Ads 468x60px

الجمعة، 19 أكتوبر 2012

الدعوة العلنية للامام المهدي عج

الدعوة العلنية للامام المهدي عج





الدعوة العلنية للامام المهدي عج




الدعوة العلنية للامام المهدي


من المعلوم ان أي دعوة سرية قديماً أو حديثاً لا بد لها أن تتحول إلى دعوة علنية لغرض تحقيق أهدافها التي قامت من أجلها، وهذه هي السنن الإلهية التي تعبد الله تعالى بها الأنبياء كنبي الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) فبعد انتهاء مرحلة
الدعوة السرية أمره الله أن يجهر بدعوته ويعلنها للناس كما في قوله تعالى : {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ } .
وهكذا بدأ مرحلة الدعوة العلنية التي أعلن فيها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) دعوته المباركة كما أمره الله عز وجل بإعلانها في قريش ومكة والمدن المجاورة، ففعل (صلى الله عليه وآله وسلم ) ما أمر به واعلن الدعوة عند بيت الله الحرام، وقد أحاط به أصحابه، ومحاولة رجال قريش صد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) بقتله هو وأصحابه ولكنهم لم يجدوا إلى ذلك سبيل، فقاموا بإتهام الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) بشتى الإتهامات لأنهم فشلوا في قتله مادياً فحاولوا قتله معنوياً، بإلصاق التهم والأكاذيب به وحاولوا قتل شخصيته لدى الناس حتى لا يؤمن به أحد.
وهذه سنة من سنن الله تعالى في أنبياءه ورسله وأولياءه حيث يقوم أعداء الله بكيل التهم والأراجيف الباطلة وإثارة الشبهات حول ذواتهم المقدسة ورميهم بالباطل، ووصفهم بالكذب والسفاهة والسحر والجنون والجنة، وما إلى ذلك من الأباطيل، فإذا ما أستطاعوا أن يقنعوا أحداً ما بأباطيلهم تلك نجحوا في قتل شخصية ذلك النبي.
فهذا نبي الله نوح (عليه السلام) نسبوه إلى الضلالة قال تعالى حكاية عن ذلك: {قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } .
أما نبي الله هود (عليه السلام) فنسبوه إلى الكذب قال تعالى حكاية عنهم {قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ } .
وهذ نبي الله موسى (عليه السلام) اتهموه بالسحر قال تعالى: {قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَـذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } .
كما إن أعداء الله إتهموا نبي الله عيسى (عليه السلام) بشتى الإتهامات التي لا يقوى اللسان على التلفظ بها، وكيف إنه ولد من غير أب، وما إلى ذلك من الأباطيل والتهم التي حاولوا بها قتل شخصيات الأنبياء وتسقيطهم في نظر الناس معنوياً حاشاهم من ذلك.
أما النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) فإنه تعرض للكثير من التهم والأباطيل وتعرض للضغط وبشتى الوسائل لغرض ثنيه عن دعوته ونبذها ومنعه من مواصلتها حتى قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) عن نفسه: ( ما أوذي نبي مثل ما أوذيت ) .
