النصوص الدالة على بطلان إجماع العقلاء عند الاصوليين
أ ـ من كلام المعصوم (عليه السلام) : لأوّل : حديث سليمان بن خالد المرقم (2912) من الكافي : وهو عندهم موثق حسب ما ذكر في الهامش وعندنا مطابق لصريح القرآن كما سيأتي . عن سليمان بن خالد قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : (( أهل الشام شر من الروم واهل المدينة شر من أهل مكة واهل مكة يكفرون بالله جهرة)) . أقول : هؤلاء هم العقلاء من كبريات المدن والأمم فماذا يعني اتفاق العقلاء ؟ و كيف يكون حكمهم حجّة ؟ الثاني : حديث أبي مسروق المرقم (2911) من الكافي . وهو حسن حسب تقسيمهم وعندنا هو مطابق للخطاب الكلّي للقرآن . قال : سألني أبو عبد الله (عليه السلام) عن أهل البصرة ما هم ؟ فقلت مرجئة وقدرية وحرورية فقال : (( لعن الله تلك الملل الكافرة والمشركة لا تعبد الله على شيء )) أقول : هذه هي الكثرة وهو مطابق للنص القرآني : قال تعالى : (( وما يؤمن أكثرهم بالله الا وهم مشركون )) الثالث : حديث ابن غالب المرقم (2919) من الكافي . وهو حسن موثق عندهم . عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : يا اسحق كم ترى أهل هذه الآية : (( أن أعطوا منها رضوا وأن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون )) قال ثم قال : هم أكثر من ثلثي الناس . أقول : هذا عموم الناس والضمير يرجع إلى الملك والسلطان والمسمى الإمامة . فإذا قادوا الناس قبلوا الدِّين وإذا قيل لهم أن الله عين وخصّص الأئمة سخطوا ، وفيه قصص من الخطاب كقصة طالوت وأصحابه حيث رفضوا إمامته ، ومن تاريخ الإسلام التشكيك بإمامة أسامة بن زيد على الجيش حيث طعنوا فيها كما طعنوا بقيادة أبيه من قبل وكلاهما بتعيينٍ من النبي (صلى الله عليه واله و سلم ) ثم آخرها التشكيك بالخلفاء الإثني عشر كلّهم واحداً واحداً. فمن أين يأتي الاطمئنان إلى إجماع العقلاء وهم قد اختلفوا في أهم ضرورات الدّين فلا إجماع ولا اتّفاق ، وأن الأكثرية معادية للحق كما أكّد عليه القرآن والذي سيأتي قريباً . الرابع : حديث زرارة المرقم (2917) من الكافي وهو في المؤلفة قلوبهم وقد عرّفهم الإمام بقوله (عليه السلام): (( هم قوم وحدوا الله عز وجل وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله و شهدوا أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه واله وأنهم في ذلك شكاك في بعض ما جاء به (صلى الله عليه واله و سلم))). أقول : هؤلاء قوم ( عقلاء ) ومع ذلك لم تسعفهم عقولهم بعد التوحيد والشهادتين في إزالة الشك فكيف بغيرهم ممن لم يؤمنوا ؟ ذلك أن العقل وكما قلنا لا دور له إلا تحقيق مراد الذات ومراد الذات مستور لا يعلمه أحد إلا الله وإنما يتبيّن هذا المراد حينما يُفتن بالحكم الشرعي ويُمتحن بتنفيذه و يُبتلى بحبّه ، فإذا أعطيت المكلّف حقاً في الحكم العقليّ المستقل فكأنما حاربت الله وحاولت مواجهة هذا الابتلاء بحيث إذا اتفق الخلق على شيء بما هم عقلاء وجب أن يكون حكم الله بمقتضاه وهو مجرّد وهم فإنهم ما اتّفقوا ولن يتّفقوا على شيء إنما اتّفقوا على الكلّيات والعمومات وهي خارجة عن موضوع البحث ولا قيمة لها هنا ، لأن الملازمة إنما يبغي منها الأصولي تطبيق ما يتعلق بالأفعال لا بالعمومات. الخامس : حديث زرارة عن الباقر (عليه السلام) وهو المرقم (2918 ) من الكافي . والحديث في النسبة الخاصة