اصبح ثابتا وشائعا لدى المتخصصين في العلوم والدراسات العسكرية ان قوة كل دولة مهما بلغ حجم تسليحها وتطور أسلحتها لا تكتمل إلا بتوفير جهاز استخبارات متطور حتى أصبحت الدول المتقدمة ترصد مبالغ طائلة وتخصص ميزانيات هائلة لأجل استخباراتها لا تقل اهمية عن المبالغ المرصودة لتجهيز قواتها مما ادى الى التنافس الحثيث بين هذه الاجهزة والجدير بالذكر ان عمل هذه الاجهزة يعتمد على نظريات علمية واخرى تجريبية تتفاوت هذه النظريات بين دولة واخرى حسب تطور هذه الدولة عن تلك وأصبحت تقاس قوة كل دولة عسكرية عن اخرى بقوة استخباراتها وذلك لعدة امور وممارسات تتبعها هذه الاجهزة فتؤدي الغرض المطلوب ومن هذه الممارسات
اولاً :- كلما كان جهاز الاستخبارات متطوراً او استطاع النفوذ في صفوف الخصم كلما تمكن من رصد تحركاتهم ومخططاتهم ونقلها الى بلده واتخاذ الخطط السريعة لاحباطها .
ثانياً :- تقوم هذه الاجهزة بسرقة التكنولوجيا واخر ماتوصل اليه الخصم في مجال صناعة الاسلحة على اقل التقادير لكي يتمكن المقابل من تصنيع امثالها او تصنيع مضادات لها للوقاية منها والحد من تاثيرها .
ثالثاً :- شراء الضمائر لاجل التاثير على صناعة القرار عند الخصوم بما يخدم مصالح من يعمل الاستخباريون لهم .
رابعاً :- بث التفرقة والتناحر في صفوف الخصم للوصول الى النتيجة الاهم وهي اضعاف المقابل .
وغير ذلك من النقاط المهمة التي حققت نتائج عالمية مشهورة ومما يذكر بين المتخصصين في هذا المجال ان الاتحاد السوفيتي السابق استطاع ان ينتج احدث طائرة في العالم انذاك (سوخوي) بعد سرقة المعلومات حول تصنيعاها من الدول الاوربية بواسطة جهاز استخباراته المتطور انذاك (kgp ) .
وقبل الخوض في جهاز الامام (عليه السلام) الاستخباراتي لابد من ايضاح ان الكثير من هذه الفوائد والخدمات تسخر للقادة الذين يعملون للامام (عليه السلام) لانه (عليه السلام) في غنى عن الكثير منها . ولا استطيع ان اثبت انه (عليه السلام) يعتمد على البشر في نقل المعلومات او اضعاف معنويات العدو او غير ذلك مما تؤديه اجهزة المخابرات العالمية . بل انه يستخدم اصنافا اخرى منها الاجهزة المتطور التي اشرت لها في موضوع (اسلحة الامام المهدي (عليه السلام) ) وذكرت هناك رواية تدل على ذلك اما هنا فالتركيز يكون على استخدام القوى الخفية او ما وراء الطبيعة بانواعها المعروفة الان والاخرى الغير معروفة . والمعروف الان ما تطرقنا اليه سابقا من التخاطر وامثاله في علم ( الباراسايكولوجي) وايضا الملائكة والجن كما تؤكد ذلك العديد من الروايات بعد الايات المفسرة والمؤولة في هذا الخصوص ، فقد اكدت العديد من الروايات عن النبي وآله (صلى الله عليه وآله وسلم) ان الله يؤيد القائم بالملائكة المسومين وغيرهم كما سياتي انشاء الله ، وكذلك اكدت الروايات على انه (عليه السلام) له انصار من الجن كما ان له انصار من الانس والملائكة بل جاءت بعض الروايات تؤكد ان له قادة و اصحاب من الجن وعددهم(313) مثلهم في الانس والملائكة . وكل من هؤلاء تحت امرته اعداد هائلة من الجند يعتقدون بالامام (عليه السلام) وهم له سامعون مطيعون وبعد ان نذكر هذه الروايات نقول كيف يؤدون مهامهم ؟ وماهي امكانياتهم ؟ وابدء باضعف هذه الاصناف حسب الاعتبارات السماوية وهم الجن .
