام الي الشيء الواحد يؤدي مرة، و لا يؤدي أخري، أو يؤدي واحدة و لا يؤدي أخري، أم لا؟
فان قلت: نعم، نقضت عليك قولك، بأنه لابد من دليل موصل للمكلفين إلي الحق و الباطل، و وقعت في كل المخدورات، و خالفت الضرورات.
و إن قلت: - لا- يكون ألَّا مؤدياً موصلا!.
قلنا: قله أن يقول [حينئذ] من أين جاء الاختلاف، لا تك أقررت أن الله حكيم قادر عليم لا يعبث و لا يعجز و لا يسفه و ال يظلم و لا يركب قبيحاً و لا يرضي بقيح ولا باطل. و أقررت بأنه كلف المكلفين بموافاة- رضاء الله- و مجانبة سخطه، و أنه لا يرضي بباطل و لا يسخط علي [حق] و يحتاج بعضه الي بعض، ليؤدي [المراد] إلي معرفة الحق و الباطل و الرشاد.
فان أنكرت الاخلاف دفعت- الميان- و كذلك البرهان و الوجدان.
و إن أقررت به، و قلت بوجود الاختلاف من الله تعالي، ليعجزه عن إقامة دليل يؤدي إلي المطلوب، أم لتقصير المكلفين في- ارتيادهم- أم لكون الحق في جهات شتي؟
فان قلت بالاول: بأنه من الله تعالي، أفسدت عليك مذهبك، وجوزت عليه سبحانه ما لا يجوز من العجز و الافساد القبيح كلييما، مع أنه تعالي يقول: (وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُوا فيهِ اخْتِلافًا كَثيرًا ).
و إن قلت بالثالث: إي بأن الحق في جهات متضادة متخالفة، لزمك إنكار- بدهية- العقل، و نقض المذهب ورد الكتاب و السنة.
و إن قلت بالاوسط:- و خير الامور أوسطها- و قلت إنما التقصير من المكلفين، في تخليص الحق من الباطل.
قلنا: فله أن يقول: إن المقصر المحجوب عن وجدان الحق و تمييزه عن الباطل، لعدم مراعاة سلوك السبيل الذي جعلة الله اليه سبيلا معذور [مثاب] أو مواخذ معاقب؟
فان قلت بالأول، لزمك ألا ترد علي أحد مذهبه، و لا تقول بهلاك ضال معاند أو كافر جاحد، و في هذا نقض مذهبك، و تكذيب الكتاب و السنة و الاجماع- الذين تريد أن تقيمه فا يستقيم-.
و إن قلت إنه ليس بهمعذور و لا بمتروك، حتي يصل الي الحق أو يموت طالباً للحق.
قلنا: فله أن يقول هل يستلزم الطلب من سبيله الوصول الي الحق ام لا؟
[فان قلت] إنه لا يستلزم ذلك، فقد نقضت عليك ما أقررت و أفسدت عليك مذهبك، حيث أقررت بأن الله جعل صراطاً سوياً، و أقدر الناس من سلوكه، و جعل السبيل مؤدياًريال و المقصر غير معذور، و أن السالك سلك فما وصل.
و إن قلت: إنه لابد للجاهد في سبيل الحق أن يصل اليه. و إلا لكان حكم العقل منقوضاً، و وعد الله مخلوفاً.
قلنا: فله أن يقول فالذي إختلف قبل الوصول أو بعد الوصول؟
فان قلت: بعد الوصول: فقد جعلته معانداً للحق، عدواً لله تعالي.
و إن قلت: قبل الوصول.
قلنا: قله أن يقول هل هو مؤآخذ بعدم الوصول ورده و إنكاره علي الواصلين بالحق؟ بقوله: إجتهدت فهذا [ما] بلغت و ليس وراء ذلك سبيل. أم معذور بما وصل إليه من الباطل يتعرض للسالك في سلوكه إلي الحق؟.
فان قلت: إنه معذور بما وصل أليه بعد جهده، و إن لم يكن حقاً، فقد نقضت مذهبك من جهات شتي ووجوه مختلفة تتري.
الأول: إنك أقررت أن التكليف باق، و أنه متعلق بالحق، لابد من الوصول إليه و يمكن الوصول إليه.
ثم قلت: إنه معذور مع عدم براءة ذمته عما كلَّف به
الثاني: إنك أقررت بأنه جاهد و هذا غاية ما وصل إليه، مع إعترافك بأنه ليس ما وصل إليه بحق حقيقة، لأن الحق لا أختلاف فيه فصدقت دعواه و كذّبت و عد الله.
الثالث: إنك إذاجوزت أنه إذا أحتهد فيمكن أن لا يصل فيعذر، فلا يسوغ لك تكفير واحد و لا تسيقه سيما أجله الفضلاء الذين [فضلا عن أن تساويهم] و هم قد إختاروا مذهب التصوف أو التسنن أو الاعتزال أو الجبر إلي غير ذلك.
فان قلت: إنهم معذورون، نقضت مذهبك، فان قلت إنهم معاندون، فلا سبيل لك إلي إثباته لتجويز أن يكون قد جاهدوا و إجتهدوا فما وصلوا، فكانوا معذورين. مع أنه بمكنه أن يرد عليك قولك فيقول إنك معاند للحق مسبوق بالشبهة فلا يكون لك عليه سبيلا و لا إلي إفحامه دليلا.
و إن قلت: بل الله جعل الحق و الباطل بحيث يمتاز جوهر هما إمتياز النور و الظلمة و الليل و النهار، و بالحق تسكن النفس و يطمئن القلب، و بالباطل يضطرب الفؤاد و لا يستقيم الرشاد، و لابد للسالك أن يصل إلي الحق المكلَّف قبه و لا بد للواصل أن يختلف في الحق فالمجتهد في الحق سبيله لا محالة واصل به، والوصل به غير مختلف فيه.
فالذي أختلف ما وصل و الذي ما وصل ما إجتهد و الذي ما إجتهد قصَّر و الذي قصر لم يعذر.
قلنا: فقد ثبت مذهب «المحدثين» المانعين عن الظنون فان عدم الاختلاف مع- الظن- لايستقيم و في رفع الظن رفع لمذهبك المبني علي الظن.
