قصة نبي الله إدريس (عليه السلام)
قصة نبي الله إدريس (عليه السلام) قال الله تعالى وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا قال أمين الإسلام الطبرسي طاب ثراه الكتاب القرآن و إدريس هو جد أب نوح (عليه السلام) و اسمه في التوراة أخنوخ و سمى إدريس لكثرة درسه الكتب يعني كتب الله و حكمه و هو أول من خط بالقلم و كان خياطا و أول من خاط الثياب و قيل إن الله سبحانه علمه علم النجوم و الحساب و علم الهيئة و كان ذلك معجزة له . و قوله مَكاناً عَلِيًّا أي عليا رفيع الشأن برسالات الله تعالى و قيل إنه رفع إلى السماء السادسة . عن ابن عباس و مجاهد رفع إدريس (عليه السلام) كما رفع عيسى و هو حي لم يمت . و قال آخرون إنه قبض روحه بين السماء الرابعة و الخامسة . و روي ذلك عن أبي جعفر (عليه السلام) ; و قيل المعنى و رفعناه محله و مرتبته بالرسالة و لم يرد رفعه المكان . علل الشرائع بالإسناد إلى وهب : أن إدريس (عليه السلام) كان رجلا ضخم البطن عريض الصدر قريب الخطى إذا مشى و قد فكر في عظمة الله و جلاله تعالى إن لهذه السماوات و لهذه الأرضين و لهذا الخلق العظيم لربا يدبرها و يصلحها فكيف لي بهذا الرب فأعبده حق عبادته فخلا بطائفة من قومه فجعل يعظهم و يذكرهم و يدعوهم إلى عبادة خالق الأشياء فأجابه ألف من قومه فاختار منهم سبعة ثم قال تعالوا فليدع هؤلاء السبعة و ليؤمن بقيتنا فلعل هذا الرب جل جلاله يدلنا على عبادته فوضعوا أيديهم على الأرض و دعوا طويلا فلم يتبين لهم شيء ثم رفعوا أيديهم إلى السماء فأوحى الله عز و جل إلى إدريس (عليه السلام) و نبأه و دله على عبادته و من آمن معه فلا يزالون يعبدون الله عز و جل لا يشركون به شيئا حتى رفع الله عز و جل إدريس إلى السماء و انقرض من تابعه على دينه إلا قليلا ثم إنهم اختلفوا بعد ذلك و أحدثوا الأحداث و أبدعوا البدع حتى كان زمان نوح (عليه السلام) . [61] و في كتاب الكافي بإسناده إلى أبي جعفر (عليه السلام) قال : كان بدء نبوة إدريس (عليه السلام) أنه كان في زمانه ملك جبار و أنه ركب ذات يوم في بعض نزهة فمر بأرض خضرة نضرة لعبد مؤمن من الرافضة فأعجبه فسأل وزراءه لمن هذه الأرض قالوا لعبد من عبيد الملك فلان الرافضي فقال له أمتعني بأرضك هذه فقال له عيالي أحوج إليها منك فقال بعني فأبى فغضب الملك و انصرف إلى أهله و هو مغموم مفكر في أمره و كانت له امرأة من الأزارقة فرأت في وجهه الغضب فأخبرها بخبر الأرض و صاحبها فقالت إن كنت تكره أن تقتله بغير حجة فأنا أكفيك أمره و أصير أرضه إليك بحجة و كان لها أصحاب من الأزارقة على دينها يرون قتل الرافضة من المؤمنين فبعثت إلى قوم منهم فأتوها فأمرتهم أن يشهدوا على فلان الرافضي عند الملك أنه قد برئ من دين الملك فشهدوا عليه فقتله و أخذ أرضه فغضب الله للمؤمن عند ذلك فأوحى الله إلى إدريس إذا رأيت عبدي هذا الجبار فقل له أ ما رضيت أن قتلت عبدي المؤمن حتى أخذت أرضه و أحوجت عياله من بعده أما و عزتي لأنتقمن له منك في الآجل و لأسلبنك ملكك في العاجل و لأخربن مدينتك و لأطعمن الكلاب لحم امرأتك فقد غرك حلمي عنك فأتاه إدريس برسالة ربه و أداها إليه فقال له الجبار اخرج يا إدريس لئلا أقتلك و قالت له