Ads 468x60px

الأحد، 13 يناير 2013

الآيات والأخبار الدالة علي إثبات المتشابه وبيان حكمه

الآيات والأخبار الدالة علي إثبات المتشابه وبيان حكمه





ذكر جملة من الآيات و الأخبار
الدالة علي إثبات المتشابه و بيان حكمه



بحث مستل من كتاب سفينة النجاة للفيض الكاشاني



الآيات والأخبار الدالة إثبات المتشابه وبيان حكمه




المتشابه ما لا يظهر معناه المقصود منه, و حكمه أن يرد إلي المحكم إن وجد, و هو مثل تأويله‏ من أهله و إلا ترك علي حاله من المتشابه فان المحكم فيه حينئذ, و يرد علمه إلي اللَّه ويحتاط في العمل, و لا يجوز تأويله لغير أهله لورود النهى عنه و قد يطلق المتشابه علي‏المحكم الذي تعارضت أدلته كما إذا اختلفت الأخبار و حكمه بعد استيفاء ساير مراتب ‏الترجيح المنقولة الخيار, و أما الاشتباه في كيفية العمل بعد معرفة الحكم الشرعي فيجوز الاجتهاد فيه لورود الرخصة بذلك و للزوم الحرج البين لولاء, و هذا كما إذا تعارضت‏ إمارات جهة الكعبة و إمارات إضرار الصوم بالمرض و عدم إضراره و نحو ذلك و عليه ‏يحمل الخبر الذي روته العامة من اجتهد فأصاب فله أجران و من اجتهد فأخطأ فله اجر واحد إن صح الخبر و إلا فالذي رواه أولي به, و أول من اثبت المتشابه في الحكم الشرعي هو اللَّه سبحانه قال اللَّه عزوجل: " هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ إلي قوله وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ .
و قال عز أسمه: "وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ".
و قال اللَّه تعالي: " وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ".
و قال: " فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ ".
و في الحديث النبوي المتواتر بين العامة و الخاصة " إنما الأمور ثلاثة أمر بيّن رشده فيتبع, و أمر بيّن غيّه فيجتنب, و شبهات بين ذلك, و الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات,‏و من ترك الشبهات نجى من المحرمات, و من اخذ بالشبهات ارتكب المحرمات, و هلك من‏حيث لا يعلم.
و في الفقيه قال خطب أمير المؤمنين ع فقال إن اللَّه تبارك و تعالي حد حدوداً فلا تعتدوها, وفرض فرايض فلا تنقضوها, و سكت عن أشياء لم يسكت عنها نسياناً لها فلا تكلفوها, رحمة من اللَّه لكم فاقبلوها, ثم قال علي ع حلال بيّن و حرام بيّن و شبهات بين ذلك, فمن ترك ما اشتبه عليه من الإثم فهو لما استبان له اترك, و المعاصي حمى اللَّه فمن يرتع حولها يوشك أن ‏يدخلها.
و قوله ع وسكت عن أشياء إلي قوله فاقبلوها معناه أن كل ما لم يصل إليكم من‏التكاليف و لم يثبت في الشرع فليس عليكم شيى‏ء فلا تكلفوه علي أنفسكم فإنه رحمة من‏اللَّه لكم و في هذا قيل " اسكتوا عما سكت اللَّه عنه".
و من كلامه ع في وصيته لابنه الحسن ع " دع ‏القول فيما لا تعرف و الخطاب فيما لا تكلف.
و في الكافي بإسناده عن زرارة بن أعين قال سألت أبا جعفر ع " ما حق اللَّه علي العباد قال أن ‏يقولوا ما يعلمون, و يقفوا عندما لا يعلمون ".
و بإسناده عن أبى عبد اللَّه ع مثله و في أخره " فإن ‏فعلوا ذلك فقد أدّوا إلي اللَّه حقه.
و بإسناده عنه ع قال " الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة, و تركك حديثاً لم ‏تروه خير من روايتك حديثا لم تحصه ".
