مفهوم الرجعة : هناك بعض المفاهيم التي اختلف المسلمون حولها فمنهم من رفضها ومنهم من قبلها ومنهم من قبل شيء منها ورفض آخر .
ومن هذه المفاهيم مفهوم الرجعة أي رجعة بعض الأشخاص إلى الحياة الدنيا بعد الموت والتي تحدث المولى عنها في آيات عديدة من القرآن وسنحاول في هذه الأطروحة الحيادية الوصول إلى المفهوم الصحيح والعقلي الذي لا يختلف فيه أحد لمفهوم الرجعة .
من المتفق عليه لدى المذهب الشيعي بوجوب الرجعة وأنها لا بد من وقوعها وهي خروج الأموات من القبور والعودة إلى الحياة مثل رجعة الأنبياء والرسل ورجعة الحسين وأصحابه ورجعة من محض الشرك محضاً كرجعة يزيد وأصحابه كما ورد عن أبي عبد الله ((ع) : ( أول من تنشق الأرض عنه ويرجع إلى الدنيا الحسين بن علي (ع) وأن الرجعة ليست بعامة وهي خاصة لا يرجع إلا من محض الإيمان محضا ومحض الشرك محضا ) بحار الأنوار ج 53 ص39
وعن الحسين بن الجهم قال ... قال المأمون للرضا (ع) يا أبا الحسن ماذا تقول بالرجعة فقال (ع) : إنها حق قد كانت في الأمم السالفة ونطق بها القرآن وقد قال رسول الله (ص) يكون في هذه الأمة كل ما كان في الأمم السالفة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة ) بحار الأنوار ج35
أي إن الرجعة كانت في الأمم السالفة وستحدث في عصر الظهور الشريف قبل ظهور الإمام أو بعد ظهور الإمام وقد ذكرنا سابقا في الرواية أن أول من ينشق عنه القبر الحسين (ع) وأصحابه من بعده . وأن من محض الشرك محضا هو يزيد وأصحابه .
عن رفاعة بن موسى قال : قال ابو عبد الله (ع) : ( إن أول من يكر إلى الدنيا الحسين بن علي عليهما السلام وأصحابه ويزيد بن معاوية وأصحابه فيقتلهم حذو القذة بالقذة ثم قال أبو عبد الله (ع) ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا .
وإن رجعة الحسين (ع) تقع قبل ظهور الإمام (ع) كما جاء في الكافي عن بكير بن أعين عن أبي عبد الله (ع) : ( .... ثم يسر بتلكم الرايات كلها حتى يرد الكوفة وقد جمع بها أكثر أهل الأرض يجعلها له معقلا ثم يتصل به وبأصحابه خبر المهدي فيقول له يابن رسول الله من هذا الذي نزل بساحتنا فيقول الحسين (ع) أخرجوا بنا إليه حتى ننظر من هو وما يريد وهو يعلم والله أنه المهدي (ع) وأنه ليعرفه وانه لم يرد بذلك الأمر إلا الله . فيخرج الحسين (ع) وبين يديه اربعة آلاف رجل في أعناقهم المصاحف وعليهم المسوح مقلدين سيوفهم فيقبل الحسين (ع) حتى ينزل بقرب المهدي (ع) فيقول سائلوا عن هذا الرجل من هو وماذا يريد فيخرج بعض أصحاب الحسين (ع) إلى عسكر المهدي فيقول أيها لعسكر الجائل من أنتم حياكم الله ومن صاحبكم هذا وما يريد . فيقول أصحاب المهدي (ع) هذا مهدي آل محمد (ع) ونحن انصاره من الجن والإنس والملائكة . ثم يقول الحسين (ع) خلوا بيني وبين هذا فيخرج إليه المهدي (ع) فيقفان بين العسكرين فيقول الحسين (ع) إن كنت مهدي آل محمد فأين هراوة جدي رسول الله (ص) وخاتمه وبردته ودرعه الفاضل وعمامته السحاب وفرسه وناقته العضباء وبغلته دلدل وحماره يعفور ونجيبه البراق وتاجه والمصحف الذي جمعه أمير المؤنين (ع) ... ثم يقول الحسين (ع) يابن رسول الله اسئلك أن تغرس هراوة رسول الله (ص) في هذا الحجر الصلد وتسأل الله أن ينبتها فيه ولا يريد بذلك إلا أن يري أحابه فضل المهدي (ع) حتى يطيعوه ويبايعوه ، فيأخذ المهدي الهراوة فيغرسها فتنبت وتعلوا واتفرع وتورق حتى تظل عسكر الحسين (ع) فيقول الحسين (ع) الله أكبر يابن رسول الله مد يدك حتى ابايعك فيبايعه الحسين (ع) وسائر عسكره إلآ اربعة آلاف ...)