وأيضاً اتهمه كفار قريش بالكذب والجنون والسحر كما في قوله تعالى حكاية عن قولهم في الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ): {أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ }
وقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ }
وقوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } .
وحاولوا بذلك قتل شخصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) والحط منه في نظر الناس وأتباعه لكي لا يؤمنون به، وهذا من أشد ما لاقاه الأنبياء من اقوامهم، لكن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) لم يأبه بهم وأظهره الله عليهم ونصره ونشر دعوته وأظهر أمره، فنشر الخبر في كل أنحاء مكة وما حولها من المدن عن أمر الدين الجديد.
وأخذ أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) يبشرون القوافل القادمة إلى مكة للتجارة بالدعوة، وهكذا إنتشرت الدعوة المحمدية إنتشاراً واسعاً وسريعاً، وكثر أتباع الدين الجديد ومعتنقيه الذين وجدوا فيه ضالتهم، مما حدى بسادة مكة إلى إتباع إسلوب آخر معهم بعد فشلهم في محاولة إلصاق التهم بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) فقام مشركوا قريش بالتعرض لأصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) وإلقاء القبض عليهم وتعذيبهم وأحياناً يصل الأمر إلى قتلهم لأجبارهم على ترك ذلك الدين الجديد، مما حدى بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد ذلك الضغط المتواصل الذي وصل إلى حد محاولة إغتياله وقتله (صلى الله عليه وآله وسلم ) أضطر والحال هذه إلى أعطاء أوامره للمسلمين بالهجرة إلى المدينة المنورة ( يثرب ) وبإذن الله عز وجل.
علماً إن هذه الهجرة هي الثانية لهم فقد سبقتها قبل ذلك هجرة إلى الحبشة ، فكانت هجرة عامة هاجر بها المسلمون كلهم إلى يثرب مدينة الرسول والتي سميت بالمدينة المنورة.
ومن هناك تبدأ مرحلة جديدة مرحلة ما بعد الهجرة إلى فتح مكة.
أما دعوة الإمام المهدي (عليه السلام) وهي التي تهمنا في هذا البحث، فإن هذه الدعوة التي تكون في بدايتها دعوة سرية فهذه المرحلة سوف تنتهي لتدخل الدعوة في المرحلة العلنية أو الإعلان، والذي يقوم فيه أنصار الإمام (عليه السلام) بقيادة السيد اليماني بإعلان دعوتهم في الكوفة فإن هذه المرحلة هي من أقوى المراحل وأشدها على الإطلاق حيث تكون المواجهة على اشدها بين أنصار الحق ( أنصار الإمام المهدي ) وبين أتباع الباطل، من حيث القتل المعنوي لصاحب الدعوة ورموزها وقادتها أو القتل المادي لأولئك القادة.
وهناك عدة روايات تشير إلى تحول دعوة الإمام المهدي (عليه السلام) بقيادة السيد اليماني من المرحلة السرية إلى المرحلة العلنية.