فان قلت: إن الاختلاف من الأيمة- عليهم السلام- لعلة التقية من باب الضرورة لحفظ رقابهم و رقاب الشيعة فلذا صرنا معذورين في الاختلاف.
قلنا: هذا مخنص في الاختلاف الواقع في عمل الأخبار من باب الترجيح أو التسليم.
و هذا أختلاف أفراد الحق لأجل النوسعة علي الخلق مع كونه خارجاً عن موضوع البحث، و إنما البحث في الاختلاف الواقع في الأراء بعلة مراعاة القوانين [غير المروية] كالتراجيح العقلية غير القطعية.
فان قلت: إن الاختلاف منحصر بعلة [الاختيار] كاختلاف المحدثين في إختياراتهم.
قلنا: هذا مما يكذبك فيه الفحص- في مسلك المحدثين و المجتهدين- و يدل علي عدم إطلاع قائله [في آراء الفقه] الاجتهادية، و لو رمنا إشباع الكلام في ذلك لا حتجنا إلي كتاب مفرد. بل الاختلاف الواقع بعلة إستعمال القواعد العقلية و الاجتهادية و دعاوي الأجماعات المتناقضة اضعاف الاختلاف الواقع- لعلة الأخبار مع أن الاختلاف بعلة الأخبار مبين حكمه من الايمة الآطهار من الترجيح أ‌و التسليم.
كل واحد منهما في محله و الواقع فيه معذور منصوص عنهم «ع».
و الزائد علي ذلك يحتاج جواز عدم المؤآخذة بي إلي دليل تارة قطعي. «و أنَّي لهم التناوش من مكان بعيد » و إجرا الحكم و الاختلاف الواقع بسبب إختلاف الخير حكم بالقياس مع الفارق، كحكمهم بجواز الاكتفاء بالظن في نفس الاحكام و إدخاله في باب أكل الميتة، قياساً لنفس الاحكام علي موضوعاتها، و تعدياً [عن] المنصوص إلي غيره بلا دليل عقلي أو نقلي بل بمجرد القياس مع الفارق كما لايخفي علي المتتبع الفائق.
فان قلت: لسنا بمكلَّفين بتحصيل العلم في الفرعيات في أمثال هذا الزمان، و الظن لا يخلو من الاختلاف بحسب المظان فمن وصل إلي الحق و أصاب الصواب تقبل الله منه عمله و قابله بالقبول و الثواب. و من لم يصل بعد الاجتهاد غفر الله له فيما خالف به الرشاد.
قلنا: فللخصم أن يقول، إن الذي وصل إلي الحق و عمل به بعد الوصول فقد خرج عن سلطان الظن و عمل باليقين و إستقام علي مذهبنا المستبين. [والذي] ما وصل إلي الحق و خالف في عمله، لابتنائه علي التخمين، فهو مشغول ذمته حيث لم يراع تحصيل العلم مع إمكانه و تعلق التكليف به.
فان قلت: إن باب العلم مسدود في زماننا و التكليف متعلق [حينئذ] بالظن، فالعامل به بريء الذمة، و إن لم يقع عمله علي الحق.
قلنا! هذا خلاف المفروض من تكليف الله عباده بالحق موافاة للحق و مجانبة للباطل، لأن الغرض من التكليف موافاة الرضاء وهو لا يتعلق إلا [بالحق] لأن غير الحق باطل و لا يرضي به الله تعالي. إن الله: (هكذا.. بياض). و التكليف من قضائه فلا يكون إلا حقاً و الظن لا يغني عنه و لا يأتي ذلك إلا بالعلم. مع أن القول بتجويز [التعبد] بالظن علي الله،مستلزم لتجوز التعبد بالخطأ عليه تعالي فهو مستلزم لعدة محذورات منفيات عنه بضرورة المذهب الحق.
أما [نفي] لزوم الخطأ فهو بديهي البطلان، كما قال (ع): (الظن يخطيء و لا يصيب). و أما نفي- فبحه- فهو كذلك، قال النبي (ص): و أما نفي- قبحه- فهو كذلك، قال النبي (ص): (مَن كثرَ خطاؤه قلَّ حياؤه، وَ من قلَّ حياؤه مات قلبه). و أما تجويزه علي الله تعالي، مع إثبات قبحه، فبديهي البطلان أيضاً.
و أما المنع عن الحكم العقلي في دلحسن و القبيح، فهو خروج عن المذهب، مع هدم دليل الامامة، و بفساد الامامة يفسد- إجماع القائلين بحجيته بدخول قول المعصوم- فيصير حينئذ القول بالتعبد بالظنون مستلطملنفي القول به عند القائل. مع أن قولك: إن الاجماع من الادلة العقلية عند ترجيحك إياه في صورة التحقيق المعتبر بفيد الظن، و لا يكفي إلا في الفروع فلذا نستعلمه فيها، منقوض عليك من وجوه الأول:
إنك قلت بقوة الاجماع علي الصاح المرية، فان كان ظنيا فلِمَ رجحته علي الاخبار؟. و إن كان قطعيا فلِمَ لا تعتبره في الأصول؟ مع أنك أقررت بعدم إفادتة القطع اذ لا سبيل لك إليه.
الثاني: إن قلت إنه قطعي، إحتجت في إثبانه إلي دليل و قطعي و هو إما عقلي فلا يخصص في الفروع دون الاصول و أإني و كيف و متي و لِمَ؟!!
و إما نقلي فالنقل لايبلغ حد اليقين- علي مذهبك- و لا سيما عند التعارض.
و إن قلت: إنه ظني فالظن لا يثبت بالظن في مقام المنع من حجية الظن.
الثالث: إنك متي [إستندت] فيه إلي الأخبار [إستند] مخالفك أيضاً إليها، مع أن أخبار- حجية الاجماع- كلها من طريق العامة، مع تنصيص محققيهم كالعلامة الفيروز آبادي علي أن أحاديث باب الاجماع كلها موضوعة، و إنما إستدل بها أيمتنا [المعصومون] إستدلوا علي العامة، لتدينهم بحجيته.
