رجعة الحسين (ع) في آخر الزمان
اطروحة معاصرة حول رجعة الحسين (ع)
عرفت الرجعة واشتهرت في الامم السابقة وتحدثت الكتب السماوية عنها كما ان المولى تبارك وتعالى تحدث عنها في القران ودلت الكثير من الايات القرانية على ان وقوعها في الامم السابقة وقد اشارت بعض الايات إلى امكان وقوعها مجدداً وصرحت بعض الاحاديث والروايات بذلك الا ان تلك الاحاديث والروايات وردت عن طريق الشيعة فقط فهم من امن بالرجعة وصدق بها اما بالنسبة لاهل السنة فهم ينكرون وقوعها في المستقبل .
وتحدثت اكثر تلك الروايات الشيعية عن رجعة الامام الحسين (ع) في اخر الزمان الى الحياة الدنيا بعد الموت فقد جاء في الرواية الواردة عن رفاعة بن موسى قال : قال ابو عبد الله عليه السلام ان اول من يكر الى الدنيا الحسين بن علي عليهما السلام واصحابه ، ويزيد بن معاوية واصحابه فيقتلهم حذو القذة بالقذة ، ثم قال ابو عبد الله عليه السلام : {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً } بحار الانوار ج53-
وعن محمد بن مسلم قال : سمعت حمران بن اعين وابا الخطاب يحدثان جميعاً قبل ان يحدث ابو الخطاب ما احدث (1) انهما سمعا ابا عبد الله عليه السلام يقول : اول من تنشق الارض عنه ويرجع اى الدنيا الحسين بن علي (عليه السلام) وان الرجعة ليست بعامة ، وهي خاصة لا يرجع الا من محض الايمان محضاً او محض الكفر محضاً ، بحار الانوار ج53 - وعن يونس بن ظبيان عن ابي عبد الله (عليه السلام ) قال :ان الذي يلي حساب الناس قبل يوم القيامة الحسين بن علي (عليهما السلام) فأما يوم القيامة فأنما هو بعث الى الجنة وبعث الى النار ، بحار الانوار ج53 –
وعن حران ، عن ابي جعفر عليه السلام قال : ان اول من يرجع لجاركم الحسين بن علي عليه السلام فيملك حتى تقع حاجباه على عينيه من الكبر ، بحار الانوار ج53 –
وعن المعلى بن خنيس وزيد الشمام ،عن ابي عبد الله عليه السلام قالا : سمعناه يقول : ان اول من يكر في الرجعة الحسين بن علي (عليهما السلام) ويمكث في الارض اربعين سنة حتى يسقط حاجباه على عينيه ، بحار الانوار ج53 - وعن احمد بن عقبة ، عن ابيه عن ابي عبد الله عليه السلام سئل عن الرجعة احق هي ؟ قال : نعم فقيل له : من اول من يخرج ؟ قال : الحسين يخرج على اثر القائم عليهما السلام ، قلت : ومعه الناس كلهم ؟ قال : لا بل كما ذكر الله تعالى في كتابه {يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً }النبأ18 . قوم بعد قوم ، بحار الانوار ج53 –
وعنه (ع) : ويقبل الحسين عليه السلام في اصحابه الذين قتلوا معه ، ومعه سبعون نبياً كما بعثوا مع موسى بن عمران ،فيدفع اليه القائم عليه السلام الخاتم ، فيكون الحسين عليه السلام هو الذي يلي غسله وكفنه وحنوطه ويواريه في حفرته ، بحار الانوار ج53 –
ومن هذه الروايات يتبين لنا ان الحسين عليه السلام يرجع الى الحياة الدنيا بعد الموت في زمن ظهور الامام المهدي (عليه السلام) وانه يخلف الامام المهدي (ع) في الخلافة وهو من يلي غسل الامام وتكفينه ودفنه (صلوات الله وسلامه عليه) وهذا ما ذهب الى القول به الكثير من الشيعة حيث يعتقدون برجعة الحسين (ع) وخروجه بعد ان تنشق الارض عنه عليه السلام وقد قال العلامة المجلسي بعد ذكره لهذه الروايات اعلم يا اخي اني لا اظنك ترتاب بعدما مهدت واوضحت في القول الرجعة التي اجمعت الشيعة عليها في جميع الاعصار واشتهرت بينهم كالشمس في رابعة النهار ...وكيف يشك مؤمن بحقيقة الائمة بعد ان تواترت عنهم من مأتي حديث صريح ، رواها نيف واربعون من الثقات العظام والعلماء الاعلام ، في ازيد من خمسين من مؤلفاتهم ) بحار الانوار ج53.
