نكمل بقية الحلقات الخاصة بالجزء الرابعة
الحلقة الخامسة
{ الشاهد الثالث - الإمام الحسين عليه السلام }
ماذا أقول في أناس يدعون إنهم مؤمنون ويتلذذون بسفك دماء أولياء الله الصالحين وأي كلمات عساها إن كتبتها تستوعب كل جرائمهم بحق ريحانة رسول الله (ص) والذي تتفطر منه السموات السبع إن الذين قتلوا الإمام الحسين (ع) ليس الروم أو الفرس أو اليهود بل شيعته ومحبيه وأنصاره كما يدعون وشيعة أبيه السباقون إلى قتل الإمام (ع) إذ أرسل له محبيه وشيعته في العراق أكثر من عشرة ألاف رسالة يقولون فيها أقدم فنحن لك جندا مجندة وان لم تقدم فسوف نشكوك إلى الله والى رسول الله(ص) والى أبيك أمير المؤمنين (ع) والى أمك الزهراء (ع)
فقد ودر في كتاب كلمات الإمام الحسين عليه السلام ص -360-361-
{ بسم الله الرحمن الرحيم للحسين بن علي، من شيعته من المؤمنين والمسلمين، أما بعد: فحي هلا، فإن الناس ينتظرونك، ولا رأي لهم في غيرك، فالعجل العجل والسلام عليك }
وكتب شبث بن ربعي وحجار بن أبجر ويزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم وعزره بن قيس، وعمرو بن الحجاج الزبيدي ومحمد بن عمر التميمي
{ أما بعد فقد اخضر الجنان، وأينعت الثمار، وطم الجمام، فإذا شئت فأقدم على جند لك مجند، والسلام عليك } كلمات الإمام الحسين (ع) ص 312
هنا أنصار الإمام الحسين عليه السلام وشيعته يحثونه على القدوم إلى الكوفة ويقولون أنهم له جندا مجندة لكن ماذا حصل بعد ذلك هذا ما سنتحدث عنه في هذه السطور
جاء هاني بن هاني وسعيد بن عبد الله إلى الإمام عليه السلام وقرءا كتاب أهل الكوفة قال الإمام الحسين عليه السلام لهانئ وسعيد بن عبد الله الحنفي: (خبراني من اجتمع على هذا الكتاب الذي كتب معكما إلي) فقالا: يا أبا عبد الله ! اجتمع عليه شبث ابن ربعي، وحجار بن أبجر، ويزيد بن الحارث، ويزيد بن رويم، وعروة بن قيس، وعمرو بن الحجاج، ومحمد بن عمير بن عطارد. قال: فعندما قام الحسين عليه السلام فتطهر وصلى ركعتين بين الركن والمقام، ثم أنفتل من صلاته، وسأل ربه الخير فيما كتب إليه أهل الكوفة، ثم جمع الرسل فقال لهم: { إني رأيت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله في منامي وقد أمرني بأمر وأنا ماض لأمره، فعزم الله لي بالخير، إنه ولي ذلك، والقادر عليه إن شاء الله تعالى }
{ كتابه عليه السلام لأهل الكوفة }
ثم كتب مع هاني السبيعي، وسعيد بن عبد الله الحنفي - وكانا آخر الرسل -: { بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن على، إلى الملاء من المؤمنين والمسلمين، أما بعد: فان هانئا وسعيدا قدما علي بكتبكم وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم، ومقالة جلكم: إنه ليس علينا إمام فأقبل، لعل الله أن يجمعنا بك على الهدى والحق. وقد بعثت إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل وأمرته أن يكتب إلي بحالكم وأمركم ورأيكم } كلمات الإمام الحسين (ع) ص (313)
