جهيمان العتبي
في زمن كثر فيه دعاة الضلالة وانحرف فيه الكثير من المسلمين وظهرت الكثير من الدعوات الباطلة واختلف فيه المسلمين وراح يكذب بعضهم بعضاً ويتهم البعض الاخر ويلعن بعضهم بعضاً. زمن كان وما يزال الاصعب من بين كل الازمنة التي عاشتها الامة الاسلامية وعانى فيها المسلمين وعبر سنوات طويلة ، الحرمان والالم والذل والهوان نتيجة فساد حكامها وفسق الكثير من فقهائهم ظهرت هنا وهناك بعض الدعوات المنحرفة والمتشبهة بالدعوات الالهية الحقة سواء كان ذلك لقصد او من دون قصد كالاشتباه او غيره وظهر بعض الدعاة الذين يحاولون السيطرة على اذهان وافكار وقلوب المسلمين من خلال تطبيق بعض المفاهيم العقائدية على اشخاصهم او دعواتهم فهم يحاولون ان يصوروا لاولئك الناس انهم مصداق الى ذلك المفهوم او الى تلك العقيدة ومن هؤلاء الدعاة جهيمان العتيبي, ان لهذا الشخص قصة وقعت قبل اكثر من عقدين من الزمان فالبعض يتذكر والبعض لايعلم عنها شيئاً وجهيمان هذا هو جهيمان بن محمد بن سيف العتيبي كان يعمل في الحرس الوطني السعودي وقد خدم لمدة ثمانية عشر عاماً, دخل جامعة مكة المكرمة الاسلامية ودرس فيها الفلسفة الدينية ثم اكمل دراسته في المدينة المنورة في الجامعة الاسلامية وقد التقى جهيمان هذا في مدينة الرسول الاكرم(ص) بشخص يدعى محمد بن عبد الله القحطاني والقحطاني هذا هو احد تلامذة عبد العزيز الباز ومن ذلك اليوم تعرف الرجلين على بعضهما وتوطدت العلاقة بينهما خاصة بعد ان ألتقت افكارهما وتوجهاتهما فقد كان الاثنين ممن يعارضون الحكومة السعودية ولايعتقدون بأحقيتها في حكم البلاد وكان الاثنين من المتشدين دينيناً وقد تزوج القحطاني بأخت جهيمان العتيبي مما زاد التقارب بينهما بشكل كبير ومن ذلك الوقت قام الشخصين بنشر افكارهما بصورة سرية وضمن نطاق ضيق في بعض المساجد الصغيرة بالمدينة المنورة وقد لقيت هذه الافكار صدى ايجابياً عند البعض واخذت تلك الجماعات بالاتساع شيئا فشيئاً حتى كبرت ووصل عدد افرادها الى الالاف وقد كانت هذه الجماعة معادية للنظام الحاكم في السعودية لانه في نظرهم نظام وحكومة لاتحكم بشرع الله تبارك وتعالى وقد ظهر ذلك من الرسائل التي كان يكتبها جهيمان بنفسه او من قبل اتباعه وقد اعتزل العتيبي واتباعه المجتمع والناس لانهم كانوا يرون ان ذلك المجتمع مجتمع رذيلة وفساد وقد ابتعد عن الصراط المستقيم وانحرف كثيراً عن الدين القويم ونظراً لكل هذه الامور وغيرها ولعلم محمد بن عبد الله القحطاني وجهيمان العتيبي بأن المهدي المنتظر يخرج في اخر الزمان في الحرم المكي ليعلن الثورة ضد الظلم والظالمين وليقيم العدل والقسط بعد ان تملىء الارض ظلماً وجوراً قام جهيمان العتيبي بدعوة اتباعه لنصرة صهرة القحطاني واداء البيعة له على انه المهدي المنتظر فأن اسمه كما هو معلوم اسم النبي واسم والده اسم والد النبي وهذا مطابق للروايات والاحاديث ولكن لم يبقى سوى ان يكون القحطاني بالحرم المكي ويعلن عن نفسه ويدعوا الناس الى نصرته وبيعته كذلك فقد قام القحطاني وجهيمان العتيبي واتباعهما في اليوم الاول من محرم الحرام لسنة 1400هـ الموافق 20/11/1979م بدخول الحرم المكي حاملين لعدد من الجنائز لم تكن الا مخازن للاسلحة والذخائر وبعد ان ادت الجماعة صلاة الفجر في الحرم المكي وما ان انقضت صلاة الفجر حتى قام جهيمان وصهره امام المصلين في المسجد الحرام ليعلنوا للناس نبأ ظهور المهدي المنتظر فقد قام جهيمان العتيبي صهره محمد بن عبد الله القحطاني بأنه المهدي المنتظر وقد قام اتباعهما بأداء البيعة للقحطاني على انه المهدي المنتظر وطلبوا من جموع المصلين مبايعةالقحطاني