ومن هذه الروايات ما ورد من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث قال: ( أنظروا أهل بيت نبيكم فإن لبدوا فالبدوا وإن استنصروكم فانصروهم تنصروا وتعزون فإنهم لن يخرجوكم من هدى ولن يدعوكم إلى ردى ولا تسبقوهم بالتقدم فيصرعكم البلاء وتشمت بكم الأعداء قال فما يكون بعد ذلك يا أمير المؤمنين قال (عليه السلام) يفرج الله البلاء برجل من أهل بيتي كإنفراج الأديم من بيته ...) .
والدعوة في المرحلة السرية لا يحتاج فيها الداعي إلى استنصار أصحابه أو مريديه على عدوه، لأن الأخير ليس في دائرة المواجهة المباشرة، بينما المرحلة العلنية هي المرحلة التي تتطلب الإستنصار والنصرة لأن الداعي سيدخل في إطار المواجهة المباشرة مع عدوه لذا وجب على محبيه وأنصاره ومريديه نصرته على عدوه وهذا ما أراده الإمام علي (عليه السلام) من حث المؤمنين على نصرة الداعي إلى الإمام المهدي (عليه السلام) بعد إعلان دعوته ووقوفه وجهاً لوجه مع اعداءه.
الرواية الثانية: ما ورد عن عاصم بن حميد عن الإمام الباقر (عليه السلام) عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: ( وأخذ ميثاق الأنبياء بالإيمان والنصرة لنا وذلك قوله عز وجل ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه يعني لتؤمنن بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) ولتنصرن وصيه وسينصرونه جميعاً وإن الله أخذ ميثاقي مع ميثاق محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) والنصر بعضنا لبعض فقد نصرت محمد وجاهدت بين يديه وقتلت عدوه ووفيت لله بما أخذ عليّ من الميثاق والعهد والنصرة لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم )، ولم ينصرني أحد من أنبياء الله ورسله وذلك لما قبضهم الله إليه، وسوف ينصرونني ويكون لي ما بين شرقها إلى مغربها، وليبعثن الله أحياء من آدم إلى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم )، كل نبي مرسل يضربون بين يدي بالسيف هام الأموات والأحياء والثقلين جميعاً، فيا عجباً وكيف لا أعجب من أموات يبعثهم الله أحياء، يلبون زمرة زمرة بالتلبية لبيك داعي الله قد تخللوا سكك الكوفة قد شهروا سيوفهم على عواتقهم ليضربون بها هام الكفرة وجبابرتهم وأتباعهم من جبابرة الأولين والآخرين حتى ينجز الله ما وعده ) .
وفي هذه الرواية إشارة إلى إعلان دعوة الإمام المهدي (عليه السلام)، بلحاظ أولئك الذين يلبون بنداء لبيك داعي الله، وذلك لا يكون إذا لم يكن هنالك إعلان للدعوة فيلبون دعوة الداعي ( السيد اليماني)، وتخللهم سكك الكوفة دليل على إعلان هذه الدعوة أيضاً، لأن في ذلك إشارة إلى ظهور حركتهم علناً وأمام الملأ بعد مرحلة الستر والتخفي، كما إن في هذه الرواية إشارة إلى الرجعة الروحية التي ترجع فيها أرواح أموات معينين من الأنبياء والأولياء والأئمة والصالحين، لتسدد الإمام المهدي ووزيره وأنصاره وممهديه، والأنبياء الذين أشار إليهم أمير المؤمنين (عليه السلام) إنهم يضربون بين يديه، يقصد به هنا إن روح أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ترجع وتسدد وزير الإمام المهدي (عليه السلام).