فبعد هذه الكتب التي وصلت إلى الإمام الحسين (ع) وحتى لا تكون الحجة للناس على الله عز وجل ويقولون يوم القيامة ربنا أرسلنا إلى وليك إن أقدم ألينا ولم يقدم‘ فتكون الحجة لهم على الإمام الحسين (ع) إذا لم يقدم عليهم ولأجل ذلك قدم الإمام الحسين (ع) إلى العراق وهو يعلم بغدرهم ونفاقهم من قبل بابيه وأخيه ولكن لأجل قيام الحجة عليهم وبعد مدة قليلة من وصول رسائلهم بدأت بوادر الغدر والنفاق تظهر بغدر شيعة الكوفة لسفير الإمام الحسين (ع) مسلم ابن عقيل (ع) فبعد إن صلى بهم وهم ألوف إذ التفت خلفه بعد صلاته لم يجد أحدا خلفه من الشيعة أصحاب الرسائل وبدا يسير في سكك الكوفة وحيدا غريبا ولم ينصر رجال أهل الكوفة مسلم بن عقيل (ع) إلا امرأة وقفت موقف لم يقفه أشباه الرجال من الكوفيين وبعد مدة قليلة من دخوله الكوفة امسكوا به وقتلوه ورموه من فوق قصر ابن زياد عليه اللعنة وبعد إن استعلم الإمام الحسين جماعة أتت من الكوفة فقال { أخبروني خبر الناس وراءكم } فقال له مجمع بن عبد الله العائذي - وهو أحد النفر الأربعة الذين جاءوه- { أما أشراف الناس فقد أعظمت رشوتهم وملئت غرائزهم، يستمال ودهم ويستخلص به نصيحتهم، فهم ألب واحد عليك ! وأما سائر الناس بعد، فان أفئدتهم تهوي إليك وسيوفهم غدا مشهورة عليك } فبعد الذي سمعه من الجماعة عن حال شيعته وشيعة أبيه المكاتبين له وعلم خبر مسلم عليه السلام أراد الرجوع من حيث أتى فليس هناك من داعي للذهاب بعد الذي جرى من الغدر ونكث البيعة وقال في كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة قبل مجيئه إليهم { وان كنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي جئت منه إليكم } كتاب كلمات الإمام الحسين عليه السلام
ورام الإمام أن ينصرف إلى المكان الذي جاء منه فمنعه الحرّ فقال له الإمام عليه السلام{ ثكلتك أمك ما تريد ؟ قال له الحر: إما لو غيرك من العرب يقولها لي وهو على مثل الحال التي أنت عليها ما تركت ذكر أمه بالثكل كائنا من كان ولكن والله مالي إلى ذكر أمك من سبيل إلا بأحسن ما نقدر عليه، فقال له الحسين عليه السلام: فما تريد قال: أريد أن انطلق بك إلى الأمير عبيد الله، قال: إذا والله لا أتبعك قال: إذا والله لا أدعك فترادا القول ثلاث مرات، فلما كثر الكلام بينهما قال له الحر: أنى لم أومر بقتالك إنما أمرت أن لا أفارقك حتى أقدمك الكوفة } كلمات الإمام الحسين عليه السلام ص (359 )
وبعد ذلك أتت الجيوش من كل حدبا وصوب لقتل ابن بنت رسول الله (ص) ولم ينصره من عشرات الألوف الذين كاتبوه سوى سبعين ونيف ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
{ الشاهد الرابع – إعراض الناس عن الأئمة من أل محمد عليهم السلام }
إن المسلمين الخاص منهم والعام بعد أن خذلوا الإمام الحسين (ع) وقتلوه انسلخوا من الإسلام تماما وارتدوا عنه إلى أودية الكفر الشرك والنفاق كما وصفهم أمير المؤمنين عليه السلام فقد قال في وصف هذه الأمة الضالة المتحيرة عن قصدها { فو الذي نفس علي بيده لا تزال هذه الأمة بعد قتل الحسين ابني في ضلال وظلم وعسف وجور و اختلاف في الدين، وتغيير وتبديل لما أنزل الله في كتابه، وإظهار البدع، وإبطال السنن، واختلال وقياس مشتبهات وترك محكمات حتى تنسلخ من الإسلام و تدخل في العمى والتلدد والتكسع - إلى أن قال - فلا تزال هذه الأمة جبارين يتكالبون على حرام الدنيا، منغمسين في بحار الهلكات، و في أودية الدماء، حتى إذا غاب المتغيب من ولدي عن عيون الناس }
(بحار الأنوار- ج 28 – ص 70 )