على ذلك وفي نفس الوقت قامت مجموعات اخرى من اتباع جهيمان العتبي والقحطاني بتوزيع منشورات في دول الخليج والسعودية تعلن عن ظهور المهدي المنتظر وقيامه باعلان الثورة في الحرم المكي وكانوا يدعون الناس في تلك المنشورات بمبايعة القحطاني على انه المهدي المنتظر وفي هذه الاثناء حاولت الحكومة السعودية اخراج العتيبي والقحطاني واتباعهما من الحرم المكي بشتى الوسائل ولكن اتباع جهيمان قاموا بتبادل اطلاق النار مع الجيش السعودي وفي هذه الاثناء قامت قوات الكوماندوز الفرنسي بتطويق الحرم المكي واقتحامه فوقعت المصادمات وحصل القتال داخل الحرم المكي فوقع الكثير من القتلى حتى ان القحطاني وقع قتيلاً وعند ذلك انهار اتباعه الذين كانوا يعتقدون انه المهدي المنتظر فراحوا بالاستسلام وتحت سيطرة القوات الاجنبية على الحرم المكي وأقتيد جهيمان العتيبي اسير ومجموعة من اتباعه ثم اعدم بعد ذلك مع ستين شخصاً اخرين وبذلك انتهت تلك الحادثة التي كشفت الكثير من الحقائق لمن كان غافلاً. والحقيقة ان هذه الحادثة يستفاد منها امور كثيرة ومهمة تكون كاشفة عن ان الامام يظهر في هذا العصر امر لطالما كنا نتفكر فيه ونحاول ان نتصور وقوعه وهو اننا لو فرضنا خاصة ونحن نعيش عصر الظهور الشريف كما اجمع على ذلك الكثير من العلماء والكتاب والباحثين فكيف يقوم ويظهر امره ويعلن للناس خروجه في الحرم المكي والحرم كما هو معلوم واقع اليوم تحت سيطرة اعداء الامام المهدي(ع) واعداء الشيعة من الوهابية النواصب الذين أسأوا للدين عامة وللمذهب الجعفري الحق خاصة ونصبوا العداء لائمة الهدى(ع) ولشيعتهم ومواليهم علماً ان الامام المهدي(ع) سوف يعلن عن قيامه المقدس مع مجموعة قليلة وهم اصحابه الثلاثمائة والثلاثةعشر وهم في الواقع يأتون من بلدان غريبة ومن اماكن شتى وجنسياتهم مختلفة فالذي نستفيده من حادثة جهيمان العتيبي ان هذه الجماعة استطاعت الدخول الى الحرم المكي واقناع الكثير من الناس بفكرتهم وعقيدتهم المنحرفة وما ذلك الا لان الناس تدرك فساد الحكومة القائمة في السعودية وعدم احقيتها ومشروعيتها كما ان ذلك يدل علىان الناس قد امنوا بالمهدي المنتظر وهم منتظرين له(ع) كما ان هذه الحادثة تكشف لنا وبصورة واضحة عمالة النظام الحاكم في السعودية لدول الغرب حيث استنجدت الحكومة السعودية بدول الغرب للسيطرة على تلك الحركة وذلك التمرد الذي قاده جهيمان العتيبي والا كيف جاز لهم وهم من يدعون انهم مسلمين وملتزمين بالسنة الشريفة كيف جاز لهم واي شرع هذا الذي اجاز لهم ادخال الكافرين الى الحرم المكي الذي جاءت النصوص الصريحة التي تحرم دخول الكافرين الى ذلك الحرم المقدس. ثم ان هذا الحدث مجيء القوات الغربية للسيطرة على تلك الحركة والقضاء عليها ان دل على شيء فانما يدل على ان دول الغرب هي التي تحاول وتريد القضاء على الامام المهدي(ع) وحركته وثورته كما ان هذا الحدث يدل وبصورة لاتقبل الشك ان النظام الحاكم في السعودية لايتورع ولايتوانى في القضاء على الامام المهدي(ع) والا لو كانوا مؤمنين فعلاً بالامام المهدي(ع) وانهم ينصرونه لكان الاولى بهم وبدلاً من مواجهة جهيمان العتيبي واتباعه بالسلاح والقضاء عليهم واعدام الباقين منهم كان الاولى ان يستفهموا منهم ويحاولوا التأكد من صحة او بطلان معتقدهم فلعلهم يكونون صادقين ولكن الواقع ان اولئك المتسلطين على تلك الاماكن المقدسة يحاربون الامام المهدي(ع) ويحاولون القضاء عليه وقتله هو وانصاره ان استطاعوا الى ذلك سبيلاً وبهذا يتبين لنا صعوبة ظهور الامام المهدي(ع) وقيامه في مكة وصعوبة اداء البيعة له من قبل اصحابه الثلاثمائة والثلاثة