ان تحقيق هذا الهدف الموعود يتم على يد أولئك المؤمنين الذين قرروا أن يكونوا مجاهدين حقاً، وان يعقدوا صفقة تجارية رابحة مع ربهم، يجاهدون من خلالها بأنفسهم وأموالهم لينجيهم الرب من العذاب الأليم، ولينالوا رضوانه. وعلى هذا فليس من الصحيح الاعتقاد بان مسائل غيبية لابد أن تتدخل لتغيير مسار الحياة. فالله تعالى يقول: ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)) ثم يقول بعد ذلك مباشرة: ((يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِنْ عَذَابٍ أَلِيم)) ثـم يستمر السياق الكريم ليبيّن ماهيّة هذه التجارة، في قوله تعالى: ((تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ...)). فالقضية -إذن- تتعلق بالإنسان، فهو الذي يجب أن يحمل راية الجهاد، ويضحّي بماله، ونفسه. ليحصل بذلك على الجنّة، وينجي نفسه من النار حتى تتحقق إرادة الله في إظهار دينه على الدين كله , فلابد للمؤمن ان يكون على هبة الاستعداد الروحي والفكري والجسدي لنصرة قائم آل محمد فالامر متوقف على العدة والحلقة كما ورد عن أبي عبد الله ﴿عليه السلام﴾ أنه دخل عليه بعض أصحابه ، فقال له : ((جعلت فداك ، إني والله أحبك وأحب من يحبك ، يا سيدي ما أكثر شيعتكم . فقال له : أذكرهم . فقال : كثير . فقال : تحصيهم ؟ فقال : هم أكثر من ذلك . فقال أبو عبد الله ﴿عليه السلام﴾ : أما لو كملت العدة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الذي تريدون ، ولكن شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه ، ولا شحناؤه بدنه ، ولا يمدح بنا معلنا ، ولا يخاصم بنا قاليا ، ولا يجالس لنا عائبا ، ولا يحدث لنا ثالبا ، ولا يحب لنا مبغضا ، ولا يبغض لنا محبا . فقلت : فكيف أصنع بهذه الشيعة المختلفة الذين يقولون إنهم يتشيعون ؟ فقال : فيهم التمييز ، وفيهم التمحيص ، وفيهم التبديل ، يأتي عليهم سنون تفنيهم ، وسيف يقتلهم ، واختلاف يبددهم . إنما شيعتنا من لا يهر هرير الكلب ، ولا يطمع طمع الغراب ، ولا يسأل الناس بكفه وإن مات جوعا . قلت : جعلت فداك ، فأين أطلب هؤلاء الموصوفين بهذه الصفة ؟
فقال
: اطلبهم في أطراف الأرض أولئك الخفيض عيشهم ، المنتقلة دارهم ، الذين إن
شهدوا لم يعرفوا ، وإن غابوا لم يفتقدوا ، وإن مرضوا لم يعادوا ، وإن خطبوا
لم يزوجوا ، وإن ماتوا لم يشهدوا ، أولئك الذين في أموالهم يتواسون ، وفي
قبورهم يتزاورون ، ولا تختلف أهواؤهم وإن اختلفت بهم البلدان )) وهذا الحديث الشريف يكفي في المطلب والحمد لله رب العالمين
|
||
المصدر: منتديات كهف المستضعفين
0 التعليقات:
إرسال تعليق