والإمام يقصد بكلامه من يدعون أنهم شيعة الذين خانوا الإمام الحسين (ع) وقتلوه وإلا فان أتباع الخلفاء وأتباع الأمويين هم في ضلال واختلاف دخلوا فيه مباشرة بعد رحيل رسول الله (ص) حينما تركوا أمير المؤمنين وبايعوا غيره
وهذا واضح في كلام الإمام الباقر (ع) { كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا ثلاثة ، فقلت : ومن الثلاثة ، فقال : المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي ثم عرف الناس بعد يسير ، وقال : هؤلاء الذين دارت عليم الرحى وأبوا أسن يبايعوا حتى جاؤا بأمر المؤمنين عليه السلام مكرها فبايع وذلك قول الله عز وجل ( وما محمد إلا سول قد خلت من قبله الرسل أفان مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } بحار الأنوار ج28/236 ح 22
وإما موقف أل محمد (ع) بعد مقتل الإمام الحسين (ع) فقد بين الأئمة عليهم السلام في كثير من كلامهم أنهم لم يجدوا عدد قليل من الأنصار ممن يثقوا بهم وبدينهم ( مع كثرة المدعين أنهم شيعة في زمانهم) للقيام بدورهم الذي أراده الله عز وجل لهم لهداية البشر إلى الصراط المستقيم ولإقامة العدل وإنهاء الظلم والجور وأقامت حدود الله في الأرض ولكي ينهضوا بالإسلام بعد إن هدمه المسلمون أنفسهم حتى وصل الحال بالإمام الصادق (ع) أن يقول بمرارة { لوا كان لدي ثلاثة يكتمون حديثي ما استحللت كتمان حديث }
وليس من المستغرب على هذه الأمة التي تدعي الموالاة لإل محمد (ع) إن لا يجد الإمام فيهم ثلاثة مؤمنين يثق بهم وبدينهم مع كثرتهم لكي يبث علوم الدين والأحكام فقط وليس لكي يقاتل بهم هم قد خانوا رسول الله (ص) وخانوا أمير المؤمنين وخانوا الإمام الحسن وخانوا الإمام الحسين عليهم السلام من قبل وخانت الأمم من قبلهم الأنبياء والرسل والله عز وجل يقول في كتابه العزيز { وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ } هود: (40) { فأبى أكثر الناس إلا كفورا } سورة الفرقان (50) فما كان من أل محمد (ع) بعد أن عرفوا نوايا القوم وسرائرهم التي أظلمت من النفاق وسفك دماء الأولياء إلا الجلوس
في بيوتهم واستعمال التقية في أقصى درجاتها لم يكن في الأمة أي أمل فقد استسلموا للشيطان وباعوا أخرتهم بدنياهم وبعد أن امتحنوهم الأئمة (ع) أكثر من مرة لم يجدوا فيهم خير أبدا وستبقى هذه الأمة التي تدعي الإسلام والتشيع لمحمد وال محمد أسيرة غضب الله عز وجل وأسيرة الجهل والشرك والانحرافات إلى بقيام الإمام المهدي (ع) فقد وصف رسول الله (ص) المراحل التي ستمر على أهل بيته من ظلم الخاص والعام لهم وعدم نصرتهم وإعانة الذين يدعون إنهم أنصارهم للظلمة والغاصبين لحقهم ووصف المراحل التي ستمر على الناس من رجوعهم إلى الجاهلية من جديد وتركهم الحجج الذين نصبهم الله عز وجل لهم وإطاعة للطواغيت ولفقهاء السوء أكثر من طاعتهم لإل محمد عليهم السلام الذين أمر الله بطاعتهم وعدم مخالفتهم وفي هذا الحديث الشريف التفصيل ورد في كتاب عصر الظهور للشيخ علي الكوراني عن عبد الله بن مسعود قال: { أتينا رسول الله صلى الله عليه وآله فخرج إلينا مستبشرا يعرف السرور في وجهه ، فما سألناه عن شئ إلا أخبرنا به ، ولا سكتنا إلا ابتدأنا ، حتى مرت فتية من بني هاشم فيهم الحسن والحسين ، فلما رآهم التزمهم