Ads 468x60px

الاثنين، 14 يناير 2013

بيان من يجب رجوع الناس إليه في القضاء والإفتاء

بيان من يجب رجوع الناس إليه في القضاء والإفتاء






في القضاء و الإفتاء



الفصل السابع من كتاب الفوائد المدنية للمولى الاسترابادي رض





ذكر الشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه في كتاب كمال الدين و تمام النعمة : حدثنا محمد بن محمد بن عصام رضي الله عنهما قال حدثنا محمد بن يعقوب الكليني عن إسحاق بن يعقوب قال : سألت محمد بن عثمان العمري رضي الله عنهما أن يوصل لي كتاباً قد سألت فيه عن مسائل أشكلت علي، فورد في التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان عليه السلام : أما ما سألت عند أرشدك الله و وفقك – إلى قوله عليه السلام – و أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم و أنا حجة الله عليهم و هذا الحديث الشريف بهذا السند مذكور أيضاً في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله.
و في كتاب الرجال لعمدة القدماء المحدثين الشيخ أبي عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي، و في اختيار رئيس الطائفة من ذلك الكتاب : حذيفة بن منصور عن أبي عبد الله عليه السلام قال اعرفوا منازل الرجال منا على قدر رواياتهم عنا.
أبو علي محمد بن أحمد بن حماد المروزي المحمودي يرفعه قال : قال الصادق عليه السلام : اعرفوا منازل شيعتنا بقدر ما يحسنون من رواياتهم عنا، فإنا لا نعد الفقيه منهم فقيهاً حتى يكون محدثاً، فقيل له : أو يكون المؤمن محدثاً؟ قال يكون مفهماً و المفهم المحدث.
علي بن حنظلة عن أبي عبد الله قال : اعرفوا منازل الناس منا على قدر رواياتهم عنا.
أبو الحسن أحمد بن حاتم بن ماهويه قال كتبت غليه – يعني أبا الحسن الثالث عليه السلام – أسأله عمن آخذ معالم دينين و كتب أخوه أيضاً فكتب إليهما : فهمت ما ذكرتما فاصمدا في دينكما على مسن في حبنا و كل كثير القدم في أمرنا، فإنهم كافوكما إن شاء الله تعالى. و هذه الأخبار مسندة في كتاب رجال الكشي و في كتاب الاختيار للشيخ، تركنا الأسانيد روما ًللاختصار و اعتماد على تواتر القدر المشترك بين تلك الأخبار و على كونها مأخوذة من الأصول المجمع على صحتها.
و في الكافي عن علي بن حنظلة قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : اعرفوا منازل الناس منا على قدر روايتهم عنا.
و في كتاب الاحتجاج لشيخنا العلامة الطبرسي – قدس الله سره – بسنده عن أبي محمد العسكري عليه السلام قال الحسين بن علي عليه السلام : من كفل لنا يتيماً قطعته عنا محنتنا باستارنا فواساه من علومنا التي سقطت إليه حتى أرشده و هداه قال الله عز و جل : يا أيها العبد الكريم المواسي! أنا أولى بالكرم منك، اجعلوا له يا ملائكتي في الجنان بعدد كل حرف علمه ألف ألف قصر و ضموا غليها ما يليق بها من سائر النعم.
و في كتاب الكافي عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام : رجل راوية لحديكم يبث ذلك في الناس و يسدده في قلوبهم و قلوب شيعتكم و لعل عابداً من شيعتكم ليست له هذه الرواية أيهما أفضل؟ قال : الراوية لحديثنا يسدده في قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد.
و روى أئمة الحديث الثلاثة – قدس الله أرواحهم – بسندهم عن داود بن الحصين عن أبي عبد الله عليه السلام في رجلين اتفقا على عدلين جعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما خلاف، فرضيا بالعدلين و اختلف العدلان بينهما عن قول أيهما يمضي الحكم؟ فقال : ينظر إلى أفقههما و أعلمهما بأحاديثنا و أروعهما فينفذ حكمه، و لا يلتفت إلى الآخر.