امرأته لا يهولنك رسالة إله إدريس أنا أرسل إليه من يقتله فتبطل رسالة إلهه قال فافعلي و كان لإدريس (عليه السلام) أصحاب من الرافضة مؤمنون يأنس بهم فأخبرهم بتبليغ رسالته إلى الجبار فأشفقوا على إدريس و أصحابه و خافوا عليه القتل و بعثت امرأة الجبار إلى إدريس أربعين رجلا من الأزارقة ليقتلوه فأتوه فلم يجدوه و قد رآهم أصحاب إدريس فحسبوا أنهم أتوا إدريس ليقتلوه فتفرقوا في طلبه فلقوه فقالوا له خذ حذرك يا إدريس فإن الجبار قاتلك فاخرج من هذه القرية فتنحى إدريس عن القرية و معه نفر من أصحابه فلما كان في السحر ناجى إدريس ربه فقال يا رب توعدني الجبار بالقتل فأوحى الله إليه أن اخرج من قريته و خلني و إياه فو عزتي لأنفذن فيه أمري فقال يا رب إن لي حاجة قال الله سلها تعطها قال أسألك أن لا تمطر السماء على أهل هذه القرية و ما حولها حتى أسألك ذلك قال الله عز و جل إذن تخرب القرية و يجوع أهلها فقال إدريس (عليه السلام) و إن خربت و جاعوا قال الله إني أعطيتك ما سألت فأخبر إدريس أصحابه بحبس المطر عنهم فخرجوا من القرية و عدتهم عشرون رجلا فتفرقوا في القرى و شاع خبر إدريس في القرى بما سأل الله تعالى و تنحى إدريس إلى كهف في الجبل و وكل الله به ملكا يأتيه بطعامه عند كل مساء و سلب الله عند ذلك ملك الجبار و قتله و خرب مدينته و أطعم الكلاب لحم امرأته غضبا للمؤمن . [62] و ظهر في المدينة جبار آخر عاص فمكثوا بعد خروج إدريس من القرية عشرين سنة لم تمطر السماء فاشتد حالهم و صاروا يمتارون الأطعمة من القرى فقالوا إن الذي نزل بنا بسؤال إدريس ربه أن لا يمطر السماء علينا حتى يسأله هو و قد خفي إدريس عنا و الله أرحم بنا منه فاجتمع أمرهم على أن يتوبوا إلى الله و يسألوه أن تمطر السماء عليهم فقاموا على الرماد و لبسوا المسوح و حثوا على رءوسهم التراب و رجعوا إلى الله عز و جل فأوحى الله إلى إدريس أن أهل قريتك قد تابوا إلي و أنا الله الرحمن الرحيم أقبل التوبة و قد رحمتهم و لم يمنعن إجابتهم إلى ما سألوني من المطر إلا مناظرتك فيما سألتني أن لا أمطر السماء عليهم حتى تسألني فسلني يا إدريس قال إدريس اللهم إني لا أسألك ذلك قال الله عز و جل سلني يا إدريس قال اللهم إني لا أسألك فأوحى الله عز و جل إلى الملك الذي يأتي إدريس بطعامه أن احبس عنه طعامه فلما أمسى إدريس لم يؤت بطعام فحزن و جاع فلما كان في اليوم الثاني لم يؤت بطعامه فاشتد جوعه فلما كان في الليلة الثالثة لم يؤت بطعامه فنادى ربه يا رب حبست عني رزقي من قبل أن تقبض روحي فأوحى الله عز و جل إليه يا إدريس جزعت أن حبست عنك طعامك ثلاثة أيام و لياليها و لم تجزع و لم تنكر جوع أهل قريتك و جهدهم منذ عشرين سنة ثم سألتك عن جهدهم و رحمتي إياهم أن تسألني أن أمطر السماء عليهم فلم تسألني و بخلت عليهم بمسألتك إياي فأذقت الجوع فقل عند ذلك صبرك و ظهر جزعك فاهبط من موضعك و اطلب المعاش لنفسك فقد وكلتك في طلبه إلى حيلك فهبط إدريس من موضعه إلى غيره يطلب أكله من جوع فلما دخل القرية نظر إلى دخان في بعض منازلها فأقبل نحوه فهجم على عجوز و هي ترقق قرصتين لها على مقلاة فقال لها أيتها المرأة أطعميني فإني مجهود من الجوع فقالت له يا عبد الله ما تركت