الجن :- فهم وان خفي على اغلب الناس امكاناتهم واحوالهم الا اننا كمسلمين نؤمن بوجودهم استنادا للقرآن والسنة ومن القرآن والسنة علمنا بعض هذه الامكانات وهي كافية لاحداث الخلل في توازن القوى بين قوات الامام (عليه السلام) واعدائه وتفوقه عليهم . ومن هذه الامكانات قابلياتهم على اختراق المادة والنفوذ من الجدران بانواعها وبعبارة اخرى عدم خضوعهم لقوانين المادة الامر الذي يمكنهم من التنقل بسرعة هائلة تفوق كل امكانات البشر العادي ودخول اي مؤسسة للعدو سواء كانت عسكرية او سياسية واستراق المعلومات اولا باول ونقلها بنفس اللحظة بل وبعظهم له القابلية على المداخلة الفكرية ومعرفة مايدور في فكر الانسان حينها بل وامكانية التاثير عليه بايجاد افكار اخرى وتقويتها وترجيحها في نفسه من حيث لايشعر بل معتقدا انها من نفسه حتى تؤدي به الى اتخاذ قرارات وخطوات عكسية تخدم الامام (عليه السلام) وجيشه بل ولهم القابلية على اضعاف المعنويات وبث التفرقة بين صفوف الخصم بل حتى لهم القابلية على نقل بعض المعدات المهمة من جيوش الاعداء وذلك موافق لما حصل مع النبي سليمان (عليه السلام) ، ولايتصور اللبيب ان مهمة سليمان (عليه السلام) باعظم من مهمة المهدي (عليه السلام) فالامام هو المأمول لاقامة العدل والصلاح في الكون كله واظهار دين الله على كل الاديان الاخرى وهذا ما لم يسند الى النبي سليمان (عليه السلام) ولا لغيره من الانبياء .
اما الملائكة :- فان امكانياتهم تفوق امكانيات الجن بكثير حتى ان الواحد منهم يستطيع ان يحدد الجن بمكانهم ويحتجزهم فلا يستطيعون حراكا . ومن امكانيات الملائكة هي معرفتهم لما يهم الانسان بفعله مستقبلا اي اكثر مما تعرفه الجن وكلا هذين المخلوقين له القابلية على التمثل والتشكل بالهيئات والاشكال الاخرى اي انهم يمكنهم ا ن يتمثلوا بهيئة انسان اخر وهم وسط الاعداء واداء دوره بما يخدم الامام (عليه السلام) ومما يدل على هذه القابلية الاية(17) من سورة مريم (... فارسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا ) . او في حديث الاسراء عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما يثبت هذا المعنى وهو قابلية التمثل اما ماذكرته من قابليتهم على نقل المعدات وماشابهها مستندا الى احداث سليمان (عليه السلام) كما جاء في سورة النمل اية(39) حكاية عن عفريت من الجن بعد ان طلب النبي سليمان (عليه السلام) من اتباعه ان يتصدى منهم من يحظر عرش بلقيس بما فيه من الية ومعدات وهو الموصوف بالضخامة فانتهض العفريت قائلا (انا اتيك به قبل ان تقوم من مقامك واني عليه لقوي امين ) النمل(39) . ومما سخره الله سبحانه وتعالى لسليمان (عليه السلام) الشياطين الغواصين وهؤلاء يمكن الاستفادة منهم ضد الغواصات في اعماق البحر فقد قال تعالى في كتابه الحكيم (ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك وكنا له حافظين )الانبياء(82) وبقليل من التامل في مثل هذه الايات الشريفة يمكن للقارئ العزيز ان يتصور النتائج التي تحصل من خلال استعمال هذه القوى .
اما ما هو مشهور عن انه المهدي مؤيد بعظماء الملائكة مثل (جبرائيل ، ميكائيل ، اسرافيل ) وغيرهم فلا يخفى على احد من المسلمين وغيرهم من اهل الاديان السماوية الاخرى مدى امكانيتهم وقواهم الخارقة وخير شاهد ما حصل مع قوم لوط (عليه السلام) في اقتلاعهم لتلك البلاد من تخوم الارض السابعة السفلى والارتفاع بها الى عنان السماء ثم قلبها على الارض .