الأطروحة الأولى : ( الرجعة المادية بالطريق الإعجازي )
لو تنزلنا جدلا وقبلنا بالرجعة المادية أي رجوع بعض الأموات إلى الحياة الدنيا بأجسادهم وأرواحهم وقد بينت الروايات بأجسادهم من تنشق عنه الأرض وهو الحسين (ع) وأصحابه فكيف نتصور ذلك الأمر فالحسين وأصحابه هم 71 شخصا عن أبي عبد الله (ع) في قوله تعالى : { ثم ردننا لكم الكرة عليهم } قال : ( خروج الحسين في الكرة في سبعين رجلا من أصحابه الذين قتلوا معه ) بحار الأنوار ج 35 ص89 هل سيرجع إلى الحياة بصورة سرية أم علنية أمام أعين الناس ... فما هو موقف الناس من رؤية خروج الحسين وأصحابه من قبورهم ومراقدهم المطهرة في كربلاء وموقف الزائرين وموقف الناس في السوق من باعة وأصحاب محلاة وموقف رجال الدين والحوزة العلمية وقوات الأمن وما هو موقف أهل كربلاء بصورة خاصة وأهل العراق بصورة عامة وما هو موقف الدول الإسلامية وموقف دول العالم بعد أن ينتقل هذا الخبر عن طريق وسائل الإعلام المختلفة ؟؟؟؟
فكيف سيظهر الإمام الحسين (ع) واصحابه وقد سلب لباسهم في واقعة الطف
ولو تنزلنا جدلا بأن الله سبحلانه وتعالى يجمعهم ويكسيهم عن طريق المعجزة . ثم إن هذه الفئات التي ذكرناها ( الناس ورجال الدين ....وغيرهم ) ما هو موقفهم من الإمام الحسين وأصحابه هل ينصرونهم يا ترى أن يكذبونهم أم ينقسمون فيما بينهم بين مؤيد ورافض ...
الإفتراض الأول : تأييد مطلق للحسين وأصحابه
فكيف أخبر الأئمة الأطهار من خلال الكثير من الروايات أن الإمام المهدي (ع) يحارب ويكذب من قبل أكثر الناس وأن رايته تلعن من قبل أهل المشرق والمغرب .
عن ابي بصير عن أبي عبد الله (ع) في حديث ذكر فيه راية القائم فقال : ( فإذا هو قام نشرها فلم يبقى في المشرق والمغرب أحد إلا لعنها ) غيبة النعماني
وأن أكثر رجال الدين يكذبونه ويقتل الكثير منهم عن أبي جعفر (ع) قال : ( ... ويسير إلى الكوفة فيخرج منه ستة عشر الف من البترية شاكين في السلاح قراء القرآن فقهاء في الديم قد قرعوا جباههم وسمروا ساماتهم وعمهم النفاق وكلهم يقولون يابن فاطمة ارجع لا حاجة لنا فيك فيضع السيف فيهم على ظهر النجف عشية الإثنين من العصر إلى العشاء فيقتلهم اسرع من جزرر جزور فلا يفوت منهم رجل ) دلائل الإمام ص241 .
الإفتراض الثاني : رفض مطلق لهذه الرجعة
فكيف أخبر الأئمة عن وقوعها وما هي الحكمة منها إذا كانت سترفض من كل الناس ؟
الإفتراض الثالث : إذا كان الناس بين مؤيد ورافض
فلماذا يرفض هؤلاء الناس الرجعة وهم من الشيعة والرجعة موجودة في رواياتهم وان رأوا الحسين رأي العين والمفروض ان يكون المؤيدين نصف الناس وعلى أقل التقادير سيكون عددهم بالملايين من أهل العراق .
بينما دلت الروايات على أن أنصار الإمام قلة قليلة ثم أنه من المعلوم أن الإمام زين العابدين عندما دفن الإمام الحسين دفن عبد الله الرضيع على صدره فهل أن عبد الله الرضيع سيخرج مع الحسين مباشرة أم إن الحسين سوف يقوم ويدفن عبد الله الرضيع .