وقد اورد السيد الشهيد محمد صادق الصدر (اعلى الله مقامه) كلام العلامة المجلسي هذا في الجزء الثالث من موسوعة الامام المهدي (ع) وعلق عليه قائلاً : ( وهذا الكلام من المجلسي يواجه عدة مناقشات :
المناقشة الاولى :- ان اجماع الشيعة وضرورة المذهب عندهم ، لمتثبت على الاطلاق ، بل المسألة عندهم محل الخلاف والكلام على طول الخط ، والمتورعون منهم يقولون : ان الرجعة ليست من اصول الدين ولا من فروعه ولا يجب الاعتقاد فيها بشيء بل يكفي ايكال علمها الى اهله . فهل في هذا الكلام - وهو الاكثر شيوعاً - اعتراف بالرجعة - ثم اورد السيد الشهيد(قدس) عدة مناقشات حتى قال في المناقشة الخامسة : ان الروايات التي نقلها هؤلاء ، ليست كلها صريحة بالمعنى العام - ثم قال - اذاً ، فالتواتر المدعي ليس له مدلول معين ومعنى ذلك ان الاخبار لم تتواتر على مدلول بعينه ) - وقال ايضاً في موضوع اخر( ومعه فلم يثبت اي معنى من معاني الرجعة وإحتمالاتها السابقة ، وانما لا بد لنا كمسلمين ، ان نتقيد بخروج دابة الارض التي نطق بها القران الكرم . وفي الامكان ان نسمي ذلك بالرجعة الا انه على خلاف اصطلاحهم . فهذا هو نبذة الكلام حول الرجعة ) .
والذي يفهم واضحاً من كلام السيد محمد صادق الصدر(قدس) ان القول بالرجعة مما لم يقم الدليل الكافي عليه وليس هناك تواتر في الاخبار التي تحدثت عن الرجعة كما قال السيد (قدس) اما بالنسبة لدابة الارض فلا بأس بقبولها ما دام قد نطق بها القرآن واكدتها السنة الشريفة . ونظيف الى كلام السيد الشهيد (اعلى الله مقامه) كلاماً اتماماً لما ذكر وهو الذي تسالم عليه اصحاب الفكر التقليدي في مسألة الرجعة انها تكون بعد القائم (عليه السلام) الا اننا لو لاحظنا بعض الاخبار لوجدناها تتحدث عن رجوع بعض الاموات الى الحياة الدنيا بعد الموت قبل قيام القائم وان كان بقليل او متصلا به واثناء قيامه (عليه السلام) وهذا مما لم يقل به القائلون بالرجعة بل انهم اجمعوا على ان الرجعة تقع بعد وفاة الامام المهدي(ع) واليك طائفة من الروايات تؤكد هذا القول فقد جاء في الرواية الواردة عن ابي الجارود عمن سمع علياً (ع) يقول: ( العجب كل العجب بين جمادي ورجب فقام رجل فقال : يا امير المؤمنين ما هذا العجب الذي لا تزال تعجب منه ؟ فقال : ثكلتك امك واي عجب اعجب من اموات يضربون كل عدو لله ولرسوله ولأهل بيته وذلك تاويل هذه الاية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ }الممتحنة13 . فاذا اشتد القتل والقتال قلتم مات او هلك في اي وادٍ سلك وذلك تأويل هذه الاية {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً }الإسراء6، بحار الانوار ج53-
وعنه عليه السلام ايضاً قال يا عجباً كل العجب بين جمادي ورجب فقام صعصعة بن صوحان العبدي فقال له يا امير المؤمنين ما هذا العجب الذي لا تزال تكرره في خطبك كأنك تحب ان تسأل عنه ؟ قال :ويحك يا صعصعة ما لي لا اعجب من اموات يضربون هامات الاحياء من اعداء الله واعدائنا فكأني انظر اليهم وقد شهروا سيوفهم على عواتقهم يقتلون المشككين والظانين بالله ظن السوء والمرتبابين في فضل اهل البيت (ع) فقال صعصعة : يا امير المؤمنين اموات الدين ام اموات القبور ، قال : لا والله يا صعصعة بل اموات القبور يكرون الى الدنيا معنا لكأني انظر اليهم في سكك الكوفة كالسباع الضارية شعارهم يالثارات الحسين ) نوائب الدهور ج3.