الرواية الثالثة: ( وخلعت العرب أعنتها ورفع كل ذي صيصية صيصيته وظهر السفياني واليماني ...) .
مما يدل على ظهور اليماني بشخصه ومعرفة الناس به وذلك لا يكون إلا بعد الإعلان عن نفسه ودعوته، علماً إن الظهور يختلف عن الخروج فالخروج يعني القيام بالسيف والتحرك المسلح من قبل الداعي وأنصاره.
الرواية الرابعة: عن الإمام الصادق (عليه السلام): ( ... فاسكن ما سكن الليل والنهار فإذا بلغك إن السفياني قد خرج فاخرج إلينا ولو على رجلك ...) .
وفي رواية أخرى عنه (عليه السلام) نقلاً عن الحضرمي أنه قال: ( قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) كيف نصنع إذا خرج السفياني قال: تغيب الرجال وجوهها وليس على العيال بأس فإذا ظهر على الأكوار الخمس يعني كور الشام فانفروا إلى صاحبكم ) .
وهاتين الروايتين فيهما دليل على قيام الدعوة العلنية وسعيهم الحثيث إليها.
وإذا قام السيد اليماني بإعلان دعوته تبدأ المرحلة العلنية، فإنه سيلاقي هو وأصحابه ما لاقى رسول الله واصحابه من القتل المعنوي لشخصه بل ومحاولة القضاء عليه وإغتياله كما هو الحال مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )، فقد ورد عن أبي حمزة الثمالي أنه قال سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: ( إن صاحب هذا الأمر لو قد ظهر لقي من الناس مثل ما لقي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) وأكثر ) .
وسيقوم أعداءه بكيل التهم والأباطيل لقتل شخصه معنوياً في أعين الناس وصدهم عن إتباع دعوته الحقة ومحاربتها.
فقد ورد عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنه قال: ( إذا رفعت راية الحق لعنها أهل المشرق والمغرب قلت له: مم ذلك؟ قال: مما يلقون من بني هاشم ) .
علماً إن الراية ليس بالضرورة العَلَم الذي يرفع في القتال وغيره بل قد تعني الدعوة وهو المقصود هنا براية الحق أي دعوة الحق، كما إن الحديث الآنف الذكر الذي يذكر إن راية المهدي أهدى الرايات فالمقصود به الدعوة تكون أهدى الدعوات الموجودة قرب القيام المقدس للإمام المهدي (عليه السلام)، ولعن أهل الشرق والغرب لها هو أحد الأساليب التي يتبعها أعداء الله لإضعاف هذه الدعوة وشل حركتها بعد إثارة الشبهات حولها ومنع الناس من اتباعها.
ومن المعلوم إن لعن الناس لشيء ما إنما يكون لوجود شيء باطل أو سوء في ذلك الشيء، وعليه فلعنهم لراية اليماني لإيهام الناس إنها دعوة باطلة والعياذ بالله.
علماً إن حدوث ذلك من البديهي لأن سنن الأنبياء والرسل عليهم أفضل الصلاة والسلام ستجري على الإمام المهدي (عليه السلام) وعلى صاحب دعوته، لإقتفاء هذه الأمة أثر من كان قبلها من الأمم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )، وإن ما فعلته الإمم السابقة بأنبياء الله وأوصياءهم والأولياء ستفعله هذه الأمة بالإمام المهدي (عليه السلام) وبصاحب دعوته.
ثم إنهم سيقومون بتكذيبه شأنهم في ذلك شأن قوم عاد وثمود وغيرهم في تكذيبهم أنبياءهم.
فقد ورد عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: { إذا تتلى عليهم آياتنا قال أساطير الأولين }: ( يعني تكذيبه بقائم آل محمد (عليه السلام) إذ يقول له لسنا نعرفك ولست من ولد فاطمة كما قال المشركون لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) ) .
ويتعدى الأمر إلى أكثر من ذلك حيث إنهم يقتلون ممهديه وأنصاره قتلاً معنوياً، باتهامهم ورميهم لهم بالأباطيل فضلاً عن قائدهم اليماني إضافة إلى القتل المادي.
وما يؤكد هذا المعنى ما ورد عن أبي سعيد الخراساني قال: ( قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) المهدي والقائم واحد فقال نعم فقلت لأي شيء سمي المهدي؟ قال: لأنه يهدي لأمر خفي وسمي القائم لأنه يقوم بعدما يموت إنه يقوم بأمر عظيم ) .
