فلســــــــفة الدعـــــــاة
أن لكل حركة سياسية كانت أم دينية أم اجتماهية أو ثقافية لها فكرها ومبادئها وأهدافها الخاصة بها. وأيضا يوجد من ينظر لفكرة هذه الحركة أو التجمع حتى تستطيع من كسب تأييد أكبر عدد من الناس حتى تحقق الاهداف التي تكونت وأنشئت من أجلها. ولذلك فقد سميت عملية الاعلان للناس لهذه الحركة او تلك بـ ( الدعوة ) والذي يقوم بها سمي ( الداعي ) وهذه كلها حركات تنبع من منبع التفاعل البشري في المجتمعات بكافة اوجه حياتها فعمد الانسان على ابداء رأيه وطرح فكره عن طريق تشكيل كيانات لافكاره من ثم الاعلان عنها والدعاية لها .وان اول ما عرفت به الدعوات هي عن طريق الانبياء (ع) حيث ان الله عزوجل جعل رسالة الانبياء جميعهم هي توحيد الله فكانوا الانبياء (ع) هم الدعاة الى الله وسميت كل دعوة سماوية بأسم الداعي بها تكريما من الله عزوجل له وشرفا ورفعة من حيث ان الداعي( النبي ) هو الذي قام بأمر دعوة الله وتحمل اعباء نشر الرسالة الالهية في الارض فنعلم ان الله تبارك وتعالى قد ارسى فكرة الدعوة لدى الانسان في المجتمعات بتنزيله الرسالات السماوية على عباده المصطفين من دون الخلق وهم الانبياء والمرسلين اما من حيث حجم الدعوات فأنها تتفاوت في كل زمان ومكان من حيث طبيعة نشر الرسالة وطبيعة الاقوام التي اختصها الله في التبليغ لها عن طريق الانبياء والمرسلين حتى تكون هذه الدعوات في النهاية هي الحجج البالغة من الله قبل وقوع العذاب والانتقام من الظالمين,فيكون النبي هو داعي من حيث التبشير والانذار لقومه واصلاحهم عند قيامه بمهامه في نشر دعوة الله على قومه .ومما يجدر الاشارة اليه ان لكل دعوة الهية هناك ما يقابلها من دعوة باطلة من أهل الشيطان والباطل والضلالة ,وان دعوات الحق تتصف بصفات مغايرة عن دعوات الباطل والضلالة وتتميز عنها بأتصالها بالله عزوجل بصورة مباشرة كدعوات الانبياء والمرسلين أو بصورة غير مباشرة عن طريق الدعاة الصالحين الذين يكونون ممهدين لدعوات الانبياء. وان طريقة ارسالها من الله عزوجل تكون بعدة طرق كالوحي مثلا او في الرؤيا او الايحاء او التحديث حيث قال الله تعالى {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا أليهم فعل الخيرات وأقام الصلاة وأيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين} هذا من ناحية اتصال دعوة الحق بالله عزوجل اما من ناحية ما تحمله دعوة الحق من صفات تتميز بها عن غيرها من الدعوات ,أن دعاتها هم أناس ربانيون مرسلون من الله عزوجل مباشرة كالانبياء أو من حيث استخلاف امر النبي في الرسالة كأستخلاف هارون (ع) للنبي موسى(ع) عندما عزم الذهاب الى الجبل لملاقاة الله سبحانه وتعالى أو كأستخلاف أمير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) وبيعة الغدير له في النص الالهي ووصية خاتم النبيين (ص)على خلافته من بعده ، واما صفة الداعي للحق فأنه يكون رجل بسيط وليس بصاحب ثروة ولاصاحب قوة وهذه حكمة بالغة من الله عزوجل حتى لايكون ايمان احد من الخلق بالنبي او المرسل ودخوله في دعوة الله من حيث الخوف من القوة او الطمع بما في ايدي االداعي لله واشار الى ذلك السيد المسيح(ع) :( ما اصعب دخول الاغنياء الى ملكوت الله) . حيث لايبقى الا اهل اليقين والتقوى وهم المستضعفين الذين يدخلون بدعوة