الإمام المهدي في بشارات العهد القديم والعهد الجديد
الإمام المهدي في بشارات العهد القديم والعهد الجديد إن العهد القديم (التوراة) والعهد الجديد (الانجيل) يطبعان تحت عنوان : (الكتاب المقدس). و(العهد القديم) عبارة عن تسعة وثلاثين سفراً، أي: (كتاباً)(1) والأسفار الخمسة الأولى منها منسوبة لنبي الله موسى عليه السلام وتسمى ب (التوراة). أما (العهد الجديد) فيطلق على الأسفار المقدسة للديانة النصرانيّة ، وهو عبارة عما كُتب بالالهام والوحي بعد عيسى عليه السلام(2)، ومن أهم اسفار هذا العهد مجموعة تسمى بـ(الأناجيل). علماً بأن كلمة (عهد) في هاتين التسميتين ترادف الميثاق، فكلتا الطائفتين من الأسفار تمثل ميثاقاً وعهداً أخذه الله على الناس. رسالة الإمام عليه السلام لهداية البشرية يمكن القول أن ما ورد من بشارات حول الإمام المهدي عليه السلام في الكتب السماوية عموماً وكتب العهدين (القديم والجديد) خصوصاً له أثر كبير على صعيد تصحيح النظرة حول الإسلام وآهل البيت عليهم السلام على حدّ سواء، ذلك أن رسالة الإمام المهدي عليه السلام هي رسالة الإسلام لهداية البشرية في مجالات الحياة كافة. وهي رسالة شاملة وعملية تراعي الظروف الانسانية والفروق الموجودة بن الشعوب دون إلغاء للصالح من عاداتها وأفكارها ،بل تطويره والارتقاء به الى المستوى السامي الذي جاء به الإسلام. فالاسلام يدعو سكّان العالم إلى أن يكونوا أسرة واحدة تتبادل المنافع فيما بينها: (يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكرٍ وأُنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا........)(3). بينما نجد الموقف الاستكباري نابعاً من الحقد على كلّ ما يمت إلى الإسلام بصلة، لأن هذا العداء قديم ومستمر، فالصليبية لم تنسَ في يوم من الأيام ضحاياها, وأحزانها، فأخذت دولها وساستها يسلكون في ظل السلم سبل الكيد و المكر ما أمكنهم ذلك بحبك المؤامرات وإرسال البعثات التبشيرية لحرف المسلمين وتأسيس الجمعيات الهدّامة في البلاد الإسلاميّة باسم المدارس التعليمية والخدمات الإنسانية.(4) لقد أثبت المسلمون من خلال تبنّي الإسلام لكل الحضارات تعمقهم في البحث، حتّى كانت خلاصة ذلك كله في الأندلس، التي قامت عليها نهضة أوربا الحديثة وفتوحاتها في العلم والاختراع. وفيما يتعلق بالمدنيّة الغربية القائمة في الوقت الحاضر، فالإسلام يتقبل كل ما تستطيع أن تمنحه من خير ويرفض ما فيها من شرور وعزلة علمية أو مادية بعيداً عن معاداة الحضارات الأخرى معاداة شخصية عنصرية لإيمانه بوحدة البشرية . فإذا أراد أتباع الديانات السماوية التطلّع إلى القيم الموجودة في كتبهم والمتمثلة بأنبيائهم عليهم السلام , عليهم أن يتجهوا للتي هي أقوم (إنّّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم)(5) وهذا ليختصّ بالنفوس المتحررة من كافة قيود التعصب والعنصرية من أتباع الديانات التوّاقة لمعرفة الحقائق الدينية والعلمية. فالشرائع منذ آدم عليه السلام والى النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم هي واحدة متناسبة مع فطرة الإنسان ، علماً بأن تلك الشرائع _باستثناء الشريعة الخاتمة _كانت مختصة بذلك الزمان . والجدير بالذكر أن فكرة الإمام المهدي عليه السلام التي نصّ عليها الرسول الاكرم تتطابق مع القضايا التاريخية في العهدين الخاصة بالامام المهدي عليه السلام على الرغم من التشويه واللبْس الذي طرأ عليها، إلا أنه بعد ترجمتها وتحليلها من الناحية اللغوية تظهر الحقيقة الناصعة والجلية بأنه عليه السلام هو المقصود. بشارة أشعيا وزكريا (العهد القديم) بالإمام عليه السلام إنّ الايمان بوجود مصلح ومنقذ للبشرية لم يكن من تكهنات وتخيلات المذهب الإمامي،بل إن جميع الأديان والمذاهب تؤمن بذلك. فاليهودية تؤمن بوجود منقذ ومخلص يظهر في (جبل صهيون) وقد جاءت البشارة من (سفر أشعيا) لتشير إلى هذا