ذكرنا في المواضيع السابقة ان الخلق يمرون بعدة عوالم وقد تكلمنا عن عالم الذر وعالم الاظلة وارتباطها بقضية الامام المهدي(ع) وفي هذا البحث نحاول ان نسلط الضوء على احد تلك العوالم والذي يعد من العوالم الاولية وهو عالم النور او عالم العلم حيث انهما اسمان لامر واحد فالعالم نور كما هو وارد وعن امير المؤمنين(ع) قال:(ان العرش خلق الله تعالى من انوار اربعة نور احمر منه احمرة الحمرة ونور اخضر منه اخضرة الخضرة ونور اصفر منه اصفرة الصفرة ونور ابيض منه ابيض البياض وهو العلم الذي حمّله الله الحملة وذلك نور من عظمته فبعظمته ونوره ابصر قلوب المؤمنين وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون ). وعن ابي عبد الله عنوان البصري عن ابي عبد الله جعفر الصادق(ع) في رواية طويلة قال لي الصادق(ع) (يا ابا عبد الله ليس العلم بالتعلم انما هو نور يقع في قلب من يريد الله تبارك وتعالى ان يهديه) ومن هاتين الروايتين الشريفتين وغيرهما من الرويات يتبين ان عالم النور هو نفسه عالم العلم حيث ان النور هو العلم كما ورد . واعلم عزيزي القارئ ان جميع الخلق قد مروا في هذا العالم عالم النور وقد اخذ واقتبس كل منهم بقدر اعطائهم بالميثاق من الاقرار بالربوبية ولمحمد بالنبوة ولعلي والائمة من ولده بالامامة حيث تجد ان من اقر بهذه الامور كلها اثقل نورا من الباقين الذين اقروا فقط بالربوبية لله او بالربوبية لله والنبوة لمحمد (ص) ولكنهم لم يقروا بالامامة لامير المؤمنين والائمة من ولده(ع) وقد اثبت العلم الحديث قانون اسماه (قانون الاشعاع) الذي يقول(ان جميع الموجودات مشعة حتى المعتم فيه نسبة ضئيلة من الاشعاع ) ففي هذا القانون اشارة الى مرور جميع الموجودات في عالم النور وتاثيرها به . ثم ان مرحلة الخلق في عالم النور تكون بحسب التدرج اي خلق بعد خلق وهذا يظهر من الروايات والاخبار الواردة عن ال بيت العصمة(صلوات الله عليهم اجمعين) فعن سلمان المحمدي في حديث طويل عن رسول الله(ص) قال:(ياسلمان فهل علمت من نقبائي وهم الاثنا عشر الذين اختارهم الله للامامة بعدي ، فقلت الله ورسوله اعلم ، قال ياسلمان خلقني الله من صفوة نوره فدعاني فاطعت وخلق من نوري عليا فدعاه فاطاعه وخلق من نوري ونور عليا فاطمة فدعها فاطاعته وخلق مني ومن علي وفاطمة الحسن والحسين فدعاهما فاطاعه فسمانا بالخمسة الاسماء من اسمائه الله المحمود وانا محمد والله العلي وهذا علي والله الفاطر وهذه فاطمة والله ذو الاحسان وهذا الحسن والله المحسن وهذا الحسين ثم خلق منا من صلب الحسين تسعة ائمة فدعاهم فاطاعوه قبل ان يخلق الله سماء مبنية وارض مدحية اوهواء او ماء او ملكا او بشرا وكنا بعلمه نورا نسبحه ونسمع ونطيع) فمن هذا الحديث الشريف يظهر كيف ان الله ابتدأ خلقه باحب الخلق اليه وهو رسوله المصطفى(ص) ثم بامير المؤمنين ثم فاطمة الزهراء ثم الحسن والحسين ثم التسعة المعصومين(ع) . وفي روايات اخرى ان الله خلق بعد ذلك شيعتهم من فاضل طينتهم ونورهم ثم خلق بعد ذلك باقي الخلق فعلى قدر النور يقترب الانسان من محمد وأل محمد صلوات الله عليهم اجمعين وعلى قدر النورانية التي يحملها الانسان تكون هدايته . وقد رد في الحديث الشريف عن رسول الله(ص)(فلما اراد الله تعالى ان ينشئ خلقه فتق نوري فخلق منه العرش فالعرش من نوري ونوري من نور الله ونوري افضل من العرش ثم فتق نور اخي علي فخلق منه الملائكة فالملائكة من نور علي ونور علي من نور الله وعلي افضل من الملائكة ثم فتق نور ابنتي فخلق منه السموات والارض فالسموات والارض من نور ابنتي فاطمة ونور ابنتي فاطمة من نور الله وابنتي فاطمة افضل من السموات والارض ثم فتق نور ولدي الحسن فخلق منه الشمس والقمر فالشمس والقمر من نور ولدي الحسن ونور الحسن من نور الله والحسن افضل من الشمس والقمر ثم فتق نور ولدي الحسين فخلق منه الجنة والحور العين فالجنة والحور العين من نور ولدي الحسين ونور ولدي الحسين من نور الله وولدي الحسين افضل من الجنة والحور العين). وبهذا الحديث المروي عن الرسول الكريم(ص) والحديث الذي سبقه يتضح ان مرحلة الخلق في عالم النور تكون بشكل تدريجي . بقي ان نعرف ما معنى النور وماهيته . ومعنى النور وماهيته هو الهداية فقال تعالى{وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ماكنت تدري مالكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من يشاء من عبادنا وانك لتهدي الى صراط مستقيم} الشورى52.
