Ads 468x60px

الثلاثاء، 26 فبراير 2013

سنة العقاب الإلهي للأمم المكذبة

سنة العقاب الإلهي للأمم المكذبة








إن المتتبع لحياة الأمم
المكذبة للرسل المعاندة التي رفضت منهج الله الذي أرسل به رسله، وحادت عن سلوكه، واستكبرت عن الأخذ به، وحاربت الأنبياء والمرسلين وآذتهم واستهزأت بهم؛ يجد أن نهايتهم كانت نهاية سيئة، وأن الله تعالى أهلكهم ودمّرهم وسلّط عليهم صنوف الأذى.
وعقاب الله للأمم المكذبة على نوعين:



الأول: عقوبة الاستئصال والهلاك والدمار الشامل إذا استوجبته الأمة وانتفت موانعه.

الثاني: عقوبتهم بأنواع الابتلاء والمحن والشدائد، قال تعالى:"وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلاً"
.
أي ما منع الناس من الإيمان والاستغفار إلا طلب إتيان سنة الأولين، وسنة الأولين هي أنهم إذا لم يؤمنوا عُذبوا عذاب الاستئصال"



أسباب العقاب الإلهـي:
من أهم الأسباب التي تؤذن بنزول عذاب الله تعالى على الأمم المكذبة واستئصالهم أو ابتلائهم بأنواع المحن والشدائد هو بلوغهم حداً عظيماً من الكفر بالله عز وجل، ومعاندة الأنبياء والمرسلين وتكذيبهم والاستهزاء بهم ومحاولة قتلهم وإيذاء أتباعهم من المؤمنين وقتلهم وتشريدهم.
واستعجال عذاب الله تعالى واستبعاد وقوعه وبلوغهم حداً من الاشتغال بالحياة الدنيا والإسراف والبطر والترف والكبر والمكر والصد عن سبيل الله، ومجادلتهم بالباطل واستمرارهم على الذنوب والمعاصي وغير ذلك، فإن ذلك كله أو بعضه يكون سبباً لهلاكهم ودمارهم ونزول العقاب الإلهي بهم. قال سبحانه وتعالى:"أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ"


أمثلة من عقوبة أعداء الرسل:


1- عقوبة المكذبين لنبي الله نوح عليه السلام:
أرسل الله تعالى نوحاً عليه السلام إلى قومه يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وترك عبادة الأصنام والأوثان، فمكث يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، كما قال سبحانه وتعالى:"فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إلاّ خَمْسِينَ عَاماً" ، ورغم صبره عليهم ونصحه لهم واستخدامه كافة الوسائل والأساليب في دعوتهم، حيث دعاهم سرًّا وعلانية وجماعات وفرادى ليلاً ونهاراً، إلا أن ذلك كله لم ينفع، كما قال تعالى عنه:"قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً، فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَاراً، وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً، ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً، ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً"
لقد أصر القوم على كفرهم وعنادهم، وجعلوا كلما رأوا نوحاً عليه السلام غطوا أعينهم لئلا يروه، وكلما تكلم وضعوا أصابعهم في آذانهم لئلا يسمعوه، وبالغوا في المعاندة والاستهزاء، وزعموا أن نوحاً عليه السلام ساحرٌ أو مجنون، ولم يؤمن به ويستجيب لدعوته إلا قليل منهم.. فلما طال الزمان بهم وطالت مجادلتهم ويئس نوح عليه السلام من صلاحهم لجأ نوح إلى الله تعالى يدعوه قائلاً :"رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً، إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً" ، فعند ذلك أهلكهم الله تعالى، وطهر الأرض من شركهم ودنسهم، فأرسل عليهم الطوفان وهو الغرق بالماء الذي نزل من السماء ونبع من الأرض فغرقوا جميعاً، ونجى الله نوحاً ومن معه من المؤمنين في السفينة، كما قال تعالى:"فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ"


2- عقوبة قوم لوط عليه السلام:
بعث الله تبارك وتعالى لوطاً عليه السلام إلى قوم يرتكبون فاحشة لم يرتكبها أحد من الأمم قبلهم، وهي إتيان الذكور شهوة من دون النساء، وهو خروج وشذوذ عما فطر الله عليه الإنسانية،
وشرع النكاح من أجله.
فدعاهم إلى ترك هذه الفاحشة ونهاهم عن ارتكابها كما أخبر الله تعالى عنهم بقوله:"وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ، إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ"