و عن أبي خديجة قال : بعثني أبو عبد الله عليه السلام إلى أصحابنا فقال : قل لهم إياكم إذا وقعت بينكم خصومة أو تدارى بينكم في شيء من الأخذ و العطاء أن تحاكموا إلى أحد من هؤلاء الفساق، اجعلوا بينكم رجلاً ممن عرف حلالنا و حرامنا فإني قد جعلته عليكم قاضياً، و إياكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى السلطان الجائر.
و في مقبولة عمر بن حنظلة – بزعم العلامة و من وافقه، و إلا فهي صحيحة لما حققنا سابقاً – قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلين من أصحابنا تكون بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة أيحل ذلك؟ فقال عليه السلام : من تحاكم إلى الطاغوت فحكم له فإنما يأخذ سحتاً و إن كان حقه ثابتاً، لأنه أخذ بحكم الطاغوت و قد أمرك الله عز و جل أن يكفر بها قلت : كيف يصنعان؟ قال : انظروا إلى من كان منكم روى حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا وعرف أحكامنا فلترضوا به حكماً فإني قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما بحكم الله استخف و علينا رد، و الراد علينا الراد على الله، و هو على حد الشرك.
و عن أبي خديجة قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : إياكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل الجور، و لكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضائنا فاجعلوه بينكم، فإني قد جعلته قاضياً فتحاكموا إليه.
و روى الإمام ثقة الإسلام بسنده عن محمد بن حكيم قال : قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام : جعلت فداك! فقهنا في الدين و أغنانا الله تعالى بكم عن الناس حتى أن الجماعة منا لكون في المجلس ما يسأل رجل صاحبه إلا و تحضره المسألة و يحضره جوابها فيما من الله علينا بكم ... الحديث.
و بسنده عن سماعة بن مهران عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال قلت : أصلحك الله! إنا نجتمع فنتذاكر ما عندنا، فما يرد علينا شيء إلا و عندنا فيه مسطر، و ذلك مما أنعم الله به علينا بكم.
و بسنده عن عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : يجيئني القوم فيسمعون مني حديثكم فأضجر و لا أقوى، قال : فاقرأ عليهم من أوله حديثاً و من وسطه حديثاً و من آخره حديثاً.
و قال أبو جعفر عليه السلام لأبان بن تغلب : اجلس في مسجد المدينة و أفت الناس، فإني أحب أن أرى في شيعتي مثلك.
و قال الصادق عليه السلام لسليم بن أبي حبة : ا~ت أبان بن تغلب فإنه قد سمع مني حديثاً كثيراً، فما روى لك فاروه عني.
و قال الصادق عليه السلام لفيض بن المختار : إذا أردت بحديثنا فعليك بهذا الجالس و أومأ بيده إلى رجل من أصحابه فسألت أصحابنا عنه، فقالوا : زرارة بن أعين.
و قال الصادق عليه السلام رحم الله زرارة بن أعين! لولا زرارة و نظراؤه لاندرست أحاديث أبي عليه السلام.
و قال الصادق عليه السلام : ما أحد أحيى ذكرنا و أحاديث أبي عليه السلام إلا زرارة و أبو بصير ليث المرادي و محمد بن مسلم و بريد بن معاوية العجلي هؤلاء حفاظ دين الله و أمناء أبي عليه السلام على حلال الله و حرامه.
و قال الصادق عليه السلام : أقوام كان أبي عليه السلام يأتمنهم على حلال الله و حرامه و كانوا عيبة علمه، و كذلك اليوم هم عندي، هم مستودع سري أصحاب أبي عليه السلام حقاً إذا أراد الله بأهل الأرض سوءاً صرف بهم عنهم السوء، هم نجوم شيعتي أحياءً و أمواتاً، يحيون ذكر أبي عليه السلام بهم يكشف الله كل بدعة، ينفون عن هذا الدين انتحال المبطلين و تأويل الغالبين، ثم بكى قال الراوي : فقلت : من هم؟ فقال : هم صلوات الله عليهم و رحمة الله أحياءً و أمواتاً : بريد العجلي، و زرارة، و أبو بصير، و محمد بن مسلم.