وعن العباس بن هلال قال سالت الرضا عن قول الله{ الله نور السموات والارض} فقال هادٍ لاهل السماء وهادٍ لاهل الارض . وبهذا يتضح ان معنى النور وماهيته هو الهداية فالنور هو الهداية وبذلك نعرف معنى كون الائمة انواراً وان الامام نور الله كما هو وارد فكما هو وارد في زيارات الائمة(ع) ((السلام عليكم يانور الله في ارضه))والامام المهدي هو نور الله كما لايخفى فقد ورد في تفسير القمي ج2 في تفسير قوله تعالى{يريدون ليطفئوا نور الله بافواههم والله متم نوره} قال الصادق(ع)(القائم من أل محمد(ع) حتى اذا خرج يظهره الله على الدين كله حتى لايعبد غير الله)وسمي المهدي لانه يهدي الى امر خفي وقد جاء في الرواية الشريفة في كتاب الملاحم والفتن لابن طاووس(انما سمي المهدي لانه يهدي الى اسفار من اسفار التوراة يستخرجها من جبال الشام). كما ورد في الملاحم (انماسمي المهدي مهديا لانه يهدي لامر خفي ) . وفي دلائل الامامه عن ابي جعفر الباقر (ع) (انما سمي المهدي مهديا لانه يهدي لامر خفي يهدي مافي صدور الناس ) وعن رسول الله (ص) قال:(ياعلي لو لم يبقى من الدنيا الايوم واحد يطول الله ذلك اليوم حتى يملك رجل من عترتك يقال له المهدي يهدي الى الله عزوجل). وبهذا يتضح ان الامام المهدي سمي بالمهدي لانه يقوم بالهداية ولما تبين ذلك وان الائمة هم نور الله في ارضه وان شيعتهم خلقوا من نورهم وان الامام المهدي(ع) هو نور الله فعن الامام الصادق(ع)قال:(ان قائمنا اذا قام اشرقت الارض بنور ربها) وهو الكوكب الدري فعن امير المؤمنين(ع) في تاويل اية النور قال:(فالمشكاة رسول الله(ص) ، والمصباح الوصي والاوصياء(ع) والزجاجة فاطمة(ع) والشجرة المباركة رسول الله(ص) والكوكب الدري(اي المضيء) القائم المنتظر(ع) الذي يملأ الارض عدلا) وان شيعته وانصاره خلقوا من نوره فان نقباء الامام المهدي(ع) الاثني عشر رجلا خلقوا من نور الامام وقد اخذوا واقتبسوا من نوره(ع) الحظ الاوفر فانهم وبحسب قربهم من الامام(ع) اثقل نورا من باقي الاصحاب الثلاثمائة والثلاث عشر رجلاً وهؤلاء اثقل نورا من العشرة الاف رجل وهؤلاء بدورهم اثقل نورا من باقي الناس ممن ينصرون الامام(ع) فان الناس على قدر نورهم ينصرون الامام(ع) وبهذا يتضح ان نصرة الامام(ع) تكون على قدر النور فان من لانور له لا ايمان له ولا هداية ولا نصرة منه للامام(ع) قال تعالى { ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور} النور40. فان من لاعلاقة له بالمهدي(ع) ولايواليه لايوفق لنصرته بل ان من لم يقتبس من نور الامام(ع) وهداه فلا يوفق لنصرته(ع)
الموضوع من فكر السيد أبي عبد الله الحسين القحطاني
0 التعليقات:
إرسال تعليق