Ads 468x60px

الأحد، 13 يناير 2013

تزييف الاجتهاد ومتابعة الآراء

تزييف الاجتهاد ومتابعة الآراء






نقل كلام صاحب كتاب إخوان الصفا
في تزييف الاجتهاد و متابعة الآراء



بحث مستل من كتاب سفينة النجاة للفيض الكاشاني



تزييف الاجتهاد ومتابعة الآراء



في رسالة بيان اللغات من كتابه: اختلفت المذاهب والآراء والديانات والاعتقادات فيما بين أهل دين واحد ورسول واحد لافتراقهم في موضوعاتهم واختلاف لغاتهم وأهوية بلادهم وتباين مواليدهم وآراء
رؤسائهم وعلمائهم الذين يحزبونهم ويخالفون بينهم طلبا لرياسة الدنيا ، وقد قيل في المثل: خالف تذكر، لأنه لو لم يطرح رؤساء علمائهم الاختلاف بينهم لم يكن لهم رياسة وكانوا يكونون شرعا واحدا إلا أن أكثرهم متفقون في الأصول مختلفون في الفروع، مثال ذلك: أنهم مقرون بالتوحيد وصفات الله سبحانه مما يليق به، مقرون بالنبي (ص) المبعوث إليهم، متمسكون بالكتاب المرسل إليهم، مقرون بإيجاب الشريعة، مختلفون في الروايات عنه والمعاني التي وسائطها رجال أخذوها منه، فرواها كل من أخذ بلسانه لان النبي ص كان معجزته وفضيلته أنه كان يخاطب كل قوم بما يفهمون عنه بحسب ما هم عليه من حيث هم وبحسب ما يتصورونه في نفوسهم وتدركه عقولهم، فلذلك اختلفت الروايات وكثرت مذاهب الديانات واختلفوا في خليفة الرسول ص وكان ذلك من أكبر أسباب الخلاف في الأمة إلى حيث انتهينا.
وأيضا فإن أصحاب الجدل والمناظرات ومن يطلب المنافسة في الرياسة اخترعوا من أنفسهم في الديانات والشرائع أشياء كثيرة لم يأت بها الرسول ص ولا أمر بها، وابتدعوها وقالوا لعوام الناس: هذه سنة الرسول ص وسيرته وحسنوا ذلك لأنفسهم حتى ظنوا بهم أن الذي قد ابتدعوه حقيقة قد أمر به الرسول ص وأحدثوا في الأحكام والقضايا أشياء كثيرة بآرائهم وعقولهم وضلوا بذلك عن كتاب ربهم وسنة نبيهم واستكبروا عن أهل الذكر الذين بينهم وقد أمروا أن يسألوهم عما أشكل عليهم، فظنوا لسخافة عقولهم أن الله سبحانه قد ترك أمر الشريعة وفرائض الديانة ناقصة حتى يحتاجوا إلى أن يتموها بآرائهم الفاسدة وقياساتهم الكاذبة واجتهادهم الباطل وما يخرصوه وما يخترعوه من أنفسهم، وكيف يكون ذلك ؟ ! وهو يقول سبحانه: ما فرطنا في الكتاب من شيء وقال سبحانه: تبيانا لكل شيء، وإنما فعلوا ذلك طلبا للرياسة كما قلنا آنفا وأوقعوا الخلاف والمنازعة بين الأمة فهم يهدمون الشريعة ويوهمون من لا يعلم أنهم ينصرونها، وبهذا الأسباب تفرقت الأمة وتحزبت ووقعت بينها العداوة والبغضاء، وتأدت إلى الفتن والحروب واستحل بعضهم دماء بعض، فان امتنع بعض من يعرف الحق من العلماء وخاطب رؤساءهم في ذلك وخوفهم بالله وأرهبهم من عذابه عدلوا إلي العوام وقالوا لهم: هذا فلان ويغرون به العوام وينسبون إليه من القول ما لم تأت به شريعة ولا قاله عاقل، ولا يتمكن ذلك العالم أن يبين للعوام كيف جرى الأمر في الشريعة وينبههم على فساد ما هم عليه ويوقظهم عما هم فيه لمكان ما قد علمه من عصيانهم ولا لفهم بما قد نشأوا عليه خلفا عن سلف، وإذا رأى رؤساؤهم ذلك وان قلوب العلماء مشمئزة من العوام جعلوا ذلك شرفا لهم عندهم وأوهموهم أن ذلك انقطاع منهم عن القيام بالحجة وان سكوتهم وتخفيهم إنما هو لبطلان ما معهم وان الحق هو ما أجمعنا عليه نحن الآن فلا يزال ذلك دأبهم والرؤساء الجهال فيهم يتزايدون في كل يوم واختلافاتهم تزيد واحتجاجاتهم ومناظراتهم تكثر وجدالهم ينتشر حتى هجروا أحكام الشريعة وغيروا كتاب الله بتفسيراتهم له بخلاف ما هو به كما قال سبحانه: يحرفون الكلم عن مواضعه، وفي اصل أمرهم قد حزبوا الأمة وحولوا الشريعة من حيث لا يشعرون وأولوا أخبار الرسول ص بتأويلات اخترعوها من تلقاء أنفسهم، ما أنزل الله بها من سلطان، وقلبوا المعاني وحملوها على ما يريدون مما يقوي رياستهم ويقبح أهل العلم عند العوام ذلك دأبهم يتوارثه ابن عن أب وخلف عن سلف وكابر عن كابر إلي أن يشاء الله إهلاكهم ويقضى بانقراضهم وفنائهم، ولم يزل هؤلاء الذين هم رؤساء العوام أعداء الحق في كل امة وقرن، فكم من نبي قتلوه، ووصي جحدوه، وعالم شردوه، فهم بأفعالهم هذه كانوا السبب في نسخ الشرائع وتجديدها في سالف الدهور إلى أن يتم ما وعد الله تعالى بقوله: "إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد" . "وما ذلك على الله بعزيز" . "والعاقبة للمتقين" . "ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض لله يرثها عبادي الصالحون". "إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين ". فهذه العلة هي السبب في اختلاف الآراء والمذاهب، وإذا كان ذلك كذلك فيجب على طالب الحق والراغب في الجنة أن يطلب ما يقربه إلى ربه ويخلصه من بحر الاختلاف والخروج عن سجون أهله وإن غفلت النفس عن مصالحها ومقاصدها، وترك طريق الجنة والحق وأهله والدين الذي لا اختلاف فيه، وانضم إلى أهل الخلاف والى رؤساء الأصنام المنصوبة كان ذلك سبب بوارها وهلاكها وبعدها عن جوار الله سبحانه وقرنت بعفريت قال الله سبحانه: " ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين * وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون * حتى إذا جاءنا قال: يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين"، فهكذا يكون حاله مع عالمه الذي اقتدى به وغره بربه وجماعة العوام حوله وينمق كلامه فيعبدونه من حيث لا يشعرون لأنه إذا حلل بقوله وحرم بقوله ورأيه فقد عبدوه قال الله تعالى: "إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم انتم لها واردون" فعليك أيها الأخ البار الرحيم أيدك الله بأهل العلم الذين هم أهل الذكر من أهل بيت النبوة المنصوبين لنجاة الخلق، وقد قيل: استعينوا على كل صناعة بأهلها. انتهى كلامه بألفاظه وهو كلام متين صدرعن بصيرة و يقين.






الكاتب: ناصر الموعود 

0 التعليقات:

إرسال تعليق