مع أن الاجماع المعتبر في قول أهل العصمة (ع): هو الاتفاق الواقع علي الكتاب و السنة فقط.
فان قلت: إن الحجة المنتظر (ع) مستتر و الاخبار كما تري فيها من الاختلاف و التضاد و إحتمال السهو و الغلط و النسيان و الكذب و الوهم، ما لا يخفي، فالافهمام مختلفة و العقول متفاوتة و الآيات متشابهة فكيف السبيل إلي العلم بحصول المكلَّف به؟
فاما يلطم التكليف بما لا يطاق، و هو باطل، و إما إرتقاع التكليف فهو كذلك، فيبقي التكليف بالظن- في هذه الأزمنة- من باب الاضطرار. و لا مطلق الظنون القريبة للعلم و هو ظن المجتهد الامع لشرائط الفتوي، علي ماقرر في محله.
قلنا: إن هذه شبهات في مقابل البرهان، فان الاحتمالات التي جعلتها سببا لنقض حقيقة العلم كلها جارية في الأصول الدينية التي لاتقولون فيها أحياناً بالظن.
فان مبناها إما علي العقل فاختلاف أكثر من إختلاف أدلة [النقل].
و إما علي النقل، فالنقل يجري فيه من الاحتمالات كلما فرضته في الفروع سواء.
فا ما علي العقل و النقل معا، فانه مع قلة وجودها، مختلفة متعارضة أيضاً.
فامان أن تقلو: باب العلم مسدود مطلقا في جميع الأوقات في سائر [المسائل الأصلية و الفروعية].
و أن التكليف بالظن فكل من أجتهد في الاصول و الفروع أو قلد مجتهداً فيهما، فوه معذور عند الله مأجور أيضا.
إن أصاب فهو مثاب بحصبت الاجتهاد، و إن أخطأ فكذلك فحينئذ يكون المخطيء و المصيب- بعد الاجتهاد- سواء، لان الاصابة و الخطأ ليسا باختياره فله أجره الاجتهاد الذي يقع باختياره.
قلنا: هذا لا يتم علي مذهب أهل العقل القائلين بالحسن و القبيح العقليين، فانه علي هذا لايسوغ لا حد تكفير أحد ءو تفسيقه و لو كان من الفرق الضالة و المتبدعة، الاحتمال أن يكون قد إجتهد و إنما كان تكليفه الاجتهاد فادّاه و الخطأ ما كان باختياره فهو معذور فيه و حينئذ ينهدهم أساس الامر بالمعروف و النهي عن المنكر و موالاة أولياء الله و معاداة أعدائه مع ذلك مخالفة ضرورة مذدهب الشيعة.
و إما أن نقول لك: إن التكليف كان منوطا بالعلم، لعدم حصول غرض التكليف من موافاة الرضاء و مجانبة السخط- لا بموافاة الحق و مجانبة الباطل- و هو لا يتم إلا بالعلم، و لعدم جواز التعبد بالخطأ المستلزم للتعبد بالظن و هو علي عمومه في الاصول و الفروع مَثَلثه: (كمثل شجرة طيبة أصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي أكلها كلّ حين باذن ربّها ) فالذي خلصَت نيته و صفت طويته و لم تتمكن الشكوك [الظنية نو الوساوس الوهيمة] في بصيرته و سويداء سريرته، و نظر بعين الاستفادة و التتبع و التحقيق في جوهر الكالم و نوره و صفائه و ظهوره، مع قطع النظر عن الامور الخارجة الزائدة علي حقيقة، لاح له نور الحق و بانت عنده ظلمة الباطل، و لولا ذلك كذلك، لما ثبتت حجة علي أحد فهذا [عين] مذهب المحدثين و مخالف لقواعد أصحاب- التخمين-.
فان قلت: الظن في الاصول الاجتهادية شرط الحكم و العمل و هما عند تحقق الظن مبنيان علي اليقين كتنفيذ الحكم عند شهادة العدلين و ماشابهه و الظنون المعتبرة في الشرع. و كذلك الاجماع، و ظنية الشرط لا تستلزم ظنية [المشروط] و لا تنافي علميته.
قلنا: إن هذا عجز منك حيث فررت من برهان إلي برهان آخر، مع أنه واضح لك ذلك. فقد صح للخصم أن يقول: إن حصول العلم ووجوب الطاعة عند تحقق الظن من قول المعصوم من هذا القبيل و حينئذ لا حاجة إلي العصمة. و لذلك صح للمحدث أن يقول: إن حصول الظن من الاخبار عندنا شرط الحكم و العلم و هما واقعان علي القطع فلا يبقي لك حجة علي إبطال مذهبه و الامتناع عما [إدعيته] مع أن مدعي العلم أولي بالاتباع من مدعي الظن فتأمل.
فان قلت: إن الظن الحاصل من إخبار المجتهد أقوي من الطن الحاصل من إخبار المحدث.قلنا: هذا غير مسلَّم، لان المجتهد إذا أخبر عن نفسه بأن الظن حصل له في المسألة، فقد يحصل للمقلد ظن ضعيف مثلما يحصل من إخبار العدل الواحد عن علمه و الظن المتفرع من أخبار العلم أقوي من الظن الحاصل من أخبار الظن.
فان كان المقلَّد في الاول واجب الاتباع في غيره في حقه في الصورة الثانية أولي، و إلا فالاول كذلك مع مايترتب حينئذ من فساد تجوبز التعبد بالخطأ. و لنقرر لك صورة الاستدلال علي سبيل الاجمال في هدم أساس القواعد الظنية و الاصول اردية بصورة القياس [القطعي]، و هي:
أن العباد إما مكلفون مطلقاً أم لا. فان إخترت الثاني كذبك البرهان، من إلتزامك مالم يلتزمه أحد في المليين، وينهم هذا برهان ولا جدوي في إيراده، لتسليمك المطلب. و إن إخترت الأول: و هو الحق المبرهن، فلا يخلو إما أن تقول: إن التكليف لمصلحة أم لا، فان إخترت الثاني كذبك البرهان و ضرورة المذهب الحقة. و إن إخترت الأول فلا يخلو إما أن ترجع المصلحة الي المكلِّف عز إسمه، أو المكلِّف، أو كليهما فان إخترت الطرفين كذبك برهان [التنزيه] و إن إخترت الوسط- و خير الأمور أوسطها- لا يخلو، إما أن يكون ذلك بارادة العبد و هواه، أوبارادة الله تعالي.