وهذا الامر الذي اشار اليه امير المؤمنين (ع)في الروايتين وهو العجب الذي يقع بين جمادي ورجب فذكر من ضمن العلامات التي تسبق وتدل على قيام الامام المهدي (ع) وهذا ما لا يختلف عليه اثنان ومعنى هذا ان هؤلاء الراجعين والذين اشارت لهم الروايتين يرجعون قبل قيام الامام المهدي (ع) وهذا مخالف لما عليه القائلون بالرجعة من الشيعة من انها تكون بعد قيام الامام المهدي (ع) وبالتحديد عند وفاته (ع) وهذا مما يجعل الاعتقاد بالرجعة مضطرباً ومشوشاً الا على القول بالرجعة الروحية كما ذكرنا سابقاً .
وجاء في الكافي عن بكير بن اعين عن ابي عبد الله (ع) انه قال : ( .... ثم يسير بتلك الرايات كلها حتى يرد الكوفة وقد جمع بها اكثر اهل الارض يجعلها له معقلاً ثم يتصل به وبأصحابه خبر المهدي فيقولون له يا ابن رسول الله من هذا الذي نزل بساحتنا فيقول الحسين (ع) اخرجوا بنا اليه حتى ننظر من هو وما يريد وهو يعلم والله انه المهدي (ع) وانه ليعرفه وانه لم يرد بذلك الامر الا الله فيخرج الحسين (ع) وبين يديه اربعة الاف رجل في اعناقهم المصاحف وعليهم المسوح مقلدين بسيوفهم فيقبل الحسين (ع) حتى ينزل بقرب المهدي (ع) فيقول سائلوا عن هذا الرجل من هو وماذا يريد فيخرج بعض اصحاب الحسين (ع) الى عسكر المهدي فيقولون ايها العسكر الجائل من انتم حياكم الله ومن صاحبكم هذا وماذا يريد فيقول اصحاب المهدي (ع) هذا مهدي آل محمد (ع) ونحن انصاره من الجن والانس والملائكة ثم يقول الحسين (ع) خلو بيني وبين هذا فيخرج اليه المهدي (ع) فيقفان بين العسكرين فيقول الحسين (ع) ان كنت مهدي آل محمد فأين هراوة جدي رسول الله (ص) وخاتمه وبردته ودرعه الفاضل وعمامته السحاب وفرسه وناقته العضباء دلدل وحماره يعفور ونجيبه البراق وتاجه والمصحف الذي جمعه امير المؤمنين(ع) … ثم يقول الحسين (ع) يابن رسول الله أسألك ان تغرس هراوة رسول الله (ص) في هذا الحجر الصلد وتسأل الله ان ينبتها فيه ولا يريد بذلك الا ان يري اصحابه فضل المهدي (ع) حتى يطيعوه ويبايعوه .ويأخذ المهدي (ع) الهراوة فيغرسها فتنبت فتعلوا وتفرع وتورق حتى تظل عسكر الحسين (ع) فيقول الحسين (ع) الله اكبر يابن رسول الله مد يدك حتى ابايعك فيبايعه الحسين (ع) وسائر عسكره الا اربعة الاف ....) .
وهنا عدة نقاط النقطة الاولى : يتبين من هذه الرواية رجوع الحسين (ع) الى الحياة الدنيا بعد الموت والظاهر ان رجوعه قبل ظهور الامام المهدي (ع) بدليل ورود المهدي (ع) متأخراً عن ورود الحسين (ع) واصحابه وهذا ايضاً كسابقه من انه مخالف لما عليه الشيعة من رجعة الحسين (ع)بعد وفاة الامام المهدي (ع) او في اواخر عمره الشريف عليه السلام ، النقطة الثانية : كيف يمكن لنا ان نتصور ان اصحاب الامام الحسين (ع) وهو قد ارجعه الله عز وجل الى الحياة الدنيا وهو الامام المعصوم يتركون العمل بقوله وامره ويخرجون عليه وعلى الامام المهدي(ع) وهل يعقل هذا ؟ وهل يبقى مجالاً للشك في امر الامام المهدي(ع) عند جميع المسلمين اذا ما علموا ان الحسين (ع) قد خرج من قبره وان الارض انشقت عنه فضلاً عن ان يصل الامر بأربعة الاف من اصحابه الى عصيان امره والخروج عن طاعته .