بالمؤلفة قلوبهم حيث قال (عليه السلام) : (( المؤلفة قلوبهم لم يكونوا أكثر منهم اليوم )) أقول والعدد يزداد والنسبة تكبر مع الافتتان بالدِّين كما سترى من نصوص أخرى حتى تدخل بيوت الشيعة أنفسهم . وفي النص دلالة واضحة على بطلان إلغاء سهمهم من الزكاة المشّرع في القرآن بحكم عقليّ من ( عمر ) حيث حكم عقله بأن هذا الإلغاء ضروري إذ لم يعد الدِّين بحاجة إليهم بعد أن قويت شوكة الإسلام !! . وهذا مقلوب التشريع فإن الله لم يزل وما زال غير محتاج لخلقه وإنما التشريع قد جاء لإنقاذهم فهم بحاجة إلى الدِّين ومن رحمته أن يبيّن لهم بالصورة المادية الخير الذي انزل إليهم من ربّهم لضعف عقولهم . فالغاية منه كانت معالجتهم نفسياً ليرضوا بحكم الله ويطهروا قلوبهم من الدنس ولو كان الدِّين بحاجة إليهم لأنزل سبحانه كنوزاً من ذهب في بدء الدعوة ! كأن هذا القرار من الخليفة ينسب في النتيجة إلى الله العمل (بالرشوة ) ! حتى إذا تقوّى الدِّين قطع الرشوة ! . سبحان ربك رب العزة عما يصفون . والملازمة العقليّة تبرر هذا العمل فهي باطلة . السادس : حديث أبي بصير عليه الرحمة وهو المرقم (2913) من الكافي . وهو في الهامش من الشافي موثق عندهم . قال أحدهما (عليه السلام) : (( أن أهل مكة ليكفرون بالله جهرة وأن أهل المدينة اخبث من أهل مكة اخبث منهم سبعين ضعفاً ))!! أقول : هذا النص مبطل فوراً لما يسمّى باتفاق العقلاء إذ لو كان الأصولي بينهم فحكم بما حكموا وزعم أن الحكم الشرعي هو كحكمهم لكفر كما كفروا . فلا حاجة بنا للإطالة في الشرح . السابع : حديث الفضيل وحديث زرارة وهما برقم (2922) و(2923) من الكافي . والحديثان في الفئة المذكورة في قوله تعالى : (( ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وأن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة )) وفي آخر الثاني منهما قال (عليه السلام) : (( قالوا ننظر فإن كثرت أموالنا وعوفينا في أنفسنا وأولادنا علمنا أنّه – أيّ النبي(صلى الله عليه واله و سلم )– صادق وأنه رسول الله وأن كان غير ذلك نظرنا قال عز وجل : (( فإن أصابه خير اطمأن به ))يعني عافية في الدنيا (( وان أصابته فتنة )) يعني بلاء في نفسه وماله (( انقلب على وجهه)) انقلب على شكه إلى الشرك (( خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين )) ثم قال (عليه السلام) : فمنهم من يعرف و يدخل الإيمان قلبه ومنهم من ينقلب إلى الشرك . ا. هـ. أقول : هذا النص ظاهر في بطلان الحكم العقليّ المستقل لمجموعة هم حسب النص السابق ثلثي الناس . الثامن : حديث حمزة بن الطيار وهو المرقم (2844) من الكافي والحديث في أصناف الناس عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : (( الناس ست فرق يؤولون كلّهم إلى ثلاثة فرق : الإيمان والكفر والضلال ، وهم أهل الوعدين الذين و عدهم الله والجنة والنار . والمؤمنون والكافرون والمستضعفون والمرجون لأمر الله إما يعذبهم واما يتوب عليهم والمعترفون بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً واخر سيئاً واهل الأعراف )) أقول : ذكر الحديث الفرق الستة وهم المؤمنون والكافرون والمستضعفون والمرجون لأمر الله والمعترفون بذنوبهم وأهل الأعراف ومعلوم أن الأعراف هم غير رجال الأعراف . فالمؤمنون في هؤلاء هم سدس المجموع في الاسم ولكن ليس في العدد ولذلك فادّعاء العقل