Ads 468x60px

الاثنين، 8 أكتوبر 2012

كشف اللثام عن سبب تأخر قيام الامام ج5 الحلقة الاولى




بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلي على محمد وال محمد وعجل فرجهم وهلك أعدائهم

{ السبب الخامس - إعراض الأمة عن الإمام المهدي (ع) وعدم وجود الأنصار }


( ملاحظة : انصح أخوتي القراء أن تكون قراءتهم للموضوع بالتسلسل من الأجزاء الأولى ثم بالتدريج حتى تكتمل الفكرة لديهم )
إن إعراض الأمة عن الإمام (ع) وعدم وجود الأنصار هو السبب الأول والرئيسي للغيبة والوجه الجامع لكل وجوه أسباب الغيبة التي ذكروها أل محمد (ع) في كثير من رواياتهم وقبل البدء بسرد الأدلة على ما ذهبنا إليه من إثبات إن السبب الأول والرئيسي للغيبة هو إعراض الناس عن الإمام (ع) سوف نقوم بعونه تعالى بكتابة مقدمات تمهيدية للموضوع الأصلي وهو حلقات من قصص الأنبياء والرسل وما لاقوه من تكذيب وقتل وتعذيب من قبل أقوامهم مما اضطر بعضهم للغيبة والتستر عن الناس لقلة العدد والناصر وشواهد من إعراض الناس عن محمد أل محمد عليهم الصلاة السلام وتكذيب الناس لهم وقتلهم عليهم السلام وسيكون هذا الطرح مدعوما بالأدلة القرآنية والروائية وسيكون هذا البحث كافي لطالب الحق وطالب طريق قائم أل محمد عليه السلام ومعرفة سبب غيبة إمامه كل هذه القرون الطويلة

البحث سيكون على شكل مستويات

{ المستوى الأول - الآيات القرآنية الدالة على إن أكثر الناس مع الباطل }

{ فأبى أكثر الناس إلا كفورا } الفرقان50

{ ولكن أكثر الناس لا يعلمون} يوسف 40
{ بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون} الأنبياء 24
{ ولكن أكثر الناس لا يعلمون} النحل 38
قال تعالى { أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالإنعام بل هم أظل سبيلا }
{وان تطع أكثر من في الأرض يضلوك } سورة الأنعام(116 )
{ بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون} سورة المؤمنون(70)
{ فأبى أكثر الناس إلا كفورا } سورة الفرقان (50)
{ ولكن أكثر الناس لا يعلمون } سورة يوسف (40)
{ إنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ } سورة الشعراء (103)
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} سورة الشعراء (121)
{ فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ } سورة الشعراء (139)

في هذه الآيات الكريمات حقيقة مفادها إن الحق مهجور مغلوب وان أهل الحق الذين عاصرو الأنبياء والرسل قلة قليلة وان أكثر الناس مع الباطل ومع الدنيا وسيبقى حال الناس إلى قيام الإمام المهدي عليه السلام وستجري السنة التي جرت على الأنبياء عليه روحي له الفداء من خذلان الناس له وإتباعهم للباطل ولذلك قال الإمام الصادق عليه السلام { فإذا هو قام بنشرها فلم يبق فلم يبق في الشرق والغرب احد إلا لعنها } غيبة النعماني

{ المستوى الثاني - الآيات القرآنية الدالة إن القلة من الناس مع الحق }

قال تعالى: { وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ } {هود: 40}
قال تعالى: { وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ } سبأ: (13)
قال تعالى { ثلة من الأولين وقليل من الآخرين } الواقعة
وقوله تعالى: { ولقد صدّق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين }
وقال فرعون عن موسى وقومه: { إِنَّ هَؤُلاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ. وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ }
وقال تعالى : { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم } ص (24)
قال تعالى : { قال أرأيتك هذا الذي كرمت عليً لئن أخرتن الى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا } الإسراء (62)
قال تعالى: { وَلوْلا َفضْلُ الّلهِ عَليْكمْ وَرَحْمَتُهُ َ لاتَّبَعْتُمُ الشيطان إلا قليلا } النساء- (٨٣ )