وعندما تفشل محاولاتهم تلك في ثني السيد اليماني وأصحابه عن هذه الدعوة، فإنهم سوف يقومون بطلبهم والقبض عليهم وتعذيبهم وسجنهم واستخدام مختلف الأساليب معهم ليمنعوا انتشار تلك الدعوة كما يحاول أفراد كل قبيلة من منع ابناء قبائلهم وعشائرهم من الإرتباط بهذه الدعوة والعمل على أن يقوم بتركها وإجباره ولو بالقوة.
فقد ورد: ( وأما الهارب من عشيرته ببلخ فرجل من أهل الأهواز فيقيم في بعض قراها ... ) .
ثم إن مقاومة قريش الكوفة ستتصاعد وتشتد عنفاً حتى تصل إلى محاولة قتل أنصار الإمام قتلاً ماديا للقضاء عليهم ولإرهاب الناس حتى لا يلتحقون بهذه الدعوة، من ذلك قتل النفس الزكية وسبعين معه في ظهر الكوفة بعد أن يعلن تأييده لدعوة اليماني ويحث الناس على اتباعها وإنها دعوة حق، فتقدم حكومة بني العباس على قتله.
فقد ورد عن الأصبغ بن نباتة عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: ( سلوني قبل ن تفقدوني ... وقتل سريع وموت ذريع وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين ...) .
وفي رواية: ( وقتل نفس زكية بظهر الكوفة في سبعين من الصالحين ...) .
ثم إن محاولات القتل تلك لا تطال أنصار الإمام المهدي (عليه السلام) وحدهم، بل تتعدى إلى صاحب دعوة الإمام المهدي (عليه السلام) وهو السيد اليماني الذي تحاول حكومة بني العباس قتله والقضاء عليه وعلى دعوته إلى الأبد، ويتضح من سياق الرواية الواردة إن السيد اليماني عند إعلان دعوته في العراق وفي الكوفة تحديداً ( مكة المهدي حسب التأويل) وثورته ضد حكومة بني العباس الجائرة التي تكون مسيطرة على مقاليد الحكم في العراق، فإن هذه الحكومة ستطلبه وتحاول قتله وأثناء القتال فإن اليماني سوف يغيب عنهم بإذن الله عز وجل ولن يستطيعوا إلقاء القبض عليه وقتله ويكتفون بإشاعة الأكاذيب بأنه قتل ويبقى الناس ما بين مصدق لها ومكذب، وهذا الأمر يمكن تلمسه عن طريق عدة روايات:
الرواية الأولى: عن المفضل بن عمر أنه قال: ( سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن لصاحب هذا الأمر غيبتين يرجع في أحدهما إلى أهله والأخرى يقال مات أو هلك في أي واد سلك، قلت كيف نصنع إذا كان ذلك. قال: إن إدعى مدع فاسئلوه عن تلك العظائم التي يجيب فيها مثله ) .
وقد أشرنا سابقا إن المقصود بهذه الرواية هو السيد اليماني، الذي يكون له غيبتين يرجع في أحدهما إلى أهله، وهذا ما لا ينطبق على الإمام المهدي (عليه السلام).
والذي يهمنا هنا من هذه الرواية ان الغيبة الثانية هي ما يقال فيها مات أو هلك في أي واد سلك، حيث ان الناس عند وقوع القتال بين اليماني وأنصاره من جهة وبين حكومة بني العباس من جهة أخرى، فإنهم سوف يتحيرون في أمره وغيابه المفاجئ اثناء المعركة، فيقال عنه مات أو هلك بأي واد سلك، أي يتسائلون هل قتل في الحرب أم إنه أسر أو أختفى، والظاهر وهو الحق إنه يغيب في هذا الوقت لأنه يكون مضطراً إلى ذلك حتى لا يقتل أو يلقى القبض عليه.
علماً إن غيبة اليماني علامة من علامات قرب القيام المقدس لصاحب العصر والزمان المهدي (عليه السلام)، وهذا ما جاء في الرواية الواردة عن عبد الكريم عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: ( أنى يكون ذلك ولم يستدر الفلك حتى يقال مات أو هلك في أي واد سلك، فقلت وما استدارة الفلك فقال اختلاف الشيعة بينهم ) .
أي إن هذا الخلاف يكون في داخل الوسط الشيعي بسبب هذه الدعوة والذي تكون قائمة عليه حكومة بني العباس، التي تتشح بوشاح التشيع لأن الحاكم العباسي الشيصباني يكون كما في ظاهر الروايات من أهل الكوفة، حيث قادة القوم وكبرائهم وعلماءهم من بني هاشم.
فقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: ( وأنى لكم بالسفياني حتى يخرج قبله الشيصباني يخرج بأرض كوفان ينبع كما ينبع الماء فيقتل وفدكم فتوقعوا بعد ذلك الفرج وخروج القائم (عليه السلام)) .