عشر وهذه الحكومة قائمة في تلك المنطقة المقدسة فأن هؤلاء الحكام الطغاة الفجرة ومرتزقتهم سيحاولون حتما قتل الامام ان ظهر والقضاء على اصحابه وحركته من دون تورع او تردد لذا فلابد ومن مقتضى الحكمة الالهية والمصلحة في حفظ الامام ونجاح حركته لابد ان يهيئأ المولى تبارك وتعالى الاسباب الكفيلة بحفظ الامام ونجاح حركته وثورته المباركة كتغيير نظام الحكم في السعودية وان كنا نتوقع ان الذي ياتي بدلاً عنهم سوف يكون اسوا منهم ولكن المتوقع والملائم لنجاح حركة الامام المهدي(ع) فتن في السعودية ووقوع قتل وقتال فيها مما يتسبب ذلك في قتل حاكمهم واضطراب الاوضاع الامنية عندهم مما يساعد في ظهوره وقيامه ونجاح حركته وثورته المباركة وهذا هو المستمد من الروايات الواردة عن الائمة المعصومين(ع). وفيما يخص حادثة جهيمان العتيبي واعلانه ان محمد بن عبد الله القحطاني هو المهدي المنتظر هناك عدة اراء فقد اتهمته الحكومة السعودية بعدة اتهامات ولكننا لانعمل وفق تلك الاتهامات لانها حكومة باطلة ومنحرفة وناصبة العداء لشيعة اهل البيت(ع) ولكننا وبعد التأمل في تلك الحادثة تظهر لنا عدة احتمالات:- الاحتمال الاول:- ان يكون جهيمان العتيبي وصهره القحطاني متعمدي الكذب والافتراء وهذا الاحتمال بعيد وذلك لان الكاذب المفتري عادة لايتسبب في ايذاء نفسه وتعريضها للموت الا ان يكون ذو عقيدة قوية مؤمن بها ايمان حقيقي وذلك يظهر من مواجهته هو وانصاره لدولة ظالمة علما ان اتباعه عندما دخلوا الحرم المكي لايزيدون على الستمائة شخص ولديهم بعض الاسلحة الخفيفة وهكذا مواجهة تكون وفقا لاسباب الطبيعة معلومة النتائج مسبقاً وحتماً فمصير هكذا جماعة سيكون الموت لامحالة والفشل في تحقيق الاهداف المرجوة من ذلك التحرك. الاحتمال الثاني:- ان يكون العتيبي والقحطاني واتباعهما مشتبهون وقد اخطأوا في تعين المصداق الذي ينطبق على المفهوم حيث اخطأوا في معرفة الامام المهدي(ع) واعتقدوا ان القحطاني هو الامام المهدي(ع) وذلك لانه قد ورد في الاحاديث المروية في كتب السنة ان اسم الامام اسم النبي واسم والده اسم والد النبي(ص) والقحطاني اسمه محمد واسم والده عبد الله وكان يشير الى واقع الفساد في السعودية ويرفض الحكومة السعودية ولايعترف بشرعيتها. وهذين الاحتمالين في الحقيقة وجدا بسبب ما قامت به تلك الجماعة من مواجهة مسلحة مع الدولة انذاك بحيث انهم عرضوا انفسهم للموت من اجل عقيدتهم ولايكون ذلك من قصد الكذب والافتراء. ومع ذلك كله فأن هذه الحركة حركة منحرفة بأدعائها فالامام المهدي هو الحجة بن الحسن العسكري وله مواصفات خاصة ويخرج بعد تحقيق عدة علامات ذكرت في الروايات الواردة عن الائمة الاطهار(ع). لقد كثرفي هذا الزمن الدعاة فمنهم من يدعي انه نبي ومنهم من يدعي انه الامام المهدي وما ذلك الا موافق لما جاء في الروايات المعصومية الشريفة كما ان فيه اشاره وحكمة من الله تبارك وتعالى الى قرب القيام المقدس للامام المهدي(ع) وظهور دولة الحق على يديه الشريفتين والايكون ذلك الا بعد علامات ودلالات جاء ذكرها في الروايات واهم تلك العلامات الحتمية الخمسة التي هي كما جاء في الروايات ظهور اليماني والسفياني والصيحة وقتل النفس الزكية والخسف بالبيداء. وهذه العلامات الخمسة الحتمية في الحقيقة هي اجزاء وشروط للقضية المهدوية فلا قيام للامام المهدي(ع) ولا ظهور الا بظهور وتحقق هذه العلامات كما صرحت بذلك الروايات والاخبار الواردة عنهم عليهم السلام.
الموضوع منقول من صحيفة القائم
|
|
الخميس، 30 أغسطس 2012
جهيمان العتبي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات:
إرسال تعليق