وانهملت عينا ! فقلنا يا رسول الله ، ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه ! فقال إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا ، وإنه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريدا وتشريداً في البلاد ، حتى ترتفع رايات سود في المشرق فيسألون الحق فلا يعطونه ، ثم يسألونه فلا يعطونه ، فيقاتلون فينصرون ! فمن أدركه منكم ومن أعقابكم فليأت إمام أهل بيتي ولو حبوا على الثلج ، فإنها رايات هدى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ، فيملك الأرض ، فيملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً }
ولبيان المراحل التي عاشوها أل محمد بعد الإمام الحسين عليه السلام أكثر فالنقرء كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) أنه قال يوما لحذيفة بن اليمان { يبن اليمان - إلى أن قال - قال لي رسول الله (ص) يا علي كم في ولدك من ولد فاضل يقتل و الناس قيام ينظرون لا يغيرون ! فقبحت امة ترى أولاد نبيها يقتلون ظلما وهم لا يغيرون إن القاتل والآمر والشاهد الذي لا يغير كلهم في الإثم واللعان سواء مشتركون يا ابن اليمان إن قريشا لا تنشرح صدورها ولا ترضى قلوبها ولا تجرى ألسنتها ببيعة علي وموالاته إلا على الكره والعمى والصغار، يا ابن اليمان ستبايع قريش عليا ثم تنكث عليه وتحاربه وتناضله وترميه بالعظائم، وبعد علي يلي الحسن وسينكث عليه، ثم يلي الحسين فتقتله امة جده، فلعنت أمة تقتل ابن بنت نبيها ولا تعز من امة، ولعن القائد لها والمرتب لفاسقها، فو الذي نفس علي بيده لا تزال هذه الامة بعد قتل الحسين ابني في ضلال وظلم وعسف وجور و اختلاف في الدين، وتغيير وتبديل لما أنزل الله في كتابه، وإظهار البدع، وإبطال السنن، واختلال وقياس مشتبهات وترك محكمات حتى تنسلخ من الاسلام و تدخل في العمى والتلدد والتكسع - إلى أن قال - فلا تزال هذه الأمة جبارين يتكالبون على حرام الدنيا، منغمسين في بحار الهلكات، و في أودية الدماء، حتى إذا غاب المتغيب من ولدي عن عيون الناس } (بحار الأنوار- ج 28 – ص 70 ) يجب أن اعلق على هذا الكلام الذي تهتز له الجبال الرواسي
إن النبي الأكرم يقول إن القاتل والأمر والشاهد في اللعن سواء مما يعني إن الذين عاصروا الأئمة (ع) ولم ينصروهم فمصيرهم النار وان كانوا يوالون إل محمد ويدعون التشيع وتأريخ المعاصرين للائمة حافل بمواقفهم المحايدة والمخزية بل المؤيدة للباطل بالقلب واللسان واليد وعلى سبيل المثال نأخذ إتباع أمير المؤمنين (ع) في الكوفة فقد ضاق الإمام بهم وبأفعالهم ذرعا مما دعاه أن يدعوا عليهم في كل موقف ومحفل حتى قال مقوله المشهورة بحق المنتحلين مشايعته { ملئتم قلبي قيحا }
وأما الإمام الحسن (ع) فكاد شيعته أن يسلموه إلى الملعون معاوية مما حدا به أن قال لهم { أرى والله معاوية خيرا لي من هؤلاء، يزعمون أنهم لي شيعة ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي، وأخذوا مالي، والله لأن آخذ من معاوية عهدا أحقن به دمي وآمن به في أهلي خير من أن يقتلوني فتضيع أهل بيتي، وأهلي، والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوني إليه سلما }
