إثبات تعذر وجود المجتهد المطلق
أقول : بعد ما أحطت خبراً بالآيات و الروايات المتقدمة لم يبق مجال للمجتهد المطلق، و نزيدك بياناً. فنقول : في كثير من المواقع لا يجري التمسك بالبراءة الأصلية و لا بالاستصحاب، و لا تفي بها عمومات الكتاب و لا عمومات السنة، و لا إجماع هناك. و من أمثلة ذلك : دية عنين الدابة، كما مر من ابعد العلم باشتغال الذمة و الحيرة في القدر المبرئة للذمة لا تجري البراءة الأصلية و غيرها. فإن قلت : كيف يزعم عاقل عدم تحقق المجتهد المطلق مع كون الكتب الفقهية للخاصة و العامة مشحونة بقول الفقهاء : (فيه تردد) و ما أشبه من العبارات؟ قلت : زعمهم ذلك مبني على مقدمات تقدمت، و هي : أن الله تعالى نصب دلالات ظنية على المسائل الاجتهادية لا القطعية، و أنه ليس شيء من الدلالات المنصوبة من قبله تعالى مخفياً عن أحد بحيث يتعذر تحصيلها بالتتبع، و أن سبب تردد الفقيه في بعض المسائل تعارض الدلالات المنصوبة من قبله تعالى في نظره، و أن حكم الله في حقه و حق مقلديه ما دام كذلك التخيير. و العجب كل العجب من جمع من متأخري أصحابنا حيث قالوا بهذه المقدمات، مع أنه تواترت الأخبار عن الأئمة الأطهار عليهم السلام ببطلانها، فإنها صريحة في أنه له تعالى في كل واقعة خطاباً صريحاً قطعياً خالياً عن المعارض، و في أن كثيراً منها مخفي عندهم عليهم السلام و في أنه يجب التوقف في كل واقعة لم نعلم حكمها. و ممن تفطن يتعذر المجتهد المطلق الآدمي من الشافعية، و صدر الشريعة من الحنفية مع كثرة طرق الاستنباطات الظنية عندهم فالعجب كل العجب! من إمامي يزعي عدم تعذره مع قلة طرق الاستنباطات الظنية عنده. | ||
المصدر: منتديات كهف المستضعفين
0 التعليقات:
إرسال تعليق