و في عيون أخبار الرضا عنه ع قال " من ردّ متشابه القرآن إلي محكمه هدى إلي صراط مستقيم, ثم قال ع إن في أخبارنا متشابه كمتشابه القرآن, فردوا متشابهها إلي محكمها, ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا ".
و في محاسن البرقي بإسناده عن محمد بن الطيار قال قال لي أبو جعفر ع تخاصم الناس ‏قلت نعم قال و لا يسألونك عن شيى‏ء إلا قلت فيه شيئاً قلت نعم قال فأين باب الرد إذاً .
و يستفاد من هذه الروايات أن ما لا طريق لنا إلي علمه فهو عنا موضوع و لا يلزم علينا بل‏ لا يجوز لنا أن نتكلف تعرفه بالاستنباطات المظنونة.
وروى الصدوق عن أبى عبد الله ع قال قال رسول اللَّه ص " و رفع عن أمتي الخطاء و النسيان و ما استكرهوا عليه و ما لا يطيقون و ما لا يعلمون و ما اضطروا إليه و الحسد و الطيرة و التفكر في ‏الوسوسة في الخلق ما لم ينطقوا بشفة ".
و فيه بإسناده عنه ع قال "ما حجب اللَّه علمه عن العباد فهو موضوع عنهم".
و فيه عنه ع قال " من‏عمل بما علم كفي ما لم يعلم ".
و في الكافي بإسناده عن عمر بن حنظلة قال سألت أبا عبد الله ع عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلي السلطان أو إلي القضاة أيحل ذلك, قال من‏ تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلي الطاغوت, و ما يحكم له فإنما يأخذ سحتا و إن ‏كان حقا ثابتاً له, لأنه اخذ بحكم الطاغوت و قد أمر اللَّه أن يكفر به قال اللَّه عزوجل: يريدون أن ‏يتحاكموا إلي الطاغوت و قد أمروا أن يكفروا به.
قلت فكيف يصنعان؟ قال: ينظران من كان منكم قد روى حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما, فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل ‏منه فإنما استخف بحكم اللَّه و علينا ردّ و الراد علينا راد علي اللَّه و هو علي حد الشرك باللَّه. ‏قلت فإن كان كل واحد اختار رجلا من أصحابنا فرضيا أن يكونا ناظرين في حقهما و اختلفا فيما حكما و كلاهما اختلفا في حديثكم ؟ قال الحكم ما حكم به أعدلهما و أفقههما وأصدقهما في الحديث و أورعهما, و لا يلتفت إلي ما يحكم به الآخر. قال قلت فإنهما عدلان‏ مرضيان عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما علي صاحبه, قال فقال ينظر إلي ما كان من ‏روايتهم عنا في ذلك الذي حكما عليه المجمع عليه من أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فان المجمع عليه لا ريب فيه, و إنما الأمور ثلاثة: أمر بيّن رشده فيتبع و أمر بيّن غيّه فيجتنب و أمر مشكل يرد علمه إلي اللَّه و رسوله, قال‏ رسول اللَّه ص حلال بيّن و حرام بيّن و شبهات بين ذلك فمن ترك الشبهات نجى من‏المحرمات, و من أخذ الشبهات ارتكب المحرمات و هلك من حيث لا يعلم. قلت فان كان ‏الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم, قال ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة و خالف العامة فيؤخذ به و يترك ما خالف حكمه حكم الكتاب و السنة و وافق العامة. قلت جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب و السنة و وجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة و الآخر مخالفاً لهم بأيّ الخبرين يؤخذ؟ قال ما خالف العامة ففيه ‏الرشاد. فقلت جعلت فداك فإن و افقهما الخبران جميعا قال ينظر إلي ما هم إليه أميل ‏حكامهم و قضاتهم فيترك و يؤخذ بالآخر. قلت فإن وافق حكامهم الخبرين جميعاً؟ قال فإذا كان ذلك فأرجه حتى تلقى إمامك, فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات.