قال تعالى { قَال َأرَأيْتَكَ هَذا الَّذِي َ كرَّمْتَ عَليَّ َلئِنْ َأخَّرْتَن ِإَلى يَوْم الْقِيَامَةِ لأَحْتَنكنَّ ذُرِّيَّتَهُ َإلاَّ قَلِيلا} البقرة – (62)

قال تعالى { وَإذْ أخَذنَا مِيَثاقَ بَني إسْرَائِيل لا تَعْبُدُون إلاَّ الّلهَ وَبالْوَالِدَيْن إحْسَانًا وَذِي اْلُقرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَقوُلوْا لِلنَّاس حُسْنًا وَأقِيمُواْ الصَّلاَة وَآتُوْا الزَّكاَة ثمَّ تَوَلَّيْتُمْ إلاَّ قَلِيلا مِّنكمْ وَأنتُم مِّعْرضُون } البقرة ( 83)

{ المستوى الثالث - الآيات القرآنية الدالة على خذلان الناس لأنبياء الله عز وجل }

ذكر الله عز وجل في كتابه العزيز قصص كثير من أنبيائه ورسله ومما سلط عليه الضوء جانب من مأساتهم وما لاقوه من أقوامهم من قتل وتكذيب وكان أتباع الأنبياء هم من المستضعفين والمحرومين وإذا أردنا أن نعرف عدد الذين امنوا بالأنبياء قياساً بالذين لم يؤمنوا فان القياس غير ممكن فان من الأنبياء من لم يؤمن به أحدا من قومه كالنبي لوط عليه السلام ومنهم من امن به واحد ومنهم من امن به اثنان ومنهم من امن به ثلاثة وهكذا

‏فلن تجد نبي إلى كان أكثر قومه له مكذبين ولا تكاد تجد نبي أو رسول أو وصي لم يرفضه قومه أو يكذبوه أو يقتلوه وهذا ما صرح به كتاب الله عز وجل
( ثمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ) سورة المؤمنون (44)
وهنا الباري عز وجل يقول بكل وضوح ما من نبي أو رسول إلا وحاربه قومه وكذبوه ولا يخفى على كل مسلم قصة نبي الله نوح (ع) وما لاقاه من قومه فقد دعاهم أكثر تسعمائة سنة ولم يؤمن به أكثر من سبعين ونيف وأما خليل الرحمن لاقى اشد من غيره فبعد أن دعاهم إلى الله عز وجل والى ترك الشرك بالله لم يكن جوابهم له عليه السلام إلى المنجنيق لكي يسكتوا صوت الله عز وجل في أرضه ويتخلصوا من دعواه لهم بترك تقليد أبائهم وعبادة الأصنام فرموه في نار أضرموها له ولم يؤمن به أحدا من قومه فقد جاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(أخبرني أبي عن جدي، عن النبي صلى الله عليه واله عن جبرئيل قال: لما أخذ نمرود إبراهيم ليلقيه في النار قلت: يا رب عبدك و خليلك ليس في أرضك أحد يعبدك غيره،) بحار الأنوار / جزء 12 / صفحة( 39 )
وأما نبي الله عيسى (ع) فبعد أن اتهموا أمه بالفاحشة سلموه إلى ملك من ملوك من ملوك الروم عذبوه اشد العذاب ولم يؤمن به ألا ألاثنا عشر وهم الحواريون قال تعالى في كتابه العزيز (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ)
(53) (آل عمران)

وإما إذا تكلمنا عن نبينا الأكرم (ص) فلا استطيع أن اذكر ما لاقاه فالله يشهد إن قلبي يعتصر ألما عندما اكتب عن مصيبة أبا القاسم وما لاقاه من أمته الذين يدعون إنهم مسلمين وتكفيني مقولته صلوات ربي عليه وعلى اله الطيبين الطاهرين التي ما إن ذكرت أشعلت نيران الحزن في قلب من هداه الله فقد قال (ص) ( ما أوذي نبي مثلما أوذيت)
وسنوضح معانات أنبياء الله عز وجل بشكل أوسع في طيات البحث واليك عزيزي المؤمن كلام الله عز وجل عن الأمم وجوابهم لأنبيائه ورسله