الله على اعتقاد وايمان ، واما صفة الدعوة من الناحية الزمانية فتحتاج دعوة الحق الى فترة اطول من دعوة الباطل من حيث ان دعوة الحق خالصة لله فيكون تمهيدها لله لفترة طويلة حتى تكتمل الحجة على الناس اجمعين لانها دائماَ تكون شاملة على الناس في التبليغ ، اضافة الى قلة الامكانيات التي تتصف فيها دعوة الحق حيث انها تكون مبنية على عقائد المؤمنين وليس على الاموال او غيرها من الامكانيات الدنيويةالتي تعتمد عليها دعوات الباطل. واما من ناحية اعداد المعتقدين بدعوة الحق فهم قليلين جداَ حيث قال الله تعالى :( واكثرم للحق كارهون) . وهذا كله على عكس ما تتصف به دعوات الباطل ، حيث ان دعوات الباطل لاتحتاج الى وقت طويل للانتشار حيث ان لكثرة المادة المتوفرة في ايدي اهل الباطل والقوة والتجبر الغاشمة تجعل الناس تدخل في دعواتهم بسبب الطمع والخوف حيث ان اتباع الادعياء الباطلين يكونون من اصحاب الباطل والشهوات واهل الدنيا، لااهل يقين وثبات كأصحاب الحق. وان مصادر ادعياء الباطل ليس رباني فأتصال هذه الدعوات يكون بأشخاص مظلين ويكون لتأثير ابليس( لعنه الله) الاثر البالغ في اضلالهم فهو عدو الله الاول وعدو ادم وابنائه وحاسدهم ومظلهم حيث انه طلب من الله ان يمهله الى يوم الوقت المعلوم وهو يوم قيام الامام المهدي(ع) حيث جاء في كتاب الله العزيز( قال رب فأنظرني الى يوم يبعثون* قال انك لمن المنظرين الى يوم الوقت المعلوم) الحجر، فعن الصادق (ع) في الاية الكريمة ، قال ( يوم الوقت المعلوم يوم يذبحه وصي رسول الله (ص) على الصخرة التي في بيت المقدس) فلذلك ان اهل دعواة الباطل يكون اغوائهم من قبل الشيطان (لعنه الله) . وبعد معرفة خصائص وصفات الدعوات وانواعها وصفات اصحابها نوجز ما بقي من بحثنا فيما يخص عصر الظهور للامام المهدي (ع) فستخرج كثير من الدعوات وكثير من المدعين في زمن الظهور مقسمة مابين الحق والباطل، فيكون هناك داعي للحق واخر يناظره وقباله فيكون داعي للباطل ، حيث تحتدم المعارك بين دعاة الحق وادعياء الباطل واهل الظلالة حيث اخيراَ تحسم النتيجة اكيداَ بأنتصار دعاة الحق وقيام الامام المهدي(ع) وقتل اهل الظلالة والباطل ومن ثم ابليس (لعنه الله) كما مر سابقاَ في حديث الامام الصادق (ع) . ولبيان انواع هذه الدعوات نستلهم من روايات اهل البيت(ع) فكرنا ، ونستعرض بحثنا حيث تنقسم الدعوات في زمن الظهور المقدس الى دعوات الحق ودعوات الباطل ودعوات اهل الظلالة والدعوات الكاذبة , اولا:ـ دعوات اهل الحق / قال تعالى ( له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لايستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) 14ــ الرعد/ . حيث ان دعوة الحق هي مرتبطة بالله تعالى وبالامام المهدي(ع) بنص الاية الشريفة حيث ان الامام المهدي يمثل الله في قيامه الشريف وتنقسم دعوات الحق في زمن ظهور الامام المهدي(ع) الى قسمين:ـ 1ـ دعوة الامام المهدي (ع) :ـ وهي الدعوة الرئيسية التي تدعو اليه (ع) ويقودها وزيره السيد الحسني حيث اننا كما نعلم انه (ع) له دعوة كدعوة جده رسول الله (ص) حيث جاء في الرواية ( يستأنف الداعي منا دعاء جديداَ كما دعا اليه رسول الله) وهذا تصريح من اهل البيت(ع) على صلة هذه الدعوة بهم(ع) وهذه الصلة هي التي تتمثل بالامام المهدي(ع) التي يقودها