العام بدعة لا وجود لها في النص عدا غيابها الفعلي في الواقع . وفي حالة تساوي النسب فلن يبلغ المؤمنون الاّ سدس العدد ولكن في نظام المجموعات من القرآن ظهرت لنا نتائج تبيّن أن عدد المؤمنين ضئيل جداً كما نصّت عليه الأحاديث المارة آنفاً وكما عليه النص القرآني . معلوم أن الأقسام المذكورة مأخوذة من الخطاب الكلّي الذي استبعده التعريف الأصولي لعلم الفقه . وسوف يأتي قريباً توضيح آخر للنسب من الحديث المرقم (2843) – اللفظ المرقم (1) من الكافي في موضعه . التاسع : حديث كامل التمّار وهو المرقم (2324) – من الكافي . قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : (( الناس كلّهم بهائم –ثلاثاً . الا قليل من المؤمنين والمؤمن غريب ، ثلاث مرات )) أقول : إن بطلان وجود العقل العام ظاهر من التعميم ولو وفق طرائقهم لقوله ( الناس ) وقوله ( كلّهم ) وكذلك من الاستثناء وغربة المؤمن ولفظ ( قليل ) . وإذا سقط العقل العام سقطت الملازمة لأنه مستندها الوحيد . العاشر : حديث أبي بصير وهو المرقم (2325) من الكافي : وهو عندهم حسن كالصحيح كما في هامش الشافي . عن الصادق (عليه السلام) قال : (( أما والله لو أني أجد منكم ثلاثة مؤمنين يكتمون حديثي ما استحللت أن اكتمهم حديثاً)) فانظر : الإمام (عليه السلام) يقول لا يوجد ثلاثة تحتمل عقولهم بحيث لا ينكرونه ويعلمون قدر الناس فيكتمون ، والأصولي يقول الحكم العقليّ للمجموع حجّة لأن الشارع منهم أو رئيسهم ؟ بل الشارع سيدهم و مولاهم وهم عبيد منكرون أكثرهم لا يعقلون فلا ينزل على حكمهم أبداً . الحادي عشر : حديث سدير الصيرفي وهو المرقم (2326) /4 من الكافي . عن سدير قال في آخره عن أبي عبد الله (عليه السلام) : (( والله يا سدير لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما وسعني القعود . و نزلنا و صليّنا فلما فرغنا من الصلاة عطفت على الجداء فعددتها فإذا هي سبعة عشر ))!! أقول : لا يوجد عقلاء بعدد الجداء ليكونوا حجّة لله أو عليه في قيام الإمام ؟ فمن أين يأتي العقل العام ؟ مع أن الشيعة يومها هم بمئات الألوف ! . ذلك أن الإمام (عليه السلام) لا ينقصه العدد بل النوع فهو يريد نوعاً من المؤمنين يستحقون الخلافة الإلهية وهؤلاء هم الذين لا يحكمون بحكم عقولهم قطعاً بل طائعون مسلمون . والدليل عليه أول الحديث قال سدير قلت له : والله ما يسعك القعود فقال : ولم سدير ؟ قلت : لكثرة مواليك و شيعتك وأنصارك والله لو كان لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) ما لك من الشيعة والأنصار والموالي ما طمع فيه تيم وعدي فقال يا سدير وكم عسى أن تكونوا؟ قلت : مأة ألف . قال : مأة ألف قلت : نعم ومئتي ألف قال: مئتي ؟ قلت : نعم ونصف الدنيا قال فسكت عني … الخ ثم ذكر الإمام قوله الآنف عند بلوغهم ( ينبع ) . أقول : المعلوم أن الإمام (عليه السلام) يحتاج لهذا الأمر إلى قوم مطيعين لا موضع لآراءهم الشخصية وأحكامهم العقليّة المسبقة ليكونوا قادة للعسكر حال القيام بالأمر إذ غضضنا الطرف عن حال العسكر وإفرادهم وهذا هو الحد الأدنى للقيام ، والواضح أنّه غير متحقق لأنه دون السبعة عشر من الجداء بل دون الثلاثة كما في النص الأسبق بالرغم من أن شيعته ومواليه هم أكثر من مئتي ألف ! . الثاني عشر :حديث سماعة بن مهران وهو المرقم (2327) – 5 / ومن الكافي . قال (عليه السلام) : (( يا