لنا دعوة إدريس فضلا نطعمه أحدا و حلفت أنها ما تملك شيئا غيره فاطلب المعاش من غير أهل هذه القرية قال لها أطعميني ما أمسك به روحي و تحملني به رجلي إلى أن أطلب قالت إنهما قرصتان واحدة لي و الأخرى لابني فإن أطعمتك قوتي مت و إن أطعمتك قوت ابني مات فقال لها إن ابنك يجزيه نصف قرصة فيحيا بها و يجزيني النصف الآخر فأحيا به فأكلت المرأة قرصها و كسرت الآخر بين إدريس و بين ابنها فلما رأى ابنها إدريس يأكل من قرصته اضطرب حتى مات قالت أمه يا عبد الله قتلت علي ابني جزعا على قوته قال إدريس فأنا أحييه بإذن الله تبارك و تعالى فلا تجزعي ثم أخذ إدريس بعضدي الصبي ثم قال أيتها الروح الخارجة من بدن هذا الغلام بإذن الله ارجعي إلى بدنه بإذن الله و أنا إدريس النبي فرجعت روح الغلام إليه بإذن الله فلما سمعت [63] المرأة كلام إدريس و نظرت إلى ابنها قد عاش بعد الموت قالت أشهد أنك إدريس النبي و خرجت تنادي بأعلى صوتها في القرية أبشروا بالفرج فقد دخل إدريس قريتكم و مضى إدريس حتى جلس على موضع مدينة الجبار الأول و هي على تل فاجتمع إليه أناس من أهل قريته فقالوا له يا إدريس أ ما رحمتنا في هذه العشرين سنة التي أجهدنا فيها و مسنا الجوع و الجهد فادع الله لنا أن يمطر السماء علينا قال لا حتى يأتيني جباركم هذا و جميع أهل قريتكم مشاة حفاة فيسألوني ذلك فبلغ الجبار قوله فبعث إليه أربعين رجلا ليأتوه بإدريس فأتوه فقالوا له إن الجبار بعث إليك لتذهب إليه فدعا عليهم فماتوا فبلغ الجبار ذلك فبعث إليه خمسمائة رجل ليأتوه به فقالوا له يا إدريس إن الجبار بعثنا إليك لنذهب بك إليه فقال لهم إدريس انظروا إلى مصارع أصحابكم فقالوا يا إدريس قتلتنا بالجوع منذ عشرين سنة ثم تريد أن تدعو علينا بالموت أ ما لك رحمة فقال ما أنا بذاهب إليه و لا أنا بسائل الله أن يمطر عليكم حتى يأتيني جباركم ماشيا حافيا و أهل قريتكم فانطلقوا إلى الجبار فأخبروه بقول إدريس و سألوه أن يمضي معهم و جميع أهل قريتهم حفاة مشاة فأتوه حتى وقعوا بين يديه خاضعين له طالبين إليه أن يسأل الله لهم بالمطر فقال إدريس أما الآن فنعم فسأل الله تعالى إدريس عند ذلك أن تمطر السماء عليهم و على نواحيهم فأظلتهم سحابة من السماء و أرعدت و أبرقت و هطلت عليهم من ساعتهم حتى ظنوا أنه الغرق فما رجعوا إلى منازلهم حتى أهمتهم أنفسهم من الماء . أقول : ينبغي أن يحمل أن أمره تعالى لإدريس بالدعاء لهم بالمطر لم يكن على سبيل الحتم و الوجوب بل على الندب و جواز التأخير و غرض إدريس (عليه السلام) من ذلك التأخير ذلتهم و زجرهم عن الطغيان و الفساد و لئلا يخالفوه إذا دخل بينهم كما خالفوه أولا و فيه إشارة إلى أن أولياء الله سبحانه يغضبون لربهم أكثر من غضبه تعالى لسعة حلمه و عظمة رحمته . تفسير علي بن إبراهيم أبي عن ابن أبي عمير عمن حدثه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن الله تعالى غضب على ملك من الملائكة فقطع جناحه فألقاه في جزيرة من جزائر البحر فبقي ما شاء الله في ذلك البحر فلما بعث الله إدريس (عليه السلام) جاء ذلك الملك إليه فقال يا نبي الله ادع الله أن يرضى عني و يرد علي جناحي قال نعم فدعا إدريس ربه فرد الله عليه جناحه و رضي عنه