{ الآيات القرآنية الدالة على خذلان الأمم لأنبياء الله عز وجل}

بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَإِن يُكَذّبُوكَ فَقَدْ كَذّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذّبَ مُوسَى‏ فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ) الحج : 42ـ45
{ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلّذِينَ كَفَرُوا ثُمّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } الرعد : 32
{ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُم مّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } الأنبياء : 41
{ وَإِن يُكَذّبُوكَ فَقَدْ كُذّبَتْ رُسُلٌ مِن قَبْلِكَ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ } فاطر : 4
قال تعالى { اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ*لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ } (3) سورة الأنبياء
سورة الأنبياء { مَا آَمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ } (6)
({ وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ * وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ * فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ } (45) سورة الحج
{ ثمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ } سورة المؤمنون (44)
{ قَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آَيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا * وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا }
(38) سورة الفرقان
{ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ } (5) سورة الشعراء

إن الظلم والأذى الذي لاقاه أنبياء الله عز وجل ورسله من أممهم دليل على إن الناس معرضون عن الله وأنبياءه وعن الحق وان من أنبياء الله من دعى قومه ألف سنة لم يؤمن به إلا سبعون ونيف ومنهم من لم يؤمن به احد كنبينا لوط عليه السلام ومنهم المقتول والمصلوب منهم الغائب عن قومه لقلة عدد المناصر والمعين وما لاقاه أبا القاسم (ص) من قومه لم يره جميع الأنبياء فما بالك بحفيد الأنبياء والرسل ومكمل مشاريعهم اللاهية والطالب بدمائهم الإمام المهدي عليه السلام وهو وارث الأنبياء والمرسلين فماذا سيلاقي من الناس في أخر الزمان الجواب واضح كما بينه عالم أل محمد عليه السلام قائلا { إن قائمنا إذا قام استقبل من جهلة الناس اشد مما استقبل رسول الله (ص) من جهال الجاهلية . فقلت وكيف ذلك ؟ قال إن رسول الله (ص) أتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة وان قائمنا إذا قام أتى الناس كلهم يتأول عليه كتاب الله ، ويحتج عليه به . ثم قال (ع) : أما والله ليدخلن عليهم عدله جوف بيوتهم ، كما يدخل الحر و القر } (غيبة النعماني ص159) لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

{ المستوى الرابع – القصص الدالة على خذلان الأمم لأنبياء الله عز وجل }

{ -1- النبي نوح ع }

بسم الله الرحمن الرحيم
( قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا * وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا * وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا *وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا * مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا * وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا ) 27 سورة نوح - اية 21 -27
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ( لما استنزل نوح عليه السلام العقوبة على قومه بعث الله عز وجل الروح الأمين عليه السلام بسبعة نوايات فقال: يا نبي الله إن الله تبارك وتعالى يقول لك: إن هؤلاء خلائقي وعبادي ولست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجة، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك فإني مثيبك عليه واغرس هذا النوى فإن لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص، فبشر بذلك من تبعك من المؤمنين فلما نبتت الأشجار وتأزرت و تسوقت وتغصنت وأثمرت وزها الثمر عليها بعد زمن طويل استنجز من الله سبحانه العدة، فأمره الله تبارك وتعالى أن يغرس من نوى تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد ويؤكد الحجة على قومه، وأخبر بذلك الطوائف التي آمنت به فارتد منهم ثلاث مائة رجل وقالوا: لو كان ما يدعيه نوح حقا لما وقع في وعد ربه خلف، ثم إن الله تبارك و تعالى لم يزل يأمره عند كل مرة أن يغرسها تارة بعد اخرى إلى أن غرسها سبع مرات فما زالت تلك الطوائف (1) ترتد منهم طائفة بعد طائفة إلى أن عاد إلى نيف وسبعين رجلا "، فأوحى الله عز وجل عند ذلك إليه وقال: الآن أسفر الصبح عن الليل لعينك حين
صرح الحق عن محضة وصفا من الكدر بارتداد من كانت طينته خبيثة، فلو أني أهلكت الكفار وأبقيت من قد ارتد من الطوائف التي كانت آمنت بك لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الذين أخلصوا التوحيد من قومك واعتصموا بحبل نبوتك بأن أستخلفهم في الأرض وأمكن لهم دينهم، وأبدل خوفهم بالأمن لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشك من قلوبهم، فكيف يكون الاستخلاف والتمكين وتبدل الخوف بالأمن مني لهم مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا وخبث طينتهم وسوء سرائرهم التي كانت نتائج النفاق وشبوح الضلالة، (2) فلو أنهم تنسموا مني الملك الذي اوتي المؤمنين وقت الاستخلاف إذا أهلكت أعداؤهم لنشقوا روائح صفاته، ولاستحكمت سرائر نفاقهم، وتأبد خبال ضلالة قلوبهم، وكاشفوا إخوانهم بالعداوة، وحاربوهم على طلب الرئاسة والتفرد بالأمر والنهي، وكيف يكون التمكين في الدين وانتشار الأمر في المؤمنين مع إثارة الفتن وإيقاع الحروب كلا، فاصنع الفلك بأعيننا ووحينا )
بحار الأنوار / جزء 11 / صفحة(329 )