وأما الإمام الحسين (ع) فحدث ولا حرج فبعد أن أغروه بكتبهم قالوا ليزيد نحن نكفيك ذبح ابن فاطمة الزهراء وابن حبيب رب العالمين أنت ابق في مكانك ونحن نأتيك برأسه قبل أن يرتد إليك طرفك
إما حال الناس في زمن الإمام علي بن الحسين عليهما السلام على سبيل الأمثال فليس الحال بمختلف عن الذين سبقوهم بمعارضة الحق والركون إلى الدنيا وغدرهم بأهل بيت النبوة (ع) فلقد قال عباد البصري للإمام علي بن الحسين عليهما السلام في طريق مكة { يا علي بن الحسين تركت الجهاد وصعوبته، وأقبلت على الحج ولينه، وان الله عز وجل يقول: (إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً )
فقال الإمام : أتم الآية ، فقال: (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ ) إلى قوله تعالى ((وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)) فقال الإمام إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم فالجهاد معهم أفضل من الحج } وسائل الشيعة كتاب الجهاد باب 12، ح3
هذه اللوعة وهذا الألم الذي يعيشه الإمام السجاد (ع) من قلة المخلصين كانت المشكلة لجميع الأئمة من أل محمد (عليهم السلام) بل المشكلة لجميع الأنبياء والمرسلين (عليهم السلام )
وهنا وصفهم الإمام وصفا دقيقا في موسم الحج فقد روي عن الإمام علي بن الحسين عليهما السلام قال وهو واقف بعرفات للزهري: { كم تقدر من الناس ههنا ؟ قال الزهري : أقدر أربعة إلف ألف وخمسمائة ألف كلهم حجاج قصدوا الله بأموالهم ويدعونه بضجيج أصواتهم فقال له: يا زهري ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج فقال الزهري: كلهم حجاج أفهم قليل ؟ فقال: يا زهري ادن إلى وجهك، فأدناه إليه فمسح بيده وجهه ثم قال: انظر فنظر إلى الناس قال الزهري - فرأيت أولئك الخلق كلهم قردة لا أرى فيهم إنساناً إلا في كل عشرة ألف واحد من الناس. ثم قال لي: ادنِ يا زهري، فدنوت منه فمسح بيده وجهي ثم قال: انظر فنظرت إلى الناس قال الزهري: فرأيت أولئك الخلق كلهم خنازير. ثم قال لي: ادن إلي وجهك فأدنيت منه فمسح بيده وجهي فإذا هم كلهم ديبه إلا تلك الخصايص من الناس النفر اليسير فقلت: بأبي وأمي أنت يا ابن رسول الله قد أدهشتني آياتك وحيرتني عجائبك قال: يا زهري ما الحجيج من هؤلاء إلا النفر اليسير الذين رأيتهم بين هذا الخلق الجم الغفير ثم قال لي: امسح يدك على وجهك ففعلت فعاد أولئك الخلق في عيني أناسا كما كانوا أولا. ثم قال لي: من حج ووالى موالينا وهجر معادينا ووطن نفسه على طاعتنا ثم حضر هذا الموقف مسلما إلى الحجر الأسود ما قلده الله من أمانتنا ووفيا بما ألزمه من عهودنا فذلك هو الحاج والباقون هم من قد رأيتهم، يا زهري حدثني أبي، عن جدي رسول الله صلى الله عليه واله أنه قال: ليس الحاج المنافقون المعاندون لمحمد وعلي } بحار الأنوار / جزء 96 / صفحة (258)
وفي موقف أخر يكشف حال الناس في زمانهم (عليهم السلام ) قال عليه السلام لشيعة الكوفة
{ هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخَدَعْتُموه وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق ، ثم قاتلتموه وخَذَلْتموه ؟ بأي عين تنظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ، يقول لكم : قاتلتُم عِتْرَتي ، وانتهكتُم حُرْمَتي ، فلستم من أمتي } الاحتجاج