وهنالك العديد من الروايات التي تؤكد انه (عليه السلام) مؤيد بملائكة الرعب وان الرعب يمشي قدامه بشهر ، وكذا من جهاته الاربع . وإليك بعضا من الروايات التي تؤكد تسخير الملائكة والجن لخدمة الامام المهدي (عليه السلام) .
*في الوافي ج2،ص112 عن ابي جعفر الباقر (عليه السلام) قال : كاني بالقائم (عليه السلام) على نجف الكوفة قد سار اليها من مكة في خمسة الاف من الملائكة جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن شماله والمؤمنون بين يديه وهو يفرق الجنود في البلاد .
*وفي غيبة النعماني ص234 عن ابي حمزة الثمالي قال : سمعت ابا جعفر(عليه السلام) يقول لو قد خرج قائم آل محمد (عليه السلام) لنصره الله بالملائكة المسومين والمردفين والمنزلين والكروبين ، يكون جبرائيل امامهم وميكائيل على يمينه واسرافيل عن يساره ...) .
*وفي نفس المصدر ص244 قال ابو عبد الله (عليه السلام) : اذاقام القائم (صلوات الله عليه ) نزلت ملائكة بدر وهم خمسة الاف ، ثلاث على خيول شهب وثلاث على خيول بلق، وثلاث على خيول حو، قلت وما الحو ؟ قال : هي الحمر .وفي بشارة الاسلام ص226 قال المفضل - نقلا عن ابي عبد الله (عليه السلام) - (.... ثم يسير المهدي الى الكوفة وينزل مابين الكوفة والنجف وعنده اصحابه في ذلك اليوم ستة واربعون الف من الملائكة وستة الاف من الجن والنقباء وثلاثمائة وثلاثة عشر نفسا . ومثل هذه الروايات كثير اكتفي منه بهذا القدر . ولايفوتنا التنبيه الى ان اصحابه (عليه السلام) الـ(313 ) من البشر يفوقون الباقين في كفاءاتهم بعد ان يلتقي بهم (عليه السلام) ويعدهم فيصبحون ممن عندهم من علم الكتاب ولايخفى ان صاحب سليمان (عليه السلام) الذي كان عنده علم من الكتاب ( اصف بن برخيا ) تمكن من احضار عرش بلقيس باسرع من عفريت الجن بكثير ومما لايقاس معه لانه احضره قبل ارتداد البصر. وعندنا ما يثبت ان المؤمنين العاديين في زمانه تخدمهم الملائكة فضلا عن الاصحاب فمثلا جاء في دلائل الامامة عن الرضا (عليه السلام) قال : اذا قام القائم يامر الله الملائكة بالسلام على المؤمنين والجلوس معهم في مجالسهم فاذا اراد واحد حاجة ارسل القائم من بعض الملائكة ان يحمله ، فيحمله الملك حتى ياتي القائم فيقضي حاجته ، ثم يرده . ومن المؤمنين من يسير في السحاب ومنهم من يطير مع الملائكة ، ومنهم من يمشي مع الملائكة مشيا ، ومنهم من يسبق الملائكة ، ومنهم من يتحاكم الملائكة اليه ، والمؤمن اكرم على الله من الملائكة ...) كل هذا وغيره من المخلوقات المعلومة لدينا اما باقي المخلوقات الغير معلومة لنا والغير مذكورة في القرآن الا انها وردت في السنة الشريفة ومنها ما جاء عن الامام الصادق (عليه السلام) ومنها ما جاء عن امير المؤمنين (عليه السلام) يؤكد ان هناك مخلوقات لاهم من الجن ولا من الملائكة ولاهم من الانس ولكن خلق اخر من خلق الله مستدلا (عليه السلام) بقوله (يخلق ما تعلمون ومالا تعلمون ) وكل ما اقوله في اخر هذا البحث ان ما خفي كان اعظم وان الامام (عليه السلام) لايكشف سره لكل الناس .
الموضوع : من فكر أبي عبد الله الحسين القحطاني
0 التعليقات:
إرسال تعليق