ومع كل الجهد الذي بذله نوح (ع) والسنين الطويلة في دعوت الناس إلى الله سبحانه لم يتجاوز عدد المؤمنين به السبعون ونيف فقد جاء عن الإمام الصادق في خبر طويل انه قال { فما زالت تلك الطوائف ترتد منهم طائفة بعد طائفة إلى أن عاد إلى نيف وسبعين رجلا فأوحى الله عز وجل عند ذلك إليه وقال: الآن أسفر الصبح عن الليل لعينك حين صرح الحق عن محضة وصفا من الكدر بارتداد من كانت طينته خبيثة } بحار الأنوار / جزء 11 / صفحة(329 )

وجاء في رواية تذكر العدد الذين امنوا بنوح ع بشكل اقرب إلى السبعين وسبب تسمية قرية نوح (ع) بقرية الثمانين
فقد جاء عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: قال الرضا عليه السلام: { لما هبط نوح ع إلى الأرض كان هو وولده ومن تبعه ثمانين نفسا فبنى حيث نزل قرية فسماها قرية الثمانين، لأنهم كانوا ثمانين } علل الشرائع : ج 1 ص42
وبعد الإعراض عن الله وحجته طيلة قرون متعاقبة استوجبوا من نبيهم أن يدعو عليهم دعاء الاستئصال فلم ينجوا من الهلاك سوى من أمن وهم الأقلون عددا وباقي الخلق على كثرتهم لم يأبه الله عز وجل بهم إذ دخلوا النار وبئس القرار وهذه سنة الله عز وجل في كل الأمم وانطبقت على امة نبينا محمد (ص) حينما قال الإمام الصادق عليه السلام بعد رحيل النبي الأكرم (ص) ( ارتد الناس بعد رسول الله كلهم مشركون إلا سبعة نفر ) وبالتالي فقد ذهبوا من يسمون مسلمين إلى النار وبئس القرار في اختبار بعد نبيهم

( -2- النبي إبراهيم ع )
قال تعالى

( وَلَقَدْ آَتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ *قَالُوا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ * قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ * قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ * فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ * قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ * قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ * قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ * قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ * فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ * ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ * قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ * قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ *) سورة الانبياء اية 51 - 68