فان إخترت الأول: لزمك موالاة الكفرة و المؤمنين- سواء-، و عدم معاداة أعداء الله تعالي المبتدعة أيضاً، لان كلا يعبد الله بما يريد و يهواه، و في ذلك خروج عن سلطان الدين و شرع المسلمين.
و إن إخترت- الثاني-: فلا يخلو من أن يكون موافاة لرضاء الله [و مجانبة] لسخطه و لا يكون [رضاء الله] إلا في الحق و لا سخطه إلا علي الباطل، و لا واسطة أو لا، لا نتقض حكم البرهان. و لا يخلو من أن جعل الله إلي ذلك سبيلا أم لا.
و الثاني:- باطل فتعين، و هو يعني السبيل إلي معرفة التكليف به، إما من نفس المكلِّف عز إسمه أو المكلَّف أو المكلَّف به.
فالأول: هو أن يجعل الله في الحق نورا و له حقيقة و إليه دليلا و عليه [برهانا] يعرف بذلك الحق و يمتاز [به] من الباطل، أو يجعل في نفس المكلَّف قوة يتميز بها و يدرك البرهان، فكل ذلك لا يأتي إلا بالعلم [و إلا] لتحول الحق باطلا و الباطل حقا، أو تعلق الرضاء بالباطل و السخط بالحق، و كل ذلك خُلْف، فثبوت التكليف ضرورة ثم إنحصاره فيما أراده الله حيث أراد، ثم إنحصار إرلدته في الحق برهان علي وجود العلم، مادام التكليف. و لو أردنا تفصيل المقال لطال المجال.
و الصووة الثانية:
أن الله تعلي أنما كلف العباد بالحق، لقبح أن يكلفهم بغيره و غير الحق باطل (إن الظن لا يغني من الحق شيئاً ) للزوم التحلف فيه عنه، فيبقي التكليف بالعلم بالمكلَّف به لنفي القول الثالث، قال الله تعالي:
(أَ لَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ ميثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللّهِ إِلاّ الْحَقّ ).
فلا شك أنا المفتي لا يفتي ألا عن الله، و لا يقول ألا عن الله، و لا يقول علي الله، فانحصر تكليفه في [الفتيا].
ثم قال تعالي: (وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ). فنهي عن إقتضاء غير العلم، فعُلم أن العلم هو الحق و الحق هو العلم. ثم قال تعالي: (إن الظن لا يغني من ألحق شيئاً). فبين عدم كفاية الظن عن الحق و عدم قيامه مقام العلم، ثم نفي الواسطة، ثم قال تعالي: (فماذا بعد الحق إلا الضَّلال ). ثم نبّه علي ذلك بقوله تعالي: (أَ فَمَنْ يَهْدي إِلَى الْحَقّ‏ِ أَحَقّ أَنْ يُتّبَعَ أَمّنْ لا يَهِدّي إِلاّ أَنْ يُهْدى‏ فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ )
فقد بين أن الهداية ألي الحق لا تأتي بالظن، و المكتفون بالظن قد أقروا علي أنقسهم يكون طريقتهم ظنية، فثبت حينئذ ببرهان الكتاب أن مسلكهم غير هاد إلي الحق و الصواب- فاعتبروا يا أولي الألباب-.
و الصورة الثالثة:
إن التكليف بالظن لا يخلو من تجويز التعبد بالخطأ، لاستحالة إنفكاك الظن عنه قطعاً، و التعبد بالخطأ إذن، لعجز أو نقص و هو قبيح علي الله عقلا، فان جاز علي الله التعبد بالخطأ، جزا عليه القبيح العقلي و حينئذ يهدم أساس وجوب العصمة في الانبياء و الايمة (ع) و يوهن قواعد العدل و الحكم فيه.
فان قلت: إن القول بفتح الباب في مئل هذا الخطاب، يستلزم [الازدراء] بالفضلاء و الصالحين من رؤساء المجتهدين قلنا: أذا رأينا الاميامية متفرقين بعد حصر الحق فيهما مع أحالة كون الحق في طرفي النقيض، مع حصر التكليف فيه ورأيناهما في الفضل و العدالة و في النفسانية سواء، مع إستواء نسبة الخطأ إلي الطرفين، وجب علينا الفحص و الاستبانة و التحويل علي البرهان، و البرهان اذا قام فالعيب علي من خالفه لا علي البرهان- كائنا من كان و من أية فرقة كان-.