السيد الحسني اليماني تمهيداَ للامام (ع) والتي يثبت انها هي دعوة الحق كما جاء في رواية الباقر (ع) : ( وليس في الرايات اهدى من راية اليماني هي راية هدى لانه يدعو الى صاحبكم ، فأذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس ، وكل مسلم واذا خرج اليماني فأنهض اليه فأن رايته راية هدى ولايحل لمسلم ان يلتوي عليه ، فمن فعل فهو من اهل النار ، لآنه يدعو الى طريق مستقيم) . ومن هذا ان اهدى الرايات هي راية اليماني بسبب انها تدعو الى الامام المهدي (ع) التي صرحت الرواية بـ( صاحبكم)، حيث ان الممهد الرئيسي للامام المهدي(ع) حيث هو صاحب دعوة الحق للامام المهدي(ع) حيث ان الامام (ع) يمثل الله في الارض واليماني هو صاحب رسالة الامام المهدي (ع) . 2ـ الدعوات الثانوية:ــ حيث ان هناك دعوات تدعو للامام المهدي(ع) بطريقة غير رئيسية حيث انها تكون من مجاميع او عصائب او مدعين صالحين يمهدون للامام المهدي(ع) بشكل جزئي وليس كلي كما حصل مع (حسين الحوثي) (رحمه الله) عندما اثبت انه ممهد للسيد الحسني اليماني في اليمن الذي يأتي من بعده. ثانياَـ دعوات اهل الباطل:ـ وهي الدعوات التي تكون مبنية على الباطل وقادتها هم الذين يكونون قبال دعوة الحق للسيد اليماني الا وهو السفياني الملعون ، حيث انه صاحب ادعاء بالباطل في استقطاب اهل الباطل وجمع جهات الباطل اتجاه الحق الذي يمثله اهل البيت (ع) بالامام المهدي (ع) ووزيره السيد اليماني ، فيكون السفياني ناصب العداء لشيعة اهل البيت (ع) والبغض لمحمد وأله (ع) فعن الامام (ع) (لايزال السفياني يقتل كل من اسمه علي وحسن وحسين وفاطمة … بغضاَ وحنقاَ لآل محمد) فهنا نرى بوضوح ان دعوة السفياني قائمة على حرب اهل البيت (ع) فهي دعوة الباطلة في زمن الظهور. ثالثاَ:ـ دعوات اهل الظلالة:ـ قال ابو عبد الله ع : ( لايخرج القائم حتى يخرج أثنى عشر من بني هاشم كل يدعو الى نفسه) (... ، ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة لايدري أي من أي) ونعلم ان هؤلاء الذين يدعون الناس الى انفسهم ويرفعون هذا العدد من الرايات في زمن الظهور هم من فقهاء السوء حيث يشبهون امر الامام على الناس ويقودونهم الى الظلالة في دينهم وبذلك هم يقومون بغلق باب الفرج على الامة في مجيء منقذها ومصلحها . رابعاَ:ـ الدعوات الكاذبة :ــ وهي الدعوات التي يتبناها الادعياء الكاذبين وهم من اهل الدجل في الناس فيدعون انهم من اصحاب المقامات العالية ويصل بهم الحال ان يدعون مقامات النبوة والامامة او انهم احد القادة للامام المهدي (ع) وقد ذكرت كثير من الروايات بخروج الكذابة قبل قيام الامام المهدي(ع) . ومن الواجب علينا كمؤمنين بالامام المهدي(ع) ان نتبع قول الامام الصادق(ع) عندما قال : ( أذا ادعاها مدع فسألوه عن العظائم التي لايجيب عليها الا مثله) وأما اليوم فأن الدين الاسلامي يتعرض الى اكبر هجمة صليبية والمتمثلة في حربهم ضد الامام المهدي (ع) والوقوف بوجه من يمهد له الامر فعلينا ان نكون حذرين ممن يصطادون بالماء العكر وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون..
الموضوع من فكر السيد أبي عبد الله الحسين القحطاني
|
||
السبت، 1 سبتمبر 2012
فلســــــــفة الدعـــــــاة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات:
إرسال تعليق