ثم كيف جاز ان يكون الامام الحسين (ع) مأموماً وتابعاً لولده الامام المهدي (ع) وهل يصح او يعقل ان الامام المهدي (ع) يأمر جده الامام الحسين (ع) ويكلفه ببعض الامور والقضايا علماً ان الثابت لدى المسلمين ان الامام الحسين (ع) افضل من الامام المهدي (ع) اضف الى ذلك ان اهل البيت مثالاً في الخلق والادب فكيف نتصور ان الامام المهدي (ع) يوجه الاوامر لأبيه الامام الحسين (ع) ، ثم ان المعروف والذي نطقت به الاحاديث والروايات ان الامام المهدي (ع) يخرج ثائراً لجده الحسين (ع) ويقتل ذراري قتلة الحسين (ع) فلو ان الحسين (ع) يرجع الى الحياة الدنيا بعد الموت ويخرج مع الامام المهدي(ع) وانه يعيش ويطول به العمر ويحكم بعد المهدي (ع) فما معنى هذا التشدد من قبل المهدي (ع) في طلب الثار للحسين وينادي يالثارات الحسين (ع)والحسين يكون حينها الى جنبه على فرض التسليم بظاهر الاخبار أليس في ذلك غرابة واضحة الا تسمى هذه القضية على هذا النحو سالبة بأنتفاء الموضوع كما يعبر المناطقة كل هذه التسأؤلات لا يستطيع احد الاجابة عليها الا على القول بالرجعة الروحية اي ان روح الامام الحسين (ع) هي التي ترجع في اخر الزمان لتسدد وتؤيد شخصاً قريباً جداً من الامام المهدي (ع) وهو السيد الحسني الوارد ذكره في الرواية التي نقلها العلامة المجلسي في الجزء الثالث والخمسين من بحاره والمروية عن الامام الصادق (ع) والتي جاء فيها :
( ثم يخرج الحسني الفتى الصبيح الذي نحو الديلم : يصيح بصوت له فصيح يا آل أحمد اجيبوا الملهوف ، والمنادي من حول الضريح فتجيبه كنوز بالطالقان كنوز واي كنوز ليست من فضة ولا ذهب بل هي رجال كزبر الحديد على البراذين الشهب بايديهم الحراب ولم يزل يقتل الظلمة حتى يرد الكوفة وقد صفا اكثر الارض ، فيجعلها له معقلاً . فيتصل به وبأصحابه خبر المهدي (ع) ويقولون : يا ابن رسول الله من هذا الذي قد نزل بساحتنا ؟ فيقول : اخرجوا بنا اليه حتى ننظر من هو ؟ وما يريد ؟ وهو والله يعلم انه المهدي ، وانه ليعرفه ، ولم يرد بذلك الامر الا ليعرف اصحابه من هو ؟ فيخرج الحسني فيقول الحسني فيقول : ان كنت المهدي من آل محمد فاين هراوة جدك رسول الله (ص) وخاتمه وبردته ودرعه الفاضل وعمامته السحاب وفرسه اليربوع وناقته العضباء وبغلته الدلدل وحماره اليعفور ونجيبه البراق . ومصحف امير المؤمنين (ع) فيخرج له ذلك ثم يأخذ الهراوة فيغرسها في الحجر الصلد وتورق ولم يرد بذلك الا ان يري اصحابه فضل المهدي (ع) حتى يبايعوه . فيقول الحسني : الله اكبر مد يدك يابن رسول الله حتى نبايعك فيمد يده فيبايعه ويبايعه سائر العسكر الذي مع الحسني الا اربعين الفاً اصحاب المصاحف المعروفون بالزيدية فانهم يقولون : ما هذا الا سحر عظيم ....) وهذه الرواية في الواقع مطابقة نصاً للراوية المتقدمة الواردة عن بكير ابن اعين عن ابي عبد الله (ع) والتي تتحدث عن الامام الحسين (ع) وتسليمه الراية للأمام المهدي (ع) وفي هذا دليل واضح على ان المقصود في كلا الروايتين هو السيد الحسني اليماني وانه سيكون مسدداً ومؤيداً بروح الامام الحسين (ع) اضف الى ذلك فقد دلت الروايات الشريفة على ان اليماني هو من يخلف المهدي ويتولى تجهيز والصلاة عليه ودفنه الا ان بعض الروايات ذكرت ان الامام الحسين (ع) هو من يتولى تجهيز المهدي (ع) وانه يعقبه في الحكم وجمعاً بين الروايات فيتبين لنا ان اليماني الحسني هو من يقوم بكل ذلك وهو من يلي الامام المهدي (ع) في الحكم .
الموضوع من فكر السيد أبي عبد الله الحسين القحطاني
0 التعليقات:
إرسال تعليق