كما ورد عن أبي الجارود عن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنه قال: ( قال لي يا أبا الجارود إذا دار الفلك وقال الناس مات القائم أو هلك بأي واد سلك، وقال الطالب أنى يكون ذلك وقد بليت عظامه فعند ذلك فارتجوه فإذا سمعتم به فأتوه ولو حبوا على الثلج ) .
يتبين من هذه الرواية إن هناك من يطلب القائم في هذه المعركة كأن تكون جهة معينة كجهة الخصم فتقول عنه إنه مات في المعركة وهذا لا ينطبق على الإمام المهدي (عليه السلام) لأنه لا يقوم إلا في مكة، ثم إن الموالين من الناس وكما تربى عليه صغارهم وشاخ عليه كبارهم، يعتقدون إن الإمام غائب وإنه سيقوم في العاشر من المحرم، ولم يخطر ببال أحدهم إن الإمام المهدي (عليه السلام) يقوم قبل ذلك ويقاتل وممكن ان يقتل.
وهذا مما يدفعنا إلى القول إن المقصود بهذا القائم هو شخص آخر غير الإمام المهدي (عليه السلام)، وهو من يقع عليه القول إنه مات أو هلك، ولكنه في الواقع يغيب عن دار الظالمين وهو ما أكدت عليه عدة روايات منها ما ورد عن محمد بن مسلم أنه قال: ( سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن بلغكم عن صاحبكم غيبة فلا تنكروها ) .
وظاهر الرواية يشير إلى إن المقصود بصاحبكم هو الإمام المهدي (عليه السلام)، لكن هذا ما لا يتلائم مع ما أكده أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وما حملوا شيعتهم على التعبد به منذ غياب الإمام الثاني عشر (عليه السلام) وتوقع الكلام في الغيبة عند السماع بها يظهر منه إن الشخص الغائب هو شخص آخر غير الإمام المهدي (عليه السلام).
الرواية الثانية: عن علي بن مهزيار أنه قال: ( كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) أسأله عن الفرج فقال: إذا غاب صاحبكم عن دار الظالمين فتوقعوا الفرج ) .
وهذه القبلية بين غياب هذا الشخص وبين وقوع الفرج يدل على إن الفراق ليس طويل بل إنه يكون قريب جداً، وهذا ما لا ينطبق على الإمام المهدي (عليه السلام) الذي غاب منذ أكثر من ألف عام، ومن هنا يكون المقصود بالشخص الغائب هنا هو وزيره اليماني الموعود لا غير.
ونختم هذا الكلام برواية عن محمد بن عصام عن المفضل بن عمر قال: ( كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) في مجلسه ومعه غيري فقال لنا: إياكم والتنويه يعني باسم القائم قال وكنت أراه يريد غيري، فقال لي أبا عبد الله (عليه السلام): إياكم والتنويه والله ليغيبن سنين من الدهر وليخملن حتى يقال مات أو هلك بأي واد سلك ولتفيضن عليه عيون المؤمنين وليكفأن كتكفئ السفينة في أمواج البحر حتى لا ينجوا إلا من أخذ الله ميثاقه وكتب الإيمان في قلبه وأيده بروح منه، ولترفعن إثنتا عشر راية مشتبهة لا يعرف أي من أي، قال: فبكيت فقال لي: ما يبكيك؟ قلت: جعلت فداك كيف لا أبكي وأنت تقول ترفع إثنتا عشر راية مشتبهة لا يعرف أي من أي. قال: فنظر إلى كوة في البيت التي تطلع فيها الشمس في مجلسه فقال (عليه السلام): أهذه الشمس مضيئة؟ قلت: نعم. قال: والله لأمرنا أضوء منها ) .
والظاهر من هذه الرواية بقرينة ما استدللنا به في الرواية السابقة من إن الذي يقال عنه مات أو هلك هو اليماني صاحب دعوة الإمام المهدي (عليه السلام) فإنه يغيب وتفيض عليه أعين المؤمنين، ثم إن الرواية ورد فيها إشارة إلى سفينة أهل البيت (عليهم السلام) هي سفينة النجاة التي تقابل سفينة نوح، وسفينة أهل البيت (عليهم السلام) تكون سفينة معنوية وهي عبارة عن راية اليماني التي لا ينجو من الفتن في وقته إلا من التحق بها ويغرق في الفتن من تخلف عنها ويكون من أهل النار، واليماني هو من سوف يقود هذه السفينة المقدسة في وسط الطوفان الذي سيغمر الأرض في أوان قيام دعوته على أعتبار إن الإمام المهدي (عليه السلام) غائب ولا يستطيع والحال هذه أن يقود تلك السفينة بنفسه بل يبعث شخصاً كنفسه وهو وزيره السيد اليماني.





الموضوع
من فكر السيد أبي عبد الله الحسين القحطاني
المصدر
موسوعة القائم عج







0 التعليقات:

إرسال تعليق