قال الملك لإدريس أ لك حاجة قال نعم أحب أن ترفعني إلى السماء الرابعة فرفعه إلى السماء الرابعة فإذا ملك الموت جالس يحرك رأسه تعجبا فسلم إدريس على ملك الموت و قال له ما لك تحرك رأسك قال إن رب العزة أمرني أن [64] أقبض روحك بين الرابعة و الخامسة فقلت يا رب كيف يكون هذا و غلظ السماء الرابعة مسيرة خمسمائة عام و من السماء الرابعة إلى السماء الثالثة مسيرة خمسمائة عام و كل سماء و ما بينهما كذلك فكيف يكون هذا ثم قبض روحه بين السماء الرابعة و الخامسة و هو قوله تعالى وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا قال و سمي إدريس لكثرة دراسته الكتب . و قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : أنزل الله على إدريس ثلاثين صحيفة. و عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : أن إدريس (عليه السلام) رفعه الله مكانا عليا و أطعمه من تحف الجنة بعد وفاته . و في قصص الأنبياء للشيخ الراوندي طاب ثراه بإسناده إلى أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن ملكا من الملائكة كانت له منزلة فأهبطه الله من السماء إلى الأرض فأتى إدريس فقال اشفع لي عند ربك فصلى ثلاث ليال لا يفتر و صام أيامها لا يفطر ثم طلب إلى الله في السحر للملك فأذن له في الصعود إلى السماء فقال له الملك أحب أن أكافيك فاطلب حاجة فقال تريني ملك الموت لعلي آنس به فإنه ليس يهنؤني مع ذكره شيء فبسط جناحه ثم قال اركب فصعد به فطلب ملك الموت في السماء الدنيا فقيل إنه قد صعد فاستقبله بين السماء الرابعة و الخامسة فقال لملك الموت ما لي أراك قاطبا قال أتعجب أني كنت تحت ظل العرش حتى أمرت أن أقبض روح إدريس بين السماء الرابعة و الخامسة فسمع ذلك إدريس فانتفض من جناح الملك و قبض ملك الموت روحه مكانه و ذلك قوله تعالى وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا . و في الكتاب أيضا بإسناده إلى ابن عباس قال : كان إدريس النبي (عليه السلام) يسبح النهار و يصومه و يبيت حيث ما جنه الليل و يأتيه رزقه حيث ما أفطر و كان يصعد له من العمل الصالح مثل ما يصعد لأهل الأرض كلهم فسأل ملك الموت ربه في زيارة إدريس و أن يسلم عليه فأذن له فنزل و أتاه فقال إني أريد أن أصحبك فأكون معك فصحبه و كانا يسبحان النهار و يصومانه فإذا جنهما الليل أتي إدريس فطوره فيأكل و يدعو ملك الموت إليه فيقول لا حاجة لي فيه ثم يقومان يصليان و إدريس يصلي و يفتر و ينام و ملك الموت يصلي و لا ينام و لا يفتر فمكثا بذلك أياما ثم إنهما مرا بقطيع غنم و كرم قد أينع فقال ملك الموت هل لك أن تأخذ من ذلك حملا أو من هذا عناقيد فتفطر عليه فقال سبحان الله أدعوك إلى مالي فتأبى فكيف تدعوني إلى مال الغير ثم قال إدريس (صلى الله عليه وآله وسلم) قد صحبتني و أحسنت فيما بيني و بينك من أنت قال أنا ملك الموت قال [65] إدريس لي إليك حاجة فقال و ما هي قال تصعد بي إلى السماء فاستأذن ملك الموت ربه في ذلك فأذن له فحمله على جناحه فصعد به إلى السماء ثم قال له إدريس إن لي إليك حاجة أخرى قال و ما هي قال بلغني من الموت شدة فأحب أن تذيقني منه طرفا فأنظر هو كما بلغني فاستأذن ربه فأذن له فأخذ بنفسه ساعة ثم خلى عنه فقال