ولكنهم أصروا وتمادوا في فاحشتهم، وأبوا أن يستجيبوا لنبي الله لوط عليه السلام؛ فجاءتهم سنة الله في المجرمين كما جاءت من قبلهم، فلما كان الصباح الباكر وعند شروق الشمس جعل الله بلادهم عاليها سافلها، وخسف بهم الأرض، وأرسل عليهم حجارة من السماء، فأهلكوا جميعاً، ونجى الله لوطاً عليه السلام وأهله، إلا امرأته؛ لأنها لم تتابعه على دينه، قال تعالى:"فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ، مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ"



3 - عقوبة بني إسرائيـل:
ومن الأمم الذين عاقبهم الله تعالى بما دون الاستئصال بنو إسرائيل، حين بعث الله تعالى إليهم موسى عليه السلام فدعاهم إلى عبادة الله وطاعته، فآمنوا به وصدقوه لما شاهدوا المعجزات التي أيده الله تبارك وتعالى بها. ولكنهم وقعوا في كثير من المعاصي والمخالفات لعنادهم وكبرهم، فعبدوا العجل الذي صنعه له أحدهم وهو السامري، ثم قالوا لموسى: "لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً" ، فأرسل الله عليهم الصاعقة فأهلكتهم، ثم أحياهم الله تعالى.



أربعون سنة في التيه:
طلب موسى عليه السلام من بني إسرائيل أن يدخلوا الأرض المقدسة، وهي أرض فلسطين، التي كان يسكنها قوم جبارون من العمالقة، ولكنهم لجبنهم وخوفهم أبوا أن يدخلوها، وقالوا لموسى:"إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ"، وقالوا له "إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ"، فلما أبوا أن يدخلوا الأرض المقدسة عاقبهم الله تعالى بالتيه في صحراء سينا أربعين سنة. قال سبحانه وتعالى مخبراً عن مقولتهم وجبنهم:"قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ، قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ"



4 - عقوبة المكذبين لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم :
وهذا محمد صلى الله عليه وآله وسلم خاتم النبيين والمرسلين بعثه الله تعالى رحمة للعالمين، وكانت بعثته في بلاد العرب في مكة المكرمة، وكان أهلها يعبدون الأصنام والأوثان فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وترك عبادة الأصنام والأوثان فآمن له كثير من أهلها واستجابوا لدعوته، ولكن كبارهم ورؤساءهم أصروا على الكفر به واستمروا على شركهم وقاموا يؤذون محمداً صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه ويسخرون منه ويستهزئون به ويتهمونه بالجنون وتآمروا على قتله مراراً ولكن الله نجاه منهم.
ولما اشتد أذاهم وحربهم للإسلام وأهله سلط الله عليهم ملائكته والمؤمنين يوم بدر وهي بقعة قامت فيها معركة بين محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومن معه من المؤمنين، وبين المشركين عبّاد الأصنام، فقتل صناديدهم ورؤساؤهم وكبراؤهم، وكان عددهم سبعين رجلاً كما وقع في الأسر سبعون آخرون. كما سلط عليهم ريحاً شديدة يوم الخندق، فجعلت تقلع خيامهم وتكفئ قدورهم وتذر التراب في وجوههم، وأرسل عليهم ملائكته فهزموهم وولوا هاربين يجرون أذيال الخيبة والهزيمة.
وفي السنة الثامنة من الهجرة مكنه الله تعالى من ديارهم ورقابهم ففتح مكة ودخلها بجيش عظيم، فحطم الأصنام والأوثان وطهر الكعبة من الوثنية وأعلن التوحيد، لكن عفا عنهم ولم يعاقبهم. ويوم حنين تجمعت عليه هوازن وثقيف واستعدوا لقتاله وقد خرجوا بأنفسهم وأهليهم وأولادهم وأموالهم؛ فهزموا شر هزيمة وولوا هاربين تاركين خلفهم كل ما أخرجوه من الأهل والمال والولد غنيمة للمسلمين.

إن جميع هذه السنن ستقع مع دعوة الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف فسيكذب دعوته المباركة خلق كثير وهؤلاء المكذبين سيلاقون مثلما لاقى من كان قبلهم اما بنحو الانطباق الفعلي او المعنوي والعاقبة للمتقين







الكاتب: محب الائمة 

0 التعليقات:

إرسال تعليق