و في معنى‏هذا الحديث أخبار كثيرة.
و في احتجاج الطبرسي بعد نقل هذا الحديث قال:
جاء هذا الخبر على سبيل التقدير لأنه قلما يتفق في الأثر أن يرد خبران مختلفان في حكم من الأحكام موافقين للكتاب و السنة و ذلك مثل غسل الوجه و اليدين في الوضوء لأن الأخبار جاءت بغسلهما مرة مرة و غسلهما مرتين مرتين فظاهر القرآن لا يقتضي خلاف ذلك بل يحتمل كلتا الروايتين و مثل ذلك يؤخذ في أحكام الشرع. و أما قوله ع للسائل أرجه و قف عنده حتى تلقى إمامك أمره بذلك عند تمكنه من الوصول إلى الإمام فأما إذا كان غائبا و لا يتمكن من الوصول إليه و الأصحاب كلهم مجمعون على الخبرين و لم يكن هناك رجحان لرواة أحدهما على الآخر بالكثرة و العدالة كان الحكم بهما من باب التخيير. يدل على ما قلنا
ما روي عن الحسن بن الجهم عن الرضا ع قال قلت للرضا ع تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة قال ما جاءك عنا فقسه على كتاب الله عز و جل و أحاديثنا فإن كان يشبههما فهو منا و إن لم يشبههما فليس منا قلت يجيئنا الرجلان و كلاهما ثقة بحديثين مختلفين فلا نعلم أيهما الحق فقال إذا لم تعلم فموسع عليك بأيهما أخذت .
ما رواه الحرث بن المغيرة عن أبي عبد الله ع قال إذا سمعت من أصحابك الحديث و كلهم ثقة فموسع عليك حتى ترى القائم فترده عليه .
و روى سماعة بن مهران قال سألت أبا عبد الله ع قلت يرد علينا حديثان واحد يأمرنا بالأخذ به و الآخر ينهانا عنه قال لا تعمل بواحد منهما حتى تلقى صاحبك فتسأله عنه قال قلت لا بد من أن نعمل بأحدهما قال خذ بما فيه خلاف العامة .
و في الكافي عنه ع انه سأل عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به و منهم من لا نثق, قال إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب اللَّه أو من قول رسول اللَّه ص و إلاّ فالذي جاءكم أولى به .
و فيه عنه ع : " كل شي‏ء مردود إلي الكتاب و السنة و كل حديث لا يوافق كتاب اللَّه‏ فهو زخرف.
و في عيون الأخبار عن الرضا ع في حديث له طويل قال في أخره بعد ذكر العرض علي ‏الكتاب ثم السنة ثم التخبير و الرد إلي رسول اللَّه ص " و ما لم تجدوه في شيى‏ء من هذه الوجوه‏ فردوا إلينا علمه فنحن أولى بذلك و لا تقولوا فيه بآرائكم و عليكم بالكف و التثبت والوقوف و أنتم طالبون باحثون حتى يأتيكم البيان من عندنا.
و قال ثقة الإسلام أبو جعفر محمد بن يعقوب الكلينى رحمه اللَّه في أوائل الكافي ( يا أخي ‏أرشدك اللَّه إنه لا يسع أحداً تمييز شيى‏ء مما اختلفت الرواية فيه عن العلماء عليهم السلام ‏برأيه إلا علي ما أطلقه العالم ع بقوله اعرضوهما علي كتاب اللَّه عزوجل فما وافق كتاب اللَّه ‏فخذوه و ما خالف كتاب اللَّه فردوه, و قوله ع دعوا ما وافق القوم فان الرشد في خلافهم, وقوله ع خذوا بالمجمع عليه فان المجمع عليه لا ريب فيه, و نحن لا نعرف من جميع ذلك إلا أقله و لا نجد شيئاً أحوط و لا أوسع من رد