عن أبي جعفر (ع) قال: (أن حديثكم هذا تشمأز منه القلوب قلوب الرجال، فانبذوا إليهم نبدا، فمن أقر به فزيدوه و من أنكره فذروه. إنه لابد من [أن] تكون فتنة يسقط فيها كل بطالة و وليجة حتي يسقط من يشق الشعر يشعرتين حتي لايبقي إلا نحن و شيعتنا). أقول: فالدقة في الاذهان لاتستلزم قبول الحق و معرفة البرهان. و عن موسي بن جعفر (ع): (إذ فقد الخامس من ولد السابع من الايمة، فالله الله في أديانكم لا يزيلنكم عنها أحد يابني إنه لابد لصاحب هذا الامر من غيبة حتي يرجع من هذا الامر من كان يفول به، إنما هي محنة من الله ذمتحن بها خلقه). أقول:
فان قلت: الاول، في غير الشيعة، فخذ الثاني فيهم. و عن الحن بن علي (ع) قال: (لايكون الامر الذي تنتظرون حتي يبرأ بعضكم من بعض و [يتفل] بعضكم في وجه بعض، و حتي يلعن بعضكم بعضاً و حتي يسمي بعضكم بعضا كذابين). وقال ابو عبدالله (ع):
(إن لصاحب هذا الامر غيبة المتسك بها بدينه كالحائط المتقادم... ثم قال هكذا بيده ... ثم قال: إن لصاحب هذا الامر غيبة فليتق الله عبد و ليتمسك بدينه). أقول:
فيها نحن مأمورون بالتمسك بالدين الذي فارقنا عليه صاحبنا- عجل الله فرجه- و هو إقتصار العمل علي الكتاب و السنة لا غير (من التظني و الارتياء). قال أبو جعفر (ع): لتمحصنّ يا معشر الشيعة شيعة آل محمد محص الكحل في العين. الأن صاحب الكحل يعلم متي يقع في العين و لا يعلم متي يذهب، فيصبح أحدكم و هو يري أنه علي شريعة من أمرنا فيسمي و هور علي شريعة من أمرنا فيصبح و قد خرج منها). و في كتاب الغيبة للشيخ الطوسي- ره- بالاسناد:
قال قال أبو عبدالله (ع): (لينصر الله هذا الأمر بمن لاخلاق له و لو قد جاء أمرنا لقد خرج منه [من] هو اليوم مقيم علي بعادة الاوثان). قال شيخنا المجلسي طاب ثراه- في بيانه-: لعل المراد أن أكثر أعوان الحق و أنصار التشيع في هذا اليوم جماعة لانصيل لهم في الدين فلو ظهر الامر و خرج القائم (ع) يخرج من هذا الدين من يعلم الناس أنه كان مقيما علي عبادة الاوثان حقيقة دو مجازاً، و كان الناس يحسبونه مؤمنا، أو إنه عند ظهور القائم (ع) يشتغل بعبادة الوثن و سيأتاي ما يؤيده.
أقول: و هذا أيضاً في الشيعة قلا يصح التعويل إلا علي البرهان، و قد إستوفينا الكلام في كتابنا المسمي ب‍ «سيف الله المسلوك علي محرفي دين الرسول» و في كتابنا المسمي ب‍ « إعصار فيه نار لاحراق شبة الاجتهاد و الاختيار» و في كتابنا المسمي ب‍ «الحجة البالغة و الحكمة النابغة» و في «الشهاب الثاقب» و غير ذلك.
و قال أبو عبدالله (ع): و الله لتكسرونَّ كسر الزجاج و إن الزجاج ليعاد كما كان. و الله لتكسرن كسر الفخار و إن الفخار ليعود كما كان. و الله لتميزن. و الله لتمحصن. و الله لنغربلنّ كما يغربل [الزُّؤان] من الحقمح .
فان قيل: فما فائدة الحجة إذا لم يرتفع الخلاف من لامة به؟.
قلنا: إنما الا نتفاع به في غيبته (ع) مخصوص بأوليائه فانهم جاهدوا في سبيل الله، فوجدوا الدليل إلي الله، قال الله تعالي: (و الذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا عن جابر الانصاري، أنه قال: سئل النبي (ص) هل ينتفع الشيعة بالقائم في غيبته؟ فقال (ص): إي و الذي بعثني بالنوبة إنهم لينتفعون و ويستضيئون بنور ولايته في غيبته، كانتفاع الناس بالشمن، و إن جللها السحاب.
قال المحدث المجلسي طاب ثراه: التشبيه بالشمس المجللة بالحساب يومي إلي أمور!
أولا- إن نور الوجود و العلم و الهداية، يصل إلي الخلق بتوسطه (ع)، لانه ثبت بالاخبار المستفيضة أنهم العلل [الغائية] لايجاد الخلق، فلولاهم لم يصل نور الوجود إلي غيرهم، و ببركتهم و الاستنفاع بهم و التوصل إلبهم تظهر العلوم و المعارف علي الخلق، و تكشف البلايا عنهم، فلولا هم لاستحق الخلق بقبائح أعمالهم أنواع العذاب، كما قال الله تعالي: (و ما كان الله ليعذّبهم و أنت فيهم ).
ولقد جربنا مراراً لانحصيها: أن عند إنغلاق الامور و إعضال المسائل و البعد [فعلا] عن- خيار الحق- و إنسداد أبواب الغيض، لمّا إستشفعنا بهم، و نوّر لنا بأنوارهم (ع)، فبقدر ما يحصل الارتباط المعنوي بهم في ذلك الوقت تنكشف تلك الامور الصعبة، و هذا معاين لمن أكحل الله عين قلبه بنور الايمان، و قد مضي توضيح ذلك في «كتاب الامامة».
الثاني- إن الشمس المحجوبة بالسحاب مع إنتفاع الناس بها ينتظرون في كل آن إنكشاف السحاب عنها و ظهورها، ليكون إنتفغاعهم بها أكثر فكذلك في أيام غيبته- عليه السلام- ينتظر المخلص من شيعته خروجه و ظهوره في كل وقت و زمان و لا ييأس منه.
الثالث- منكر وجوده (ع) مع وفور ظهور آثاره كمنكر وجود الشمس إذا غيبها السحاب عن الابصار.
الرابع- إن الشمس قد تكون غيبتها في السحاب أصلح للعباد من ظهورها لهم بغصر حجاب، فكذلك غيبته (ع) أصلح لهم في تلك الازمان، فلذا غاب عنهم.
الخامس- إن الناظر إلي الشمس لايمكنه النظر إليها بارزة السحاب بالنظر لضعف الباصرة عن الاحاطة بها فكذلك شمس ذاته المقدسة، ربما يكون ظهوره أضر لبصائرهم و يكون سببا لعماهم عن الحق و تحمل بصائرهم الايمان به في غيبته كما ينظر الانسان إلي الشمس من تحت السحاب و لا يتضرر بذلك.
الاساسد- إن الشمس قد تخرج عن السحاب، و ينظر ذليها واحد بعد واحد، فكذالك يمكن أن يظهر له في ايام غيبته بعض الخلق دون بعض.
السابع- أنهم (ع) كالشمس في عموم النفع و أنما لاينتفع بهم من كان أعمي كما فسّربه- في الاخبار- قوله تعالي (و من كان في هذه اعمي فهو في الآخره أعمي و أضلّ سبيلا ).