ونحن نعيش هذا العصر عصر الظهور في جميع نواحي الحياة فما هو السلاح الذي سيقاتل به الإمام الحسين وأصحابه ولو قبلنا بهذه الأطروحة فلا بد أن تكون اسلحته اكثر تطورا من اسلحة وزمان ظهوره . فكيف سيستخدمها أصحابه وهم لم يأتوها سابقا ولو تنزلنا وقبلنا عن طريق الإعجاز فهل يجري الله تعالى المعجزة على يد من محض الشرك كيزيد وأصحابه ويخرجوا بأسلحة كأسلحة الحسين ثم كيف لنا أن نتصور خروج يزيد وأصحابه هل يخرجون في الكوفة أم كربلاء أم إن خروجهم في الشام فإذا خرجوا في الكوفة أو كربلاء فإن الناس ستقوم بلعنهم وقتلهم وإن خرجوا في الشام فإن أكثر أهل الشام من أبناء العامة وهم ممن لا يؤمن بالرجعة وعلى هذا الفرض فإنهم سوف يكذبونهم ويقتلونهم ... ولا يتسنى للحسين حينها أن يأخذ القصاص منهم وما هو موقف السفياني منهم فهل سوف يدخلهم في جيشه أم سوف يحاربهم ... أم أن يزيد وأصحابه يخرجون بالسيف وعلى هذا الفرض يكفي ان نتصور أن حبيب بن مظاهر يستطيع أن يقضي على جيش يزيد بقنبلة واحدة فقط دون الحاجة لباقي الجيش ثم كيف نتصور الرواية الواردة في الكافي عن بكير بن أعين عن أبي عبد الله (ع) التي سبق ذكرها أن الحسين سوف يسلم الراية للإمام المهدي (ع) في ظهر الكوفة والروايات قد نصت على أن مع الحسين اربعة آلاف رجل فمن أين جاء بألأربعة آلاف ونحن قلنا بانه يؤيده على أقل التقادير في حال قبول البعض بهذه الأطروحة أضعاف ذلك العدد هذا أولا وثانيا كيف نتصور أن يسلم الحسين (ع) الراية للإمام المهدي وثالثا كيف نتصور أن الحسين يطلب الأدلة من المهدي لكي يصدق جيس الحسين أن هذا هو المهدي ألا يكفي لأصحاب الحسين أن يعلنون أن الحسين بن علي هو الإمام المفترض الطاعة
ورابعا أن الروايا تخبرنا بأن هناك اربعة آلاف سيرتدون ولا يقبلون بتسليم الأمر للإمام المهدي (ع) فكيف آمنوا بالإمم الحسين (ع) ولا يؤمنون بكلامه بأن هذا هو الإمام المهدي (ع)
الأطروحة الثانية : الرجعة المادية بألاسباب الطبيعية
لو قبلنا بأن خروج الإمام الحسين (ع) واصحابه بالمعجزة فمن اين لهم الملابس هل إن الناس والزائرين سوف يتصدقون على الإمام الحسين ويكسونهم أم إن الحسين وأصحابه سوف يشترون الملابس من الباعة في السوق ومن اين لهم النقود.. وكيف سيسيرون في السوق على وجود هذا الكم من الناس والبائعين وقوات الأمن .. ألا يتعرضون للمسائلة ومن أين يأتون بالأسلحة التي يستخدمونها في في قتالهم ومن اين تعلموا إستخدامها هذا بالنسبة للحسين وأصحابه . وحسب الروايات ظهور سبعة وعشرين رجلا من ظهر الكوفة مع الإمام المهدي (عه) قد جاء في الرواية عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله (ع) قال : ( يخرج مع القائم (ع) من ظهر الكوفة سبعة وعشرين رجلا خمسة عشر من قوم موسى الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون وسبعة من أهل الكوفة ويوشع بن نون وسلمان وأبو دجانة الأنصاري والمقداد ومالك الأشتر فيكونون بين يديه انصارا وحكاما )
فكيف تكون رجعتهم وخروجهم من ظهر الكوفة علما أن أماكن دفنهم متفرقة مثل الجزيرة والعراق وبلاد الشام وغيرها . ويمكن لنا أن نجري عليهم جميع تسائلاتنا السابقة .
فهل لعاقل وصاحب فكر ومنطق أن يصور لنا هذه الحالة بإسلوب واضح ومعقول ومقبول من قبل الناس وأن لا يشكل علينا أحد ويتهمنا بالخرافة وأن ديننا دين الأساطير .. وإننا ندعوا علمائنا الأفاضل ومثقفينا ومفكرينا أن يأتوا بإطروحة وتصور منطقي ومعقول وله الأجر والثواب
الموضوع من فكر السيد أبي عبد الله الحسين القحطاني
0 التعليقات:
إرسال تعليق