علم ذلك كله إلي العالم ع و قبول ما وسع من ‏الأمر فيه بقوله ع بأيما أخذتم من باب التسليم وسعكم. انتهى كلامه و قوله طاب ثراه نحن‏ لا نعرف من جميع ذلك إلا اقله يعنى به أنَّا لا نعرف من الضوابط الثلاث إلا حكم أقل ما اختلفت فيه الرواية دون الأكثر لان الأكثر لا يعرف من موافقة الكتاب و لا من مخالفة العامة ولا من الإجماع فالأحوط في القول رد علمه إلي العالم أي الإمام ع و إلا وسع في العمل‏ التخيير من باب التسليم دون الهوى, يعنى لا يجوز لنا الإفتاء و الحكم بأحد الطرفين بتّة وإن جاز لنا العمل به من باب التسليم بالإذن عنهم عليهم السلام.
قال بعض الفضلاء و إنما لم يذكر الترجيح باعتبار الأفقهية و الأعدلية و باعتبار كثرة العدد لأنه رحمه اللَّه أخذ أحاديث كتابه من الأصول المقطوع بها المجموع عليها انتهى كلامه.
و لعلك تقول إن الحكم في كل مسألة واحد في نفي الأمر كما هو مذهب أهل الحق والأحكام الشرعية إنما تراد معرفتها للعمل و حاجة المكلفين إليها جميعاً سواء فما الوجه في ‏إخفاء بعض المسائل و أبهامه؟
فنقول إن الحكمة في أكثر الأمور الشرعية غير معلومة لنا إلا أنه يمكننا أن نشير ههنا إلي ما يكسر سورة استبعادك بان نقول يحتمل أن يكون من الحكم ‏في المتشابه المحتاط فيه أن يتميز المتقى المتدين باحتياط في الدين و عدم رتاعه حول ‏الحمى خوفا من الوقوع فيه, مما لا تقوى له و يجترى في الرتاع حوله و لا يبالي بالوقوع فيه, ‏فيتفاضل بذلك درجات الناس و مراتبهم في الدين, فكما أن تارك الشبهات في الحلال والحرام و كذا فاعلها في المردد بين الفرض و النفل ليس كالهالك من حيث لا يعلم فكذا الهالك من حيث لا يعلم ليس كالهالك من حيث يعلم, فالناس ثلاثة فرق مترتبين و يحتمل‏ أن يكون من الحكم في المتشابه المخبر فيه أن يتوسع التكليف لجمهور الناس بإثبات ‏التخبير في كثير من الأحكام و هذه رحمة من اللَّه عزوجل, و به تختلف مراتب التكليف‏ باختلاف مراتب الناس في العقل و المعرفة, و لعل أمير المؤمنين ع إلي هذا أشار بقوله ولا تكلفوها رحمة من اللَّه لكم فاقبلوها و ما لا نعم من الحكم أكثر مما نعم .
ثم نقول و مما يعده أهل الاجتهاد من المتشابهات و يجتهدون في تعيين الحكم فيه الأمر المردد بين الوجوب و الندب أي النهى المردد بين الحرمة و الكراهة, و عند إمعان النظر يظهر أنه لا تشابه فيهما إذا المطلوب فعله أو تركه مما لا يقبل التشكيك في الطلب فيمكن أن ‏يكون مراتب الثواب و العقاب للعباد بقدر مراتب الإرادة و الكراهة من الشارع و تكليف‏ العباد بالأمر و النهى لا يستلزم بيان مراتبهما لهم إذ لا مدخل لعلم المكلف بذلك و إنما الواجب عليه تمييز العبادة من غير العبادة أما العلم بمراتب المأمور بها و النهى عنها و تميز بعضها عن بعض فلا لعدم دليل عليه من عقل و لا نقل و هذا كما أنَّا إذا كلفنا عبدنا بفعل أو ترك فإنه لا يتوقف امتثاله لنا علي علمه بانّا هل نؤاخذه بالمختلفة أم لا فلا وجه لتكلف ‏التعرف و ارتكاب التعسف في أمثال ذلك و الإتيان في تعيينها بدلايل هي أوهن من بيت ‏العنكبوت و كلمات يرجح عليها السكوت و هذا أحد طرقهم في تكثير المسائل من غير ضرورة و إلي اللَّه المفزع.






الكاتب: ناصر الموعود 

0 التعليقات:

إرسال تعليق