وقال أيضاً عنهم { إن هؤلاء يبكون علينا ، فَمَنْ قَتَلَنا غيرُهم } الاحتجاج 2/29
إما معدن الناس في زمن الإمام الباقر عليه السلام فقد قال في وصفهم { لو كان الناس كلهم لنا شيعة لكان ثلاثة أرباعهم لنا شكاكاً ، والربع الآخر أحمق } رجال الكشي ص 79
وقال عليه السلام في موقف أخر لجابر ( ض) مبين له من هو الشيعي الحقيقي ومبدد الوهم الكبير الذي توهمه الكثير من الذين يدعون أنهم شيعة قولا بلا فعل كما هو حاصل اليوم من أكثر المدعين أنهم شيعة قال الإمام الباقر (عليه السلام ) { يا جابر أيكتفي من انتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت فو الله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه وما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخشع والأمانة وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدين والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القران وكف الألسن عن الناس إلا من خير وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء قال جابر فقلت يا ابن رسول الله ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة فقال يا جابر لا تذهبن بك المذاهب حسب الرجل أن يقول أحب علياً وأتولاه ثم لا يتبع سيرته ولا يعمل بسنته ما نفعه حبه إياه شيئا فاتقوا الله واعلموا لما عند الله ليس بين احد قرابة أحب العباد إلى الله عز وجل وأكرمهم عليه أتقاهم وأعملهم بطاعته يا جابر والله ما يتقرب إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة وما معنا براءة من النار ولا على الله لأحد من حجة من كان لله مطيعاً فهو لنا ولي ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدوّ وما تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع } الكافي ج2ص75
وإما الإمام الصادق عليه السلام فقد كان يريد ثلاثة فقط يثق بهم لكي يتكلم ويبث العلم ولكن لا يوجد مع كثرة المدعين التشيع قال الإمام الصادق عليه السلام { أما والله لو أجدُ منكم ثلاثة مؤمنين يكتُمون حديثي ما استحللتُ أن أكتمهم حديثاً }
أصول الكافي 1/496
وفي موضع أخر جاء رجل للإمام الصادق عليه السلام يقول له أنا من شيعتك فانظر ما كان جواب الإمام الصادق (ع) له وعن الشيعة الكثيرون انه دخل عليه بعض أصحابه ، فقال له { جعلت فداك إني والله احبك وأحب من يحبك ، ياسيدي ما أكثر شيعتكم . فقال له: اذكرهم .قال كثير . فقال: تحصيهم؟ فقال: هم أكثر من ذلك . فقال أبو عبد الله(عليه السلام) :أما لو كملت العدة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الذي تريدون ، ولكن شيعتنا من لايعدو صوته سمعه ، ولا شحناؤه بدنه، ولا يمدح بنا معلناً ، ولا يخاصم بنا قالياً ولا يجالس لنا عائباً ولا يحدث لنا ثالباً ولا يحب لنا مبغضاً ولا يبغض لنا محباً . فقلت : فكيف اصنع بهذه الشيعة المختلفة الذين يقولون إنهم يتشيعون؟ فقال: فيهم التمييز وفيهم التمحيص وفيهم التبديل ، يأتي عليهم سنون تقيهم وسيف يقتلهم واختلاف يبددهم . إنما شيعتنا من لا يهر هرير الكلب ولا يطمع طمع الغراب ولا يسأل الناس بكفه وإن مات جوعاً . قلت :جعلت فداك ، فأين اطلب هؤلاء الموصوفين بهذه الصفة ؟ فقال : اطلبهم في أطراف الأرض أولئك الخفيض عيشهم ، المتنقلة دارهم ، الذين إن شهدوا لم يعرفوا ، وان غابوا لم يفتقدوا ، وأن مرضوا لم يعادوا ، وان خطبوا لم يزوجوا ، وان ماتوا لم يشهدوا ، أولئك الذين في أموالهم يتواسون وفي قبورهم يتزاورون ولا تختلف أهواؤهم وان اختلفت بهم البلدان } غيبة النعماني