سماعة آمنوا على فرشهم وأخافوني أما والله لقد كانت الدنيا وما فيها الا واحد يعبد الله ولو كان معه غيره لأضافه الله عز وجل إليه حيث يقول (( أن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين )). أقول : هذا النص ظاهرٌ جداً في بطلان اتفاق العقلاء أو وجود العقل العام حيث الجميع مشركين الا إبراهيم (عليه السلام) . وهو حال مرَّ على الدنيا وليس ببعيد حصول مثله بعد ذلك في الأمم . قال في هامش الشافي : ضعيف : يحيى لم اقف له على اسم ولا ترجمة . أقول : هذا هو الحكم الذي لا يرضى به الله ولا رسوله ولا المؤمنين . فلأنه لم يقف على اسم يحيى يزعم أن الحديث ضعيف ! لأن لفظ ( ضعيف ) هو حكم والواجب هنا عدم الحكم لأنه لا علم له بيحيى . وهذه الطريقة مبثوثة في علم الرجال وهي من الأعاجيب إذ الحكم تابع للعلم . وعند انعدام العلم يتوقف الحكم وهذا ما قاله الأئمة قالوا (( وإذا شككتم توقفوا )) وقالوا (( ردوه لنا )) ولا تردوا علينا ، والحكم على الحديث بالضعف هو ردّ له عليهم . في النص الأصلي : هو يحيى بن أبي خالد القماط وهو يروي عن حمران بن أعين . ب – من كلام الله تعالى : تتطابق النصوص المارة بشأن غياب العقل العام مع مجموع الخطاب القرآني . فهناك ما يقرب من مائة وخمسين آية تصرح وتؤكد على غياب هذا الاتفاق . بل حصرت بعض الآيات سبب إنزال القرآن و بعث الرسل بإزالة الاختلاف ، وهو اختلاف عقليٌّ في كلّ الأحوال سببه اختلاف النوايا . فلكي لا يبقى للخلق حجّة على الله في المعاصي و مخالفة الحقّ بين لهم حكم الله في تلك الاشياء التي اختلفوا فيها . قال تعالى : (( ولا يزالون مختلفين )) فبماذا هم مختلفون إذا كان الأصولي يدعي أنّهم يتفقون دوماً على حسن وقبح الاشياء ؟ إنّه يرد على الله ولذلك قلنا أن ثمرة إثبات حجّية العقل هي إلغاء ضرورة الشرع لا غير ولذلك تمّسك بها الماديون والملاحدة وكلّ كافر وقال تعالى : (( ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر )) - وهؤلاء اختلفوا بعد الرسل فراجع السياق كاملاً . وقال تعالى : (( وما اختلف الذين آتوا الكتاب الا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم )) وهكذا هو الأمر في آيات أخرى فراجع لفظ ( اختلف ) ومشتقاته. فالخالق سبحانه يؤكد أنّهم اختلفوا ويختلفون دوماً والأصوليون يقولون أنّهم يتفقون على حسن وقبح الاشياء فهلاّ اتفق هؤلاء على حسن وقبح الاشياء ومعهم الرسل والكتاب والعلم وكلّ شروط عدم الاختلاف متوفرة ومع ذلك اختلفوا بغياً بينهم . وبالطبع لا يمكن أن يحلّ الكتاب هذا الإشكال ويزيل الاختلاف إذا كان علماء الملل في كلّ مرة وبعد كلّ رسول يبدّلون الكلام فمرة يقولون الاختلاف حسن وهو رحمة ومرة يقولون العقلاء لا يختلفون ! إذ لابد من توضيح نقطة الاختلاف وسببه والذي هو معلّق على الذات لا العقل ومعنى ذلك أن الخطاب هو ذاته موضع الابتلاء فمن أذعن له آمن ومن غيّره كفر . والناتج من ذلك أن الخطاب عبارة عن كلام في نظام لغوي فهو ذاتي الدلالة إذ لو كانت الدلالة ظنّية هي الأخرى لما أمكن إزالة الاختلاف عن طريقه وهذا وحده يسقط كلّ أقوالهم بشأن العقل واللغة في آن واحد . فأين وجدوا الخطاب يمتدح الحكم العقليّ للعقلاء ؟ بل أين وجدوه يشير إلى عقلاء يمكن الرجوع إليهم الاّ ما لا يصدق الاّ على الحجّة نفسه ؟ هذه مجموعة من الآيات التي تتحدث عن النسب الخاصة بالناس من كافة وجوه مواصفاتهم العقليّة والنفسية والعلمية : أ – (( وان تطع أكثر من في الأرض يضلوك )) -116 /6 . إذن فطاعة مجموع هؤلاء (العقلاء ) ضلال ! فأين الحجّة في حكمهم العقليّ ؟ ب. (( بل جاءهم بالحقّ وأكثرهم للحق لكارهون )) - 70 /23 عقلاء يكرهون الحقّ ! فكيف احكم بحكمهم واحتج به على الشرع فوق ذلك ؟ ج- (( فأبى أكثر الناس الا كفورا)) -50 /25 هذا مجموع الناس فليخرجوا لي منهم العقلاء ويحدّدوا من منهم يحتج بحكمه العقليّ ؟ د . (( ولكن أكثر الناس لا يعلمون )) -40 /12 ه.(( بل أكثرهم لا يعلمون الحقّ فهم معرضون )) - 24 /12 و. (( ولكن أكثر الناس لا يعمون )) -38 /16 هؤلاء هم الناس وهم لا يعلمون الا قلة منهم فليخرجوا لنا القلة ويحدّدوا من هم حتى يحتج بحكمهم العقليّ . ز . (( وأكثرهم لا يعقلون )) - 103 / 5 ح. (( ولكن أكثرهم يجهلون )) - 111 /6 ط. (( بل أكثرهم لا يعلمون )) - 25 /31 ي. (( فاعرض أكثرهم فهم لا يسمعون )) - 4/41 ك. (( وما يتبع أكثرهم الا ظناً ))- 36 /10 ل. (( وأن أكثرهم فاسقون )) -49/5 م.(( وأن كثيراً من الناس لفاسقون )) -49 /5 ن.(( ثم أن كثيراً منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون )) -33/5 س. (( ولكن أكثرهم لا يشكرون ))-73/27 ع. ((ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ))-1/13 ف.((وأكثرهم للحق لكارهون )) لقد أثبتت هذا الآيات وغيرها على الناس كمجموع صفات ونفت عنهم صفات أخرى فممّا أثبتت عليهم : الجهل ، الفسوق، والأعراض ، والإسراف ، والحكم بالظّن واتباع الظّن ، والضلال ، والكفر ، وكراهة الحقّ . و مما نفت عنهم : العلم ، والشكر ، والإيمان ، ومن الحواس السمع والإبصار في قوله تعالى : (( و تراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون )) ونسأل الآن علماء الأصول أين هو العقل الجمعي الذي يحكم بحسن وقبح الأفعال فلم يبق من الخلق الا أقلية من الذين آمنوا وأنزل إليهم الكتاب لعلهم يعقلون فهم غير مكتملي العقول – ماخلا المؤمنين – إذ أثبتـنا الفرق بين اللفظين من قبل في كتاب النظام القرآني . فالعقل لا يحكم مسبقاً بحكم يقيني ولا يحكم لاحقاً ليصحّح أو يصدّق الحكم الشرعي فضلاً عن أن يحكم باللزوم فضلاً عن أن يحكم بحجّية حكمه المستقل عن الشرع . أمّا الموارد التي جاء فيها تعليل توجيه الخطاب للتعقّل فهي كثيرة منها : أ.(( كذلك نبين لكم الآيات لعلكم تعقلون ))- 61/24 ب. (( انا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون ))-2/12 ج.(( كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون ))- 242/2 د.(( و لتبغوا أجلا مسمى و لعلكم تعقلون ))-67/40 هـ.(( قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون ))-17 /57 إذن يحتاج الأصوليون إلى تحديد جماعة العقلاء من خلال استثناء كلّ الفئات المذكورة في الخطاب وإذا فعلوا ذلك لم يبق الا المعصوم (عليه السلام) وهو موضوع البحث ومصدر التشريع إذ هو الواسطة لنقله إلى المكلّفين فينتفي موضوع البحث . أو يحاولون إثبات أن خطابهم أبين من خطاب الشارع أو كلام المعصوم وأن خطاب الشارع غير بيّن بذاته وهو ممنوع – فالمحاولات كلّها إنما ترجع إلى المشّرع ذاته لأن التأسيس الأصولي غايته منذ البدء هي أن يحل الناس محل المشّرع . فإن قيل : لماذا إذن اختلف الناس ولماذا عسر عليهم فهم الخطاب؟ . أقول :عليهم أن يجيبوا على ذلك إذ لا سبب له بعد التأكيد على التبيين والتفصيل الاّ وقوف العلماء بين الخطاب وبين المكلّفين فهم الذين أوحوا لهم أن الخطاب غير بين ولا مفهوم وأنه يحتاج إلى أدوات كثيرة وعلوم متنوعة ووضعوا قواعد وأسس حالت بين المكلّف وبين الخطاب . فهم لم يقدّموا الخطاب بين أيديهم ويقولوا للمكلّف : خذ هذا هو الدّين بل جعلوه وراء ظهورهم وقالوا له : سل ما تريد فنحن نجيب على سؤالك بخطاب آخر بديل عن الخطاب الأصلي للشارع . وهذه الصورة رسمها القرآن عمّا حدث في الأمم السالفة . فالجواب في الخطاب نفسه إذ يقول : (( ولكن أكثر الناس لا يعلمون )) 40 /12 إذ أن موضوعه ذات الإنسان لا العقل حتى يمكن إدخال الحكم العقليّ فيه . فإن قلت : وما هو واجب الفقيه في هذا الحال ؟ أيترك التفقّه بهذه الطريقة ؟ الجواب : أنّهم يحتاجون إلى دليل على هذا الطرق في التفقّه ، فإن النص القرآني يختلف في تعريف الفقيه عن تعريفهم كما رأيت من قبل وقد اقرّوا بذلك . السؤال : هو هل الشارع أمرهم أن يتفقّهوا في جزء من الخطاب دون جزء آخر ويعطوا للمكلّف براءة ذمة عند اتباعهم أم أن واجبهم هو مساعدة المكلّف في التفقّه في الدِّين ؟ إني أرى من مجموع الخطاب أن واجب الفقيه هو جعل الآخرين يتفقّهون في الدِّين ودفعهم إلى ذلك وليس تقسيم الخلق إلى أقلية فقهاء وعامة جهال يقلدونهم ويفتون لهم ببراءة ذمتهم عند اتباعهم. فإذا قيل على لسان الأصولي : وأنا لم امنع المكلّف من التفقّه في الدِّين وأني اعلمه إذا جاء لكي يتفقّه ، أفيكون جزاءي إذ سلكت هذا الطريق الوعر أن أُذم على ذلك ؟ أقول : انك لم تمنع ولكنك لم تأمرهم بالتفقّه في الدِّين ، بل أذنت لهم بتركه وأبرأت ذمتهم وزعمت أن المهن والصناعات من جملة الوجوب الكفائي وأن التفقّه مثله في الوجوب فشعر المكلّف أنّه يعمل بعمل مقدس مثل عملك فلماذا إذن لا تقبّل يديه إذا جاءك بدلا من أن يقبّل هو يديك إذا كانت المهن والصناعات والفقاهة كلّها من جملة الوجوب الكفائي ؟ كلا . إن كلّ عمل كفائيٌّ إلا الدِّين فهو لكلّ الخلق لأن الدِّين هو الخُلق . وقد أثبتنا أخلاقية الكفر والإيمان خلافاً لإجماع الفقهاء وعلماء الدِّين وقد قال النبي (صلى الله عليه واله و سلم ): (( إنما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق )) فجمع ما بعث لأجله كلّه بمكارم الأخلاق فهل ترون أن الأخلاق واجباً كفائياً ؟ وهل يتوجب على البعض أن يكونوا على خلق فيسقط وجوب الأخلاق عن الآخرين ؟ فالآن مشكلة المكلّف ليست منفصلة عنك بل مشتركة لأنك أوحيت بل أفتيت له وحكمت بجواز ترك التفقّه ولا دليل لك عليه بل الأدلة كلّها ضدك . وأكثر المكلّفين خدعوا بهذا لأنهم يثقون بك ويصدقون قولك ولا يشكّون في انك لم تستفرغ وسعك في اعظم مسألة ابتلائية تخصهم . فيا للعجب من قوم تقاسموها ! بعضهم منع من الاجتهاد حيث إذن به لأربعة فقط سبقوا وأوجبوا اتِّباعهم ! وبعضهم إذن به ومنع الغير من التفقّه بإبراء ذمته عند اتباعه بعدما جعل التفقّه ( أصولا ) غير الخطاب موحين بانفرادهم بفهمهما دون سائر الناس! . هذا البحث القيم مقتبس من كتاب البحث الاصولي للمرحوم عالم سبيط النيلي | ||
الموضوع الأصلي: النصوص الدالة على بطلان إجماع العقلاء عند الاصوليين
الكاتب: خادم المهدي
المصدر: منتديات كهف المستضعفين
0 التعليقات:
إرسال تعليق