و قال الصادق عليه السلام لعبد الله بن أبي يعفور، حيث قال له عليه السلام : إنه ليس كل ساعة ألقاك و لا يمكن القدوم و يجيء الرجل من أصحابنا فيسألوني و ليس عندي كل ما يسألني، قال : فما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفي؟ فإنه قد سمع من أبي و كان عنده وجيهاً.
و قال الصادق عليه السلام : بشر المخبتين بالجنة : بريد بن معاوية العجلي، و أبو بصير ليث بن البختري المرادي، و محمد بن مسلم، و زرارة، أربعة نجباء أمناء الله على حلاله و حرامه، لولا هؤلاء لانقطعت آثار النبوة و اندرست.
و قال الصادق عليه السلام لشعيب العقرقوفي، حيث قال له عليه السلام : ربما احتجنا أن نسأل الشيء فممن نسأل؟ قال : عليك بالأسدي، يعني : أبا بصير.
و أقول : الأحاديث الناطقة بأمرهم عليهم السلام بالرجوع في الفتوى و القضاء إلى رواة أحاديثهم و أحكامهم متواترة معنى، و تلك الأحاديث صريحة في وجوب أتباع الرواة فيما يروونه عنهم عليهم السلام من الأحكام النظرية، و ليست فيها دلالة أصلاً على جواز إتباع ظنونهم الحاصلة من ظواهر كتاب الله أو أصل أو استصحاب أو غيرها، و لا دلالة فيها على اشتراط أن يكون الرواة المتبعون أصحاب الملكة المعتبرة في المجتهدين.
و من المعلوم : أن المقام مقام البيان و التفصيل، فيعلم بقرينة المقام علماً عادياً قطعياً بأن تلك الظنون و كذلك تلك الملكة غير معتبرين عندهم عليهم السلام.
و من جملة غفرات المتأخرين من أصحابنا – كالعلامة الحلي، و المحقق الحلي في أصوله لا في معتبره، و كالشهيد الأول و الثاني و الفاضل الشيخ علي – قدس الله أرواحهم – أنهم زعموا أن المراد من تلك الأحاديث المجتهدون.
و إنما قلنا : إنه من جملة غفلاتهم، لأنا نعلم علماً قطعياً عادياً أنهم لو لم يذهلوا عما استفدنا من كلامهم عليهم السلام و من كلام قدمائنا :
من أنه لا بد في باب القضاء و الفتوى من أحد القطعين.
و من أنه كما لا يجوز التقصير في تبليغ الأحكام لا ينبغي في الحكمة الإلهية أن لا يمهد لأهل زمان الغيبة الكبرى مرجعاً يرجعون إليه في عقائدهم و أعمالهم – ما سوى الأمور التي هي شغل الإمام مثل إجراء الحدود – فعلم أن لنا كتباً ممهدة من جهة الأئمة عليهم السلام بأمر الملك العلام.
و من أسباب قطعنا بأحكامهم و أحاديثهم عليهم السلام كثيرة وافرة من جملتها : أنهم عليهم السلام في مدة طويلة تزيد على ثلاثمائة سنة أظهروا دين جدهم – صلوات الله و سلامه عليه و عليهم – عند جمع كثير و جم غفير من الأفاضل الثقات المحققين يزيدون على خمسة آلاف رجل، و أمروهم بأن يكتبوا بين أيديهم ما يسمعونه منهم عليهم السلام لتعمل بها الشيعة – لا سيما في زمن الغيبة الكبرى – و لئلا تحتاج إلى سلوك ما سلكته العامة من الاستنباطات الظنية، فألفوا بأمرهم عليهم السلام أصولاً كثيرة كانت بخط تلك الأفاضل الثقات و بإملائهم عليهم السلام. و من جملتها : تقريرهم عليهم السلام فيتلك المدة الطويلة أصحابنا على الاعتماد على تلك الأصول في عقائدهم وأعمالهم بل تصريحهم عليهم السلام بذلك.
و من تصريح الأئمة الثلاثة و غيرهم – قدس الله أرواحهم – بأنهم أخذوا أحاديث كتبهم من تلك الأصول المجمع على صحتها أو بأن كلها صحيح.
لما وقعوا في هذه الشبهات. و الله أعلم بحقائق الأمور.






الكاتب: محب الائمة 

0 التعليقات:

إرسال تعليق