ظن السائل والظن لا يغني من الحق شيئاً إن كل من قال أنا شيعي فقد نجا من النار ودخل الجنة رغم أنوف الكل ولكن تفاجئ بكلام الإمام الصادق عليه السلام الصارم والحق بان أكثر هؤلاء الذين يقولون إنهم شيعة سوف يسقطون في الفتن والامتحانات إلى الهاوية وقال الإمام ملاحظة مهمة جدا وهي قوله ( أما لو كملت العدة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الذي تريدون) مما يعني لو كان فيكم ثلاثمائة مؤمنين صادقين لظهر قائم أل محمد (ع) وتكون النتيجة ليس هناك في العشرات الألوف من المتشيعة هذا العد القليل جدا وهذه القاعد التي وضعها الإمام الصادق (ع) لخروج الإمام المهدي سارية المفعول إلى زماننا هذا فلوا كان في الشيعة عامتهم وخاصتهم وفقهائهم هذا العدد من المؤمنين لخرج قائم إل محمد (ع) لكن مع الأسف لا يوجد مؤمنين في المدعين التشيع هذا العدد المشروط من قبل الله والإمام الصادق (ع) إما إذا لم يكتمل هذا العدد فان الإمام لا يخرج أبدا حتى يتوفر هذا العدد من الشيعة الحقيقيين
بل والله لو كان للإمام الصادق سبعة عشر من الشيعة الحقيقيين من الكثرة من المدعية لقام بالسيف فقد جاء عن سدير الصيرفي عن أبي عبد الله(ع) قال { والله يا سدير لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما وسعني القعود ونزلنا وصلينا فلما فرغنا من الصلاة عطفت على الجداء فعددتها فإذا هي سبعة عشر }
فهذا أمير المؤمنين علي عليه السلام لو كان له عشرون شيعي قولا وفعلا لما جرى ما جرى من غصب الخلافة وحرق دار الزهراء وضربها بيد الزنديق الملعون عمر ابن الخطاب وهو قوله عليه السلام { اللهم إنك تعلم أن النبي الأمي - صلى الله عليه وآله - قال لي: إن تموا عشرين فجاهدهم، وهو قولك في كتابك ( فإن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين ) اللهم إنهم لم يتموا - حتى قالها ثلاثا - ثم انصرف }
( الاختصاص – أبي عبد الله محمد بن نعمان العكبرى البغدادي ص ( 186 ) حديث سقيفة بني ساعده )
بل حتى الإمام الحسن لو كان له عدد قليل من الشيعة الحقيقيين لما تنازل عن الخلافة لمعاوية عليه اللعنة ابد الآبدين فقد جاء في ( بحار الأنوار / جزء 44 / صفحة 147والحتجاج ص 157)
عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، قال: حدثني رجل منا قال: { أتيت الحسن بن علي عليهما السلام فقلت: يا ابن رسول الله صلى الله عليه واله أذللت رقابنا، وجعلتنا معشر الشيعة عبيدا ما بقي (معك) رجل، فقال: ومم ذاك ؟ قال: قلت: بتسليمك الأمر لهذا الطاغية، قال: والله ما سلمت الأمر إليه إلا أني لم أجد أنصارا، ولو وجدت أنصارا لقاتلته ليلي ونهاري حتى يحكم الله بيني وبينه، ولكني عرفت أهل الكوفة وبلوتهم، ولا يصلح لي منهم ما كان فاسدا، إنهم لا وفاء لهم ولا ذمة في قول ولا فعل، إنهم لمختلفون ويقولون لنا: إن قلوبهم معنا، وإن سيوفهم لمشهورة علينا }
و جاء في( كتاب انساب الأشراف 1- 238)