الثامن- إن الشمس كما أن شعاعها يدخل البوت بقدر ما فيها من (الروازين و الشبابيك) و بقدر مايرتفع عنها من الموانع، فكذالك الخلق أنما ينتقعون بأنوار هدايتهم (ع) بقدر ما يرفعون الموانع عن حواسهم و مشاعرهم التي هي «روازين» قلوبهم من الشهوات النفسانية و العشائق الجسمانية، فبقدر ما يرفعون عن قلوبهم من الفواشي الكثيفة الهيولانية إلي أن ينتهي الامر إلي أن بنتهي الامر إلي حيث يكون يمنزلة من هو تحت السماء، و يحيط به شعال الشمس من جميع الجوانب أخير حجاب، فقد فتحت لك من هذه الجنة الروحانية ثمانية أبواب، و قد فتح الله عليّ بفضله ثمانية آخر تضيق العبارة عن ذكرها عسي الله أن يفتح علينا و عليك في معرفتهم ألف باب يفتح من كل باب ألف باب
أقول: إن الحق أن الاستدلال بما إستدل به شيخنا العلامة [الحلي- ره-] رفع الله مدارجه و مفامه في (منهاج الكرامه) في نقض دليل العامة، لا يتم إلا علي مختار المحدثين، لا المجتهدين، فانه يرد عليهم ماأوردوه عند التأمل.
والعجب كل العجب [ممن] يدعي حصول العلم بعد تحقق الاجماع عنده بعد [غيبة] الامام (ع) مذ تسعمائة سنة مع الاختلاف التام في مستند المسألة و تشتت الاقوال و إختلاف الافهام فيها، يقول قد حصل لي العلم بدخول قول الامام (ع) في هذه الفتياله لتوافق عبارات جمع من الغقهاء فيه، لان دينهم معلوم عندنا، إنهم لا يفتون إلا بما إليهم من قول المعصوم فصارت فتواهم بلا ذكر الدليل المروي دليلا علي المروي، و تحقق عندي كون قول المعصوم فيه و إن خالف جمع آخر ممن يعلم أعيانهم فيه و ذلك بلا نص عنده في ذلك من الكتاب و السنة مستندا- لاجماع- و لا دليل عقلي يكشف القناع، فعلي هذا ينكر علي من يقول بحصول العلم من الاخبار المعصومية و آثار الايمة الفاطمية، مع ما فيها من الانوار اللفظية و المعنوية يستبعد من ذلك غاية الاستبعاد و يصد بالتشكيك طلبة علوم الدين عين طريق الرشاد، و قد قال (ص) للحارث الهمداني حين قال له: أرمضني إختلاف الشيعة يا حارث إنك أمرو ملبوس عليك، إعرف الحق تعرف أهله، الرجال تعرف باحق، لا الحق بالرجال.
و قال الامام (ع): إن كلامنا حقيقة و نور، فما لا حقيقة له و لا نور فكلام الشيطان.
وفي (الجامعة)ك كلامكم نور. قال (ع): لكل حق حقيقة و علي كل صواب نور، أقول: وجه الشبه، هو الظهور بالذات و الاظهار بغيره و انما يحتاج في دركه و إحساسه إلي البصيرة كما يحتاج في درك الأنوار الظاهرة إلي البصر الظاهر، و هذا ظاهر علي العنود الجحود أيضاً و إن حجد و أنكر. فاعجب من إنكارهم حصول العلم من الأخبار مع دعواهم حصوله من الاجماع المصطلح عندهم و قولهم بحيجة الاجماع المنقول و الاكتفاء به في زمن السلف الصالح
فيقولون: إن الاخبار الآحاد و الاجماع المنقول في أفادة الظن سواء!!
[لان إخبار الفيه] عن الاجماع شهادة منه بأن فيه فول المعصوم (ع).
و مع هذه الخيالات التي يزعمونها أدلة عندهم، يقولون لا يصح التعويل علي شهادة الحديث و حمل كلامهم (ع) في ءدعائهم [عدم] إفادة الاخبار المعلم مع صرفهم [النظر عن] تتبع الآثار و تصفح الاخبار و هم يقبلون شهادات أرباب الفن في فنونهم المختصة بهم، إلا شهادة- المحدثين- في فتح الاضمار و إن هذه غفلة أو تغافل عند الاعتبار.
قال مولانا المحدث طاب ثراه: بعد إيراد الذي رواه سعد عن أبي محمد و الحجة الغائب (ع) أقول: قال النجاشي- بعد توثيق سعد و الحكم بجلالته- لقي مولانا أبا محمد (ع). و رأيت بخط بعض أصحابنا يضعفون لقائة لابي محمد (ع) و يقولون: هذه حكاية موضوعة عليه.
أقول: الصدوق- ره- أعرف بصدق الاخبار [الوثوق بأمر ذلك] البعض الذي لايعرف حاله ورد الاخبار التي شهدت منونها بصحتها، بمحض الظن و الوهم، مع إدراك سعد زمانه (ع) و أمكان ملاقاة سعد له (ع) إذ كانت وفاته بعد وفاته (ع) باربعين سنة تقريبا، ليس ألا للازدراء بالاخبار وعدم الوثوق [بها] و التقصير في معرفة شأن اليمة الاطهار (ع) إذا وصلت أليهم، فهم إما يقدحون فيها أو في رواتها. بل0 ليس حرمح و أكثر المحدثين المتقديمن من أصحاب الرجال إلا نقل مثل تلك الاخبار، إنتهي.
وقال طاب ثراه- في مواضع أخر في بحاره- ما لفظه: هذا الخبر و إن كان مرسلا أكثر أجزائه أوردها الكليني و الصدوق- ره- متفرقة في مواضع من- كتابه- لمناسبة لها و سياقه شاهد علي حقيقته، إنتهي.
فهذه شهادة رئيس الفن من المتأخرين. أما ما رواه الشيخ البهائي- ره- في مقدمات «مشرق الشمسين» من الوثوق من الاخبار علي وثوق أخبار الاصول، فهذا شاهد صدق علي ما يقول به المحدثون.
و لما أوردنا [عبارته قدس سره] في المجلد الاول من كتابنا- هذا لسنا نعيدها ههنا-.