المعنى: الترجمة العربية للنص العبري ستخرج بقية من القدس من جبل صهيون. غيرة ربّ الجنود ستصنع هذا. التحليل اللغوي للنّص: نلاحظ التطلّع إلى خروج المنقذ مستقبلاً،وهذا ما يتضح من خلال صيغة الاستقبال للفعل ستخرج والفعل ستصنع. أمّا في سفر زكريا: فقد ورد التأكيد على هذا المعنى: الترجمة العربية للنصّ العبري: ابتهجي كثيراً يا بنت صهيون هو ذا ملككِ سيأتي إليكِ عادل ومنصور. التحليل اللغوي لنص: نجد في هذه البشارة أيضاً التأكيد على مجيء المنقذ في المستقبل من خلال صيغة الاستقبال لفعل سيأتي. كما نلاحظ أيضاً التأكيد في بشارة (أشعيا وزكريا) على خروج المنقذ من (جبل صهيون ). والجدير بالذكر أنه الإمام المهدي عليه السلام سيُخرج بعد ظهوره النسخة غير المحرّفة من الكتاب المقدس ) من (جبل صهيون) في القدس ويُطلع اليهود على نصوص من البشارات المتعلّقة بظهوره فيؤمن به الآلاف من اليهود. بشارة يوحنا (العهد الجديد)بالإمام : يمكن أن يلاحظ من خلال بشارة (يوحنا) الإشارة إلى الإمام المهدي عليه السلام(6). الترجمة العربية للنص العبري: ثمّ رأيت ملاكاً طائراً في وسط السماء معه بشارة أبدية ليبشر الساكنين على الارض وكل أمة وقبيلة ولسان وشعب .منادياً بصوت عظيم: خافوا الله وأعطوه مجداً لأنه قد جاءت ساعة حكمه. التحليل اللغوي للنص ومسألة النداء السماوي: نلاحظ بعد التحليل الللغوي للنص العبري المتقدم،أن المنادي الذي ينادي في السماء عبر عنه (بالملاك الطائر)وأنه يحمل بشارة أبدية للعالم. وهذه البشارة الأبدية لجميع سكان الارض. هذا مع العلم بأن هذه البشارة الأبدية حسب النص العبري تشمل كل أمة وكل شعب(7). والجدير بالذكر أن في هذا النص إشارة إلى (الصيحة بالحق) قال تعالى: (فاسمع يوم يُناد المناد من مكانٍ قريب يوم يسمعون الصيحة بالحقّ ذلك يوم الخروج)(8). فالمنقذ القائم عليه السلام ينادى باسمه واسم أبيه حسب ما جاء في الآية: (41 ،42) و(الصيحة بالحق) هي صيحة باسم القائم عليه السلام من السماء، وذلك يوم الخروج(9). كما نجد في النص العبري أيضاً تأكيداً على مسألة مهمة أخرى وهي الإخبار بقرب ساعة حكم الرب بواسطة دولة المنقذ عليه السلام . وفي الخبر الذي ورد عن الإمام الرضا، نجد إشارة إلى هذه المفاهيم، حيث يقول عليه السلام : (ينادي منادٍ من السماء يسمعه جميع أهل الارض بالدعاء إلى القائم،فيقول: ألا إنّ حجة الله قد ظهر عند بيت الله فاتبعوه فإنّ الحق معه وفيه)(10) وقال الإمام عليّ عليه السلام : (إذا نادى مناد من السماء أن الحق في آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس ويسرّون فلا يكون لهم ذِكر غيره عليه السلام ). فــالإيمان بمنقذ للبشريــة مسألة لا غبـــار عليها مهما حاول الفكر اليهودي الصهيوني تشويه ولبس الحقائق المتعلقة بظهور هذا المنقذ، لأن ذلك من الطبيعة الصهيونية المعاندة للحق والمحبة للذات وعدم الاعتراف بالشعوب الاخرى. فالبشرية مهما توصّلت إليه من علوم وتكنولوجيا وصناعة متطورة في شتى الميادين نجدها تفتقد عنصر الاطمئنان والمجتمع السعيد، وما سلسلة المتغيرات التي طرأت وستطرأ على الخارطة السياسية في العالم إلا دليلٌ على ذلك: وإن الانهيار والدمار والتغير الذي يشهده العالم اليوم يقدّم لنا دليلاً على إمكانية الحل الصحيح على يد منقذ البشرية الإمام المهدي عليه السلام . الهوامش (1) المعجم الحديث للدكتور ربحي كمال :عبري _عربي. (2) الهدى إلى دين المصطفى للشيخ البلاغيي:ج1 /ص45 (3) الحجرات:13 (4) التبشير والاستعمار لدكتور الخالدي وفروخ:ص 59. (5) الاسراء :9 (6) العهد الجديد /سفر يوحنا 14:6_7/ص474/الاصل العبريـي. (7) المصدر نفسه /ص84 ، 239 ، 240 ، 288. (8) سورة ق: 41 ،42. (9) تفسير القمي : ج2 /ص344. (10) البحار/ج 13/ص 322. كاظم صيهود النصيري | ||
الكاتب: احمد الكاشاني
المصدر: منتديات كهف المستضعفين
0 التعليقات:
إرسال تعليق