عن سعد، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن ابي عبد الله عليه السلام قال: ( كان أبو إبراهيم منجما لنمرود بن كنعان، وكان نمرود لا يصدر إلا عن رأيه، فنظر في النجوم ليلة من الليالي فأصبح فقال: لقد رأيت في ليلتي هذه عجبا، فقال له نمرود: وما هو ؟ فقال: رأيت مولودا يولد في أرضنا هذه يكون هلاكنا على يديه، ولا يلبث إلا قليلا حتى يحمل به، فعجب من ذلك نمرود وقال: هل حمل به النساء ؟ فقال: لا، وكان فيما اوتي من العلم أنه سيحرق بالنار، ولم يكن اوتي أن الله سينجيه، قال: فحجب النساء عن الرجال فلم يترك امرأة إلا جعلت بالمدينة حتى لا يخلص إليهن الرجال، قال: وباشر أبو إبراهيم امرأته فحملت به فظن أنه صاحبه، فأرسل إلى نساء من القوابل لا يكون في البطن شئ إلا علمن به، فنظرن إلى ام إبراهيم فألزم الله تبارك وتعالى ذكره ما في الرحم الظهر، فقلت: ما نرى شيئا في بطنها، فلما وضعت ام إبراهيم أراد أبوه أن يذهب به إلى نمرود، فقالت له امرأته: لا تذهب بابنك إلى نمرود فيقتله، دعني أذهب به إلى بعض الغيران (2) أجعله فيه حتى يأتي عليه أجله ولا تكون أنت تقتل ابنك، فقال لها: فاذهبي، فذهبت به إلى غار ثم أرضعته، ثم جعلت على باب الغار صخرة، ثم انصرفت عنه، فجعل له رزقه في إبهامه فجعل يمصها فيشرب لبنا، وجعل يشب في اليوم كما يشب غيره في الجمعة، ويشب في الجمعة كما يشب غيره في الشهر، ويشب في الشهر كما يشب غيره في السنة، فمكث ما شاء الله أن يمكث، ثم إن امه قالت لابيه: لو أذنت لي أن أذهب إلى ذلك الصبي فأراه فعلت، قال: ففعل (3) فأتت الغار فإذا هي بإبراهيم عليه السلام وإذا عيناه تزهران كأنهما سراجان، فأخذته وضمته إلى صدرها وأرضعته ثم انصرفت عنه، فسألها أبوه عن الصبي فقالت: قد واريته في التراب، فمكثت تعتل فتخرج في الحاجة وتذهب إلى ابراهيم عليه السلام فتضمه إليها وترضعه، ثم تنصرف، فلما تحرك أتته أمه كما كانت تأتيه وصنعت كما كانت تصنع، فلما أرادت الانصراف أخذ ثوبها، فقالت له: مالك ؟ فقال: اذهبي بي معك، فقالت له: حتى أستأمر أباك، فلم يزل إبراهيم في الغيبة مخفيا لشخصه كاتما لأمره حتى ظهر فصدع بأمر الله تعالى ذكره وأظهر الله قدرته فيه ) بحار الأنوار / جزء 12 / صفحة( 41 )
أمن من قوم نوح (ع ) سبعون ونيف فمن العجب العجاب إن تعرف إن نبي الله إبراهيم دعا قومه ومن ضمنهم أبيه ولم يؤمنوا به بل عزموا إن يقتلوه وفعلوا لولا إرادة الله عز وجل وبقي النبي إبراهيم عليه السلام هو المؤمن الوحيد في زمانه ولم يؤمن به احد من قومه فقد جاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
( أخبرني أبي عن جدي، عن النبي صلى الله عليه واله عن جبرئيل قال: لما أخذ نمرود إبراهيم ليلقيه في النار قلت: يا رب عبدك و خليلك ليس في أرضك أحد يعبدك غيره، قال الله تعالى: هو عبدي آخذه إذا شئت. ولما القي إبراهيم عليه السلام في النار تلقاه جرئيل عليه السلام في الهواء وهو يهوي إلى النار. فقال: يا إبراهيم لك حاجة ؟ فقال: أما إليك فلا، وقال: " يا الله يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد نجني من النار برحمتك " فأوحى الله تعالى إلى النار: كوني بردا وسلاما على إبراهيم ) . بحار الأنوار / جزء 12 / صفحة( 39 )


( -3- النبي لوط ع )

قال تعالى
( مَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ *فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ ) سورة الأعراف اية 28 -24
عن ألسكوني، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: ( قال النبي صلى الله عليه وآله: لما عمل قوم لوط ما عملوا، بكت الأرض إلى ربها حتى بلغ دموعها إلى السماء، وبكت السماء حتى بلغ دموعها العرش، فأوحى الله إلى السماء: أن أحصبيهم ! وأوحى إلى الأرض: أن اخسفي بهم ) بحار الأنوار / جزء 76 / صفحة (72)

كما كذبت الأمم السابقة لأنبياء الله (ع) أجمعين ولم يؤمن الناس بهم ألا قلة قليلة وكان أكثر الناس للحق كارهون فالموقف نفسه تجدد مع نبي الله لوط إذ لم يؤمن من قومه احد سوى أهل بيته عليه السلام بل الأمر تعدى إلى امرأته فقد هلكت مع القوم المجرمين قال تعالى ( فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين ) يتبع في الحلقات القادمة






0 التعليقات:

إرسال تعليق