من المعلوم ان الانبياء حين بعثهم الله عز وجل كانوا في بداية بعثاتهم دعاة ولم يلجئوا الى القوة او التهديد بالعقاب وبالعذاب الالهي الا عند انتهاء دعواتهم واستنزاف كل السبل الممكنة لأجل ذلك وهذا الامر لا يختلف فيه اثنان وقد تبع الأنبياء في ذلك أوصيائهم فأنهم كانوا لا يبدءون احد بقتال الا بعد الدعوة واقامة الحجة ومن هذا المنطلق ولما كانت دعوة الامام المهدي (عليه السلام) من الدعوات الإلهية وهي من سنخ دعوات الأنبياء ((عليهم السلام)) فلا بد ان يكون لها شبه واضح وكبير بدعوات الأنبياء وبأنها كدعوة جده رسول الله(صلى الله عليه واله) وهذا ما دلت عليه الأحاديث النبوية وأكدته روايات الأئمة الأطهار (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ) فقد جاء في الرواية الشريفة عن كامل عن ابي جعفر ((عليه السلام)) انه قال (أن قائمنا اذا قام دعا الناس الى امر جديد كما دعا اليه رسول الله (صلى الله عليه واله ) وان الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء )بحار الانوار ج13 - وعن ابي بصير عن ابي عبد الله (عليه السلام) أنه قال : ( الاسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء ، فقلت إشرح لي هذا أصلحك الله . فقال يستأنف الداعي منا دعاءاً جديداً كما دعا رسول الله (صلى الله عليه واله)) بحار الانوار ج13 - وعن الامام الصادق (ع) إنه قال إذا قام القائم دعا الناس الى الاسلام جديداً وهداهم الى امر قد دثر فضّل عنه الجمهور ، وإنما سمي القائم مهديا لأنه يهدي الى أمر مضلول عنه وسمي القائم لقيامه بالحق) الوافي ج2 - عن عبد الله بن عطاء المكي عن شيخ لفقهاء - يعني أبا عبد الله - قال: سألته عن سيرة المهدي؟ كيف سيرته ؟ فقال : (يصنع كما صنع رسول الله (صلى الله عليه واله )يهدم ما كان قبله كما هدم رسول الله (صلى الله عليه واله)أمر الجاهلية وستأنف الاسلام جديداً. وعن عبد الله بن عطاء قال: سالت ابا جعفر الباقر ((عليه السلام)) فقلت اذا قام القائم ((عليه السلام)) باي سيرة يسير بالناس , فقال(يهدم ما قبله كما صنع رسول الله((صلى الله عليه واله)) ويستأنف الإسلام جديداً) -(1) وبعد تبين لنا واضحاً ان الأمام المهدي ((عليه السلام)) الذي سوف يكون قيامه من مكة المكرمة كما دلت على ذلك الأخبار والروايات مع العلم أن الروايات تؤكد ان للأمام المهدي ((عليه السلام)) دعوة قبل قيامه المقدس وانه يقوم حينما يقوم بالسيف ولا يستتب أحداً؟ فقد جاء في الرواية الواردة عن زرارة عن ابي جعفر((عليه السلام)) قال:قلت له: صالح من الصالحين سمه لي - اريد القائم عليه السلام - فقال اسمه اسمي , قلت:ايسير بسيرة محمد ((صلى الله عليه واله)) سار في أمته بالمن كان يتألف الناس , والقائم يسير بالقتل بذلك امر في الكتاب الذي معه ان يسير بالقتل ولا يستتب أحداً ويل لمن ناواه) غيبة النعماني- ومن ابي بصير قال: قال ابو جعفر((عليه السلام)) يقوم القائم بامر جديد وقضاء جديد على العرب شديد ليس شأنه الأ السيف ولا يستتب احدا ولاتأخذه في الله لومة لائم ) اثبات الهداة ج3 - وعن محمد بن مسلم قال: سمعت ابا جعفر ((عليه السلام )) يقول: لو يعلم الناس ما يصنع القائم اذا خرج لأحب ان لا يروه مما يقتل من الناس , اما انه لا يبدأ ألا بقريش فلا يأخذ منها الا السيف ولا يعطيها الا السيف حتى يقول كثير من الناس: ليس هذا من ال محمد , ولو كان من ال محمد لرحم) بشارة الاسلام - وهناك روايات كثيرة في هذا المعنى نتركها مراعاة للاختصار وفي هذه الروايات الشريفة المتقدمة دليل واضح على ان الامام المهدي((عليه السلام)) لا يقوم الا بالسيف وليس المقصود السيف حصراً انما في ذلك(( رمزية )) واشارة الى السلاح. وجوابا على السؤال المتقدم اقول : ان هنالك ظهور للامام المهدي عليه السلام وقيام وان الظهور غير القيام فالقيام هو خروجه عليه السلام من مكة المكرمة بشخصه وشخصيته في اليوم الموعود في العاشر من محرم الحرام في وتر من السنين كما دلت الروايات الشريفة اما الظهور فهو ظهور ممهديه وحركته ودعوته المباركة وذلك يسبق قيامه من مكة المكرمة حيث يكون ذلك الظهور اعدادا لقيامه المقدس وتهيئة لأنصاره ومريديه وقادته التي يكون القيام على اساسها فمن غير الممكن ان نتصور ان الامام المهدي ((عليه السلام)) يقوم من مكة المكرمة من دون التمهيد له والاعداد له من قبيل نشر دعوته وتهيئة انصاره المهمين والمخلصين وما الى ذلك مسلتزمات الظهور فيكونون النواة الاولى التي يقوم على اساسها الامام من مكة المكرمة والا لم يكن للامام المهدي ((عليه السلام)) دعوة او حركة تعريفية بقضيته وامره فما ذنب الذين لا يعرفونه ولا يحيطون علما بقيامه وظهوره الشريف وقد قال تعالى (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً)) فكما هو واضح ان الله عز وجل لا يعذب قوما ما لم يرسل لهم رسولا يبين لهم ويدعوهم ويرشدهم الى طريق الحق والهداية والصلاح وليس المقصود في كل الاحوال هو الرسول اوالنبي فقط بل انه مفهوم لكل من يدعوا الى الحق والى صراط مستقيم وقد يسال السائل فيقول اذا كان الظهور معناه ظهور دعوة الامام المهدي((عليه السلام)) وحركته الشريفة فعلى يدي من ذلك يا ترى مع العلم ان الامام ((عليه السلام)) لا يظهر ولا يخرج الا في مكة المكرمة في العاشر من محرم الحرام ؟الحقيقة ان الروايات الشريفة قد اكدت ان دعوة المهدي((عليه السلام)) تكون على يد ممهديه حيث يرسل ممهداُ له ويأخذ توجيهاته من الامام مباشرة وهو اليماني الذي جاء ذكره عن الباقر (ع) (وليس في الرايات راية اهدى من راية اليماني … الملتوي عليه من اهل النار)فلا يكون شخصاً الملتوي عليه من اهل النار الا ان يكون من الواجب الالتحاق به وهو من سيقوم بالدعوة للامام عليه السلام.
الموضوع من فكر السيد أبي عبد الله الحسين القحطاني
0 التعليقات:
إرسال تعليق