و إنما جزم المحدثون [بحفظ] الاحاديث المعصومية و روايتها و تنقيحها و التصنيف فيها و إقتصار العمل عليها، فهم بسبب هذا صاروا جاهلين، لا تجوز الصلاة خلفهم، ولا قبول شهادتهم!!. و المتعدون عن النصوص المتجرثون في الفتاوي بمحض التمسك بالاصول الظنية: «كالاصول تأخثر الحادث و الاصل عدم الحادث، و الاصل البراءة و الاباحة، و تنقيح المناط، و القياس الجلي» صاروا و اجي الطاعة علي الانام، بحيث لا تقبل صلاتهم الصحيحة المطابقة للواقع المأخوذ مسائلها من الكتا و السنة إلا بالستماع منهم و الاقتفاء بظنهم، و إنما قال (ع): «فاذا حكم بحكمنا فلم تقبل ... الخ» و لم يقل بحكمه أو بطنه. و قال الصادق (ع) لابي حنيفة في كلام له- فانت الذي تقول ساأنزل مثلما أنزل الله؟ قال أعوذ بالله من هذا القو. قال: إذا سئلت فما تصنع؟ قال أجيب عن الكتاب السنة و الاجتهاد قال: إذا إجتهدت من رأيك وجب علي المسلمين قبوله؟ قال نعم. قال كذلك وجب قبول ماأنزل الله، فكأنك قلت سأنزل مثلما أنزل الله. أنتهي.
و هذا من إحتجاجاته (ع) علي أبي حنيفة.
و قال المولي الماهر- الاقا محمد علي بن أقا باقر- دامت إفتادته في جواب [السؤآل 569- و المزبور في لفظه في كتاب القامع-] مالفظه: فلا عبرة بمجرد الشهرة بين المتأخرين خصوصا إذا عارضت الشهرة بين المتقدمين، فان الاخبار عين أيديهم صدرت، و الشاهد يري مالايري الغائب. قد إشتهر بين المتأخيرين مسائل علي خلاف الادلة القوية، إستناداً إلي بعض الاصول أو إطلاق دليل معارض بمقيد معلوم أو خبر ضعيف، بل، عامي- معارض بقوي- خاصي- منها.
أقول: ثم ساق لاكلام في بيان ركة الافهام من أولئك الاعلام، بلفظه، و منها إلي أخرها، ويؤدي هذا ما ذكره شيخنا الشهيد الثاني قدس سره في «المسالك» في كتاب الصلح، حاكيا عن شيخنا العلامة الحلي أعلا الله مدارجه مالفظه: «ولست أعرف في هذه المسألة بالخصوصية نصا من الخاصة، و لا من العامة، و إنما صرت إلي ما قلت عن إجتهاد» إنتهي.
أقول: وهب أن الاجماع تحقق عنده و العلم حصل له فاذا لم يكن له سبيل إلي إثبات ذلك علي غيره، فكيف ينكر علي غيره إخباره بحصول العلم [من] أسباب أخر في نفسه و مع ذلك لايكون العلم إلا حجة عليه؟.
فكيف ساغ له التشنيع علي من لم يثبت عليه تحقق- إجماعه- و حصول العلم منه، مع كونه ليس بأجهل [من] يدعي الاجماع؟.
فان ساغ له [التشنيع] علي منكر إجماعه، ساغ للمحدث التشنيع علي من ينكر حصول العلم من الاخبار، فما كان جوابه، كان جوابه.
فالحق أن غياهب الجهل مظلة متكورة إذا أخرج الجاهل لم يكد يراها.
(وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللّهُ لَهُ نُورًا فَما لَهُ مِنْ نُورٍ ). فاذا لاح صباح الفلاح و فلق عمود الارماح من أفق الاشباح، تقوضت صفوف الدجي منهزمات و جنود الهوي متلاشيات، عرف الحق علي ما هو عليه في ذرح الالفاظ، فحقق النقوش و إضمحل الباطل كالعهن المنفوش، فيا من ليس لدرك الحقائق أهلا، [مهلا] هلّا أمسكت عنان اللسان في ميدان الطعان، بلا سهام الادلة و سيوف البرهان- و لا تسعه الاحلام أحلام الخلان- متعرضا بها عرض- الاعيان-: (يا معشر الجن و الانس إن إستطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات و الارض فأنفذوا لا تنقذون إلا بسلطان ).
و ملخص البرهان في تأييد ما قاله آية الله علي العالمين شيخنا العلامة [الحلي] إن يدعي تحقق الاجماع- مطلقا- في غير الضروريات [و] و إما يدعي تحققه و حجيته في- الضرورة- فينفي بالضرورة، أو بالاجتماع، فلا يجدي الاقناع أو بالعقل المستعان فما وجد ألي الآن- و الآن كما كان- و إما بالكتاب، فليس فيه ضرورة في هذا الباب، و إن تشبث بذيل الاخبار، فلا يفيد عند الاعتبار، لان حجته الاجتماع إما قطعية، فتحتاج إلي دليل أقوي في القطع، أو ظنية فتحتاج إلي دليل قطعي- في الاصل-. و خالف الاخبار عند المتمسكين [بها] معلوم، فعلي هذا حجته لا تقوم و أوهن من أدلته [أدلة من] يعتبره- مطلقا- في الاصول و الفروع. أو من يتمسك به في الفروع دون الاصول.
لانهم اذا قام في حجيته دليل صار بعينه دليل خصمهم عليه لهم في قطع السبيل، و كلما ينتقض به خصمه في دعواه فينقض به خصمه مدعاه. قال شيخنا العلامه المحدث المجلسي طاب ثراه في- مجلد الايمان من البحار- في بيان قول أمير المؤمنين (ع): «و الزموا السعود الاعظم فان يد الله [مع] الجماعة، و أياكم و الفرقة فان الشاة للشيطان كما أن الشاة من الغم للذئب» مالفظه: «والسواد العدد الكثير و الجماعة من الناس، أي أن الجماعة المجتمعين علي إمام الحق في من الناس، أي أن الجماعة المجتمعين علي إمام الحق في كنف الله و حفظه. و مما يستدل به علي العمل بالمشهورات و الاجماعات غير الثابت دخول المعصوم فيها لا يخفي و هنه، لورود الاخبار المتكاثرة، و دلالة الآيات المتظافرة علي أن أكثر الخلق علي الضلال و الحق مع القليل». إنتهي كلامه رفع مقامه.