له كيف رأيت قال بلغني عنه شدة و إنه لأشد مما بلغني و لي إليك حاجة أخرى تريني النار فاستأذن ملك الموت صاحب النار ففتح له فلما رآها إدريس (عليه السلام) سقط مغشيا عليه ثم قال لي إليك حاجة أخرى تريني الجنة فاستأذن ملك الموت خازن الجنة فدخلها فلما نظر إليها قال يا ملك الموت ما كنت لأخرج منها إن الله تعالى يقول كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ و قد ذقته و يقول وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها و قد وردتها و يقول في الجنة وَ ما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ . أقول : اعتمد مشايخنا من الحديث عن الخبرين السابقين لوضوح سندهما و قالوا إن هذه الرواية أشبه بروايات العامة و إن كان الجمع بين هذه الأخبار قريب . و فيه أيضا عن وهب بن منبه قال إن إدريس أول من خاط الثياب و لبسها و كان من كان قبله يلبسون الجلود و كانت الملائكة في زمان إدريس يصافحون الناس و يسلمون عليهم و يكلمونهم و يجالسونهم و ذلك لصلاح الزمان و أهله فلم يزل الناس على ذلك حتى كان زمن نوح و قومه ثم انقطع ذلك و كان من أمره مع ملك الموت ما كان حتى دخل الجنة فقال له ربه إن إدريس إنما حاجك فحجك بوحيي و أنا الذي هيأت له دخول الجنة فإنه كان ينصب نفسه و جسده لي فكان حقا علي أن أعوضه من ذلك الراحة و الطمأنينة و أن أبوئه بتواضعه لي و بصالح عمله من الجنة مقعدا أو مكانا عليا . و فيه عن الصادق (عليه السلام) : قال إذا دخلت الكوفة فأت مسجد السهلة فصل فيه و اسأل الله حاجة لدينك و دنياك فإن مسجد السهلة بيت إدريس (عليه السلام) الذي كان يخيط فيه و يصلي فيه و من دعا الله فيه بما أحب قضى له حوائجه و رفعه يوم القيامة مكانا عليا إلى درجة إدريس و أجير من مكروه الدنيا و مكايد أعدائه . و قال المسعودي إن عمر إدريس (عليه السلام) في الأرض ثلاثمائة سنة و قيل أكثر من ذلك و قال ابن الأثير في الكامل قام أنوش بن شيث بعد موت أبيه بسياسة [66] الملك مقام أبيه و كان عمر أنوش سبعمائة سنة و خمس سنين ثم ولد لأنوش ابنه قينان و ولد معه نفر كثير و إليه الوصية و ولد قينان مهلائيل و إليه الوصية و ولد لمهلائيل يارد و إليه الوصية فولد ليارد أخنوخ و هو إدريس النبي و الحكماء اليونانيون يسمونه هرمس الحكيم . و قال السيد بن طاوس في صحف إدريس (عليه السلام) كأنك بالموت و قد نزل فاشتد أنينك و عرق جبينك و تقلصت شفتاك و انكسر لسانك و يبس ريقك و علا سواد عينيك بياضا و أزبد فوك و اهتز جميع بدنك و عالجت غصة الموت و سكرته و مرارته و زعقته و نوديت فلم تسمع بما خرجت نفسك و صرت جيفة بين أهلك إن فيك لعبرة لغيرك فاعتبر في معاني الموت إن الذي نزل بك لا محالة و كل عمر و إن طال قليل يفنى لأن كل ما هو آت قريب لوقت معلوم فاعتبر بالموت يا من يموت و اعلم أيها الإنسان أن الموت أشد مما قبله و الموت أهون مما بعده من شدة أهوال يوم القيامة ثم ذكر من أحوال الصيحة و الفناء و يوم القيامة و مواقف الحساب و الجزاء ما يعجز عن سماعه قوة الأقوياء . [67] | ||
الموضوع الأصلي: قصة نبي الله إدريس (عليه السلام)
الكاتب: احمد الكاشاني
المصدر: منتديات كهف المستضعفين
0 التعليقات:
إرسال تعليق