بل ورد إن الصحابي الجليل حجر بن عدي قال للإمام الحسن عليه السلام { خرجنا من العذاب ودخلنا في الجور وتركنا الحق الذي كنا عليه ودخلنا في الباطل الذي نذمه ورضينا بالخسيسة وطلب القوم أمرا فرجعوا بما أحبوا مسرورين ورجعنا بما كرهنا راغمين}
فقال الإمام الحسن عليه السلام له { ليس كل الناس على ما أحببت إني قد بلوت الناس فلو كانوا مثلك في نيتك وبصيرتك لأقدمت }
وهذا حال أل محمد عليهم السلام إلى خروج القائم عليه السلام لا يرفعون السيف لقلة المؤمنين في زمانهم فمنهم من لم ينصره في زمانه سوى سبعة وباقي الناس أعدائه ومنهم من يريد ثلاثة فقط يثق بهم لا يجد ومنهم من يقول لو كان لي عدد قليل من الأنصار لحاربت ليلي ونهاري ومنهم من كتب له من يسمون أنفسهم شيعته وشيعة أبيه عشرات الآلاف من الكتب لم يصدق منهم سوى سبعون ونيف ومنهم ومنهم ومنهم حتى يقوم القائم من إل محمد بابي هو وأمي ومالي ولدي ونفسي وكل ما املك فقد ورد ما يفيد المقام إن الإمام الصادق عليه السلام انه قال { كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله } 295 روى الكلينى في الكافي ( 8 / 11 )
وذكر هذه الرواية الحر العاملى في وسائل الشيعة
} {مثل من خرج منا أهل البيت قبل قيام القائم عليه السلام مثل فرخ طار ووقع من وكره فتلاعبت به الصبيان
روى النورى الطبرسى في مستدرك الوسائل (2 / 248 ) ط دار الكتب الإسلامية طهران عن أبى جعفر عليه السلام قال { يا سدير ألزم بيتك و كن حلسا من احلاسه و اسكن ما سكن الليل و النهار فإذا بلغك إن السفياني قد خرج فارحل ألينا و لو على رجلك }
ومن المعلوم إن السفياني عليه اللعنة يخرج مع القائم عليه السلام والإمام الباقر أمر الشيعة في ذاك الزمان بالجلوس حتى خرج السفياني الملعون
و في الصحيفة السجادية الكاملة ص 16 ط دار الحوراء بيروت عن أبى عبد الله عليه السلام قال { ما خرج و لا يخرج منا أهل البيت إلى قيام قائمنا احد ليدفع ظلما أو ينعش حقا إلا اصطلته البلية و كان قيامه زيادة في مكروهنا و شيعتنا }
وجاء في كتاب الملاحم والفتن لابن طاووس رحمه الله في ص (101 ) الباب السادس والثلاثون في نهي أمير المؤمنين عليه السلام أولاده أن يخرج منهم قبل المهدي عليه السلام وان من خرج منهم قبله فإنما هو جزور قال حدثنا أبو سهل قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب عن عبد الحميد عن عبد الله بن عبد العزيز قال : قال لي علي ابن أبي طالب (ع )وخطب في الكوفة فقال { أيها الناس ألزموا الأرض من بعدي وإياكم والشذاذ من أل محمد فانه يخرج شذا ذال محمد فلا يرون ما يحبون لعصيانهم أمري ونبذهم عهدي وتخرج راية من ولد الحسين تظهر بالكوفة بدعامة أمية ويشمل الناس البلاء ويبتلى الله خير الخلق حتى يميز الخبث من الطيب ويتبرأ الناس بعضهم من بعض ويطول ذلك حتى يفرج الله عنهم برجل من أل محمد ومن خرج من ولدي فعمل بغير عملي وسار بغير سيرتي فانا منه بريء وكل من خرج من ولدي قبل المهدي فإنما هو جزور وإياكم والدجالين من ولد فاطمة فان من ولد فاطمة دجالين ويخرج دجال من دجلة البصرة وليس مني وهو مقدمة الدجالين كلهم }
يتبع في الحلقات القادمة
والحمد لله رب العالمين
الكاتب: الراجي رحمة ربه
المصدر: منتديات كهف المستضعفين
0 التعليقات:
إرسال تعليق