ويزيد ما في النهج أيضاً: فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين إخبرني من أهل الجماعة و من أهل الفرقة و من أهل السّنة و من أهل البدعة؟.
فقال (ع)- و يحك إذا سألتني فافهم، و لا عليك أن لا تسأل أحداً بعدي: أما الجماعة فأنا و من تبعني و إن قلُّوا و ذلك الحق عن أمر الله و عن أمر الرسول. و أما أهل الفرقة فالمخالفون لي و لمن إتبعني و إن كثروا. و أما أهل السنة فالمتمسكون بما سنه الله و رسوله و إن قلُّوا لاالعاملون برأيهم و أهوائهم و إن كثروا.
والحق أن دون إثباته في محل النزاع خرط القتاد. والله يهدي من يشاء إلي سبيل الرشاد. (... و هنا بيتان من الشعر الفارسي ...). و بعدهما: قل فلله الحجة البالغة فلو شاء الله لهداكم أجمعين. حكمة بالغة فما تغني النذر. تمت بحول الله. و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.
(و تأريخ النسخة-: عصر يوم الخميس 4/ ذ ح/ 1281 ه‍ بقلم محمد الشيخ دعبل بن الشيخ قاسم الدلفي).
وقع الفراغ من- طبعه- يوم السبت 24/ رجب عام تسعين و ثلثمائة و ألف الهجري. الموافق ليوم 26/ أيلول عام سبعين و تسعمائة و ألف الميلادي. باشراف المفتقر إلي رحمة ربه الكريم: السيد العلوي رؤوف بن محمد إبن عبدالله بن علي بن محمد بن عبد النبي بن عبد الصانع- مؤلف الكتاب- المعروف ب‍ «الميرزا الاخباري». و ثوابه يعود إلي السيد المغفور له الشهيد الظابط الملازم الطيار- محمد- ولدي الاكبر. و صلي الله علي نبينا محمد و آله الطاهرين.

مصادر ترجمة المؤلف
الكتب العربية و الفارسة التي تعرضت لذكر السيد المؤلف- ره- كثيرة. و الذي يحضرني- الآن- منها مايلي ذكره:
1- روضات الجنات في ذكر العلماء و السادات. ط/ إيران/ حجر.
2- أغلب أجزاء كتاب: «الذريعة إلي معرفة تصانيف الشيعة لآغا الطهراني».
3- أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين العاملي- حرف الميم-.
4- ناسخ التواريخ- فارسي- في أحوالا فتح علي شاه (حواده 1218 ه‍(.
5- رياض السياحة
6- بستان السياحة لزين العابدين الشيرواني- ط حجر إيران
7- فهرست مكتبة سپه سالار.
8- فارس نامه.
9- مقدمتنا لهذا الكتاب.
و الجدير بالذكر: أن الرجل مفدور محجوب نور علمه مجهولة مكانته في العلوم الكثيرة لأن محبه يتفي- في حينه- أو يجامل- الآن- فلا يتحدث بما يعرفه عن الرجل. و عده يحاول- سابقاً و لا حقاً- ستر أشعة عبقريته. و علي الرغم من هذين السببين فقد سجل بعض المؤرخين له الكرامات كما إعترف بعضهم بعظمته في شتي نواحي المرعفة و التحقيق. و هكذا: - كلما إرتفع قدر الانسان، إزداد أعداؤه و حاسدوه-. و من رغب في الاطلاع علي مآثر هذا العالم المنسي و المحقق الذي أسدل الدهر علي كنز علومه حجاب ظلماته فليتفضل بزيارة- كرحلة إستكشافية أثرية- الي مكتبة عمنا الاكبر المرحوم آية الله السيد المرزا عناية الله جمال الدين- في كرمة بني سعيد- سوق الشيوخ- لواء الناصرية- (العراق).
ليري العجب العجاب من آثار الرجل في علوم غريبة و مألوفة.

تنبيه
إلي كل من آمن إيمانا حقيقيا بقوله تعالي: (يوم لا ينفع مال و لا بنون. إلا من أتي الله بقلب سليم).
الي من يريد ثواب الآخرة و خلود الذكر الجمل في الدنيا أوجه هذا النداء:
إن إحياء آثار علمائنا المجاهدين الأبرار فرض توجبه علينا المروءة و يحث عليه الدين. خصوصا- ما فيه دفاع عن العقيدة الحقة- فانه أحق بالنشر الي هذا الوجود المملوء بما يضاد الحقائق القرآنية.
و إن (كتاب منية المرتاد في ذكر نفاة الاجتهاد، للجد مؤلف هذا الكتاب و عشرات غيره من الكتاب) خير هدية أقدمها لك- أيها المؤمن- و خير زاد ليوم المعاد أوجهك اليه لتصحبه في سفرك الأخروي الطويل. و هو كتاب ينفع- العالم و المتعلم و كل ذي ثقافة دينية- و فيه خدمة لمذهب آل البيت (ع) و طرقتهم المثلي.
يقع في جزأين كبيرين (حوالي 500 صحيفه عند طبعه لكل جزء) و تكليف نشره (800 دينار عراقي أو مايعادلها) تقريباً.
فمن يرغب في نشره علي نفقه من المحسنين. أرجو ان يتصل بنا تحريرياً علي هذا العنوان: (الجمهورية العراقية النجف الاشراف/ حي المعلمين: السيد رؤوف جمال الدين)- و الله لا يضيع اجر من أحسن عملاً-.
و لي كافة التجار و شركات النشر أوجه هذا النداء ايضاً كما فيه من النفع المادي الكبير لهم- فالمرجوالاتصال بنا لمعرفة الشروط التي سنتفق عليها لنشره- و الله الموفق لعمل الخير.





الموضوع الأصلي: كشف القناع عن عورة الاجماع 
الكاتب: الباحث 

0 التعليقات:

إرسال تعليق